محاضرات في طرق الاثبات
المقدمــــــــــــــــــــــــة:
ووسائل الإثبات تنقسم من عدة نواحي فمن حيث طبيعتها ، تنقسم إلى أدلة أصلية وهي الكتابة والشهادة والقرائن والمعاينة ، أدلة احتياطية وهي الإقرار اليمين ومن حيث حجيتها ن تنقسم إلى أدلة ملزمة للقاضي وهي الكتابة والإقرار واليمين ، وأدلة غير ملزمة وهي البينة والقرائن القضائية والمعاينة ومن حيث ما يجوز إثباته ، تنقسم إلى أدلة مطلقة يصلح لإثبات جميع الوقائع وهي الكتابة والإقرار واليمين ، وأدلة مقيدة يجوز قبولها في إثبات بعض الوقائع دون بعض وهي البينة والقرائن والمعاينة .
ونبحث في ما يلي في ستة مطالب متتالية طرق الإثبات حيث نبحث في المطلب الأول الإثبات بالكتابة , وفي المطلب الثاني الإثبات بشهادة الشهود , وفي المطلب الثالث القرائن ,وفي المطلب الرابع الإقرار , وفي المطلب الخامس اليمين , وفي المطلب السادس المعاينة والخبرة
المطلب الأول : الإثبات بالكتابة
وتنقسم إلى قسمين محررات رسمية ومحررات عادية
الفرع الأول : المحررات الرسمية
تعريف المحرر الرسمي :
نتص المادة 324 من القانون المدني الجزائري"العقد الرسمي هو عقد يثبت فيه الموظف او ظابط عمومي اوشخص مكلف بخدمة عامة ما تم لديه او ما تلقاه من ذوي الشان وذلك طبقا للاشكال القانونية وفي حدود سلطته وتقديره"
((1- السندات الرسمية أ- السندات التي ينظمها الموظفون الذين من اختصاصهم تنظيمها طبقا للأوضاع القانونية ويحكم بها دون أن يكلف مبرزها إثبات ما نص عليه فيها ويعمل بها ما لم يثبت تزويرها , ب- السندات التي ينظمها أصحابها ويصدقها الموظفون الذين من اختصاصهم تصديقها طبقا للقانون , وينحصر العمل بها في التاريخ والتوقيع فقط , 2-إذا لم تستوف هذه الأسناد الشروط الواردة في الفقرة السابقة فلا يكون لها إلا قيمة الأسناد العادية بشرط أن يكون ذوو الشأن قد وقعوا عليها بتوقيعهم أو بأختامهم أو ببصمات أصابعهم))
شروط المحرر الرسمي
ويستفاد من هذا أنه يجب توافر شروط ثلاثة في المحرر أو السند الرسمي وهي :
أن ينظم المحرر من موظف, وأن يكون هذا الموظف مختصا بتنظيم السند , وأن يراعي في تنظيمه للسند الأوضاع التي قررها القانون
الشرط الأول : أن ينظم المحرر من موظف
يقصد بالموظف في خصوص المحررات الرسمية كل شخص تعينه الدولة للقيام بعمل من أعمالها ، سواء أكان بأجر ككاتب العدل والمحضر ، أو بدون أجر كالمختار
ويختلف الموظفون باختلاف المحررات التي يختصون بكتابتها ، فالقاضي يعتبر موظفا عاما بالنسبة للأحكام التي يقوم بتحريرها ، كاتب الجلسة يعتبر موظفا عاما بالنسبة لمحاضر الجلسات التي يقوم بكتابتها ، والمحضر يعتبر موظفا عاما بالنسبة إلى أوراق التبليغ التي يقوم بتبليغها ، والمأذون يعتبر موظفا عاما بالنسبة لعقود الزواج و شهادات الطلاق ، وكاتب العدل يعتبر موظفا عاما بالنسبة للأوراق الرسمية المدنية التي يقوم بتحريرها
الشرط الثاني : صدور المحرر من الموظف في حدود سلطته واختصاصه
