قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الرجل على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل). فهذا الحديث النبوي الشريف يدل على أهمية الرفقة أو الصحبة و أثرها في المسلم، فإذا كان الرفيق و الصاحب على خلق إسلامي كريم فان المسلم يستفيد منه أيما استفادة في دينه و دنياه، أما إن تسلط عليه قرين من قرناء السوء فانه يزين له الدنيا في عينيه حتى ينسى الآخرة و أحوالها. قال الله تعالى:(و من يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين و إنهم ليصدونهم عن السبيل و يحسبون أنهم مهتدون).. إذا هذا القرين عبارة عن شيطان من شياطين الإنس أو شياطين الجن يستعمل كل الوسائل التي تصد الإنسان عن طريق الحق و تزين له السبيل على أنها طريق الهدى. و بمرور الزمن يألف الإنسان طريق الضلال إلى أن يهلك و يصير من الخاسرين، و مصداق هذا الأمر قوله تعالى:(و قيضنا لهم قرناء فزينوا لهم ما بين أيديهم و ما خلفهم و حق عليهم القول في أمم قد خلت من قبلهم من الجن و الإنس إنهم كانوا خاسرين). لقد حكم عليهم الخالق عز و جل بالخسران و السبب هم قرناء السوء فهم يتسلطون على الإنسان و يحثونه على اقتراف المعاصي خاصة في فترة المراهقة و الشباب حيث تكون هذه المرحلة من العمر انتقالية صعبة يعاني فيها المراهق الشاب من اضطراب في العواطف و المشاعر فيعيش في حيرة و تيه و فقدان لبوصلة حياته، فيستغل القرين هذه الوضعية التي يتخبط فيها الشاب ليلقي عليه براثينه و سيطرته، فقرناء السوء يعلمون الشاب سلوكات و ممارسات لم يسبق أن عرفها في حياته، فيذوق طعمها الذي زينه له القرين و لا يستطيع الفكاك من أغلال هذه السلوكات و الأخلاق الفاسدة.
إن مجالسة الفرد لأصحاب السوء يدفعونه إلى ارتكاب أنواع الفساد و منها على سبيل المثال شرب المسكرات التي تؤدي به إلى الخلاعة و المجون، و حتى لو حضر مجالسهم و أحسن الظن بنفسه و رأى أنها في غاية العفة فان شهوته تغلبه على الوقوع فيما وقعوا فيه.. و إن الإنسان إذا قرب من حزب الشيطان و عصى ربه فانه يحصل وحشة بينه و بين الناس لاسيما أهل الخير منهم مما يجعله ذلك يبتعد عن مجالستهم و يحرم نفسه بركة الانتفاع بهم.. و لقد قال علي بن أبي طالب:(إياك و صحبة الفاجر و الكذاب و الأحمق و البخيل و الجبان، فأما الفاجر فيرى فعله ود انك مثله، فدخوله عليك شين و خروجه من عندك شين و أما الكذاب فينقل حديثك إلى الناس و حديث الناس إليك فتشب العداوة..).
يقول الدكتور ناصر بن عبد الله التركي:(إن قرناء السوء من الإنس حسب الإنسان فيهم انه لو خالطهم ووافقهم في أهوائهم إثم و افسدوا عليه أمر الدنيا و الآخرة، لأنه إذا لم يشاركهم في إساءتهم سيكون له نصيب من الرضا فيما يصنعون فيسكت خوفا و حذرا منهم.