منهجية تحليل ومناقشة النص الفلسفي
أنا كتلميذ(ة) أتساءل كيف أكتب إنشاء للنص الفلسفي في ضوء سؤال "حلل النص وناقشه"؟ :
ٲجيب في إطار هذا السؤال الذي يتبادر في ذهن كل تلميذ(ة)، فأقول بأن الكتابة الإنشائية للنص الفلسفي تتضمن ثلاث عناصر أساسية هي: مقدمة، عرض ٬خاتمة.
1- المقدمة أو الفهم (4نقط): لا تكون بشكل جاهز وتحتوي على:
أ- تمهيد لإشكالية النص وتأطيرها ثم تحديد موضوعها أوقضيتها: وهو يعتمد عدة صيغ منها:
-الانطلاق من تعريف المفهوم الأساسي في النص (يعد/ يعتبر/ إن... "مفهوم ... " ... . فهذا ما يعالجه هذا النص الذي بين أيدينا / الماثل أمامنا ... ، بحيث يتطرق لإشكالية ... المؤطرة ضمن مجال ... بصفة عامة ومفهوم ... في علاقته بمفهوم / بمفهومي ...،التي تبحث في قضية / موضوع ... . وهذا ما يجعلنا نصيغ / يرشحنا إلى بسط ... الإشكالات التالية : ... ؟ ... ؟ ...؟...؟.).
-أو الإنطلاق من التقابلات الموجودة في مفهوم ما داخل النص (إذا كان "لفظ ... " يشير إلى ... ، فإن / في مقابل / بخلاف ... "مفهوم ... " الذي يدل على ... ، وذلك في إطار / بصدد حقل ... " لمفهوم / لمفهومي ...". فهذا ما يتطرق إليه هذا النص القابل للتحليل والمناقشة ، بحيث يعالج إشكالية ... بين ... و... ، التي تبحث في قضية / موضوع ... . وانطلاقا من هذا المنظور يمكن طرح الإشكالات الآتية : ... ؟ ... ؟ ... ؟ ... ؟.).
- أوالإنطلاق من التأطير التاريخي لإشكالية النص؛ أي الإشارة إلى السياق التاريخي الفكري الفلسفي الذي أثار اهتمام الفلاسفة بالإشكالية المطروحة في النص (مثلا شكلت إشكالية ... التي تبحث في قضية / موضوع ... حدثا فكريا تاريخيا تضاربت في أشكلته مجموعة من المواقف / التصورات / المذاهب / الإتجاهات / التيارات الفلسفية ... ؛ بحيث إن التصور...ربطها ب ...، ثم الإتجاه ... حددها في ... ، أما التيار... فقد نظر إليها من ... . وهذا ما يتطرق إليه هذا النص الماثل أمامنا القابل للتحليل والمناقشة في سياق مجزوءة... بصفة عامة ومفهوم ...في علاقته بمفهوم ... بصفة خاصة . الأمر الذي يؤدي بنا إلى صياغة الإشكالات الآتية: ...؟ ...؟ ... ؟ ... ؟.).
- أوالإنطلاق من الواقع المعيش اليومي: حادثة، قصة، تجربة خاصة أو عامة… .
-أو يمكن للتلميذ إبداع صيغ أخرى ، المهم هو أن تكون مناسبة للنص وتقدم تبريرات كافية لبناء الإشكال وأسئلته الفرعية المتعلقة بمطلب النص بطبيعة الحال . كما نؤكد هنا أنه يجب أن يكون هناك ربط قوي بين التمهيد والصياغة الإشكالية و قضيتها / موضوعها ، وإلا لم يكن للتمهيد قيمة حقيقية . كما يجب أن يكون التمهيد مختصرا ولا يتضمن حديثا مفصلا عما هو موجود في النص أو يصرح بأطروحة النص ؛ إذ أن محل ذلك هو لحظة التحليل وليس لحظة التمهيد بإشكاليته وقضيتها .
ب-طرح الإشكال:
وهنا نصوغ التساؤلات أو الإشكالات التي تعبر عن تمهيد إشكالية النص وتأطيرها وقضيتها / موضوعها من خلال صيغ استفهامية تنتهي بعلامات استفهام . وقد نطرح تساؤلين أو أكثر حسب طبيعة الإشكالية وقضيتها الواردة في النص . كما يشترط في التساؤلات أن تكون مترابطة وبينها وحدة عضوية .
ويتم بناء الإشكال انطلاقا من أطروحة النص والأفكار الأساسية المرتبطة بها ؛ إذ يتم طرح الأسئلة التي يفترض أن تلك الأطروحة إجابة عنها.
مثلا :
ما المقصود ب ...؟وما دلالة ... ؟ وعلى ماذا تتأسس ... ؟ هل تقوم على ... ، أم ... ؟ .
ما ... ؟ وما ... ؟ وما ... ؟ وكيف يمكن النظر إلى ... ؟ هل ... ، أم .... ؟.
ماذا يعني ... ؟ وعلى ماذا يدل ... ؟ وهل يمكن اعتبار ... ، أم ... ؟.