لا يكفي في المحرر الرسمي أن يكون صادراً من موظف ، بل يشترط أن يكون الموظف قد قام بتحريره في حدود سلطته واختصاصه , ويقصد بالسلطة والاختصاص في هذا الخصوص أن يكون للموظف ولاية تحرير الورقة الرسمية من حيث الموضوع ومن حيث الزمان ومن حيث المكان
فمن حيث الاختصاص الموضوعي ، يختص كل موظف عام بتحرير نوع معين من الأوراق الرسمية فالقاضي مثلا يختص بتحرير الأحكام ولكنه ليس مختصا بتحرير محاضر الجلسة ، فهذا من اختصاص مكاتب الجلسات والمأذون يختص بتحريره عقود الزواج ولكنه ليس مختصا بتحرير العقود والتصرفات المدنية كالبيع أو الهبة فهذا من اختصاص كاتب العدل وهكذا
ومن حيث الاختصاص الزماني ، تنقضي ولاية الموظف بالعزل أو النقل أو الوقف عن العمل فإذا قام بتوثيق المحرر بعد أن انقضت ولايته كان المحرر باطلا ومن حيث الاختصاص المكاني ، فإن القانون حدد لكل موظف اختصاصا إقليميا ولا يجوز له أن يباشر عمله خارج دائرة اختصاصه
الشرط الثالث : مراعاة الأوضاع القانونية في تدوين المحرر الرسمي
قرر القانون أوضاعا معينة يجب على الموظف المختص بتحرير السند أن يلتزم بها من ذلك يجب أن يكون المحرر مكتوبا باللغة العربية وبخط واضح دون إضافة أو تحشير أو كشط وأن يشتمل عدا البيانات الخاصة بموضوع المحرر – على ذكر السنة والشهر واليوم و الساعة التي تم فيها التوثيق كما يجب أن يشتمل المحرر على اسم الموظف ولقبه ووظيفته وأسماء الشهود وأسماء أصحاب الشأن وآبائهم وأجدادهم لإبائهم وصناعتهم ومحال إقامتهم وعلى الشهود أن يوقعوا المحرر مع ذوي الشأن ومع الموظف ويجب على الموظف قبل توقيع ذوي الشأن أن يتلو عليهم الصيغة الكاملة للمحرر ومرفقاته وأن يبين لهم الأثر القانوني المترتب عليه دون أن يؤثر في إرادتهم وتحفظ أصول المحررات بالمكتب ، وتسلم صور منها لأصحاب الشأن
جزاء الإخلال بشرط من الشروط الثلاثة :
إذا تخلف شرط من الشروط الثلاثة اللازمة لوجود المحرر الرسمي ، فإن المحرر يبطل كورقة رسمية فالمحرر الرسمي يفقد رسميته إذا صدر من غير موظف ، أو من موظف عام مميز مختص ، أو من موظف عام مختص إلا أنه لم يراع الأوضاع القانونية المقررة
ومن الأوضاع القانونية المقررة ما هو جوهري كتاريخ التوثيق واسم الموظف وأسماء أصحاب الشأن والشهود وتوقيعاتهم وتخلف هذه الأوضاع هو الذي يترتب عليه بطلان المحرر أما الأوضاع غير الجوهرية كدفع الرسم أو ترقيم صفحات المحرر ، فإن تخلفها لا يفقد المحرر صفته الرسمية
على أن بطلان المحرر الرسمي لا يجرده من كل قيمة ، إذا يعتبر محرراً عرفيا بشرط أن يكون موقعا من ذوي الشأن ((إذا لم تستوف هذه الأسناد الشروط الواردة في الفقرة السابقة فلا يكون لها إلا قيمة الأسناد العادية بشرط أن يكون ذوو الشأن قد وقعوا عليها بتواقيعهم أو بأختامهم أو ببصمات أصابعهم))
حجية المحرر الرسمي في الإثبات
إذا توافرت في المحرر الرسمي الشروط الثلاثة السابق ذكرها قامت قرينة على سلامته المادية وعلى صدوره ممن وقعوا عليه ((تكون الأسناد الرسمية المنظمة حجة على الناس كافة بما دون فيها من أفعال مادية قام بها الموظف العام في حدود اختصاصه , أو وقعت من ذوي الشأن في حضوره وذلك ما لم يتبين تزويرها بالطرق المقررة قانونا ))
