موضوع: سد معاوية بن أبي سفيان بطيبة السبت 27 ديسمبر 2014 - 13:09
هو سد معاوية بن أبي سفيان والذي شيده في وادي الخنق شرق المدينة المنورة منذ حوالي عام 50 هجري خلال حكم معاوية . يقع السد في ممر ضيق بين جبلين ، ويعجب المرء للبراعة المساحية (الجيولوجية) لمن اختار مكانه ، لأنه قد لا توجد نقطة أضيق من هذا المكان على طول الوادي كله ، وربما جاء اسم الوادي نفسه (أي الخنق) من هذا الممر أو المجرى الضيق ، ذي الجوانب الشاهقة ، الذي بني فيه السد . ويوجد أسفل السد جرف عميق قد رسم فيه الماء خطوطًا قد ارتفعت لحوالي ستة أمتار ، كما يرى آثار طحالب وأعشاب مائية على الجوانب الصخرية للجرف مما يدل على طول مكث الماء فيه ، ولا زالت بقية من السد مبنية بقرميدها الأحمر المحروق ثابتة في قعر الجرف ، فيما انهار وسط السد وبقي منه كتلتان ضخمتان ثابتتان في جوانب الجبل ، ويلاحظ أن الجدار الباقي من السد مبني على شكل مدرج ، ويمكن تعليل ذلك : الرغبة في زيادة مقاومة القاعدة ، أي : قاعدة السد ، كما أنه نظرًا لارتفاعه (حوالي 30 مترًا) فإنه بوضعه المدرج هذا يساعد العمال في الصعود عليه ، وبناء بقية المدرجات أو الطبقات التي فوقه ، وبهذا يغنيهم عن الاستعانة بأخشاب أو نحوها للوصول إلى الأعلى . كما أنه يسهل عليهم صيانته والعناية به وترميم ما قد يحدث في جداره من صدوع أو خروق . وبالنظر للطوب المعدِّ بالفرن الذي بنيت منه واجهة السد المقابلة للماء، فإنه ليحار المرء لمتانة ذلك الطوب ودرجه مقاومته رغم مرور أكثر من 1350 سنة على إنشائه ، حتى ليخال المرء أنه من الصخر ؛ من شدة صلابته ومقاومته للكسر . وعندما يصل الإنسان إلى قاع الجرف أسفل السد مباشرة ، يرى الجوانب المتهدمة منه بوضوح أكثر ، كما يرى أن السد عندما انهدم قد قلع معه من جانب الجبل كتلتين صخريتين قد استقرتا في قعر الجرف ، واندفعتا مع التيار مما يلي المدينة ، ويرى الإنسان مقلعهما هوة كبيرة ، داخلة في جانب الجبل قد عششت فيها جوارح الطير ، لذا فإنه يصعب المرور عبر الممر ؛ نظرًا لهذه الصخور الضخمة . وأما عن كيفية انهيار ذلك السد العريق فيتداول الناس حكاية لا يدرى أصحيحة هي أم لا ؟ مؤداها : أن اثنين من الحجاج الذاهبين إلى المدينة نزلوا على قوم كانوا مقيمين عند السد ، لكن القوم لم يحسنوا إليهما أو أنهم فعلوا شيئًا أثار نقمتهما ، فدعا الحاجان عليهم بأن يُغرقهم الله بهذا السد ، إلا أنهما استشعرا معروفًا من أحد هؤلاء القوم ، فعَزَّ عليهما هلاكه ، فنصحاه بمغادرة المكان ، عندما يرى قرية النمل المجاورة تنقل قوتها إلى الجبل ، ويقال : إنه لم تمر أيام حتى انهار ذلك السد ، وأغرق أولئك القوم .لكن يُفهم من النقول التي أوردها الدكتور سعد الراشد عن مؤرخي المدينة ؛ أن السد تهدم بفعل الزلازل والبراكين التي تعرضت لها المنطقة في القرون الغابرة