بحث كامل حول البنك المركزي
البنــــــــــــــــــــــــــك المــــــــــركـــــزي:مقدمــــة:يعتبر القطاع المصرفي أحد القطاعات الرائدة في الاقتصادات الحديثة، ليس فقط لدوره الهام في حشد وتعبئة المدخرات المحلية والأجنبية وتمويل الاستثمار الذي يمثل عصب النشاط الاقتصادي، بل لكونه أصبح يمثل حلقة الاتصال الأكثر أهمية مع العالم الخارجي. فقد أصبح هذا القطاع، بفعل اتساعه وتشعب أنشطته، النافذة التي يطل منها العالم علينا، ونطل منها على العالم. وأصبح تطوره ومتانة أوضاعه معياراً للحكم على سلامة اقتصاداتنا وقابليتها أو قدرتها على جذب رؤوس الأموال المحلية والخارجية. وإذا كان القطاع المصرفي، والحالة هذه، واحداً من أهم القطاعات الاقتصادية، فإن البنك المركزي يمثل المحور الرئيس لهذا القطاع وزيادة قدرته على المنافسة والتطور وذلك لما يقوم به من دور في إدارة السياسة النقدية والمصرفية، والحفاظ على الاستقرار المالي وبالتالي إرساء أسس نمو اقتصادي قابل للاستمرار….وعليه نطرح التساؤلات التالية: ما هو البنك المركزي ؟ ما هي وظائفه وخصائصه؟وماهي أهم موارده؟ وما هي متطلبات نجاح كل بنك ؟ ما هو الحال بالنسبة للبنك المركزي الجزائري من كل هذا ؟نشأة البنوك المركزية (لمحة تاريخية)لقد جاءت نشأة البنوك المركزية متأخرة بعض الشيء عن نشأة البنوك التجارية التي ظهرت في الدول الأوروبية قبل القرن السابع عشر. ففي بادئ الأمر، كانت البنوك التجارية تقوم بإصدار النقود وتقبل الودائع وتقدم القروض. وفي ضوء بساطة وتواضع النشاط الإقتصادي والمالي في تلك الفترة، لم تكن هنالك حاجة لوجود هيئة إشرافية تتولى رسم سياسة عامة أو تضع القواعد التنظيمية لعمل البنوك. ولكن إفراط بعض هذه البنوك وتوسعها في إصدار النقود أدى إلى حدوث أزمات مالية انعكست سلباً على الاقتصاد، الأمر الذي استدعى وجود مؤسسة تعنى بتنظيم النشاط المصرفي وتنظيم عملية إصدار النقود للتحكم بعرض النقد. وقد أوكلت هذه المهمة في بادئ الأمر إلى أحد البنوك القائمة. ومع تزايد النشاط الاقتصادي وتزايد احتياجات الحكومات للتمويل، وتزايد حركة السلع والأموال عبر الحدود، أصبحت المعاملات المصرفية أكثر تعقيداً، ظهرت الحاجة إلى وجود هيئة من خارج البنوك لتتولى عملية الإشراف على عمل تلك البنوك وتنظيم العمل الصرفي، بالإضافة إلى تنظيم عملية إصدار النقد، فكانت نشأة البنوك المركزية. ومن هنا فإن إنشاء البنوك المركزية إنما جاء للتحكم في عرض النقود وتنظيم إصدارها.وبعد الحرب العالمية الثانية، ونظراً لضخامة حجم رؤوس الأموال اللازمة لإعادة بناء الإقتصادات المدمرة، تطورت أهداف ومهام البنوك المركزية من دور بسيط يتمثل، كما أسلفنا، في عملية إصدار النقود وتنظيم أعمال البنوك التجارية، إلى دور تنموي دعمته الأدبيات الاقتصادية آنذاك وخاصة تلك الصادرة عن المؤسسات الدولية كالبنك والصندوق الدوليين. فمنذ انتهاء الحرب العالمية الثانية وحتى أواخر السبعينات، راجت فكرة تدخل الدولة في النشاط الإقتصادي، وهيمنت على معظم الدول فكرة التخطيط الاقتصادي لتحقيق التنمية. وقد فرض هذا الواقع، وخصوصاً