الريصاني مدينتي
مدينة مغربية لها تاريخ عريق وموقعا استراتيجيا اتاح لها أن تكون همزة وصل بين بلدان شمال أفريقيا فهي أول كيان مستقل يتأسس فوق الأراضي المغربية.
الريصاني الحالية أو سجلماسة كما كانت تسمى في الماضي تعتبر ثاني مدينة إسلامية تشيد بالغرب الإسلامي بعد مدينة القيروان، حيث كانت عاصمة أول دولة مغربية مستقلة عن الخلافة بالمشرق والمتمثلة في إمارة بني مدرار الخارجية الصفرية.
وتضم عددا كبيرا من القصور حوالي 360 قصرا من أشهرهم القصرين السلطانيين الفيضة وأولاد عبد الحليم.
وخدم سجلماسة الأمازيغ والعرب والأفارقة والأندلسيون واليهود من ناحية الاستقرار التجاري والعمراني، حيث كانوا يمثلون نسيجا اجتماعيا متكاملا ومنسجما.
وكان النشاط التجاري أهم ركائز الاقتصاد السجلماسي في مقدمته تجارة القوافل الصحراوية، حيث شكل الذهب محور المبادلات التجارية وأهم الموارد على الإطلاق، ومكن ذلك من إقامة عدة دور لسك النقود واستقطاب عدد من التجار من مختلف الأصقاع.
وبذلت كل المكونات السياسية والاجتماعية والدينية التي حكمت سجلماسة مجهودات كبيرة من أجل الحفاظ على سلامة المسالك التجارية وتوفير الأمن الداخلي لضمان تدفق هذا المعدن النفيس و تجارته التي كانت تؤثر بشكل فعال في بلورة حضارة عربية إسلامية بأفريقيا جنوب الصحراء و منها دولة مالي الحالية.
سجلماسة أو الريصاني التي بنيت سنة 140ه الموافق لـ757م أهَّلها موقعها الاستراتيجي كهمزة وصل أساسية بين مختلف مناطق شمال أفريقيا وبلاد السودان الغربي أو ما يعرف بمالي من جهة، والمشرق الإسلامي من جهة ثانية على التحكم ولمدة طويلة في تجارة القوافل لتتبوأ مكانة مهمة في التجارة العالمية،وكان لهذا الدور التجاري المتميز الأثر الإيجابي على ازدهار سجلماسة سياسيا و عمرانيا إذ بسطت نفوذها على عدة مناطق من بينها درعة وأغمات ونواحي مدينة فاس ومن ثم أصبحت مجالاً حيوياً مهما لكل الدول التي تعاقبت على حكم المغرب.
تعتبر الريصاني أول مدينة في المغرب يدرس فيها علم البيان من طرف الفقيه والعالم الشريف الحسن بن القاسم و يمكن اعتبارها المدينة النموذجية، حيث قدمت الكثير للحضارة الإسلامية وساهمت بشكل فعال في بلورة الشخصية المغربية المتمسكة بأصالتها والتي تسعى إلى الانفتاح على الجوانب الإيجابية للحضارات المجاورة ارتكازا على مبادئ التسامح والتواصل مع الآخر و التشجيع على حرية المبادرة والاعتقاد.
وهذه خصال تعتبر أساسية في الرقي والتقدم وأثرت بشكل إيجابي على الأقطار المجاورة تأسيسا على دورها التجاري وذلك التنوع البشري والثقافي الشامل فلقد كانت منبراً ثقافياً لتبادل الرأي بين العلماء والمفكرين والفقهاء على امتداد تاريخ المدينة السياسي والثقافي والاقتصادي المتميز.