فالمحرر أو السند الرسمي يعتبر بصحة ما دون فيه من بيانات أثبتها الموظف بنفسه أو وقعت من ذوي الشأن في حضوره ولا يجوز نقض هذه الحجية إلا بالتزوير
فالبيانات التي يثبتها الموظف بنفسه ، كتاريخ المحرر ومكان توثيقه وحضور ذوي الشأن والشهود وإثبات توقيعهم وتوقيع الموثق فهذه تكون حجة على الناس كافة ولا يمكن دحض حجيتها إلا عن طريق الطعن بالتزوير
كذلك البيانات التي تصدر من ذوي الشأن في حضور الموظف كإقرار البائع أنه قبض ثمن المبيع ، أو إقرار المشتري أنه تسلم المبيع ، لا يمكن دحض حجيتها إلا بالطعن بالتزوير
أما البيانات التي تصدر من ذوي الشأن ويدونها الموظف على مسئوليتهم دون أن يكون قد شاهدها أو تحقق من صحتها ، فلا تثبت لها صفة الرسمية ولذلك يجوز إثبات عكسها بطرق الإثبات العادية
صور المحررات الرسمية
يجب أن نفرق بين حالتين : ما إذا كان أصل المحرر الرسمي موجوداً وحالة ما إذا كان الأصل غير موجود .
الحالة الأولى : حجية صورة المحرر الرسمي إذا كان الأصل موجوداً
((إذا كان أصل المحرر الرسمي موجوداً فإن الصورة الخطية والفوتوغرافية التي نقلت منه وصدرت عن موظف عام في حدود اختصاصه تكون لها قوة السند الرسمي الأصلي بالقدر الذي يعترف فيه بمطابقة الصورة للأصل)) ((وتعتبر الصورة مطابقة للأصل ، ما لم ينازع في ذلك أحد الطرفين وفي هذه الحالة تراجع الصورة على الأصل))
وبمقتضى هذا النص أنه إذا كان أصل المحرر الرسمي موجوداً ،فإن صورته الرسمية المأخوذة من هذا الأصل تكون لها حجية في الإثبات بالقدر الذي يكون فيه مطابقا للأصل ويفترض أن صورة المحرر الرسمي للأصل نظراً لأنها تؤخذ بواسطة موظف عام مختص ، ولكن إذا نازع أحد الطرفين في هذه المطابقة ، فإن المحكمة تأمر بمراجعة الصورة على الأصل
الحالة الثانية : حجية صورة المحرر الرسمي إذا كان الأصل غير موجود
تنص المادة التاسعة من قانون البينات الأردني على أنه : إذا لم يوجد أصل السند الرسمي ، كانت الصورة الخطية أو الفوتوغرافية حجة على الوجه الآتي :
1) يكون للصورة الأولى قوة الأصل إذا صدرت عن موظف عام مختص وكان مظهرها الخارجي لا يتطرق معه الشك في مطابقتها للأصل
2) ويكون للصورة الخطية أو الفوتوغرافية المأخوذة من الصورة الأولى نفس القوة إذا صدرت عن موظف عام مختص يصادق على مطابقتها للأصل الذي أخذت منه ويجوز لكل من الطرفين أن يطلب مراجعة هذه الصورة على الأولى على أن تتم المراجعة في مواجهة الخصوم
3) أما الصورة المأخوذة عن الصورة الثانية فيمكن الاستئناس بها تبعا للظروف
ويتضح من هذه المادة أنه إذا لم يكن أصل السند الرسمي موجوداً فإنه يتعين التفرقة بين ثلاثة أنواع من الصور 1- الصور الرسمية الأصلية: وهي الصور التي تنقل عن أصل المحرر الرسمي مباشرة بواسطة موظف عام مختص ، سواء كانت هذه الصور تنفيذية أو غير تنفيذية ، و هذه تكون لها حجية الأصل وإنما يشترط أن يكون مظهرها الخارجي لا يدع مجالا للشك في مطابقتها للأصل أما إذا كان المظهر الخارجي يبعث على الشك في أن يكون قد عبث بها كما إذا وجد بها كشط أو محو أو تحشير فإن الصورة تسقط حجيتها في هذه الحالة .
