"ابن العشر سنوات"

اعتاد الصبي عبد الله "ابن العشر سنوات"وابن إمام أحد المساجد في أمستردام أن يخرج بصحبة أبيه كلّ يوم جمعة بعد صلاة الجمعة ليوزع نسخة من كتاب "الطّريق إلى الجنّة" في أرجاء مدينة أمستردام في هولندا .
وفي إحدى الجمع كان الطّقس عاصفا وباردا فتقاعس الأب الإمام عن الخروج بعد الصلاة لتوزيع الكتاب، ولكن ابنه عبد الله أصرّ على أن يخرج لوحده رغم رفض أبيه الخروج، ورغم الطّقس القارس ، شديد البرودة . لكن همة الصغير كانت عالية فأمله أن يهد الله على يديه من يكون ذخرا له في صفحات حسناته يوم القيامة ، خرج عبد الله وأخذ معه عشرة نسخ من الكتيب "الطريق إلى الجنة" وبدأ التوزيع.
لم يبق معه إلاّ نسخة واحدة واشتدّت العاصفة فأصرّ أن يطرق أحد الأبواب ليعطي صاحب البيت آخر النّسخ التي تبقّت معه، وفعلا بدأ بطرق أحد الأبواب بشدّة ولكن لامُجيب !! ...فعاود ثانية طرق الباب وكأن شيئا في داخله يدفعه بشدة لمعاودة الكرة ، وطرق الباب وبقوة ، ثم عاود طرق الباب وبإصرار، فما كان من صاحبة البيت وهي عجوز في السّبعينات رغم كبر سنها وتعثر خطواتها إلاّ أن تستجيب لقدرها الذي دفع هذا الطّارق ليحمل لها النور بيد، والأمل في حنايا قلبه لعل الله يهديها إلى دين الرضوان، نعم ، وإذا بتلك العجوز تقف خلف الباب وعلامات الحزن الشديد تظهر على أخاديد رسمتها سنون على وجهها .فقالت لعبد الله بماذا أستطيع أن أساعدك يا بني ؟, نظر إليها عبد الله بعينين متألقتين ، وقال لها : إنّ الله يحبّك يا جدّتي ولقد جئت كي أعطيك آخر كتيب تبقّى معي, وإنيّ لأقدّم أشدّ اعتذاري أن لو كنت قد أزعجتك وأعطاها الكتيب وانصرف.
ويالَلْمُفاجأة التي لو أضاعها الصغير كما فاتت على أبيه لكانت خسارة عظيمة ففي الأسبوع التالي وأثناء الدرس الأسبوعي للحي وذلك قبل صلاة الجمعة عادة ، وما إن انتهى الإمام من الدّرس سأل المصلين، هل من سؤال أو تعقيب لأحدكم؟.
فقامت عجوز من الصفوف الخلفية ، وقالت : لا أحد يعرفني بين الجمع الكريم , وحتى الجمعة الماضية لم أكن مسلمة ، وقد مات زوجي وابني في حادث طرق وبقيت وحيدة ولم يطرق بابي أحد من الجيران , فقررت أن انتحر، وربطت الحبل في سقف البيت، وربطت طرفه الآخر في عنقي، وهممت بالانتحار، وإذا بباب البيت يطرق وبشدّة , انتظرت قليلا كي يكفّ الطّارق عن طرق بابي ولكنّه طرق مرّة ثانية، وثالثة وبشدّة، ففككت الحبل من حول عنقي لأرى من الطّارق وإذا به صبي كالملاك مسّت كلماته قلبي يقول لي: إنّ الله يحبك وأعطاني آخر كتيباته "الطّريق إلى الجنّة" وخرج في حال سبيله، فقررت أن اقرأ الكتيب قبل الرجوع لربط الحبل حول عنقي، وشعرت بأنّ هذا الصبي قد بعثه الرّبّ إليّ من السّماء لأعدل عن فكرة الانتحار , وبعد قراءتي للكتيب شهدت : أن لا إله إلا الله وأنّ محمدا رسول الله ، وها هي أول صلاة جمعة لي في المسجد , وها أنا قد جئت إلى عنوان المركز المطبوع على ظهر الكتيب لأشكركم، واشكر الله لإرساله هذا الملاك الصغير إليّ كي يحميني من النّار، ويرشدني إلى طريق الجنّه, فنزل الإمام عن المنبر وتوجه إلى الصّفّ الأوّل حيث يجلس ابنه عبد الله وعانقه ودمعت كلُّ العيون وَعَلَت أصوات التكبير.وهكذا أنقذ الله هذه العجوز على يد هذا الطفل الداعية الصغير بعد أن كادت تموت على الكفر لولا لطف الله .