1 - إسماعيل بن حفاف، محاضرة في القانون الجنائي ، مرجع سابق / عمر خوري، شرح قانون العقوبات –القسم العام، مرجع سابق،ص 21
ولتطبيق القانون الأصلح للمتهم لا بد من توافر الشروط التالية:
الشرط 01 : التأكد من أن القانون الجديد هو الأصلح للمتهم:
وهذه المهمة مسندة للقاضي الجنائي يقوم بالمقارنة بين القانون القديم (الذي وقعت في ظله الجريمة وتم إلغائه) وبين القانون الجديد الذي تجري في ظله المحاكمة، والضوابط التي يلجأ إليها لتحديد القانون الجديد هل هو أصلح للمتهم أم لا وهي:
أ- من حيث التجريم:
- إذا ألغى القانون الجديد نص التجريم (أصبح الفعل مباحا)؛
- إذا أدخل القانون الجديد سببا من أسباب الإباحة أو مانعا من موانع العقاب لم تكن موجودة في ظل القانون القديم؛
- إذا أضاف القانون الجديد ركنا من أركان الجريمة لم يكن موجودا في ظل القانون القديم (كاشتراط ركن الاعتياد)؛
- إذا ألغى القانون الجديد ظرفا مشددا للعقاب أو إذا أضاف ظرفا مخففا.
ب- من حيث العقاب:
-القاعدة العامة: أن القانون يكون أصلح للمتهم إذا خفف من العقوبة.
- إذا أخذ القانونان بنفس العقوبة، فيكون القانون الجديد أصلح للمتهم إذا جاء بعقوبة أخف، فإذا خفض من الحد الأدنى أو من الحد الأقصى أومن الحدين معا فهو الأصلح للمتهم.
يثور الإشكال في حالة ما إذا خفض القانون الجديد من الحد الأدنى ورفع من الحد الأقصى أو العكس هنا يجب المقارنة بين القانون القديم والجديد على أسس موضوعية وواقعية، فإذا رأى القاضي بأن المتهم يستحق وجدير بتخفيف العقوبة عليه فيطبق القانون الذي خفض من الحد الأدنى، أما إذا رأى القاضي أن المتهم يستحق عقوبة
مشددة فيطبق القانون الذي خفف من الحد الأقصى.
إذا قرر القانون القديم عقوبتين على سبيل الوجوب وجاء القانون الجديد وقررهما على سبيل الجواز فإن هذا الأخير يكون أصلح للمتهم . 1
الشرط 02 : صدور القانون الجديد قبل الحكم نهائيا في الدعوى:
كي يستفيد المتهم من القانون الأصلح له يجب أن يكون هذا القانون الجديد قد صدر قبل الحكم نهائيا في الدعوى العمومية، والحكم الثاني هو الحكم الذي لا يقبل الطعن فيه سواء بالطرق العادية أو الغير العادية، وعلة هذا الشرط في المحافظة على الاستقرار القانوني واحترام حجية الشيء المقضي به.
فإذا لم تحرك الدعوى العمومية أو أنها حركت وصدر فيها حكم ابتدائي وجب على المحكمة الناظرة في الدعوى أن تطبق القانون الأصلح للمتهم من تلقاء نفسها (محكمة، مجلس، محكمة العليا).
-------------------------
1 - إسماعيل بن حفاف، محاضرة في القانون الجنائي ، مرجع سابق
أما إذا أصبح الحكم باتا وقت صدور القانون الجديد فإنه يمتنع سريانه على الفعل الذي تم الفصل فيه ولو كان هذا القانون فعلا أصلحا للمتهم..
- الاستفادة من القانون الأصلح بعد صدور حكم بات: إذا صدر قانون جديد بعد حكم بات يجعل الفعل مباحا ! الذي حكم من أجله المجرم، فهل يستفيد المحكوم عليه من هذا القانون ؟
- لم يتضمن قانون العقوبات الجزائري والقوانين المكملة إشارة لهذه الحالة ولكن بالرجوع إلى آراء الفقه الجنائي التي تجمع على استفادة المتهم من القانون الجديد الذي يلغي تجريم الفعل الذي صدر بشأنه حكم بات على المتهم.
