لطلاب السنة الثانية حقوق في مقياس القانون الجنائي
"نشأة وتطور القانون الجنائي"
ملخص:
قانون العقوبات هو قانون يضم الجرائم والعقوبات المقررة لها فكل جريمة تقابلها عقوبة وبالعقوبة تتميز قواعد هذا القانون عن غيره من القوانين الأخرى، ولكن تسمية قانون العقوبات لم تحظ بإجماع الفقهاء بحجة أنها توحي باقتصارها على العقوبات دون الجرائم أو التدابير، ولذا فإن من الفقهاء من يفضل أن يحمل هذا القانون اسم "القانون الجنائي" باعتباره قانون الجرائم وباعتبار أن هذه التسمية تشمل نظام التدابير بوصفه نظاما جنائيا لا جدال فيه، وهناك اتجاه ثالث يرى أن نطلق على هذا القانون اسم "القانون الجزائي" باعتبار أن الجزاء يتسع ليشمل فكرة العقوبة والتدابير من جهة وأنه ملازم لكل جريمة من جهة أخرى، أما المشرع الجزائري فقد استعمل التعبير الشائع للدلالة على هذا القانون فسماه "قانون العقوبات".
• التعريف بالقانون الجنائي (قانون العقوبات): يقصد بقانون العقوبات مجموعة القواعد القانونية الني تبين الجرائم وما يقرر لها أو يقابلها من عقوبات أو تدابير أمن إلى جانب القواعد الأساسية والمبادئ العامة التي تحكم هذه الجرائم والعقوبات والتدابير، أو هو مجموعة القواعد القانونية التي تحدد صور السلوكيات التي تعد جرائم وتبين العقوبات أو التدابير الوقائية المقررة لها، وذلك عند الإتيان بفعل قد نهت عنه أو الامتناع عن القيام بعمل قد أمرت به. وينقسم الى قسمين عام وخاص: -القسم العام: الذي يضم الأحكام العامة التي تخضع لها الجرائم والعقوبات والتدابير الأمنية بصورة عامة وذلك على اختلاف أنواعها. –القسم الخاص: الذي يشتمل على الأحكام المتعلقة بكل جريمة على حده والجزاء المقرر لها.
• أهمية القانون الجنائي: لا تقتصر أهمية قانون العقوبات على ردع المجرمين بل محاولة منع الجرائم قبل وقوعها، كما يمتاز بدوره الإنساني وأصبح له دوره الوقائي والتهذيبي والعلاجي الذي يجب أن يتناسب مع شخصية المجرم الإنسانية.
• مكانة القانون الجنائي في النظام القانوني العام: يقصد بالنظام العام مجموعة القوانين السائدة في دولة معينة وفي وقت واحد، والقانون الجنائي جزء من هذا النظام العام وأكثرها تداخلا معه، كما أن القانون الجنائي بكل قواعده فرع من فروع القانون العام. كما أن قانون العقوبات يؤكد استقلاليته التي تظهر بوضوح من خلال النظريات الحديثة التي أخذ بها في مجال تفريد العقاب فإذا كان إصلاح الضرر والتعويض المناسب دون الالتفات إلى شخص الجاني في القانون المدني فان الأمر يختلف في قانون العقوبات الذي يولي اهتماما كبيرا بشخصية الفاعل ويسعى إلى تفريد العقوبة محاولة منه لإيجاد الجزاء الأنسب من أجل تأهيل الجاني.
• القانون الجنائي وعلم الإجرام والعقاب: يبحث علم الإجرام في أسباب الجريمة ويدرسها كظاهرة اجتماعية ويهتم بالظروف التي تنشأ فيها وهي معارف ذات نفع كبير تقدم إلى رجل القانون. كما يهدف علم العقاب إلى مكافحة الإجرام ويعد بذلك مكملا لقانون العقوبات الذي يهدف بدوره إلى الكفاح ضد ظاهرة الإجرام.
• عوامل تطور القانون الجنائي في المجتمعات القديمة: أول جريمة ارتكبها الإنسان هي عصيان آدم عليه السلام لربه بإتباعه الشيطان ثم ثاني جريمة مكتملة الأركان هي قتل قابيل لأخيه هابيل، ومن خلال الجريمة ومن رد الفعل عليها تكونت النواة الأولى لقانون العقوبات كأقدم قانون في المجتمعات القديمة. وعندما تطور المجتمع أكثر وانتقل من الأسرة إلى العشيرة التي تضم تحتها العديد من العائلات والأسر احتاج زعيم العشيرة إلى سلطة أقوى لزج المعتدين وتوقيع العقوبات على المذنبين وانتهوا بالاهتداء إلى التعويض المالي أو ما نسميه شرعا بالدية ليحل محل الانتقام المضاعف للضرر.
• أثر الشريعة على تطور القانون الجنائي: وضعت الشريعة الإسلامية منهجا معينا في التشريع الجنائي وذلك بمحافظتها على الأصول الكلية الخمسة والتي اعتبرتها مقصدا من مقاصدها وهي الدين والنفس والنسل والعقل والمال فسنت لذلك جرائم وحدود وأوجبت قصاصا للحفاظ على تلك المقاصد.
• ظهور القانون الجنائي في الجزائر: مر التشريع العقابي في الجزائر بعدة مراحل: المرحلة الأولى وهي السابقة للاحتلال الفرنسي كانت الشريعة الإسلامية هي المطبقة في ذلك العهد، أما المرحلة الثانية فهي الاستعمار ونجد فيها نوعين من القوانين أحدهما مختص في دعاوي الأوربيين وهو القانون الفرنسي والثاني هو القانون الإسلامي يسري على الدعوى بين المسلمين إلى غاية 1944 أين خضع جميع الجزائريين بموجب تعديل هذا القانون للتسريع النافذ والساري على الفرنسيين، أما في مرحلة الثورة الجزائرية ابتداء من 1954 عدلت السلطات الفرنسية القانون بإنشاء محاكم خاصة ووسعت من نطاق اختصاص المجالس العسكرية لمحاكمة المواطنين، وبعد الاستقلال صدر الأمر رقم: 62/157 الذي يقضي بتمديد سريان مفعول التشريع الفرنسي إلى غاية 1966 تاريخ صدور الأمر رقم: 66/156 المؤرخ في 8 يونيو سنة 1966 وهو القانون الذي لازال مطبقا حتى وقتنا الحاضر وأن دخلت عليه بعض التعديلات عن طريق الأوامر والقوانين وصلت إلى غاية 2006 بمقتضى القانون رقم 06-23 المؤرخ في 20 ديسمبر 2006.
منقول