إلى ماذا يشير ... ؟ وعلى ماذا يحيل ...؟ ومن أين يستمد ... ؟ هل من ... ، أم ... ؟ وما علاقة تلك ... ب... ؟ .
ما ... ؟ وهل ... ؟ وإذا كان الجواب بالإيجاب ، فما ... ؟ وإلي حد أن ... ؟ ... .
أو يمكن اعتماد صيغ تعبيرية أخرى، المهم هو التعبير بدقة عن الإشكالية وموضوعها الموجود في النص.وينبغي أن نشير هنا أنه لا يجب على التلميذ طرح إشكالات الدرس؛ أي أنه لا يجب إسقاط إشكالات من الخارج على النص، بل يجب طرح فقط التساؤلات التي تعبر بدقة عن الموقف المتضمن فيه.
2-العرض: ويتضمن لحظتين أساسيتين:
أ-التحليل(5نقط): أي تحليل النص والاشتغال عليه من خلال الجوانب التالية:
-استخراج أطروحة النص(أو الفكرة العامة) من خلال التعبير عن الجواب الذي يقدمه صاحب النص عن الإشكال المطروح وأسئلته الفرعية في المقدمة(مثلا للإجابة على الإشكالات المطروحة / الأسئلة المؤشكلة ... يتضمن النص أطروحة مفادها / مؤداها /مغزاها أن... ).
-الاشتغال على الأفكار الأساسية لأطروحة النص من خلال فقرات النص وتقديم التفاصيل المتعلقة بها. ويجب أن لا نهمل هنا أية عبارة في النص من أوله إلى آخره. كما يجب الانتباه إلى العلاقات الموجودة بين فقراته (مثلا وفي صياغته لأطروحته ينطلق النص من أن ... ، ثم ينتقل ... ، فينتهي إلى أن ...).
-الاشتغال على الإطار المفاهيمي للنص من خلال شرح المفاهيم الرئيسية الواردة فيه خصوصا تلك التي لها علاقة قوية بأطروحته. كما يجب تحديد التمفصلات أو العلاقات التي يقيمها النص بين مختلف تلك المفاهيم. (مثلا وفي توضيحه لأطروحته استخدم هذا النص مجموعة من المفاهيم الفلسفية الأساسية ألا وهي: مفهوم ... باعتباره ك ... ، ويقابل بينه وبين مفهوم ... الذي هو ... / ثم مفهوم ... الذي يحيل على ... ، وكذلك لفظ ... . وتترابط هذه المفاهيم في شبكة من التمفصلات أو العلاقات لتؤسس أطروحة النص.).
-الاشتغال على الإطار الحجاجي للنص عن طريق استخراج الأساليب الحجاجية المستعملة فيه ( مثال، مقارنة، تشبيه، استفسار، تفنيد،إثبات، استشهاد بحقل الفلسفة أو العلم أو المعيش اليومي،تمثيل،مماثلة …)، والعمل على التعبير عن مضامينها ووظيفتها في النص الخاص والعام ؛ أي ربطها بالأفكار التي تسعى إلى إثباتها أو نفيها. (مثلا ولتدعيم أطروحته وظف هذا النص جملة من الأساليب الحجاجية وأدوات الربط المنطقية أهمها:ألية ... مع الإستشهاد ب ... بموازاة أداة ... ( ... ) لكي ... ، ثم أسلوب ... مع أدوات وأفعال ... ( ... )من أجل ... ، ناهيك عن ... المعتمد على أداة ... ( ... ) بغاية أن يبيان ... . والهدف العام من هذا الحجاج هو الإقناع بالأطروحة وأفكارها .
وفي إطار ذلك،لا بد من أن يعمل التلميذ في لحظة التحليل هاته على توظيف بعض مكتسباته المعرفية وتقديم بعض الأمثلة من تجاربه في الحياة، من أجل إغناء النص وتوضيح بعض الأفكار التي اكتفى النص بمجرد الإشارة أو التلميح لها.كما ينبغي الإشارة هنا أنه لا تخضع هذه الخطوات، أثناء التحليل، لترتيب جاهز وقار، كما أنها لا تقدم منفصلة عن بعضها البعض، بل هي متداخلة ويمكن التعبير عنها دفعة واحدة.
والأمثلة في هذا الباب كثيرة لا حصر لها….، فهناك من يحلل مفاهيم النص ثم يقدم الأطروحة وأفكارها فالأساليب الحجاجية فقط يجب احترام السياق الفلسفي للنص مثلا ( للإجابة على الإشكالات المطروحة ينبغي أولا تحديد مفاهيم النص ألا وهي : مفهوم ... الذي يعني ... ،ثم لفظ ... وهو يحيل إلى ... ، أيضا مصطلح ... ك ... . وهذه المفاهيم في تمفصلاتها تؤسس أطروحة مؤداها أن ... . وفي إبرازه لتلك الأطروحة ينطلق من ... ، ثم ينتقل ... ، فينتهي إلى ... . مبرهنا على ذلك بمجموعة من الأساليب الحجاجية بموازاة مجموعة من أدوات الربط المنطقية أهمها : أسلوب ... باعتماد أدوات ... ( ... ) من أجل ...، وكذلك آلية ... بتوظيف أدوات ... وأفعال ... ( ... ) لكي ...، ف ... بالإستناد على أداة ... ل ... . والهدف العام من هذه الأساليب الحجاجية هو الإقناع بفكرته ومضامينها الفلسفية التي يتبناها وفق مذهبه.