2- الصورة الرسمية المأخوذة عن الصور الأصلية : وهي الصور المأخوذة لا من الأصل وإنما من الصور الأصلية الرسمية ، وهذه الصور لها نفس حجية الصور الأصلية المأخوذة عنها ، بشرط بقاء الصور الأصلية حتى يمكن المراجعة عليها إذا ما طلب ذلك أحد ذوي الشأن
3- الصور الرسمية للصور المأخوذة من الصور الأصلية : وهذه لا تكون لها حجية الأصل ، ولا يعتد بها إلا مجرد الاستئناس
الفرع الثاني : المحررات العادية
تعريف المحرر العادي
السند العادي هو الذي يشتمل على توقيع من صدر عنه أو على خاتمه أو بصمة إصبعه وليست له صفة السند الرسمي كما عرفته المادة العاشرة من قانون البينات الأردني إذا هو المحرر الذي يصدر من الأفراد دون أن يتدخل الموظف العام في تحريره وهو نوعان : محرر عادي معد للإثبات ، وهذا يكون موقعا من ذوي الشأن ، ويعتبر دليلا مهيأ أو دليلا كاملا ، ومحرر عادي غير موقع من ذوي الشأن معد للإثبات كدفتر التاجر والأوراق المنزلية ، ولذا يعطيه القانون حجية في الإثبات تتفاوت قوة ومضعفا وفق ما يتضمنه من عناصر الإثبات
أولا: المحررات العادية المعدة للإثبات
شروط المحرر العادي :
لا يشترط في المحرر العادي المعد للإثبات إلا أن يكون مدونا به كتابة مثبتة لواقعة قانونية ، وأن تكون موقعة من الشخص المنسوبة إليه
أما أنه يشترط وجود كتابة بالمحرر العادي فهذا شرط طبيعي ولا يشترط في الكتابة شكل معين ، فكل عبارة دالة على المقصود من المحرر تصلح بعد توقيعها أن تكون دليلا على من وقعها كما لا يشترط أن تكون الكتابة باليد وإنما يجوز أن تكون على الآلة الكتابة أو مطبوعة كما يصح أن تكون بخط من وقعها أو بخط شخصي أجنبي ، بالمواد أو بالقلم الرصاص كما يصح أن تكون بلغة أجنبية
أما أنه يشترط أن تكون الكتابة موقعة من الشخص المنسوبة إليه فهذا هو الشرط الجوهري في المحرر العادي المعد للإثبات فالتوقيع هو الذي يعطي ذلك المحرر حجيته في الإثبات لأنه هو الذي ينسب الكتابة إلى صاحب التوقيع ويكون التوقيع بإمضاء الشخص نفسه كما يمكن أن يكون ببصمته أو بختمه , ويجب أن يشتمل التوقيع على اسم الموقع ولقبه كاملين ، فلا يكفي أن يكون التوقيع بالأحرف الأولى من الاسم إنما يلزم أن يكون التوقيع مطابقا للاسم الوارد في شهادة الميلاد فلا يكفي اسم الشهرة أو الاسم الذي اعتاد الشخص التوقيع به وإذا خلا المحرر العادي من التوقيع فلا تكون له أية حجية إلا إذا كان مكتوبا بخط المدين ، فإنه يصلح مبدأ ثبوت بالكتابة وقد يوقع المدين ورقة على بياض ويسلمها للدائن ليدون فيها ما تم الاتفاق عليه بينهما ، ويحدث هذا كثيراً في الشيكات حيث يوقع الشيك على بياض ويعطى للدائن لملء البيانات فإذا تمت كتابة البيانات فوق التوقيع أصبح للورقة حجية المحرر العادي وإذا دون الدائن بيانات غير مطابقة للبيانات المتفق عليها ، فإن المدين يستطيع أن يثبت ذلك ويكون الإثبات وفقا للقواعد العامة ، فلا يجوز إثبات ما يخالف الكتابة إلا بالكتابة فإذا نجح المدين في ذلك اعتبر الدائن مرتكبا لجريمة إساءة الأمانة وإذا كان الدائن قد تعامل مع الغير بناء على ما دونه في الورقة ، فإن لهذا الغير ما دام حسن النية التمسك بحجية الورقة على المدين وليس للمدين إلا الرجوع على من أساء الأمانة بكتابة البيانات مخالفة للمتفق عليه .