- لا مصلحة للمجتمع في عقاب شخص عن فعل أصبح مباحا في نظره.
الشرط 03 : أن لا يكون القانون القديم من القوانين المحددة الفترة
القانون المحدد الفترة هو القانون الذي يضعه المشرع لمواجهة ظروف استثنائية طارئة كالحرائق، الزلازل، حصار، حرب... وإن كان التشريع الجزائري لا يتضمن النص على حكم هذا النوع من القوانين فإن غالبية الفقه الجنائي ترى أن القانون الأصلح للمتهم لا يجوز تطبيقه على حالات وأوضاع نظمها القانون المؤقت واستقت مدة العمل به.
وهذا حتى لا تضيع الحكمة من وجود هذا القانون والمتمثلة في مجابهة أوضاع استثنائية، وأن من يخرق هذه القوانين يكون جديرا بالعقاب حتى بعد انقضاء العمل ?ا.
ب- التطبيق الفوري لقوانين الإجراءات أو قوانين الشكل والإجراءات وقاعدة عدم الرجعية: هي تلك القوانين المتعلقة بالتنظيم القضائي والاختصاص وسير الدعوى الجنائية وتنفيذ العقوبات فتطبق هذه القوانين بصفة استثنائية فور نفاذها من أجل وقائع ارتكبت قبل صدورها ما دام لم يصدر فيها حكم نهائي، وأهمية ذلك أنها تعتبر أفضل من القانون القديم وأنها تهدف إلى سير أحسن للعدالة. غير أن هذا التطبيق للقانون الجديد محكوم بشرطين:
- لا يطبق القانون الجديد فورًا كلما وجد لصالح المتهم المتابع أو المحكوم عليه حق مكتسب.
- أن لا يؤدي تطبيق القانون الجديد إلى إبطال الإجراءات التي تمت صحيحة في ظل القانون القديم. 1
-----------------------------
1 - إسماعيل بن حفاف، محاضرة في القانون الجنائي ، مرجع سابق
.../... يتبـــــــــع
عدل سابقا من قبل Admin في الإثنين 05 أبريل 2010, 10:46 am عدل 1 مرات
Admin
المدير
رد: دروس في قانون العقوبات الجزائري_ الجزء الأول
من طرف Admin في الإثنين 05 أبريل 2010, 10:06 am
المطلب الثاني: سريان النص الجنائي من حيث المكان
لقيام الركن الشرعي يجب أن يكون النص الجنائي ساري المفعول قبل ارتكاب السلوك المجرم غير أن هذا غير كافي إذ لا بد من تحديد المكان الذي وقعت فيه هذه الجريمة لتحديد القانون الواجب التطبيق، وهو ما يطلق عليه : بسريان النص الجنائي من حيث المكان والذي تحكمه 04 مبادئ 1
الفرع الأول: مبدأ الإقليمية
ولا يمتد سلطان هذا القانون خارج الحدود الوطنية، إذن فالقاعدة الجنائية الوطنية حسب هذا المبدأ لها شقان:
- شق إيجابي: يعني أن لكل جريمة تقع في إقليم الدولة تخضع لتشريعها العقابي بغض النظر عن جنسية الجاني أو المصلحة المعتدى عليها.
- شق سلبي: أن النص الإيجابي –كأصل- لا سلطان له على ما قد يقع خارج الإقليم الوطني من جرائم.
- تطبيق مبدأ الإقليمية النص الجنائي: نصت المادة 03 من قانون العقوبات " يطبق قانون العقوبات على كافة ! ونحدد مكان ارتكاب الجريمة ؟ ! الجرائم التي ترتكب في أراضي الجمهورية" ، ما المقصود بأراضي الجمهورية ؟
أولا: تحديد إقليم الدولة: حسب المادة 12 من دستور 1996 يتكون إليم الدولة من ثلاثة عناصر:
- إقليم بري: المساحة الأرضية التي تباشر الدولة عليها سيادتها والمحددة مع الدول المجاورة ويضم الأنهار والبحيرات والمضايق...
