مختصر موضوع

 الشخصية المعنوية للشركة 

   المدلول القانوني للشخصية بصفة عامة يعني صلاحية الشخص لاكتساب حقوق وتحمل التزامات، و ذلك لا يقتصر على الشخص الطبيعي ( الإنسان) بل يتعداه إلى الشخص المعنوي ( الدولة، الولاية، البلدية، المؤسسات العمومية ذات الطابع الإداري، الشركات المدنية و التجارية، الجمعيات....) 

و للشخصية المعنوية فوائد مهمة في تمكين التجمعات من الأشخاص والأموال من تحقيق أهدافها.

أولا: بداية الشخصية المعنوية للشركة

   نصت المادة 417 من القانون المدني الجزائري على أنه: " تعتبر الشركة بمجرد تكوينها شخصا معنويا، غير أن هذه الشخصية لا تكون حجة على الغير إلا بعد استيفاء إجراءات الشهر التي ينص عليها القانون.

ومع ذلك إذا لم تقم الشركة بالإجراءات المنصوص عليها في القانون، فإنه يجوز للغير أن يتمسك بتلك الشخصية"

كما تنص المادة 549 على أنه" لا تتمتع الشركة بالشخصية المعنوية إلا من تاريخ قيدها في السجل التجاري. و قبل إتمام هذا الإجراء يكون الأشخاص الذين تعهدوا باسم الشركة و لحسابها متضامنين من غير تحديد أموالهم، إلا إذا قبلت الشركة بعد تأسيسها بصفة قانونية أن تأخذ على عاتقها التعهدات المتخذة."

ومن خلال ما ورد في نص المادتين المذكورتين يمكننا القول:

- الشركة المدنية تتمتع بمجرد تكوينها بالشخصية المعنوية، وذلك بعكس الشركة التجارية التي لا تتمتع بتلك الشخصية إلا بعد قيدها في السجل التجاري.

- إذا لم يقم الشركاء بإتمام إجراءات شهر الشركة المدنية يحق للغير التمسك بوجود الشخصية المعنوية لتلك الشركة، أما بالنسبة للشركة التجارية في حالة عدم قيام الشركاء بقيد الشركة في السجل التجاري يصبحوا في نظر القانون متضامنين من غير تحديد أموالهم ، بالإضافة لذلك و بالرجوع لنص المادة 545/3  من القانون التجاري الجزائري :   " يجوز أن يقبل من الغير إثبات وجود الشركة بجميع الوسائل عند الاقتضاء. " وذلك في حالة ما تمسك الغير بوجود الشركة التجارية.                                                                                                              

 - بالنسبة للشركاء الشخصية المعنوية للشركة المدنية لا تكون حجة على الغير إلا بعد استيفاء إجراءات الشهر التي ينص عليها القانون، أما بالنسبة للشركة التجارية فبعد قيدها في السجل التجاري.

ثانيا:  نهاية الشخصية المعنوية للشركة

    ورد في نص المادة 444 من القانون المدني الجزائري: ".... أما شخصية الشركة فتبقى مستمرة إلى أن تنتهي التصفية. " و كذلك جاء في نص المادة 766/2 من القانون التجاري الجزائري: " تبقى الشخصية المعنوية للشركة قائمة لاحتياجات التصفية إلى أن يتم إقفالها."

    و عليه فإن الشركة تبقى محتفظة بشخصيتها المعنوية حتى بعد انقضائها، و لا تنتهي إلا بانتهاء التصفية، و تكمن أهمية ذلك في بقاء الذمة المالية للشركة ضامنة وقائمة، فلا يتم تقسيم الأموال على الشركاء إلا بعد استيفاء الدائنين لديونهم.

ثالثا: النتائج المترتبة على الشخصية المعنوية للشركة:

يفهم من نص المادة 50 من القانون المدني أن الشركة كشخص معنوي تتمتع بجميع الحقوق إلا ما كان منها ملازما لصفة الإنسان، وذلك في الحدود التي يقرها القانون . و يعني ذلك أن الشركة يكون لها ذمة مالية مستقلة، أهلية، اسم وعنوان، موطن، جنسية، ممثل قانوني، و الحق في التقاضي.

1 - ذمة الشركة:

   من خلال ما ورد في نص المادة 50 من القانون المدني الجزائري فإن الشركة كشخص معنوي تتمتع بذمة مالية     و هي مستقلة عن الذمة المالية للشركاء، و يترتب على ذلك:

- الحصة المالية التي يقدمها الشريك تخرج من ذمته وتصبح مملوكة للشركة، ولا يكون للشريك بعد ذلك سوى نصيبه في الأرباح، أو ما يتبقى من الشركة بعد تصفيتها.

- ليس لدائني الشركة الحق على أموال الشريك الخاصة، إلا إذا كان شريكا متضامنا.

 - لا تقع المقاصة بين ديون الشركة وديون الشركاء.

- تعدد واستقلال التفليسات ( إفلاس الشركة لا يعني إفلاس الشركاء و إفلاس الشركاء لا يعني إفلاس الشركة) .