ولكن إذا كانت الورقة الموقعة على بياض لم تسلم إلى من أساء الأمانة وإنما حصل عليها بطريق غير مشروع كالاختلاس أو السرقة ، فإن من وقع على بياض يمكنه أن يثبت بكافة طرق الإثبات حصول الاختلاس أو السرقة والكتابة من مسيء الأمانة ولا يستطيع الغير الذي تعامل مع أساء الأمانة بناء على هذه الورقة التمسك بها على موقعها حتى ولو كان هذا الغير حسن النية
حجية المحررات العادية في الإثبات
للمحرر العادي حجية في النواحي الثلاث الآتية : حجية المحرر بصدوره ممن وقعه ، وحجيته بصدق البيانات المدونة به ، وحجيته بالنسبة للتاريخ المدون به
أولا : حجية المحرر العرفي بصدوره ممن وقعه :
: (من احتج عليه بسند عادي وكان لا يريد أن يعترف به وجب عليه أن ينكر صراحة ما هو منسوب إليه من خط أو توقيع أو ختم أو بصمة إصبع وإلا فهو حجة عليه بما فيه))
طبقا لهذا النص فإذا أنكر المدين توقيعه زالت عن المحرر حجتيه بصفة مؤقتة وتعين على من يحتج به أن ثبت صدوره ممن ينسب إليه التوقيع وذلك بأن يطلب من المحكمة أن تأمر بتحقيق الخطوط ، فإذا ثبت من التحقيق صدور المحرر ممن وقعه عادت إليه حجيته
وإذا أراد الشخص أن ينكر توقيع المحرر المنسوب إليه ، يجب أن يكون إنكاره صريحا ويجب أيضا أن يكون هذا الإنكار قبل أن يناقش موضوع المحرر و ذلك أن مناقشة موضوع المحرر يتعين لتكون جادة منتجة أن تكون وليدة الإطلاع على هذا المحرر ، وهو ما يمكن من التحقق من نسبة الخط والإمضاء أو الختم أو البصمة بأن يشهد عليه المحرر إذ من اليسير على هذا الأخير بمجرد هذا الإطلاع التحقق من هذه النسبة فإذا لم ينكرها فور إطلاعه على المحرر ، وخاض في مناقشة موضوعه ، فإن ذلك منه إنما يفيد تسليمه بصحة تلك النسبة ، فإن عاد بعد ذلك إلى إنكارها وسارت الدعوى شوطا بعيداً على أساس صحة المحرر ، فإنما يكون ذلك استشعاراً منه لضعف مركزه في الدعوى ، واستغلال لنصوص القانون في نقل عبء الإثبات إلى المتمسك بالورقة ، ورغبة في الكيد والمطل ، وهو ما لا يجوز تمكينه منه
غير أنه إذا كان الشخص الذي يتمسك عليه بالمحرر وارثا أو خلفا فلا يطلب منه الإنكار وإنما يكفي كما تنص المادة الحادية عشر الفقرة الثانية من قانون الإثبات الأردني أن يقرر أنه لا يعلم أن الخط أو التوقيع أو الختم أو البصمة هي لمن تلقى عنه الحق فإذا فعل الوارث أو الخلف ذلك زالت حجية المحرر العادي ووجب على من يتمسك به أن يطالب بإجراءات تحقيق الخطوط ليثبت صدور المحرر ممن ينسب إليه