- إقليم بحري: هو جزء من البحر العام يتصل بشواطئ الدولة ويعتبر امتدادا لإقليمها البري ويختلف تحديده من دولة لأخرى (الجزائر 12 ميل)
- إقليم جوي: طبقات الهواء التي تعلو كلا من الإقليم البري والبحري
ثانيا: تحديد مكان ارتكاب الجريمة
يتكون الركن المادي من ثلاثة عناصر، فموضوع الركن المادي بعاصره الثلاث في أحد الأقاليم المذكورة سابقا سهل علينا تحديد القانون الواجب تطبيقه وهو قانون الدولة التي وقعت فيها الجريمة سواء على إقليمها البري، البحري، الجوي.
لكن الإشكال: في حالة وقوع أحد عناصر الركن المادي في إقليم (السلوك) والآخر (النتيجة) في إقليم آخر.
لقد وضع المشرع الجزائري حلا لهذا الإشكال في المادة 586 من ق ا ج : "تعد مرتكبة في الإقليم الجزائري كل جريمة يكون عمل من الأعمال المميزة لأحد أركانها المكونة لها قد تم في الجزائر".
- الجرائم التي تعد مرتكبة في الإقليم الجزائري: إضافة إلى الحالة المذكورة في المادة 586 من ق ا ج : يمكن أن تعد جرائم مرتكبة في الإقليم الجزائري:
أ- الجنح والجنايات التي ترتكب على ظهر السفن وعلى متن الطائرات:
- على ظهر السفن: المادة 590 نستخلص منها حالتين يطبق عليها ق ع ج:
-----------------------------
1 - إسماعيل بن حفاف، محاضرة في القانون الجنائي ، مرجع سابق
- السفينة التي تحمل راية جزائرية أيًا كان تواجدها.
- السفينة التي تحمل راية أجنبية في ميناء البحرية الجزائرية ويطبق حكم هذه المادة على السفن التجارية.
- على متن الطائرات: المادة 591 نستخلص منها حالتين يطبق عليها ق ع ج:
- الطائرات التي تحمل راية أجنبية مهما كانت جنسية الجاني أو المجني عليه ومهما كانت الأجواء التي تحلق فيهاالطائرة.
- الطائرات التي تحمل راية أجنبية إذا كان الجاني أو االمجني عليه أو أن الطائرة هبطت بإحدى المطارات الجزائرية بعد ارتكاب الجريمة.
- حالة الاشتراك: المنصوص عليها في المادة 06 من ق ا ج ويشترط لتطبيق هذا الحكم:
- أن يكون افعل معاقبا عليه بالجزائر وفي القطر الذي ارتكبت فيه (قاعدة ثنائية التجريم).
- أن تكون الواقعة الموصوفة بأنها جناية أو جنحة قد ثبت ارتكابها بقرار نهائي من الجهة القضائية الأجنبية.
الاستثناءات الواردة على مبدأ الإقليمية
هناك أشخاص لا يسري عليهم النص الجنائي الوطني رغم ارتكابهم الجرائم داخل إقليم الدولة وذلك لتمتعهم بحصانة وهذه الحصانة قد يكون مصدرها القانون الداخلي أو الخارجي.
الفرع الثاني: المبادئ الاحتياطية
لقد أثبتت الضرورات العملية في مكافحة الإجرام أن مبدأ الإقليمية غير كافٍ لضبط جميع أنواع الجرائم التي يتعدى نطاقها إقليم الدولة، مما أدى بالمشرع إلى الأخذ بمبادئ أخرى مكملة لمبدأ الإقليمية وهي:
أولا: مبدأ الشخصية
يعني أن يطق النص الجنائي على كل من يحمل الجنسية الجزائرية ولو ارتكب جريمة خارج إقليمها وذالك في حالة عودته إلى الجزائر وعلة ذالك حتى لا تكون الجزائر موطنًا للخارجين عن القانون الذي يسيئون إلى الجزائر بارتكابهم جرائم في الخارج.
