فإن الندم توبة، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، واليأس من رحمة الله من أكبر الجرائم، وربنا ما سمى نفس رحيماً إلا ليرحمنا، ولا سمى نفسه تواباً إلا ليتوب علينا، ولا سمى نفسه غفوراً إلا ليغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا، وهو القائل: { قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً } وقد جاء جماعة وقالوا للنبي صلى الله عليه وسلم إن الله يقول: { والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر } ونحن دعونا غير الله، وقال: { ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق } ونحن قتلنا، وقال: { ولا يزنون } ونحن وقعنا في الزنا، فنزلت رحمة الرحيم بقوله: { إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيماً } وهو سبحانه يفرح بتوبة عبده حين يتوب إليه، ولن يعدم الناس من رب يفرح بتوبة العصاة خيراً.
ولا يخفى عليك أن هناك أموراً تعين الإنسان على الثبات بعد التوبة، وهي كما يلي:-
1- اللجوء إلى الله الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات.
2- مفارقة بيئة المعصية وأماكنها وكل ما يذكر بها من المناظر والمواقع والأرقام وال****ات والذكريات.
3- الابتعاد عن رفقة المعصية.
4- الإخلاص في التوبة بأن تكون لله، وليس خوفاً على الشرف أو من الفضيحة أو من المرض أو غيرها.
5- الصدق في التوبة، فتوبة الكذابين هي أن يتوب الإنسان باللسان ويظل القلب متعلقاً بالمعصية متشوقاً إلى أيامها، ويكون اللسان متفاخراً بها وبذكرياتها.
6-الإكثار من الحسنات الماحية، قال تعالى: { إن الحسنات يذهبن السيئات }.
7- شغل النفس بالمفيد، وتلاوة كتاب ربنا المجيد.
8- تجنب الوحدة، لأن الشيطان مع الواحد.
9- وضع الأجهزة الخاصة كالكمبيوتر واللابتوب في أمكان مفتوحة.
10- استحضار مراقبة الله.
11- عدم اليأس من رحمة الله بعد المعصية - وإن تكررت - لأن هذا ما يريده الشيطان، وقد قيل للحسن البصري رحمه الله: ( نذنب ونتوب ونذنب ونتوب .. إلى متى؟ قال حتى يكون الشيطان هو المخذول ) وكان السلف يقولون: ( رب معصية أورثت ذلاً وانكساراً أفضل من طاعة أورثت افتخاراً ).
وقد أحسن الشافعي في قوله:
تعاظمني ذنبي فلما قرنته ** بعفوك ربي كان عفوك أعظما
وهذه وصيتي لك بتقوى الله ثم بتفادي أسباب الوقوع في المخالفة، وعليك بمعاداة الشيطان الذي همه أن يحزن أهل الإيمان، واعلمي أنه يدفع للمعصية ثم يقول للعاصي لا فائدة من التوبة، وقد يقول لك أتظن أن الناس لا يعرفونك فيكف تجلس معهم؟ فاحذري من تيئيس الشيطان وتقنيطه لك من توبة الله