وقد ينكر الشخص حصول التوقيع منه شخصيا برغم اعترافه بأن بصمة الختم الموقع بها هي بصمة ختمه وهذا أمر متصور فقد يفقد الشخص ختمه وقد سلمه إلى أخر فيخون هذا الأخير الأمانة وفي هذه الحالة لا يستطيع هذا الخصم التنصل مما تثبته عليه الورقة إلا إذا بين كيف وصل إمضاؤه هذا الصحيح أو ختمه هذا الصحيح إلى الورقة التي عليها التوقيع به وأقام الدليل على صحة ما يدعيه من ذلك لأنه متى أعترف الخصم الذي تشهد عليه الورقة بأن الإمضاء أو الختم الموقع به على الورقة هو إمضاؤه أو ختمه ، أو متى ثبت ذلك بعد الإنكار بالدليل الذي يقدمه المتمسك بالورقة ، فلا يطلب من هذا المتمسك أي دليل آخر لاعتماد صحة الورقة وإمكان اعتبارها حجة بما فيها على خصمه صاحب الإمضاء أو الختم ،
ثانياً : حجية البيانات المدونة في المحرر العادي :
إذا اعترف الخصم بصدور المحرر العادي منه أو سكت ولم ينكر صدوره عنه ، يكون للمحرر العادي حجية كاملة في الإثبات ، مثله في ذلك مثل المحرر الرسمي غير أن للخصم أن ينقض البيانات الواردة في المحرر العرفي بطرق الإثبات العادية
وإذا لم يقتصر الخصم على إنكار صدور المحرر منه وادعى أن البيان الوارد به أصابه تزوير مادي عن طريق الإضافة أو الحذف ، فإنه يتعين عليه أن يسلك طريق الطعن بالتزوير
ثالثا : حجية المحرر العادي بالنسبة للتاريخ المدون به :
تثبت حجية المحرر العرفي في مواجهة ظرفية ، بالنسبة لما دون فيه من بيانات ، بما في ذلك البيان المتعلق بتاريخ المحرر ، أما في مواجهة الغير فلا يعتبر المحرر العادي حجية عليه في تاريخه إلا إذا كان ثابتا
(( لا يكون للسند العادي حجة على الغير في تاريخه إلا منذ أن يكون له تاريخ ثابت)) ولقد قصد المشرع حماية الغير من خطر تقديم المحرر العادي
ويقصد بالغير في هذا المقام كل من يحتج في مواجهته بصحة ثبوت تاريخ المحرر العادي مما يترتب عليه الإضرار بحق تلقاه عن أحد طرفي المحرر أو بمقتضى نص في القانون
ويعتبر من الغير :
1) الخلف الخاص :- أي من يكتسب من سلفه حقا معينا ، كالمشتري الذي يعتبر خلفا للبائع ، فإذا باع شخص منقولا مرتين ، فإن البيع الثاني لا يحتج به على المشتري الأول إلا إذا كان له تاريخ ثابت وذلك منعا للتواطؤ الذي قد يتم بين البائع والمشتري الثاني أضراراً بحقوق المشتري الأول بتقديمها تاريخ البيع الثاني على البيع الأول
2) الدائن الحاجز : فإذا حجز الدائن على منقول مملوك لمدينه أو على ما للمدين لدى الغير ، فإنه يصبح من الغير بالنسبة للتصرفات التي تصدر من المدين في المال المحجوز ، ولا
صور المحررات الرسمية
يجب أن نفرق بين حالتين : ما إذا كان أصل المحرر الرسمي موجوداً وحالة ما إذا كان الأصل غير موجود .