1 -: تطبيق مبدأ الشخصية في القانون الجزائري
بالنسبة للجنايات: نصت عليها المادة 582 من ق ا ج وتشترط لتطبيق المبدأ بالنسبة للجنايات:
- أن توصف الجريمة بجانية وفق القانون الجزائري بغض النظر عن وصفها في قانون الدولة التي وقعت فيها.
- أن يكون مرتكبها جزائري الجنسية (أصلية أو مكتسبة (المادة 584 ق ا ج ) )؛
- أن ترتكب الجناية خارج إقليم الدولة؛
- أن يعود الجاني إلى الجزائر (لا تجوز محاكمته غيابيا)؛
- أن لا يكون قد حكم على الجاني ?ائيا بالخارج أو قضى العقوبة أو سقطت بالتقادم أو بالعفو عنها (عدم محاكمة الشخص مرتين).
---------------------
1 - إسماعيل بن حفاف، محاضرة في قانون العقوبات ، مرجع سابق
بالنسبة للجنح: المادة 583 من ق ا ج
- يجب أن تكون الجريمة موصوفة بجنحة في القانون الجزائري والقانون الأجنبي في نفس الوقت؛
- بالنسبة للجنح التي ترتكب ضد الأشخاص فلا يجوز تحريك الدعوى العمومية إلا بناءً على شكوى قدمها المجني عليه أو بناءً من السلطات المختصة للدولة التي وقعت فيها الجنحة إلى النيابة العامة على مستوى الجزائر العاصمة؛
- نفس الشروط المذكورة بالنسبة للجنايات.
ثانيا: مبدأ عينية النص الجنائي
معناه تطبيق النص الجنائي على كل شخص يحمل جنسية أجنبية ارتكب في الخارج جريمة تمس بالمصالح الأساسية للدولة الجزائرية بشرط أن يتم القبض عليه في الجزائر أو أن تحصل عليه عن طريق تسليمه من طرف الدولة التي وقعت فيها الجريمة (المادة 588 من ق ا ج ).
شروط تطبيق مبدأ العينية:
لتطبيق مبدأ العينية لا بد من توافر الشروط التالية:
-1 أن يرتكب الجاني جناية أو جنحة تمس بمصلحة أساسية للدولة الجزائرية؛
-2 أن يتمتع الجاني بجنسية أجنبية؛
-3 أن تقع هذه الجناية أو الجنحة خارج إقليم الجزائر؛
-4 أن يتم القبض على الجاني في الجزائر أو أن تحصل عليه الجزائر عن طريق تسليمه من طرف الدولة التي وقعت فيها الجريمة؛
-5 ألا يكون قد حكم على الجاني ?ائيا أو قضى العقوبة أو سقطت بالتقادم. 1
ثالثا: مبدأ العالمية
معناه تطبيق النص الجنائي على كل شخص يحمل جنسية أجنبية ارتكب جريمة ضد الإنسانية في الخارج وتم القبض عليه في الجزائر (كجرائم الحرب، الإرهاب، ... إلخ).
------------------
1 - عمر خوري، شرح قانون العقوبات –القسم العام، مرجع سابق،ص 34
مبدأ خضوع الفعل لسبب من أسباب الإباحة:
انتفاء سبب من أسباب الإباحة عنصر يقوم عليه الركن الشرعي للجريمة، فإذ توافرت أحد أسباب الإباحة خرج الفعل عن نطاق نص التجريم وانتفت الصفة غير المشروعة عنه وردته إلى أصله وهو المشروعية بعدما كان مجرما وعلة ذلك أن انتفاء علة التجريم لا يحمِل الفعل معنى العدوان إذا ما أرتكب في ظروف معينة ما يبرر إباحته (كالشخص الذي يقتل دفاعًا عن النفس، الجراحة للتطبيب...).
