تبدلّت الأحوال وتغيّرت القيم في زمن انقلب فيه الحال من حال إلى حال وتسيّدت المجاملات العلاقات الاجتماعية حتى اضطر الصديق أن يكذب أحيانا على صديقه أو يستخدم الحيل المتنوعة أو الكلام المنمّق ليجعل الطرف الآخر يصدّقه، وصدّقوني إنه لا يصدقه ولكنه يجاريه حتى لا يخسره في يوم من الأيام، ولأن الزمن قد تغيّر وسادت المصالح أحوال الناس، فقد أصبحت الصداقة مبتغى كل حليم حيران وتائه في ظلمات الدنيا التائهة أصلا، ولعل السبب الرئيس الذي جعل الدنيا تنقلب رأسا على عقب، فتبدّل على إثرها نمط الحياة غياب الصراحة بين القلوب، ولأن الوسواس قد تغلّب على القيم الروحية والوازع الديني لم نعد نرى الصراحة راحة كما قيل بل أصبحنا نمجّها وكأنها ضرب من الإحراج والتدخل في شؤون الغير.