الأفراد يختلفون في القدرة على البوح بأحزانهم، لأسباب تتعلق بعواقب هذا البوح، ومنها عدم تفهّم الآخرين لهم. وإذا كان التخوف من أن ينزعج الاخرون والأهل من كثرة البوح بأحزانهم. إلا أني ارى أن ذلك هو الحل الأمثل، لأن المشاعر المؤلمة لا يمكن أن تزول إن هي ظلت مكبوتة. لأن خبراء النفس يؤكدون أن الكبت طاقة سامة لا يَبْطل مفعولها إلا إذا تم تفريغها.
لكن في أحيان أخرى قد يكون البوح غير مقصود، كأن يكون الشخص كتوما بطبعه ثم يجد نفسه فجأة يتحدث، عن غير قصد، عن آلامه ويبوح بأسراره وكأن المشاعر تنفجر رغم أنفه، لفرط تراكمها في داخل ذاته. وفي نظر إبراهيم أن هذا البوح "الاضطراري" قد يؤثر بشكل ايجابي على الشخص، فيخفف عنه ويريحه نفسيا.
ويسعى علي إلى تجاوز مرحلة الصمت والكبت الذي بداخله، ومشاركة الآخرين همومه ومشكلاته، ويقول إنه بدأ يشعر بالتحسن حقا، كلما وجد نفسه قادرا على البوح بما يعانيه، خاصة إذا كان الشخص الآخر صديقا أو قريبا.
تنصح الأشخاص الكتومين جدا لأحزانهم، أن لا ينظروا للآخرين على أنهم سعداء، لأن كل إنسان يمر بمرحلتي الحزن والفرح. وهي سمة عامة يجب أن لا تُبقينا منعزلين عن الآخرين، وأن نشاركهم تقلبات الحياة، بحُلوها ومُرها، بفرحها وترحها.
أهمية "التفريغ"، لأن الأفراد الذين يتعرضون إلى صدمات، أو أزمات، يحتاجون إلى هذا "التفريغ"، أو البوح للآخرين، أو المقربين ممن يثقون بهم، حتى يتخلصوا من الحمل الذي يثقل كاهلهم، ويكدر صفوهم.
ويعتبر (التفريغ) عن طريق البوح "من أهم أدوات العلاجات النفسية" التي يجب أن يستعين بها الأفراد الذين تعرضوا لصدمات نفسية، أو مروا بأزمات انفعالية خطيرة. فذاك خير لهم من أن يكتموها لفترة طويلة، لأن في كبحها وكتمانها ما يساعد على تفاقمها على حساب راحة النفس وطمأنينتها.