تعريف الإباحة: ظروف مادية أو موضوعية تلحق لسبب من أسباب الإباحة يعد فعلا مشروعا ويترتب على ذلك اعتبار كل مساهم في ارتكاب الجريمة بصفة فاعل أصلي أو شريك بريئا لسريان هاته الأسباب عليه. 1
التفرقة بين أسباب الإباحة وما يشتبه بها:
1- التمييز بين أسباب الإباحة وموانع المسؤولية الجنائية:
الأولى تتعلق بالركن الشرعي للجريمة وتؤثر في وجود هاته الأخيرة، في حين أن الثانية تتعلق بالركن المعنوي لها ولا تؤثر في وجودها فتقوم الجريمة الجنائية حتى بوجودها غير أنه لا تقوم المسؤولية الجنائية ولا يستفيد منها إلا من توافرت فيه مع إمكانية قيام المسؤولية المدنية في الأضرار التي سببتها الجريمة.
2 - التمييز بين أسباب الإباحة وموانع العقاب:
وتعرف بأسباب الإعفاء من العقاب وهي لا تتعلق بأركان الجريمة حيث يقتصر أثرها على إعفاء الجاني من العقوبة فقط.
أسباب الإباحة في القانون الجزائري: نصت عليها في المادة 39 من ق ا ج هما حالتين:
أ- ما يأمر أو يأذن به القانون . ب- الدفاع الشرعي.
وتوجد حالات أخرى أقرها المشرع العقابي: أ- حالة الضرورة . ب- رضاء االمجني عليه.
أ- أمر القانون: أفعال يأمر بها القانون مباشرة وتتم تنفيذا لأمر صادر عن سلطة عامة شرعية (مدنية كانت أو عسكرية) حيث تعتبر هذه الأفعال مباحة لا تقوم الجريمة بتوافرها (القانون سبب إباحتها) (مثال: موظف ينفذ عقوبة الإعدام صادر عن المحكمة...).
شروط الأفعال التي تتم تنفيذا للقانون:
- توافر الصفة المطلوبة قانونًا: في القائم بذلك العمل (كاشتراط صفة الموظف، ضابط الشرطة...) .
- أن تكون الغاية من تنفيذ هاته الأفعال (الأوامر) هو تحقيق المصلحة العامة وإلا تنتفي عن الفعل صفة المشروعية ويدخل في دائرة التجريم.
ولكن هل يعتبر فعلا مباحًا تنفيذ أوامر السلطة العامة الشرعية الذي يقوم به موظف تنفيذًا لأمر غير قانوني صادر عن رئيسه؟
- انقسم الفقه الفرنسي إلى 03 اتجاهات 2 :
الفريق الأول:يرى أنه سبب للإباحة ذلك أن المرؤوس يجب أن يطيع الرئيس دون
مناقشة.
الفريق الثاني: يرى أنه من واجب المرؤوس تقدير مدى شرعية الأمر ورفضه إذا
كان غير قانوني.
الفريق الثالث: يميز بين:
- الأمر الذي تكون عدم مشروعيته ظاهر فلا يصلح فع ً لا مباحًا.
- الأمر الذي تكون يوحي بأنه مشروع وقانوني فإنه يصلح أن يكون فعلا مباحًا.
ولقد أخذ كل من القضاء والفقه القانون الجنائي الفرنسي بالفريق الثالث.
---------------------
1 - إسماعيل بن حفاف، محاضرة في القانون الجنائي ، مرجع سابق
2 - إسماعيل بن حفاف، محاضرة في القانون الجنائي ، مرجع سابق
ب- ما يأذن به القانون: (استعمال الحق)
القانون يجيز في حالات معينة ويرخص ممارسة عمل معين (بدون ترخيص أعتبر ذلك العمل جريمة)
والفرق بين ما يأمر به القانون وبين ما يأذن به:
الأول إجباري يجب القيام به ويترتب على مخالفته قيام المسؤولية الجزائية، أما الثاني اختياري يقوم به الشخص أو يمتنع لا تقوم المسؤولية الجزائية.
( أنواع الأعمال التي يأذن بها القانون: نوعين ( 02 -1 الحالات التي يأذن بها القانون للموظف العام باستعمال سلطته التقديرية في حدود الرخصة المعطاة له، فعمله هنا لا يعد جريمة لأنه مستند إلى إذن من القانون (رخصة) عمل مباح (مثال: تفتيش المنازل...).