الحالة الأولى : حجية صورة المحرر الرسمي إذا كان الأصل موجوداً
المادة 325 مدني جزائري
وبمقتضى هذا النص أنه إذا كان أصل المحرر الرسمي موجوداً ،فإن صورته الرسمية المأخوذة من هذا الأصل تكون لها حجية في الإثبات بالقدر الذي يكون فيه مطابقا للأصل ويفترض أن صورة المحرر الرسمي للأصل نظراً لأنها تؤخذ بواسطة موظف عام مختص ، ولكن إذا نازع أحد الطرفين في هذه المطابقة ، فإن المحكمة تأمر بمراجعة الصورة على الأصل
الحالة الثانية : حجية صورة المحرر الرسمي إذا كان الأصل غير موجود
تنص المادة التاسعة من قانون البينات الأردني على أنه : إذا لم يوجد أصل السند الرسمي ، كانت الصورة الخطية أو الفوتوغرافية حجة على الوجه الآتي :
1) يكون للصورة الأولى قوة الأصل إذا صدرت عن موظف عام مختص وكان مظهرها الخارجي لا يتطرق معه الشك في مطابقتها للأصل
2) ويكون للصورة الخطية أو الفوتوغرافية المأخوذة من الصورة الأولى نفس القوة إذا صدرت عن موظف عام مختص يصادق على مطابقتها للأصل الذي أخذت منه ويجوز لكل من الطرفين أن يطلب مراجعة هذه الصورة على الأولى على أن تتم المراجعة في مواجهة الخصوم
3) أما الصورة المأخوذة عن الصورة الثانية فيمكن الاستئناس بها تبعا للظروف
ويتضح من هذه المادة أنه إذا لم يكن أصل السند الرسمي موجوداً فإنه يتعين التفرقة بين ثلاثة أنواع من الصور 1- الصور الرسمية الأصلية وهي الصور التي تنقل عن أصل المحرر الرسمي مباشرة بواسطة موظف عام مختص ، سواء كانت هذه الصور تنفيذية أو غير تنفيذية ، و هذه تكون لها حجية الأصل وإنما يشترط أن يكون مظهرها الخارجي لا يدع مجالا للشك في مطابقتها للأصل أما إذا كان المظهر الخارجي يبعث على الشك في أن يكون قد عبث بها كما إذا وجد بها كشط أو محو أو تحشير فإن الصورة تسقط حجيتها في هذه الحالة .
2- الصورة الرسمية المأخوذة عن الصور الأصلية : وهي الصور المأخوذة لا من الأصل وإنما من الصور الأصلية الرسمية ، وهذه الصور لها نفس حجية الصور الأصلية المأخوذة عنها ، بشرط بقاء الصور الأصلية حتى يمكن المراجعة عليها إذا ما طلب ذلك أحد ذوي الشأن
3- الصور الرسمية للصور المأخوذة من الصور الأصلية : وهذه لا تكون لها حجية الأصل ، ولا يعتد بها إلا مجرد الاستئناس المادة 326 مدني جزائري
الفرع الثاني : المحررات العادية
تعريف المحرر العادي
السند العادي هو الذي يشتمل على توقيع من صدر عنه أو على خاتمه أو بصمة إصبعه وليست له صفة السند الرسمي كما عرفته المادة العاشرة من قانون البينات الأردني إذا هو المحرر الذي يصدر من الأفراد دون أن يتدخل الموظف العام في تحريره وهو نوعان : محرر عادي معد للإثبات ، وهذا يكون موقعا من ذوي الشأن ، ويعتبر دليلا مهيأ أو دليلا كاملا ، ومحرر عادي غير موقع من ذوي الشأن معد للإثبات كدفتر التاجر والأوراق المنزلية ، ولذا يعطيه القانون حجية في الإثبات تتفاوت قوة ومضعفا وفق ما يتضمنه من عناصر الإثبات
