موضوع: آلــــــــــــــــــــــــــــــــــة الــــــــــــــــزمــــــــــــــن الجمعة 10 أكتوبر 2014 - 16:20
في عام 1895م نشر الكاتب الانجليزي هربرت ويلز رواية (آلة الزمن) الخيالية، والتي تتحدث عن باحث استطاع أن يصنع آلة عجيبة ويسافر عبرها للمستقبل البعيد للأرض. قبل هذه الرواية لم يكن مفهوم (السفر عبر الزمن) متداولًا بين الناس. أي أن أحدًا لم يفكر أن يسافر للمستقبل أو يعود للماضي قبل أن ينشر ويلز روايته التي صنفت كرواية خيال علمي! اشتهرت الرواية و انتشرت فكرة (آلة الزمن) منذ ذاك الحين، لكنها ظلت فكرة خرافية ولم تتحول إلى نظرية مقبولة علميًا قبل عام 1915م، تحديدًا.. في العام الذي نشر فيه آينشتاين الورقة العلمية التي تضمنت ما يعرف بـ نظرية النسبية العامة، والتي أحدثت تغيرًا كبيرًا في إدراك البشر للمفاهيم الكونية كـ الزمن على سبيل المثال. فببساطة شديدة، تفترض الفيزياء الكلاسيكية (فيزياء نيوتن- أو فيزياء ما قبل النسبية) أن الزمان ثابت كوني. فنيوتن لاحظ أن قياسات الزمن في تجاربه كانت لا تتأثر بالظروف المحيطة (على عكس الجاذبية مثلًا). و من هذا المنطلق كان الزمن هو الثابت الرئيسي في قوانين نيوتن للحركة و الجاذبية. لكن آينشتاين نقض هذا الافتراض حين أثبت بمعادلاته النسبية أن الزمن – كغيره- يتأثر بالظروف الفيزيائية و يؤثر عليها. و تحديدًا، فإن (الجاذبية) و (سرعة الحركة) هما العاملان اللذان يؤثران على الزمن، و بتعبير أوضح: فإنهما يؤثران على (سرعة مرور الزمن). إذ يمكن أن تزيد سرعة مرور الزمن أو تقل، بل و يمكن أن يتوقف الزمن تمامًا! فنصل إلى الخلود. كيف يحدث ذلك؟ النسبية تقول أن علاقة الزمن بالجاذبية هي علاقة عكسية، و كذلك بالنسبة لسرعة الحركة، فهي تتناسب عكسيًا مع سرعة الزمن. فإذا زادت جاذبية المكان قّلت سرعة مرور الزمن فيه، و إذا زادت سرعة الجسم قلّت سرعة مرور الزمن بالنسبة إليه. ومسألة الجاذبية محسومة في فضاءنا الكوني، فنحن لا نستطيع أن نتحكم بجاذبية الكوكب، بل يمكن فقط أن نسافر إلى كواكب موجودة أصلًا و نسكنها، فيكون الزمن فيها أسرع من زمن الأرض، إذا كانت جاذبيتها أقل من جاذبية الأرض، أو يكون الزمن فيها ابطأ من زمن الأرض إذا كانت جاذبيتها أكبر. مع ملاحظة أن جاذبية الكوكب تتأثر بكتلته بشكل مباشر، فكلما كانت كتلة الكوكب أكبر زادت جاذبيته. (لكن تظل فكرة السكن في كوكب غير كوكب الأرض فكرة خيالية و تكاد تكون مستحيلة) أما السرعة، و هي بالتحديد العامل الفيزيائي الذي يحب العلماء التركيز عليه خلال حديثهم عن فكرة (السفر عبر الزمن)، فيطول الحديث عنها: في البدء من المهم أن نتحدث سريعًا عن سرعة الضوء، إذ يعتبر المقياس (سرعة الضوء في الفراغ) في معادلات النسبية هو الثابت الكوني الوحيد الذي لا يتأثر بأي ظرف من الظروف الكونية، و يعتبر أيضًا قياسًا للسرعة القصوى في هذا الكون، فلا يمكن أن يتحرك جسم بأسرع من سرعة الضوء أبدًا. و كما أشرنا سابقًا إلى العلاقة بين السرعة و الزمن، فإننا كلما تحركنا بسرعة أكبر، كلما كانت سرعة مرور الزمن بالنسبة لنا أقل. لكننا نحتاج إلى سرعات ضخمة جدًا جدًا لندرك و نلاحظ التغير في سرعة مرور الزمن، نحتاج إلى سرعات تشكّل نسبة ما من سرعة الضوء (ربعها أو نصفها مثلًا)، علمًا بأن سرعة حركتنا (بل و سرعة حركة أسرع صاروخ استطعنا صناعته) تبدو كقطرة في بحر، بالنسبة لسرعة الضوء. إذًا، تفترض النسبية أن الزمن سيصبح ابطأ و ابطأ كلما زادت