تجدهم في كل مكان.. في مفترقات الطرق وعلى الأرصفة وفي ساحات النقل العام وفي المحلات العامة..أنهم أطفال بعمر الزهور دفعتهم ظروف الحياة الى تحمل مسؤولياتها مبكرا.. وسلبتهم المشاكل الأسرية والأسباب الاقتصادية سنوات طفولتهم الغضة.
يعملون ساعات طويلة من اجل مبالغ قليلة يعودون بها الى ذويهم.. يتحملون مخاطر شتى في اماكن عملهم.. يتعرضون لاستغلال الكبار لهم لكنهم لا يستطيعون الشكوى..
ما هو عمل الأطفال الذي جعلت له الامم المتحدة يوما عالميا تحت اسم (اليوم العالمي لمحاربة تشغيل الأطفال)؟
هو العمل الذي يضع أعباءا ثقيلة على الطفل، والذي يهدد سلامته وصحته ورفاهيته، العمل الذي يستفيد من ضعف الطفل وعدم قدرته عن الدفاع عن حقوقه، العمل الذي يستغل الأطفال كعمالة رخيصة بديلة عن عمل الكبار، العمل الذي يستخدم وجود الأطفال ولا يساهم في تنميتهم، العمل الذي يعيق تعليم الطفل وتدريبه ويغير حياته ومستقبله.
في العام 1989 اصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة اتفاقية حقوق الطفل التي عرفت الطفل بأنه كل إنسان لم يتجاوز الثامنة عشرة من عمره وأكدت على ضرورة السعي لحماية الطفل من الاستغلال الاقتصادي ومن أداء أي عمل يرجح أن يكون خطرا أو يمثل إعاقة لتعليمه أو ضررا بصحته أو بنموه البدني أو العقلي أو الروحي أو المعنوي أو الاجتماعي.
في احدث تقرير لها حذرت منظمة العمل الدولية، من أن نحو 115 مليون من أصل قرابة 215 مليون طفل، يعملون في مهن خطرة، ودعت إلى اتخاذ إجراءات عاجلة من أجل وقف هذه الممارسة.
وذكرت المنظمة الدولية، أنه لا تمر دقيقة في اليوم إلا ويعاني فيها أحد الأطفال العاملين حول العالم، إما بإصابة عمل، أو مرض، أو صدمة نفسية، من جراء العمل.
ولفت التقرير إلى أن الإصابات وحوادث الموت المتصلة بالعمل، ترتفع بين الأطفال، مقارنة بالبالغين، مما قد يعيق تطورهم، خاصةً وأنهم في فترة نمو وبحاجة إلى التحفيز العقلي والاجتماعي.
وأوضح تقرير المنظمة أنه رغم تراجع العدد الإجمالي للأطفال المنخرطين في مهن خطرة خلال الفترة الممتدة بين 2004 و2008، فإن عدد الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و17 سنة، ممن انخرطوا في مثل هذا النوع من الأعمال، تزايد بنسبة 20 في المائة خلال الفترة نفسها.
ويمثل أطفال آسيا والباسفيك نحو 5.6 في المائة من إجمالي الأطفال العاملين بمهن خطرة، إلا أن المنظمة شددت في تقريرها على أن عمالة الأطفال في مهن خطرة ليست قصراً على الدول النامية، واستشهد بتقرير من منظمة "هيومان رايتس ووتش" عام 2010 حول عمالة الأطفال في مجال الزراعة بالولايات المتحدة.
ماذا عن الإحصاءات المتعلقة بعمل الأطفال في عدد من الدول العربية؟
يعمل الأطفال في العالم العربي في معظم مجالات العمل المتاحة، فهم يعملون في زراعة التبغ في جنوب لبنان وقطف الياسمين في مصر والزراعة في الريف اليمني والمغربي وصيد الأسماك في اليمن ومصر وتونس والخدمة في المنازل في مصر وسوريا والمغرب وفي الصناعات الخطرة مثل الدباغة في مصر والسجاد في المغرب وتونس، وفي ورشات إصلاح السيارات أو بيع الحاجيات والقيام ببعض الخدمات البسيطة كغسل السيارات أو صبغ الأحذية في الشوارع في معظم الدول العربية..
يتجاوز عدد الأطفال في العالم العربي مئة وثلاثين مليون طفل، يشكلون حوالي خمسة وستين في المئة من السكان , ويصل عدد الأطفال العاملين فيهم إلي إثني عشرة مليون طفل عشرون بالمئة منهم دون سن العاشرة.
