شر الناس من أَحَسَنَ الناسُ إليه اتقاء شره .. حكمةٌ بليغة جدُّ بليغة .. كم من الناس من تتحامل على نفسك وتقسرها قسراً على استقباله والحديث معه .. وربما إدخاله مكتبك أو منزلك كرهاً .. لا محبة ولا تقديراً .. وإنما بسبب سوء أخلاقه ونتنها .
يزعجك باتصاله عشرات المرات في اليوم والليلة ..لا لشيء ؛ وإنما لحاجةٍ تقضيها له رغماً عنك حتى ولو لم تكن تملك ذلك .. ويغضب أشد الغضب إذا لم ترد على اتصاله .. أو تفتح له باب بيتك .. وقد تكون نفسك غير مهيئة في ذلك الوقت للرد عليه أو لاستقباله .. وهو يلحُّ ويصر ، ويتلوّن في أساليبه، فمرة يتصل عليك من رقم هاتفه ، ومرات من كبائن الهواتف بالشارع كي لا تعرف الرقم فتقوم بالرد، فينهال عليك بالشتم والتوبيخ والتعنيف .. ولربما جاء إلي بيتك فأقسم ألاَّ يغادر بابك إلاَّ إذا فتحت له .. أو يظل واقفاً كالصنم يراقب الباب ، حتى تخرج للصلاة ؛ فينهال عليك باللوم والتعنيف حتى تدخل في صلاتك وأنت في غاية الخشوع والارتياح ! ولربما منعك وجودُه بالباب _ لسوء خلقه _ من الخروج من البيت للصلاة جماعة في المسجد .. فينشر عنك أنك فاسقٌ تركت الصلاة مع الجماعة ، ولربما طرق باب بيتك مرات عديدة على مدى أيام عدة .. وكتب لك الأوراق الكثيرة ، وألزقها بباب بيتك ، فيها كل ما حوته قواميس الألفاظ الخبيثة من قبح وعفن ! ، ثم يكتشف أنك كنت مسافراً .. فلا يخجل على دمه كما يقال ويعتذر ؛ بل يتصل بك على هاتف زوجتك مراراً وتكراراً ، دون حياء ولا أدب .. فإذا ما تصاغرت وذللت في نفسك ولقيته مكرهاً .. ولم تستطع قضاء حاجته _ إن كانت له حاجة _ فسيشيع عليك في المجالس ويصفك بأنك " ما فيك خير .. أناني .. لا تحب نفع الناس .. مغرور بوظيفته ... " إلخ هذا الفيض العذب من التهم الجزاف .
اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت ، واصرف عنا سيئها ، لا يصرف عنا سيئها إلا أنت .