في الدول النامية، على البنوك المركزية أن تتجاوز في سياستها النقدية هدف الإستقرار النقدي إلى هدف المساهمة في دعم النمو الإقتصادي. ولتحقيق ذلك كان من الطبيعي أن تتوسع البنوك المركزية في تمويل عجوزات الموازنات العامة للحكومات، وأن تلجأ إلى التأثير على السياسات الإئتمانية للبنوك من خلال الإجراءات الإنتقائية لتوجيه الإئتمان نحو القطاعات التي ترغب الدولة بتنميتها وخاصة قطاعات الإنتاج السلعي كالصناعة والزراعة.وبعد السير في هذا الإتجاه لأكثر من ثلاثة عقود، أثبتت التجربة العملية خطأ هذا النهج، حيث أدى التوسع النقدي المبالغ فيه إلى ارتفاع معدلات التضخم، والذي أدى بدوره إلى تزايد ظروف عدم اليقين ومن ثم الإضرار بالنمو الإقتصادي. ومن ناحية ثانية، أدت الإجراءات الإنتقائية للسياسة النقدية إلى إساءة استخدام الموارد وإضعاف الإنتاجية، الأمر الذي انعكس سلبياً على معدلات النمو الإقتصادي. وخلاصة القول، أن هذا النهج فشل في تحقيق هدف زيادة معدل النمو الإقتصادي. بينما ساهم في زيادة معدلات التضخم وقاد في نهاية المطاف إلى أزمات مالية عميقة في كثير من دول العالم النامية وخاصة دول أميركا اللاتينية. ولا يخفى على حضراتكم، أن دولنا العربية لم تكن في منأى عن مثل هذه النتائج السلبية.وقد أملى ذلك تغيراً ملحوظاً في دور البنوك المركزية منذ أوائل الثمانينات، حيث أصبح دور البنك المركزي يتمركز من جديد حول إرساء سياسة نقدية سليمة ذات فاعلية عالية في تحقيق الاستقرار النقدي بالدرجة الأولى. وضمن هذا الإطار، انصرفت البنوك المركزية في بعض الدول المتقدمة التي فصلت وظيفة الإشراف والتنظيم عن بنوكها المركزية، إلى التركيز على استهداف معدل التضخم كهدف رئيس لسياستها النقدية وذلك في ضوء تحرير أسواق رأس المال في العالم. أمّا البنوك المركزية التي تتولى مهام التنظيم والرقابة على البنوك، فتعتبر مسؤولة عن توفير البيئة المصرفية المناسبة وعن ضمان سلامة الأوضاع المصرفية إلى جانب رسم وتنفيذ السياسة النقدية.وبالنتيجة، فقد أصبحت السياسة النقدية، ورغم مرورها بالعديد من التحولات، تركّز على الاستقرار النقدي ونقصد هنا الاستقرار الداخلي (استقرار المستوى العام للأسعار) والاستقرار الخارجي (استقرار سعر الصرف)، هذا فضلاً عن توفير المتطلبات المالية للنشاط الاقتصادي. تعريف البنك المركزي
نظرا للتطورات التي عرفها الجهاز أصبح من الصعب إعطاء تعريف ثابت و لكن حاولالبعض إعطاء تعريف له.
يرى سميثsmith من خلال تركيزه على وظيفة الإصدار النقدي بأن المصرفية المركزية هي نظام مصرفي يتولى فيه بنك واحد.إصدار.الأوراق.النقدية.
و يرى ألكنelkin أن الوظيفة الأساسية هي تحقيق النظام النقدي.
البنك المركزي هو المؤسسة التي تشغل مكانا رئيسيا في سوق النقد و هو الذي يقف على قيمة النظام المصرفي.
أنواع البنوكيتكون الجهاز المصرفي في أي مجتمع من عدد من البنوك تختلف وفقًا لتخصصها والدور الذي تؤديه في المجتمع، ويعتبر تعدد أشكال البنوك من الأمور الناتجة عن التخصص الدقيق، والرغبة في خلق هياكل تمويلية مستقلة تتلاءم مع حاجات العملاء والمجتمع.
