النشاط الاقتصادي economic activity
النشاط الاقتصادي economic activity هو نتاج عملية التفاعل والمبادلة بين هذين القطاعين. ويتألف أي اقتصاد حديث من شبكة معقدة من العلاقات المتبادلة والمتشابكة. ومن وجهة النظر الاقتصادية هنالك طرفان لأي علاقة منها: الأول هو القطاع المنزلي household sector والثاني هو قطاع الأعمال business sector.
يصف الاقتصادي الأمريكي برادفورد ديلونغ Bradford W. Delong النشاط الاقتصادي بأنه «في أي وقت أنت تعمل فيه لدى شخص آخر ومقابل أجر، يُعد ذلك نشاطاً اقتصادياً، وفي أي وقت عندما يشتري المرء شيئاً ما من متجر، فإن ذلك يُعد نشاطاً اقتصادياً، وفي أي وقت تقوم الدولة بفرض ضريبة عليه وتقوم هي بإنفاق ما حصلت عليه من إيراد ضريبي لبناء جسر على سبيل المثال، فإن ذلك يعدّ نشاطاً اقتصادياً». وعموماً يمكن القول: إنه متى تم تضمين تدفق نقدي في صفقة (مبادلة) transaction، فإن الاقتصاديين يعدّون ذلك نشاطاً اقتصادياً.
يمثل النشاط الاقتصادي عادة في شكل بياني اصطلح على تسميته بالتدفق الدائري circular flow. والتدفق الدائري للنشاط الاقتصادي، الذي يسري شريان النشاط الاقتصادي، يحتوي على وجهي هذا النشاط، هما التدفق الحقيقي actual flow والتدفق النقدي cash flow.
يُمثل التدفق الحقيقي في جانب منه تدفق خدمات الأفراد، كعوامل إنتاج، وهي تتدفق من القطاع العائلي باتجاه قطاع الأعمال، في حين أن جانبه الثاني يمثل تدفق السلع والخدمات، ويكون مساره من قطاع الأعمال نحو القطاع المنزلي (العائلي).
التدفق الحقيقي والتدفق النقدي.jpg
يبين الشكل (1) نوعي التدفق المذكورين، حيث يضم التدفق العلوي دفق خدمات عوامل الإنتاج التي يمتلكها الأفراد، بصيغة إقراض أو إيجار، مقابل الحصول على عوائد على النحو الذي يشبع حاجاتهم في الحاضر وفي المستقبل. يقابل ذلك دفق نقدي يتمثل في أجور ورواتب مدفوعة للعمال وللإدارة، وأرباح يحصل عليها المستثمرون الذين يحولون الاستثمارات في الآلات والعُدد ومهمات رأسمالية أخرى إلى سلع وخدمات.
وتمثل هذه الأجور والرواتب وصيغ الدفع الأخرى التي يتسلّمها العمال والمستثمرون دخولاً لهم يستخدمونها لشراء السلع والخدمات. وهكذا فإن أفراد المجتمع الواحد يؤدون دوراً مزدوجاً في عملية الإنتاج، من ناحية كعوامل إنتاج تتسلّم دخلاً من مشروعات الإنتاج. ومن ناحية أخرى كمستهلكين ينفقون دخولهم في شراء السلع والخدمات التي تنتجها المشروعات.
ويقوم قطاع الأعمال بتوظيف ما يحصل عليه من القطاع المنزلي من خدمات عوامل الإنتاج في إنتاج سلع وخدمات. ثم يعرض ما أنتج من هذه السلع والخدمات على القطاع المنزلي ليحصل مقابل ذلك على إيرادات تتمثل بما ينفق القطاع المنزلي على مشترياته من السلع والخدمات وهو التدفق الخارجي الظاهر في الجزء الأسفل من الشكل.
يتفق الاقتصاديون على أن هناك ستة متغيرات أساسية يمكن من خلال متابعتها تكوين فكرة كافية حول مستوى النشاط الاقتصادي لاقتصاد ما. وهي تصوّر حالة الاقتصاد الكلي. وإذا ما أريد معرفة حالة الاقتصاد، وهل هو في وضع جيد أم لا، فإن ذلك يتوجب معرفة المتغيرات الستة الآتية وتحليلها:
ـ الناتج المحلي الحقيقي.
ـ نسبة البطالة.
ـ نسبة التضخم.
ـ معدل الفائدة.
ـ مستوى سوق الأسهم.
ـ سعر التبادل.
ويعدّ المؤشران الأول والثاني الأكثر أهمية بين جميع المؤشرات الأخرى لأنهما يرتبطان مباشرة بمستوى رفاهية الفرد.
إن جزءاً كبيراً من النشاط الاقتصادي يُفترض أن يُوجّه نحو المستقبل، فالدول عندما تستثمر في بناء مصنع جديد أو تستثمر في البنى التحتية، أو تحسين مستوى التعليم أو الإنفاق في مجال البحث والتطوير، فإنها في ذلك تدفع باتجاه تحفيز الإنتاجية على مستوى الاقتصاد الوطني. وعلى أساس هذه النظرية يمكن احتساب أن تطور مستوى المعيشة standard of living هو نتيجة لاستثمارات سابقة.
سبق التطرق إلى أطراف أي نشاط اقتصادي في اقتصاد السوق، وظهر أنه يتكون من جانبين هما القطاع المنزلي (أو الأفراد)، وقطاع الأعمال، ولكن في الاقتصادات الحديثة تدخل الدولة لتكون عاملاً مهماً في اتخاذ القرارات، ولها أهمية كبيرة سواء من حيث كونها مهتمة بالنشاط الإنتاجي أم النشاط الاستهلاكي.
ويُصنّف النشاط الاقتصادي في نشاط إنتاجي أو خدمي، أو نشاط في قطاعات التوزيع. وقد يُصنف النشاط الاقتصادي في أكثر مما تقدم لتكون قطاعاته كالآتي:
ـ الزراعة والغابات والصيد.
ـ الصناعة الاستراتيجية.
ـ الصناعة التحويلية.
ـ الإنشاءات.
ـ الماء والكهرباء.
ـ الخدمات.
ـ التوزيع.
أما تصنيف النشاطات الاقتصادية في المنظور الاشتراكي فيقسم وفقاً لمجال الإنتاج المادي، وهو يغطي النشاطات التي تخلق سلعاً مادية أو نشاطاً في العمليات الإنتاجية ومجال النشاطات غير الإنتاجية التي تؤلف مجال الخدمات.