عبدالهادي الخلاقي
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
في عام 1974 كان «مهاتير محمد» ضيف شرف في حفل الأنشطة الختامية لإحدى المدارس في ماليزيا، قبل أن يصبح وزيراً للتعليم ثم رئيساً للوزراء، حيث قام بطرح فكرة عمل مسابقة للمدرسين وليست للطلاب وهي توﺯﻳـﻊ ﺑﺎﻟﻮﻧﺎﺕ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ مدرس، ﺛﻢ ﻃﻠﺐ بأن يأخذ كل مدرس بالونه وينفخها ومن ثم يرﺑﻄﻬﺎ في رجله، ﻓﻌﻼًً ﻗﺎﻡ ﻛﻞ مدرس ﺑﻨﻔﺦ ﻭﺭﺑﻂ ﺍﻟﺒﺎﻟﻮنة في رجله، ﺟﻤﻊ مهاتير جميع المدرسين في ﺳﺎﺣﺔ ﻣستديرﺓ ﻭﻣﺤﺪﻭﺩﺓ ﻭﻗﺎﻝ: ﻟﺪﻱ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻮﺍﺋﺰ ﻭﺳﺄﺑﺪﺃ ﻣﻦ ﺍلآﻥ ﺑﺤﺴﺎﺏ ﺩﻗﻴﻘﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻓﻘﻂ، ﻭﺑﻌﺪ ﺩﻗﻴﻘﺔ ﺳﻴﺄﺧﺬ ﻛﻞ مدرس ﻣﺎ ﺯﺍﻝ ﻣﺤﺘﻔظاٍ ﺑﺒﺎﻟﻮﻧﺘﻪ ﺟﺎﺋﺰﺓ!، ﺑﺪﺃ ﺍﻟﻮﻗﺖ، ﻭﻫﺠﻢ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﻀﻬﻢ اﻟﺒﻌﺾ ﻛﻞ ﻣﻨﻬﻢ ﻳﺮﻳﺪ ﺗﻔﺠﻴﺮ ﺑﺎﻟﻮﻧﺔ الآﺧﺮ ﺣﺘﻰ اﻧﺘﻬﻰ ﺍﻟﻮﻗﺖ، ﻓﻘﻂ ﺷﺨﺺ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﺎ ﺯﺍﻝ ﻣﺤﺘﻔظاً ﺑﺒﺎﻟﻮﻧﺘﻪ.
الشاهد من هذه القصة أن مهاتير محمد ﻭﻗﻒ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﻣﺴﺘﻐﺮﺑﺎً ﻭﻗﺎﻝ: ﻟﻢ اطلب ﻣﻦ أحد تفجير ﺑﺎﻟﻮﻧﺔ ﺍلآﺧﺮ؟ ﻭﻟﻮ ﺃﻥ ﻛﻞ ﺷﺨﺺ ﻭﻗﻒ ﺑﺪﻭﻥ اﺗﺨﺎﺫ ﻗﺮﺍﺭ ﺳﻠﺒﻲ ﺿﺪ ﺍلآﺧﺮ ﻟﻨﺎﻝ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ اﻟﺠﻮﺍﺋﺰ، ﻭﻟﻜﻦ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﺍﻟﺴﻠﺒﻲ ﻳﻄﻐﻰ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ، ﻛﻞ ﻣﻨﺎ ﻳﻔﻜﺮ ﺑﺎﻟﻨﺠﺎﺡ ﻋﻠﻰ ﺣﺴﺎﺏ الآﺧﺮﻳﻦ مع أن ﺍﻟﻨﺠﺎﺡ متاح للجميع، ﻟﻜﻦ ﻟﻸﺳﻒ ﺍﻟﺒﻌﺾ ﻳﺘﺠﻪ ﻧﺤﻮ ﺗﺪﻣﻴﺮ الآﺧﺮ ﻭﻫﺪﻣﻪ ﻟﻜﻲ ﻳﺤﻘﻖ النجاح.
ﻫﺬه مع الأسف ﺣﻘﻴﻘﺔ موجودة في وطننا العربي الذي اصبح الحاكم يقتل الألاف من شعبه ليبقى هو على كرسي الحكم دون شفقة أو رحمه أو إنسانية، بل أن البعض منهم تجاوزت جرائهم اضعاف ما فعل اليهود بالسلمون على مر العصور، عبرة تحتاج للتأمل وإعادة التفكير في تصرفاتنا تجاه الآخرين، مع الأسف ابتعدنا عن تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف، هل تتذكرون التأخي بين المهاجرين والانصار في المدنية المنورة وكيف أن الأنصار اقتسموا أموالهم وبيوتهم مع المهاجرين، هذا هو نهج ديننا الإسلامي في التأخي والتراحم فيما بيننا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يؤمن احدكم حتى يحب لأخيه ما يحبه لنفسه" نعم هكذا بنوا حضارة امتدت من الجزيرة العربية اقدس بقاع الأرض واطهرها الى كل اصقاع العالم، هكذا كانوا رعاه في البادية واصبحوا يديرون العالم اجمع وعم الخير والأمن والعدل والرخاء كل البلدان التي حكموها بشرع الله وسنة رسوله صل الله عليه وسلم، ولنا في رسول الله اسوة حسنة.