ويتصدر الجهاز المصرفي في الدولة البنوك المركزية، وتتعامل في السوق المصرفية أنواع متعددة من البنوك من أهمها:
البنوك المركزية Central Banks:
يعتبر البنك المركزي قلب الجهاز المصرفي، فهو يشرف على النشاط المصرفي بشكل عام، ويقوم بإصدار أوراق النقد (البنكنوت)، ويعمل على المحافظة على استقرار قيمتها، وهو “بنك الحكومة” حيث يتولى القيام بالخدمات المصرفية للحكومة ويشاركها في رسم السياسات النقدية والمالية، وهو أيضًا “بنك البنوك” حيث يحتفظ بحسابات المصارف لديه، ويقوم بإجراءات المقاصة بينها، وتقديم القروض للمصارف التجارية وغيرها من المؤسسات الائتمانية، وكذلك يقوم بإعادة خصم ما تقدمه إليه المصارف من أوراق تجارية باعتباره المقرض الأخير للنظام الائتماني، وكرقيب على الائتمان بالدولة
المصارف التجارية Commercial Banksوقد سميت “مصارف الودائع” حيث تمثل الودائع المصدر الأساسي لمواردها إذ تقوم بقبول أموال المودعين التي تستحق عند الطلب أو بعد فترة من الزمن، كما تقوم بمنح التجار ورجال الأعمال والصناعة قروضًا قصيرة الأجل بضمانات مختلفة. وهذه المصارف تقوم أيضًا ولحساب عملائها بعمليات مكملة من بينها: تحصيل الأوراق التجارية، وخصم وقبول الكمبيالات، وشراء وبيع العملات الأجنبية، وفتح الاعتمادات المستندية، وإصدار خطابات الضمان، وشراء وبيع الأوراق المالية، وغير ذلك من الوظائف
مصارف الاستثمار Investment Banks
وقد سميت أيضًا “مصارف الأعمال” والغرض من هذه المصارف هو معاونة رجال الأعمال والشركات الصناعية التي تحتاج إلى الأموال النقدية لزيادة قدرتها الإنتاجية. كما تقوم مصارف الأعمال بإصدار الأوراق المالية الخاصة بالشركات، والسندات الحكومية حتى تضمن الشركات تغطية الأسهم والسندات المعروضة على الجمهور خلال فترة عرضها للاكتتاب العام، إذ تقوم هذه المصارف عادة بأخذ عملية الإصدار كلها أو بعضها على عاتقها فتشتري الكمية التي تراها من هذه الأوراق لكي تعرضها تدريجيًا للاكتتاب العام، وهي تربح الفرق بين سعر شرائها من الشركة وبين سعر بيعها للمكتتبين.
المصارف الصناعية Industrial Banks
ويهدف المصرف الصناعي إلى الإسهام في تحقيق التنمية الصناعية، والقيام بالأعمال المصرفية الخاصة بها، أو إنجاز توسعتها، أو الحصول على رأس المال العامل لها، وذلك بغرض المشاركة في إنماء اقتصاد الدولة وتنويع هيكله الإنتاجي، وتنمية وتطوير مختلف فروع الصناعة
المصارف العقارية Real Estate Banks
تقوم بتقديم القروض طويلة وقصيرة الأجل لملاك العقارات المبنية بضمان الأراضي والمباني، وللملاك الزراعيين بضمان الأراضي الزراعية.
المصارف الزراعية Agricultural Banks
وتتولى هذه المصارف توفير الائتمان اللازم لتدبير احتياجات الزراعة من مستلزمات إنتاج.
البنوك الإسلامية Islamic Banks
ويمكن أن تسمى أيضًا “بنوك لا ربوية” أو البنوك التي لا تتعامل بالفائدة، أو البنوك التي تقوم على مبدأ التمويل بالمشاركة والمساهمة في تأسيس الشركات والمرابحة والإجارة والمضاربة الشرعية وغير ذلك من العمليات المالية المطابقة لأحكام الشريعة الإسلامية.
خصائص البنك المركزي :
• مؤسسة نقدية قادرة على تحويل الأصول الحقيقية آلي أصول نقدية.
• يحتل صدارة الجهاز المصرفي و هو يمثل سلطة الرقابة العليا على البنوك التجارية
• مبدأ الوحدة أي وجود بنك مركزي واحد كما هو الحال لفرنسا و إنجلترا و الجزائر, و هذا لا يمنع من وجود تعدد البنوك المركزية كما هو الحال في الولايات المتحدة الأمريكية .