سرعة الجسم، إلى أن يصل الجسم إلى السرعة القصوى (سرعة الضوء)، و حينها سيتوقف الزمن تمامًا! و يصل الجسم إلى مرحلة الخلود! ، لكن النسبية تنقض هذا الافتراض حين تقول بأنه من “المستحيل” أن يتحرك أي جسم بسرعة الضوء – عدا الضوء ذاته- في الظروف التي تحكم كوننا الحالي، أما إن وجد كون آخر تحكمه قوانين وظروف مختلفة، فقد نصل إلى مرحلة الخلود (الخلود في الجنة و النار مثلًا!). أما إن زادت سرعة الحركة عن سرعة الضوء – على الرغم من أن هذا الافتراض مستحيل – فسرعة الضوء هي السرعة القصوى في الكون!، إلا أن النظرية النسبية تقول بأن الزمن سيغير إتجاهه “لو” استطاع أي جسم أن يتحرك بسرعة تزيد عن سرعة الضوء. مما يعني أن الزمن بدلًا من أن ينتقل من الحاضر إلى المستقبل، سيعود للوراء، و سيصبح خط سيره: من الحاضر إلى الماضي. و ستتحرك الأشياء حينئذ بشكل تراجعي (كأننا نعيد شريط فيديو للخلف)! هذه الإفترضات صحيحة نظريًا، و مثبتة بالمعادلات الرياضية. لكن المشكلة تواجهنا حين نحاول تطبيقها عمليًا. ففي حالة حاولنا تغيير سرعة الزمن لإبطاءه، فلن نستطع أن نصل إلى أي سرعة ضخمة تمكننا من إحداث تأثير حقيقي في سرعة مرور الزمن.. فأقصى سرعة استطاع أن يصل لها الإنسان هي 25 ألف ميل في الساعة (وهي جزء بسيط جدًا جدًا و لا يقارن بسرعة الضوء)، و ليس من الممكن بحسب الإمكانات التقنية الموجودة حاليًا أن نستطيع اختراع مركبات تتحرك في الفضاء بسرعة ضخمة تمثل جزء معتبر من سرعة الضوء. و إن استطعنا أن نخترع مركبات تتحرك في الفضاء بسرعات عالية و قريبة من سرعة الضوء، فإن هذا يعني أننا سنستطيع حينها السفر عبر الزمن إلى المستقبل.. لكن علينا حينها أن نتذكر أننا بعد أن نرحل إلى المستقبل لن نستطيع أبدًا العودة إلى الزمن الذي غادرناه. أما إن فكرنا بأن نصل لمرحلة الخلود عبر إيقاف الزمن.. فالنظرية النسبية ستؤكد لنا بأنه من المستحيل في كوننا الذي نعيش فيه أن يتحرك أي جسم بسرعة الضوء (غير الضوء نفسه) لأن كتلة الجسم تصبح “صفرًا” إن أصبحت سرعته مساوية لسرعة الضوء، أي أنه سيتلاشى! و سيصبح عدم! وبالنسبة للعودة إلى الماضي، فيمكن أن نثبته نظريًا، فالمعادلات الفيزيائية تقول أننا إن استطعنا التحرك بسرعة أكبر من سرعة الضوء، فإن الزمن حين ذلك سيمشي في الاتجاه المعاكس، أي بدلًا من أن يمضي نحو المستقبل فإنه سيعود للماضي و سيتغير اتجاهه. لكن ذلك غير ممكن أبدًا، فالوصول لسرعة الضوء فضلًا عن تجاوزها؛ مستحيل. إضافة إلى أن هناك قضية فلسفية تسمى بالسببية .. فكرتها في أنه من غير الممكن أن يحدث الشيء قبل أسبابه، فلا يعقل منطقيًا أني سأكون قد ولدت قبل أن تولد أمي! فكيف أعود (أنا) إلى زمن ماضي لم تكن أمي خلاله قد ولدت بعد؟ وبسبب هاتين المعضلتين ففكرة السفر عبر الزمن إلى الماضي أو تغيير اتجاه الزمن لازالت من الأفكار المرفوضة في أوساط الفيزيائيين أنفسهم و على رأسهم اينشتاين. وبذلك نستسلم، بأنه لا يمكن أن نعكس اتجاه الزمن، فبطريقة فلسفية يمكن أن ننفي فكرة العودة إلى الماضي حين نقول بأنه لا يوجد تماثل في طبيعة الزمن، فنحن نتذكر الماضي و لكننا لا نستطيع التنبؤ بالمستقبل، و كذلك.. فإن أحداث الماضي تحدث تأثيرًا حقيقيًا على أحداث المستقبل، لكن العكس غير صحيح
منقول
anouarsoft
عضو فعال
الجنس :
مسآهمآتے : 380
التقييم : 1
موضوع: رد: آلــــــــــــــــــــــــــــــــــة الــــــــــــــــزمــــــــــــــن الإثنين 5 يناير 2015 - 16:40