تأملت حالة عجيبة و هي : أن المؤمن تنزل به النازلة فيدعو و يبالغ فلا يرى أثرا للاجابة
فإذا قارب اليأس نظر حينئذ إلى قلبه فإن كان راضيا بالأقدار غير قنوط من فضل الله عز وجل فالغالب تعجيل الإجابة حينئذ لأن هناك يصلح الإيمان و يهزم الشيطان و هناك تبين مقادير الرجال
و قد أشير إلى هذا في قوله تعالى : { حتى يقول الرسول و الذين آمنوا معه : متى نصر الله }
و كذلك جرى ليعقوب عليه السلام فإنه لما فقد ولدا و طال الأمر عليه لم ييأس من الفرج فأخذ ولده الآخر و لم ينقطع أمله من فضل ربه { أن يأتيني بهم جميعا }
و كذلك قال زكريا عليه السلام { و لم أكن بدعائك رب شقيا }
فإياك أن تستطيل مدة الإجابة و كن ناظرا إلى أنه المالك و إلى أنه الحكيم في التدبير و العالم بالمصالح و إلى أنه يريد اختبارك ليبلو أسرارك و إلى أنه يريد أن يرى تضرعك و إلى أنه يريد أن يأجرك بصبرك إلى غير ذلك و إلى أنه يبتليك بالتأخير لتجارب وسوسة إبليس
و كل واحدة من هذه الأشياء تقوي الظن في فضله و توجب الشكر له إذ أهلك بالبلاء للالتفاف إلى سؤاله و فقر المضطر إلى اللجأ إليه غنى كله