ضيغم بن مالك كان يرفع رأسه إلى السماء ويقول: " قرة عيني، إلهي، كيف عزفت قلوب الخليقة عنك؟ ". كان ربما أصابته الفترة، فدخل فاغتسل ،ثم دخل بيتا فأغلق بابه وقال" إلهي إليك جئت عساك ترحمني".
نود أن نصنع ذلك والله أن نتقرب ونقول إلهنا إليك جئنا فارحمنا، عساك ترحمنا ؟ عساك ألا تطردنا.
كانت أم ضيغم تقول له : "يا ضيغم، تحب الموت؟ فيقول : لا والله يا أماه، فتقول لم يا بني؟ يقول : لكثرة تفريطي وغفلتي عن نفسي" فتبكى أمه ويبكى هو. لما سئل عن البكاء قال : "لو يعلم الخلائق ما يستقبلون غداً ما لذُّوا بعيش أبدا " لو تعلمون ما أنتم هاجمون عليه، ما أنتم مقبلون له، ما لذ لكم عيش أبدا ً.
ذكر الموقف وشدة الأمر، كل امرؤ يومئذ تهمه نفسه، لا يجزى والد عن ولده ولا مولود هو جاز عن والده شيئا، وعى المتهجدون قول مولاهم : ( أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتاً وَهُمْ نَآئِمُونَ )16 , أمنتم أن يأتيكم بأس الله ليلا ً وأنتم نائمون!!
كان فضالة بن صيفي كثير البكاء، فدخل عليه رجل وهو يبكي فقال لزوجته" ما شأنه؟ لم يبكى؟ فقالت: زعم أنه يريد سفراً بعيداً ولا زاد له " , لمثل هذا فلنبكى , نعم .. إن سفرنا بعيد، سفرنا طويل، سفرنا كبير، وأين الزاد؟
( وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى )17 , نريد الزاد في رمضان , اللهم زودنا التقوى يا رحمن.
قال صهيب رضي الله عنه "إن صهيباً ذكر الجنة طال شوقه لها، وإذا ذكر النار طار نومه خوفاً منها".
عوتب بعضهم على كثرة بكائه وقيل له : لو كانت النار خلقت لك ما زدت على هذا ؟! فقال : وهل خلقت النار إلا لأمثالي وإخواني من الإنس والجن. قال تعالى :