2- الحالات التي يأذن بها القانون للممارسة أحد الحقوق المقررة: من بينها:
- حق التأديب المقر بموجب الشريعة الإسلامية والعرف: (الأب على أولاده، زوجته، معلم على تلميذه...).
- حق ممارسة ومباشرة الأعمال الطبية (بشروط) عمليات جراحية لا تعد اعتداء على الجسم.
- حق ممارسة الألعاب الرياضية: استعمال العنف وفق قواعد اللعبة (كالملاكمة). 1
شروط اعتبار الأفعال السابقة تندرج ضمن ما أذن به القانون وبالتالي سببًا للإباحة:
- أن يكون الحق المستعمل مقررا بمقتضى قانون؛
- وقوع الفعل نتيجة استعمال هذا الحق؛
- ضرورة توافر الصفة المطلوبة قانونًا (كالصفة الأب، الملاكم، الطبيب...)
- استعمال الحق في الحدود المسموح بها قانونًا.
---------------------
1 - إسماعيل بن حفاف، محاضرة في القانون الجنائي ، مرجع سابق
الدفاع الشرعي:
تعريفه: هو حق يقره القانون لمن يعدده خطر اعتداء حال على نفسه أو ماله أو نفس أو مال الغير باستعمال القوة اللازمة لرد هذا الخطر (المادة 39 من ق ا ج)
الشروط العامة للدفاع الشرعي: 1
1 - شروط تتعلق بفعل الاعتداء:
أ- يجب أن يكون الاعتداء غير مشروع: أي أن يقع الاعتداء على مصلحة محمية قانونا، وبمعنى آخر أن يتجه إلى تحقيق جريمة إذا ترك بدون رد منه يحول دون ذلك، فالقانون يحمي حق الحياة وحق السلامة الجسدية وحق الملكية من القتل، الضرب، الجرح، السرقة....ولا يشترط في فعل العدوان أن تتحقق فيه كل عناصر الركن المادي وأن يصل إلى حد الشروع، فقد يكون الفعل مجرد عمل تحضيري ولكنه يحمل في طياته الخطر.
السؤال: هل يعتبر الاعتداء الصادر من عديمي المسؤولية (المجنون أو الطفل الغير مميز) مشروعًا ؟ !
يرى الفقه الجنائي أن إذا كان هذا الفعل مشروعًا من الناحية الذاتية بسبب عدم مسؤولية مرتكبه فإنه غير مشروع من الناحية الموضوعية ذلك أن أسباب انعدام المسؤولية لا تمحو الطابع الإجرامي عن الفعل المرتكب من طرف المعتدي.
وخلصوا إلى أنه الفعل الذي يقوم به المجنون أو الطفل الغير مميز يمكن أن يكون محل رد مشروع.
ب- أن يكون الخطر حالا: يقتضي هذا الشرط أن الخطر قائما فإذا زال الخطر بالعدول أو الوقوع فلا مجال للتمسك بحالة الدفاع الشرعي، و إلا تحول إلى اعتداء يرتب المسؤولية الجزائية. ويستبعد هذا الشرط الخطر الوهمي أو المحتمل (الذي سوف يقع في المستقبل).
ويكون الخطر حالا في صورتين 02
الصورة الأولى: عندما يكون الجاني على وشك البدء في ارتكاب فعل العدوان.
الصورة الثانية: عندما يبدأ الجاني في ارتكاب الفعل العدواني وإحداث الضرر.
ج- أن يهدد الخطر النفس والمال: نص المادة 39 جاء عام وشامل، فكل الجرائم التي تقع على الأشخاص (قتل، ضرب، انتهاك عرض...) تجيز الدفاع الشرعي: كذلك الجرائم التي تقع على الأموال.
وقد وسع نص المادة نطاق الدفاع ليشمل نفس ومال الغير.
2- شروط تتعلق بفعل الدفاع: هناك شرطان 2
أ- شرط اللزوم: أنه لا يمكن للمدافع رد الاعتداء إلا بارتكاب جريمة، فإذا كان بوسعه رد الخطر بفعل مشروع فلا يجوز له صده بفعل غير مشروع.
سؤال: إذا كان بوسع المدافع الهرب لكنه فضل التمسك بحق الدفاع؟!
