الاحتفال برأس السنة الميلادية حكمه حكم الاحتفال بيوم الميلاد لأن المناسبة واحدة. ولذلك يحرم على المسلمين القيام بأي عمل يُشعر بأنه اشتراك في هذا العيد النصراني. فيحرم تزيين البيوت أو المحلات التجارية أو الشوارع أو المكاتب لهذه المناسبة. ويحرم شراء الألعاب للأولاد لهذه المناسبة، ويحرم إطلاق النار احتفاء بهذه المناسبة.
وكذلك يحرم على المسلم معايدة النصارى بهذه المناسبة، لأن معايدتهم هي نوع من مباركة عيدهم، وعيدهم هو شعيرة من شعائر دينهم، والمسلم لا يشاركهم في شعائر دينهم.
نعم يجوز للمسلم أن يزور الكفار (نصارى كانوا أو غيرها) وأن يُحسِن إليهم لقوله تعالى: { لاَ يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ } فيواسيهم عند أحزانهم ويزورهم في مرضهم ويهنئهم في أفراحهم. ولكن لا يشاركهم في طقوس دينهم.
حتى أن المسلمين حين يحتفلون بيوم مولد محمد-صلى الله عليه وسلم-تقليداً للنصارى الذين يحتفلون بيوم ميلاد عيسى عليه السلام فإنهم يأثمون لأنهم في ذلك لا يحيون سنة محمد-صلى الله عليه وسلم-بل هم يتشبهون بالنصارى.
والتشبه بقوم هو نوع من اتباعهم والانقياد لهم، أي هو انهزام نفسي أمامهم وإقرار لهم أنهم أفضل. والمسلمون إذا جاز لهم أن يقلدوا الكفار في الأمور العملية والصناعية فإنه لا يجوز لهم أن يقلدوهم في الأمور الدينية أو الخفية أو أي شيء يمت إلى المبدأ بصلة فهذه الأمة هي خير أمة أخرجت للناس، وهي التي تحمل الرسالة للعالم، وهي التي تُقّلَّد وتُتَّبع في كل ما يتعلق بالدين ووجهة النظر في الحياة(
مع بداية العام الجديد ... هَلْ من حياةٍ لِمَنْ تُنادي؟
قال الله تعالى: { قُلْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } .
ها هو اقترب موسم الأعياد والمناسبات في آخر العام الميلادي الحالي، وبدأ كثير من الناس يستعدون لاستقبال عامهم الجديد بمظاهر غريبة عن إسلامنا وقرآننا.
نعم، بدأ الناس يستعدون لتلك المناسبات بشتّى صنوف المنكرات والمعاصي، وكأنه يجوز لهم في هذه الليالي ما لا يجوز في غيرها: فشُرب الخمور، وتُستباح الأعراض، ويَكثُر الزنا، وتسود الحفلات الماجنة، وتظهر العورات، وتعجُّ البارات الخليعة والمراقص الوضيعة والأماكن الهابطة بالرجال والنساء، جاؤوا من كل فجِّ وصوب يلبُّون دعوة الشيطان لهم ليمضوا ليلة من أفجر ليالي العمر:
فيسْعَوْن في فَقْدِ عقولهم ـ وكيف يسعى في جنونٍ مَنْ عَقَل؟ ـ ويعتزُّون بانتهاك أعراضهم بمقارفة الفواحش والزنا.
وأما من لم تسمح له قدرته المالية على ذلك، تراه جمع الأهل و «الأحباب!» والجيران على سهرة ماجنة يجمعون فيها ما استطاعوا من أنواع المنكر «الرخيص» بجانب الشيطان القابع في بيوتهم: «التلفزيون» الذي يعرض برامج قمة في المجون والرذالة أُعدت خصيصاً لهذه الليلة المجنونة. وكأنّ «التلفزيون» في الأيام الأخرى يريح الناس من آفاته وانحرافاته المقرفة التي ستقضى ـ أو ربما قضت ـ على ما تبقّى من حياء عند الناس، وتنذر بهلاك المجتمع ودمار السرة. وما من مسؤول ولا زعيم ذي نخوة ينكر ويحتجّ، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
سيدنا عيسى عليه السلام نبيٌّ مرسل معظَّم مكرَّم، ولد ـ بمعجزةً من عند الله ـ من أم دون أب، ولما تآمر أعداؤه عليه رفعه الله إلى السماء، وقتلوا وصلبوا شخصاً آخر أُلقي الشبه عليه.
أفبأسم هذا النبي العظيم ترتكب أعظم المنكرات وأفحش الأفعال؟ وهل يرضى بذلك من فيه ذرَّة من عقل؟
في استقبال عام جديد يستقبل الناس العام ويفتتحونه بشرِّ أعمالهم، أفهكذا نستقبل العام الجديد بلد أن نجأر إلى الله ونلجأ إليه بالتوبة والطاعة والدعاء؟
أفنرضى أن يتربّى الصغار على المجون والخلاعة والمناظر الآثمة حتى إذا ما كبروا وَرّثْنا جيلاً منحلاً هابطاً لا تقوم على أكتافه حضارة ولا تُبْنى أمّة؟
أفبحجّة التحرر والمدنيّة والتقدّم والتطوّر... نخلع رداء الحياء، ونرمي بالأخلاق والمُثُل، ونتنكّر لديننا الحنيف. دين العفّة والاستقامة، دين البناء والحضارة؟
وما هو أدهى وأمَرّ: مَنْ لم يفعل مثل فعلهم ويغرق في الرذيلة والشرّ فهو رجعي متخلِّف لا يعرف العصر!!! إنا لله وإنا إليه راجعون.
لقد أسمعت لو ناديتَ حيّاً ... ... ... ... ولَكَنْ... هل من حياةٍ لمَنْ تنادي؟؟!
{ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ } .
------------------------