البنك المركزي هو غالبا مؤسسة عامة في معظم اقتصاديات العالم يهدف آلي خدمة المصلحة العامة و تنظيم النقود و الائتمان, و مرتبط بحاجة المعاملات و السياسات النقدي.
مهام البنك المركزي :
البنوك المركزية في العصر الحديث تقوم بكل أو بعض الوظائف التالية:
• إصدار أوراق النقد القانوني تحت قيود معينة تتفق مع حاجة المعاملات
• القيام بالخدمات المصرفية التي تطلبها الحكومة
• تأدية الخدمات المصرفية وتقديم المساعدة للبنوك التجارية, و من ثم يطلق على البنك المركزي تأكيدا لهذه الوظيفة (بنك البنوك)
• مراقبة الائتمان كما و نوعا و توجيه وجهة تتفق و تقيد سياسة نقدية مرغوب فيها
• إدارة احتياجات البلد من المعاملات الأجنبية و مراقبة أحوال التجارة الخارجية بغرض المساهمة في تحقيق استقرار أسعار الصرف الأجنبي
موارد البنك المركزي:
رأس المال:ويثمتل في الموارد الذاتية للمصرف المركزي
الإحتياطي العام:يحتفظ البنك المركزي بنسبة معينة مقتطفة من الربح الصافي حسب مايقرره القانون المصرفي اما النسبة المتبقية يدفعها للحكومة.
الحسابات الجارية والودائع:يمثل هذا العنصر أكبر مبلغ في الموارد أي المصدر الرئيسي ويتكون من :
-حسابات وودائع المصارف المرخصة
-حسابات وودائع المؤسسات الإقراض المتخصصة
-حسابات وودائع المؤسسات العامة
-حسابات وودائع المؤسسات والهيئات الخارجية
-شهادات الإداع
النقد المصدر(الأوراق النقدية والمصكوكات(:هي العملة الوطنية
علاقة البنك المركزي بالبنوك الأخرى وعلاقته بالحكومة:
-علاقة البنك المركزي بالبنوك الأخري:
بعد انفراد البنك المركزي بإصدار النقد القانوني واستخدامه كاحتياطي مقابل الودائع التي تخلقها البنوك التجارية زادت أهمية البنوك المركزية في نظام البنوك التجارية.وعليه إتخدت هذه البنوك أرصدتها النقدية لدى البنك المركزي لتستخدمها كأداة لتصفية فروق الحسابات التي تنشأ عن معاملاتها بين بعضها البعض.
أما عن الطريقة التي تتم بها المقاصة التي يقوم بها البنك المركزي للبنوك التجارية.فهذه العمليات تتم اولا بخصم الحسابات المدينة من الحسابات الدائنة لكل بنك بالنسبة لبنك آخر وفي حالة ظهور رصيد مدين على بنك لآخر يحرر البنك المدين شيكا لامر البنك الدائن بهذا المبلغ لدى البنك المركزي.ثم تودع البنوك الدائنة الشيكات المسحوبة لصالحها لدى البنك المركزي وتكون النتيجةأن حسابات البنوك الدائنة تزيد وحسابات البنوك المدينة تنقص.بينما يظل مجموع ودائع البنوك التجارية لدى البنك المركزي على حاله والأرصدة النقدية التي تودعها البنوك التجارية لدى البنك المركزي تمثل التزامات على البنك المركزي والبنوك التجارية تشابه تلك العلاقة الموجودة بين البنك التجاري والأفراد.
-علاقة البنك المركزي بالحكومة:
من دراسة التاريخ النقدي نلاحظ أن البنوك التجارية التي تطورت إلى بنوك مركزية كانت تحتل مكانة خاصة في علاقتها مع الحكومة.فعلى سبيل المثال كان الدافع الأصلي لإنشاء بنك انجلترا الدي أنشأ في بادئ الأمر كشركة تقوم بالعمليات المصرفية هو إقراض الحكومة الانجليزية التي كانت في حاجة إلى نقود ومقابل ذلك تمنحه الحكومة امتياز إصدار النقود الورقية
إن هذا النوع من البنوك التي ميزته الحكومة عن غيره إكتسب أهمية دون غيره من البنوك عندما أودعت هذه الحكومات حساباتها لديه وقام بالخدمات المصرفية والاستثمارات الإقتصادية وقدم العروض و السلفيات لها كما قدم المنح للمؤسسات قطاع العام المختلفة وبالتالي فإن البنك المركزي يطلق عليه في بلدان العالم المختلفة لقب بنـــــــــك الحكومــــــــة.