ففي العراق كشفت منظمة اليونيسيف التابعة للأمم المتحدة مؤخراً عن امتلاكها معلومات تقدر حجم عمالة الأطفال بما يقارب المليون طفل وتضيف المنظمة ان حجم عمالة الأطفال في العراق بحسب تقارير لديها تقدر بنحو 800 ألف طفل أعمارهم تتراوح بين الخامسة والـ 14 سنة".
وتشير الإحصائيات التي أفرزتها بعض الدراسات والأبحاث التي أجريت على ظاهرة تشغيل الأطفال بالمغرب، إلى أن 1,4 مليون طفل خارج المدرسة من أصل 5,5 مليون طفل بالمغرب،42,85% منهم يشتغلون و57,15% بدون نشاط، منهم % 87في الوسط القروي و%17 في المدن الحضرية، حيث نجد نسبة %84 من الأطفال تشتغل بالقطاع الفلاحي و%6 في النسيج و% 3في التجارة و%2 خادمات في البيوت و%5 في أنشطة مختلفة... أرقام يؤكدها التقرير العالمي لمنظمة العمل الدولية الذي يشير إلى أن 126 مليون طفل في العالم يمارسون أعمالا توصف بالخطيرة، من أصل 660 مليون طفل يشتغل.
وتُقدر بعض الإحصاءات أن عدد الأطفال الذي يعملون في مصر يزيد على 2.7 مليون طفل لا تتعدى أعمارهم في الغالب الرابعة عشر، يشتغل معظمهم ستة أيام في الأسبوع، بمعدل 12 ساعة يوميا أو أكثر. فهم يشكلون مصدر رزق إضافي لعائلاتهم التي تعتمد على دخلهم لتغطية ثلث نفقاتها اليومية. ورغم أن هذه الظاهرة كانت في السابق منتشرة في مختلف محافظات مصر، إلا أن الأزمة المالية العالمية ساهمت في تفاقمها، حيث زاد عدد المواطنين الذين يعيشون تحت خط الفقر بحوالي مليوني شخص، لتصل نسبة الفقراء في مصر إلى حوالي 18.5 في المائة من مجمل عدد السكان.
ما هي الاسباب التي تؤدي الى عمالة الأطفال؟
*المستوي الثقافي للأسرة: حيث تكون فائدة التعليم غير معروفة للاباء والامهات بسبب من قلة تعليمهم وجهلهم.
* الفقر: عادة مايرغب الأطفال بمساعدة أسرهم، بسبب عجز الأهل من الإنفاق على أولادهم.
* قلة المدارس والتعليم الإلزامي.
* نقص بمعرفة قوانين عمالة الأطفال.
* العنصرية.
* الحروب والأزمات التي تخلق اعباءا اقتصادية.
* نقص البرامج الدولية لمحاربة الفقر.
ما هي التأثيرات السلبية لعمالة الأطفال؟
يوجد أربعة جوانب أساسية يتأثر بها الطفل الذي يستغل اقتصاديا بالعمل الذي يقوم به وهي:
1) التطور والنمو الجسدي: تتأثر صحة الطفل من ناحية التناسق العضوي والقوة، والبصر والسمع وذلك نتيجة الجروح والكدمات الجسدية، الوقوع من أماكن مرتفعة، الخنق من الغازات السامة، صعوبة التنفس، نزف وما إلى أخره من التأثيرات.
2) التطور المعرفي: يتأثر التطور المعرفي للطفل الذي يترك المدرسة ويتوجه للعمل، فقدراته وتطوره العلمي يتأثر ويؤدي إلى انخفاض بقدراته على القراءة، الكتابة، الحساب، إضافة إلى أن إبداعه يقل.
3) التطور العاطفي: يتأثر التطور العاطفي عند الطفل العامل فيفقد احترامه لذاته وارتباطه الأسري وتقبله للآخرين وذلك جراء بعده عن الأسرة ونومه في مكان العمل وتعرضه للعنف من قبل صاحب العمل أو من قبل زملائه.
4) التطور الاجتماعي والأخلاقي: يتأثر التطور الاجتماعي والأخلاقي للطفل الذي يعمل بما في ذلك الشعور بالانتماء للجماعة والقدرة على التعاون مع الآخرين، القدرة على التمييز بين الصواب والخطأ، كتمان ما يحصل له وأن يصبح الطفل كالعبد لدى صاحب العمل.