يرى الفقهاء الجنائيين أن الشخص غير مطالب بالهرب عند تعرضه للاعتداء لأن القانون لا يفرض على الناس أن يكونوا جبناء .
ب- شرط التناسب: لكي يثبت حق الدفاع الشرعي يجب تناسب أفعال الدفاع مع العدوان فلا يجوز الدفاع بأكثر ما يقتضيه رد العدوان.
وتحديد هذا التناسب مسألة وقائع يفصل فيها قضاة الموضوع بالنظر إلى ظروف كل حالة (المدافع والمعتدي).
---------------------
1 - إسماعيل بن حفاف، محاضرة في القانون الجنائي ، مرجع سابق
2 - إسماعيل بن حفاف، محاضرة في القانون الجنائي ، مرجع سابق
إثبات الدفاع الشرعي:
كقاعدة عامة: يقع إثبات الدفاع الشرعي على النيابة العامة إثبات الشروط المطلوبة قانونًا لقيام حالة الدفاع الشرعي.
القضاء الفرنسي قضى بأنه على المتهم إثبات توافر الشروط القانونية للدفاع الشرعي، ونشير إلى أن المشرع قد نص على حالات خاصة يكون فيها الدفاع الشرعي قرينة ويعفى المتهم من الإثبات.
المبحث الرابع: تقسيمات الجريمة بالنظر إلى الركن الشرعي
المطلب الأول: جرائم سياسية وجرائم عادية
- الجريمة العادية: هي التي تقع على الأشخاص والممتلكات.
- الجريمة السياسية: هي كل عمل سياسي يجرمه القانون.
التمييز بين الجريمتين: وضع الفقه معيارين:
1 - معيار شخصي: يتعلق بالدافع من وراء ارتكابها، أهو سياسي أم لا ؟ تعرض للنقد. !
2 - معيار موضوعي: يبحث في موضوع الجريمة.
فالمشرع الجزائري لم يعرف هاته الطائفة من الجرائم.
نتائج التمييز بين الجرائم السياسية والعادية:
- عدم تسليم اللاجئين المجرمين السياسيين بين الدول، أما العاديين على حسب اتفاق بين الدول.
- في النطاق الداخلي لم يميز المشرع الجزائري بين الجرائم السياسية والعادية على مستوى العقوبة.
المطلب الثاني: جرائم عسكرية وجرائم عادية
الجرائم العسكرية هي تلك الأفعال المجرمة التي تقع من شخص خاضع للنظام العسكري إخلالا بالقانون العسكري وتقسم الجريمة العسكرية إلى نوعين:
- جرائم عسكرية بحتة: ترتبط مباشرة بالنظام العسكري نص عليها القضاء العسكري (لم ينص عليها قانون العقوبات).
- جرائم عسكرية مختلطة: وهي جرائم القانون العام المرتكبة من قبل أفراد الجيش والشبه عسكريين أثناء تأدية الوظيفة وهنا يجب أن نميز بين: الجرائم التي تقع في الخدمة وداخل المؤسسات العسكرية فهي تعد جرائم عسكرية .وبين التي ترتكب خارج الخدمة وخارج المؤسسات العسكرية وهي لا تعد جرائم عسكرية. 1
أهمية التمييز:
أ- على المستوى الدولي: تسليم المجرمين العسكريين غير جائز.
ب- على المستوى الداخلي: هذا التمييز له أثر على:
- الاختصاص: قضاء عادي ينظر في جرائم القانون العام، قضاء عسكري ينظر في الجرائم العسكرية (قاضي مدني + مساعدين عسكريين).
- على القانون المطبق: قانون العقوبات والقوانين المكملة له على الجرائم العادية، قانون العسكري على الجرائم العسكرية.
- على القانون المطبق: قانون العقوبات والقوانين المكملة له على الجرائم العادية، قانون العسكري على الجرائم العسكرية. 2
-------------------
1 - إسماعيل بن حفاف، محاضرة في (القانون العقوبات) ، مرجع سابق
2 - إسماعيل بن حفاف، محاضرة في قانون العقوبات ، مرجع سابق