متطلبات نجاح البنك المركزي:
إن نجاح البنوك المركزية في تحقيق هذا الهدف، أي الاستقرار النقدي إنما تحدده مجموعة من العوامل والشروط الذاتية أو المؤسسية تتعلق بهياكل هذه البنوك وتطورها ونوعية مواردها البشرية وغير ذلك من العوامل الخاصة بهذه البنوك. كما ويتطلب ذلك توافر مجموعة من الشروط الموضوعية، وأبرزها درجة استقلالية البنوك المركزية ومصداقية سياساتها وإجراءاتها وتوفر قدر كبير من الشفافية في عمل هذه البنوك وخضوعها للمساءلة إزاء مدى نجاحها في تحقيق الأهداف المنوطة بها.
إن استقلالية البنوك المركزية تعتبر إحدى المسائل الهامة في أطار البحث عن الإطار المؤسسي الذي يساعد السياسة النقدية في إبقاء معدلات التضخم عند مستوياتها المتدنية في الأجلين المتوسط والطويل. وتعني الإستقلالية هنا حرية البنك المركزي في رسم وتنفيذ سياسته النقدية دونما خضوع للإعتبارات أو التدخلات السياسية. ولا تعني الإستقلالية بأي حال من الأحوال، الإنفصال التام بين البنك المركزي والحكومة، وانفراد البنك في تحديد الأهداف النهائية للسياسة النقدية، حيث يمكن الاتفاق على هذه الأهداف بين البنك والحكومة. وعلى ذلك، فإن البنك يبحث عن الاستقلالية في تحديد الأهداف الوسيطة وفي انتهاج الأدوات المناسبة لبلوغ تلك الأهداف مع ضرورة الحفاظ على أكبر قدر ممكن من الإنسجام والتناغم بين السياسة النقدية و السياسة المالية.
أمّا المصداقية، فإنها تمثل ركيزة أساسية تساعد في تحقيق السياسة النقدية لأهدافها. ونعني بالمصداقية التزام البنك المركزي باتخاذ الإجراءات اللازمة لتحقيق أهداف السياسة النقدية، ودون تهاون. ولا تثبت المصداقية إلاّ عبر الزمن حيث يكرّر البنك اتخاذ الإجراءات نفسها إذا ما واجه ظروفاً معينة مرة أخرى ولا يتراجع عن تلك الإجراءات إلاّ بتحقق الهدف. ومما لا شك فيه، أن اكتساب البنك المركزي للمصداقية يجعل الفعاليات التي تتأثر بقراراته (الجهاز المصرفي مثلاً) تسير بالاتجاه المطلوب بشكل أسرع. كما أن استقلالية البنك المركزي تعتبر ركيزة هامة لتنفيذ سياسة نقدية أكثر فاعلية وتسرع في تحقيق الأهداف، الأمر الذي يعزّز من مصداقيته.
أما شفافية السياسة النقدية، فتعني اطلاع الجمهور، بشكل واضح وفي أوقات منتظمة، على توجهات وإجراءات السياسة النقدية. حيث أن معرفة الجمهور وإدراكهم لأهداف وإجراءات هذه السياسة وأدواتها وتمكينهم من الحصول على المعلومات المطلوبة في هذا الخصوص سيعمل على زيادة فعاليتها وتمكين الجمهور، في ضوء ذلك، من بناء قرارات سليمة، فضلاً عن خلق مزيد من الالتزام من قبل البنك المركزي للوفاء بهذه الأهداف.