- لدائني الشركة حق الأفضلية على دائني الشركاء.

 2-  أهلية الشركة:

    بالرجوع إلى نص المادة 50 من القانون المدني، فإن الشركة كشخص معنوي تتمتع بأهلية في الحدود التي يعينها عقد إنشائها أو التي يقرها القانون، و نتيجة لذلك:

- يكون للشركة الحق في الشراء أو البيع أو القرض، و الحق في التقاضي... وغيره،  ويقوم بجميع هذه  الأعمال الممثل القانوني للشركة.

- تلتزم الشركة بالتزامات التاجر المهنية ( مسك الدفاتر التجارية، القيد في السجل التجاري، الخضوع لنظام الإفلاس،        أداء الضرائب...)

- تتحمل الشركة المسؤولية المدنية عن جميع الأفعال الضارة الصادرة عن عمالها أو موظفيها أثناء تأديتهم لمهامهم،     و كذلك الأشياء أو الحيوانات التابعة لها.

- بالرجوع إلى نص المواد 18 مكرر و 18 مكرر1 من قانون العقوبات الجزائري، فإن الشركة كشخص معنوي يمكن تحميلها المسؤولية الجزائية - و إن كانت مختلفة عن المسؤولية الجزائية للأشخاص الطبيعية حيث يمكن معاقبتهم بالحبس أو السجن – و نتيجة لذلك يمكن أن تتمثل العقوبات المسلطة على الشركة في الحل النهائي للشخص المعنوي، أو غلق المؤسسة لمدة لا تتجاوز (5) خمس سنوات، أو الإقصاء من الصفقات العمومية لمدة لا تتجاوز (5) خمس سنوات، أو مصادرة الأشياء المستعملة في ارتكاب الجريمة،  أو الغرامات المالية... و غيرها .كما يتحمل تلك المسؤولية مرتكبو الجرائم من عمال أو موظفين أو مديرين، ولو كان ذلك بمناسبة قيامهم بمهامهم.

3- اسم وعنوان الشركة:

    باكتسابها للشخصية المعنوية تتمتع الشركة باسم و عنوان خاص بها، و يميزها عن غيرها من الشركات و يختلف هذا الاسم و العنوان باختلاف نوع الشركة.

    ففي شركة التضامن يجب أن يتضمن على الأقل اسم أحد الشركاء متبوعا بكلمة " وشركائه "                        ( المادة552 ق ت ج )، و في شركتي المسؤولية المحدودة و المساهمة يجب أن يتضمن ذكر نوع الشركة وبيان رأس مالها ( المواد : 564، 593 ق ت ج ) 

4 - موطن الشركة:

بالرجوع إلى نص المادة 50 من القانون المدني الجزائري، فإن الشركة باعتبارها شخص معنوي يكون لها موطن خاص بها، و هو المكان الذي يوجد فيه مركز إدارتها، بينما بالنسبة للشركات التي يوجد مركزها الرئيسي في الخارج، و تمارس نشاطها في الجزائر يعتبر مركزها في نظر القانون الداخلي في الجزائر. ( وهو نفس ما نصت عليه المادة 547 من القانون التجاري الجزائري) .

 و لتحديد موطن الشركة أهمية كبيرة في تحديد المحكمة المختصة بالنظر في الدعاوى التي تكون الشركة طرفا فيها،      و كذلك كل مطلب أو إعذار أو تبليغ للشركة يكون في موطن الشركة. 

5- جنسية الشركة:

للشركة جنسية خاصة بها، و قد تعددت آراء فقهاء القانون حول المعيار الذي تحدد على أساسه جنسية الشركة.

الرأي الأول: تحديد الجنسية معياره مركز الشركة.

الرأي الثاني: تحديد الجنسية معياره مكان الرقابة والإشراف.

الرأي الثالث: تحديد الجنسية معياره مكان ممارسة النشاط.

الرأي الرابع: تحديد الجنسية معياره جنسية الشركاء.

  و المشرع الجزائري و إن لم ينص صراحة على جنسية الشركة، إلا أنه اعتبر أن ممارسة الشركة لنشاطها بالجزائر يعني أنها خاضعة للتشريع الجزائري ( المواد: 50 من ق م ج، 547/2 من ق ت ج ). 

6-  ممثل الشركة:

   من خلال ما ورد في نص المادة 50 من القانون المدني فإن الشركة باعتبارها شخص معنوي يكون لها: "نائب يعبر عن إرادتها. " فالشركة لا يمكنها مباشرة نشاطها و معاملاتها إلا من خلال نائب ينوب عنها في جميع تصرفاتها، و هو شخص طبيعي يعمل باسمها و لحسابها و ينوب عنها في البيع و الشراء و الإيجار و التأمين و يمثلها أمام القضاء ...    

7-  الحق في التقاضي:

   بالرجوع لنص المادة 50 من القانون المدني الجزائري، فإن الشركة باعتبارها شخص معنوي يكون لها الحق في التقاضي، فقد تكون مدعية أو مدعى عليها و ينوب عنها أمام القضاء ممثلها القانوني.