ب-المناقشة (5نقط):
وحينما ننتهي من تحليل النص ، يتعين علينا التساؤل حول قيمة هذه الأطروحة من حيث الشكل والمضمون،ثم إبراز حدودها وفتح المجال لإمكانية نقدها.وهذا ما سيجعلنا ننتقل إلى المناقشة عن طريق نوع من الربط المتدرج والمتسلسل ، ونميز هنا بين نوعين من المناقشة.
-المناقشة الداخلية:
وفيه يتعين على التلميذ إبراز موقفه من مدى قيمة النص من حيث الشكل والمضمون أي قوة أو ضعف، تماسك أو عدم تماسك أفكار النص ومفاهيمه وحججه. فيتم الإشارة إلى الجوانب التي أغفلها النص أو الثغرات التي قد تكون موجودة في الأفكار المتضمنة فيه (مثلا وتتجلى قيمة هذا النص من حيث الشكل في وضوح لغته الفلسفية مع ترابط أفكارها وعمق مفاهيمها وقوة حجاجها،أما من حيث المضمون فتظهر في الحديث عن مفهوم ... ك ... وهي لحظة أساسية في تاريخ الفكر الفلسفي وخاصة في حقبة الفلسفة الغربية اليونانية / الإسلامية / الغربية الحديثة / المعاصرة.) .
-المناقشة الخارجية:
وفيها نستدعي مواقف فلسفية تقدم أطروحات بصدد نفس الإشكال الذي عالجه النص، وقد تكون هذه الأطروحات مؤيدة للنص أونقف عند حدودها وفتح المجال لمعارضتها أو أخذ تصور وسطي له بطريقة غير مباشرة باستحضار أفكار وأقوال وأمثلة الفلاسفة . و يجب الإشارة هنا أنه يجب أن لا نستدعي من أفكار وأقوال وأمثلة الفلاسفة إلا ما يخدم مناقشتنا لما هو موجود في النص؛ إذ لا يجب تقديم المواقف الفلسفية كما هي واردة في الملخص حرفيا بل يجب بلورتها وتكييفها مع ما هو وارد في النص بمعنى خلق دينامية حوار أو نقاش فعلي مع إبعاد نمط السرد (مثلا ولتدعيم موقف النص يمكن استحضارأن...،وهذا ما يقول به الفيلسوف....؛مثلا....ودون أن ننسى أهمية ...وهذا ما يسير في اتجاهه الفيلسوف...الذي يعتبر ذلك أنه....وعلى خلاف هؤلاء يمكن الحديث في إطار إشكالية... عن ...،وهذا ما يصرح به الفيلسوف...إذ يقول أن... . كما يمكن مناقشة ذلك الطرح بحادثة واقعية معاشة / أفكار علمية أوأدبية أوفنية أودينية...ألاوهي أن... .) .
3-الخاتمة(أو التركيب)(3نقط): وهي تتضمن :
تعبير عن الخلاصة التي انتهينا إليها من خلال التحليل والمناقشة. ويمكن فيها التوفيق بين المواقف المختلفة إذا كان بينها تكامل،أو ترجيح كفة موقف ما، أو الجمع بينها ضمن موقف تركيبي يتجاوزها جميعا ما إذا بدا أكثر إقناعا للتلميذ. وهذا يرتبط بالموقف الذي تبناه التلميذ منذ لحظة المناقشة الداخلية.ويمكن استخدام الصيغ التالية للتعبير عن الخاتمة:(مثلا هكذا يتبين أن إشكالية … تتأرجح بين … وبين …/ تعرف مواقف مختلفة / متضاربة / متباينة / ... (الجواب عن الإشكالية).ويبدو إذن أن ...(إبداء الرأي بطريقة غير مباشرة). وهذا ما يؤدي بنا إلى / ومن الواضح أننا أمام إشكالية غنية يمكن / توسيع آفاقها على إشكاليات/إشكالات أخرى باعتبار أن...(الإنفتاح على إشكاليات/إشكالات جديدة.).
كما يمكن اعتماد صيغ أخرى، المهم هو أن تعكس الخلاصة بصدق النتائج المنطقية التي سبق أن تم تبريرها وتوضيحها في التحليل والمناقشة. دون تقديم تركيب جاهز، لأن هذا لا يتناسب مع طبيعة التفكير الفلسفي كفكر إبداعي.
4-الجوانب الشكلية(3نقط): أي الأسلوب اللغوي وجمالية الخط والورقة.