المبحث الأول: البنك المركزي الجزائري:
نشأة البنك المركزي الجزائري:
بذلت السلطات الجزائرية بعد الإستقلال مباشرة كل مافي وسعها لإسترجاع كامل حقوق سيادتها بما في ذلك حقها في إصدار النقد وإنشاء عملة وطنية فباشرت بإنشاء البنك المركزي الجزائري فهو مؤسسة مركزية نقدية تشغل مكانا رئيسيا في سوق النقد وهو الذي يقف على قمة النظام المصرفي حيث تأسس بمقتضى قانون62/144 المؤرخ في 13 ديسمبر 1962 وبدا أعماله في يناير1963 وقد عهد البنك أمر إصدار العملة.فأصدر الدينار الجزائري سنة 1996
وقد نصت المادة الأولى من قانون البنك المركزي الجزائري"على انه مؤسسة وطنية تتمتع بالشخصية المدنية والإستقلال المالي وتيسر وفقا لأحكام التشريع التجاري".وتعود ملكية رأسماله بالكامل للدولة.ويستطيع أن يفتح فروعا له أو يختار مراسلين أو ممثلين له في أي نقطة من التراب الوطني وذلك استنادا للمادة 5 من قانون تأسيسه.
"وفيما يلي مخطط هيكل النظام المصرفي الجزائي"
وتتمثل هياكل البنك المركزي في :
1-المحافظ ونوابه: يعين المحافظ ونوابه بمراسم رئاسية لمدة ستة سنوات وخمسة سنوات على التوالي قابلة للتجديد مرة واحدة كما تتم إنهاء مهامهم بمراسيم رئاسية أيضا ويكون ذلك في حالتين فقط: العجز الصحي والخطأ الفادح وتتمثل المهام الأساسية للمحافظة في إدارة أعمال البنك المركزي،كما يقوم بتمثيله لدى السلطات العمومية والبنوك المركزية التابعة لدولة أخرى والهيئات المالية الدولية،كما يمكن أن تستشيره الحكومة في سائر المسائل المتعلقة بالنقد والقرض أو تلك التي تنعكس على الوضع النقدي دون أن تكون ذات طبيعة نقدية في أساسها.
2- مجلس النقد والقرض: يعتبر إنشاء مجلس النقد والقرض من العناصر الأساسية بالنظر إلى المهام التي أوكلت له والسلطات الواسعة التي منحت له، ويؤدي مجلس النقد والقرض وظيفتين أساسيتين هما وظيفة إدارة بنك الجزائر ووظيفة السلطة النقدية في البلاد ويتشكل هذا المجلس من:
- المحافظ رئيسا
- نواب المحافظ كأعضاء
- ثلاث موظفين سامين وثلاث مستخلفين يعوضون الأعضاء الثلاثة عند الضرورة.
البنوك التجارية التي يتولى البنك المركزي مراقبتها:
يقصد بالبنك التجاري المؤسسة التي تمارس عملية الائتمان(للإقراض و الاقتراض) , إذ يحصل البنك التجاري على أموال العملاء فيفتح لهم ودائعهم و يتعهد بتسديد مبالغها عند الطلب أو الأجل , كما يقدم لهم القروض, و تعتبر عملية خلق الودائع أهم وظيفة تقوم بها البنوك التجارية في الوقت الحاضر .
تؤدي البنوك التجارية ثلاث مهام :
• مهمة البنوك التجارية العمومية
• مهمة مراقبة التبادلات
• مهمة أساسية تتمثل في عملية الائتمان
تجربة البنك المركزي الجزائري في إدارة السياسة النقدية:
كما هو الحال لدى البنوك المركزية في العالم، فقد أصبح تحقيق الاستقرار النقدي يعتلي سلم أولويات السياسة النقدية للبنك المركزي الجزائري في المرحلة الحالية. ونقصد بالاستقرار النقدي هنا، استقرار المستوى العام للأسعار، واستقرار سعر صرف الدينار وتوفير هيكل أسعار فائدة ملائم. فالاستقرار النقدي يعتبر أحد أهم أركان البيئة الجاذبة للاستثمارات سواءً كانت محلية أم أجنبية، وهذه الاستثمارات هي المحرك الرئيس للنشاط الاقتصادي. وبهذا يكون الدور الذي يلعبه البنك المركزي في النمو الاقتصادي دوراً غير مباشر. كما يتركز تجربة البنك مركزي الجزائري في إدارة سياسة نقدية على 3 محاور:
تحقيق الاستقرار النقدي:
تتمثل عناصر الاستقرار النقدي التي يستهدف البنك المركزي الجزائرية تحقيقها في استقرار المستوى العام للأسعار واستقرار سعر صرف الدينار وخلق هيكل أسعار فائدة ينسجم مع الظروف الاقتصادية المحلية والتطورات الدولية. ويسعى البنك المركزي إلى تحقيق ذلك من خلال تنظيم نمو السيولة المحلية في الاقتصاد الوطني بما يتناسب وتمويل النشاط الاقتصادي الحقيقي.
