رمضان شهر التوبة
الحمد لله غير مَقْنوطٍ من رحمته ، ولا مَخلوٍّ مِن نِعْمَتِهْ ، و لا ميؤسٍ من مغفِرته ، ولا مُسْتَنْكفٍ عن عبادته . نحمدهُ استتماماً لنعمتهِ ، و استسلامًا لعزّته ، و استعصامًا مِن معصِيتهْ و نستعينه سبحانه و نستغفره و نشهدُ أن لا إله إلا هو وحده لا شريك له و نشهد أن محمداً عبدهُ و رسوله . أرسله بالدين المشهور ، و العلم المأثور ، و الكتاب المسطور .
اننان نرحب بموسمُ الخير، سوق الفلاحْ ، شهر التّوبة و الغفران ، شهر رمضان. فوالله إن رمضان لفرصة سانحة لا ندري هل ستكرّر !. مغبون كل الغبن من ضيّعها ، و طوبى لمن بادر و اغتنم ففاز و ربح ، نسأل الله أن يجعلنا من الفائزين الرابحين .
يقول سبحانه و تعالى : [ يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحاً ] التحريم - 8 ، فالتّوبة نعمة عظيمة من نعم الله على عباده أن جعلها فجراً تبدأ معه صفحة جديدة في عبادة الله بقلوب منيبة ، و دموع منسكبة ، و جباه خاضعة ، و أعناق متذللة فقد أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : [ إن الله تعالى يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها ] .
فالتّوبة النّصوح هي تركُ الذنب و عدم العودة إليه ، و هي عبادة من أعظم العبادات و أجلها و نالت محبّة الله [ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ] البقرة - 222 . و يقول سبحانه [ قلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ] الزمر - 53 ، فالإسلامْ ليس فيه وساطة بين العبد و ربه ، و لا يأس من رحمة الله مهما عظمت المعاصي و الآثام ، فالتوبة تهدم ما قبلها ، و اليأس و القنوط سلاح إبليس ، و صِفَةُ الكافرين يقول تعالى : [ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ] يوسف - 87 .