تهيئة البيئة المصرفية المناسبة:
فهي بمثابة حلقة وصل بين وحدات الفائض ووحدات العجز في الاقتصاد أو بين المدخر والمستثمرو تعتبر من أهم شروط تحقيق الكفاءة في عملية تخصيص الموارد وبالتالي توفير التمويل المناسب للنشاط الاقتصادي.
تطوير سوق رأس المال:
يلعب سوق رأس المال دوراً أساسياً في دفع عجلة النشاط الاقتصادي باعتباره وعاءً ضرورياً لحشد وتعبئة المدخرات الوطنية ولجذب الاستثمارات الأجنبية.
كما ساهم البنك المركزي بشكل فعال في إنشاء الشركة الجزائرية لإعادة تمويل الرهن العقاري والشركة الجزائرية لضمان القروض وائتمان الصادرات.وشجع البنوك على إصدار إسناد القرض بدلاً من الاقتصار على الإقراض المباشر لعملائها، وحث الشركات الكبرى على الحصول على التمويل عن طريق السندات وعدم الاكتفاء بالاعتماد على الاقتراض المصرفي المباشر. كما تم إعفاء السندات ذات الآجال الطويلة التي تصدرها الشركات وتكتتب بها البنوك من الوعاء الخاضع للاحتياطي النقدي الإلزامي. هذا بالإضافة إلى تشجيع البنوك والشركات على استحداث الأدوات الرأسمالية كشهادات الإيداع وإسناد القرض والسندات.
الخاتمـــــــــــــــــــــة:
لقد تأخر ظهور البنوك المركزية واختصر نشاطاها على إصدار النقود في البداية فغالبا ما نشأت بنوك تجارية وتحولت إلى بنوك عامة ملك للدولة.
والبنك المركزي هو تلك المؤسسة التي لا تهدف على الربح وانما لتحقيق الاستقرار الاقتصادي وهو لا يتعامل مع الأفراد بل مع البنوك التجارية ويحتل الصدارة للنظام البنكي المصرفي فهو بنك الإصدار لانفراده بإصدار النقود القانونية و المساعدة، وهو بنك الحكومة لأنه يمسك حساباتها ويسير ديونها ويقرضها ويمثلها في المنظمات والهيئات المالية في الخارج وهو مستشارها في كثير من الأمور المالية وهو بنك البنوك لأنه يسوي ديونه بالمقاصة كما يمد لهم العون عند الأزمات ويحتفظ باحتياطاتهم القانونية الإجبارية لديه ولا تكاد تخلو دولة مستقلة في العالم من وجود هذا البنك لديها يتمتع فيها بامتيازات عديدة ويساعدها في تخفيف الأزمات والمشكل عن طريق سياسته النقدية ولا يتسنى له ذلك إلا إذا كان يتمتع بالاستقلالية في وضع خططه وأهدافه عن الدولة التابع لها وهذه الاستقلالية التي تعطي له دورا بارزا في ريادة مجال الإشراف والمراقبة والمتابعة لكل ما يتعلق بالبنوك التجارية والمؤسسات المالية من ائتمان وصرف وغيرها.
أما فيما يتعلق بالبنك المركزي الجزائري قد أنشئ عام 1962 ووكلت له كل المهام التي تختص بها البنوك المركزية في كل دول العالم إلى أنه لم يمارس مهامه الحقيقة إل بعد جملة من الإصلاحات ا÷مها إصلاح عام 1990 والمتعلق بقانون النقد والقرض الذي استعاد من خلاله مكانته كمركز للنظام البنكي فهو مؤسسة وطنية تتمتع بالشخصية القانونية والاستقلال المالي كما يشرف على إدارته المحافظ ونوابه وكذا مجلس النقد والقرض ويقوم بكل وظائفه كبنك مركزي.