أولا: المحررات العادية المعدة للإثبات
شروط المحرر العادي :
لا يشترط في المحرر العادي المعد للإثبات إلا أن يكون مدونا به كتابة مثبتة لواقعة قانونية ، وأن تكون موقعة من الشخص المنسوبة إليه
أما أنه يشترط وجود كتابة بالمحرر العادي فهذا شرط طبيعي ولا يشترط في الكتابة شكل معين ، فكل عبارة دالة على المقصود من المحرر تصلح بعد توقيعها أن تكون دليلا على من وقعها كما لا يشترط أن تكون الكتابة باليد وإنما يجوز أن تكون على الآلة الكتابة أو مطبوعة كما يصح أن تكون بخط من وقعها أو بخط شخصي أجنبي ، بالمواد أو بالقلم الرصاص كما يصح أن تكون بلغة أجنبية
أما أنه يشترط أن تكون الكتابة موقعة من الشخص المنسوبة إليه فهذا هو الشرط الجوهري في المحرر العادي المعد للإثبات فالتوقيع هو الذي يعطي ذلك المحرر حجيته في الإثبات لأنه هو الذي ينسب الكتابة إلى صاحب التوقيع ويكون التوقيع بإمضاء الشخص نفسه كما يمكن أن يكون ببصمته أو بختمه , ويجب أن يشتمل التوقيع على اسم الموقع ولقبه كاملين ، فلا يكفي أن يكون التوقيع بالأحرف الأولى من الاسم إنما يلزم أن يكون التوقيع مطابقا للاسم الوارد في شهادة الميلاد فلا يكفي اسم الشهرة أو الاسم الذي اعتاد الشخص التوقيع به وإذا خلا المحرر العادي من التوقيع فلا تكون له أية حجية إلا إذا كان مكتوبا بخط المدين ، فإنه يصلح مبدأ ثبوت بالكتابة
وقد يوقع المدين ورقة على بياض ويسلمها للدائن ليدون فيها ما تم الاتفاق عليه بينهما ، ويحدث هذا كثيراً في الشيكات حيث يوقع الشيك على بياض ويعطى للدائن لملء البيانات فإذا تمت كتابة البيانات فوق التوقيع أصبح للورقة حجية المحرر العادي وإذا دون الدائن بيانات غير مطابقة للبيانات المتفق عليها ، فإن المدين يستطيع أن يثبت ذلك ويكون الإثبات وفقا للقواعد العامة ، فلا يجوز إثبات ما يخالف الكتابة إلا بالكتابة فإذا نجح المدين في ذلك اعتبر الدائن مرتكبا لجريمة إساءة الأمانة
وإذا كان الدائن قد تعامل مع الغير بناء على ما دونه في الورقة ، فإن لهذا الغير ما دام حسن النية التمسك بحجية الورقة على المدين وليس للمدين إلا الرجوع على من أساء الأمانة بكتابة البيانات مخالفة للمتفق عليه
ولكن إذا كانت الورقة الموقعة على بياض لم تسلم إلى من أساء الأمانة وإنما حصل عليها بطريق غير مشروع كالاختلاس أو السرقة ، فإن من وقع على بياض يمكنه أن يثبت بكافة طرق الإثبات حصول الاختلاس أو السرقة والكتابة من مسيء الأمانة ولا يستطيع الغير الذي تعامل مع أساء الأمانة بناء على هذه الورقة التمسك بها على موقعها حتى ولو كان هذا الغير حسن النية .
حجية المحررات العادية في الإثبات
للمحرر العادي حجية في النواحي الثلاث الآتية : حجية المحرر بصدوره ممن وقعه ، وحجيته بصدق البيانات المدونة به ، وحجيته بالنسبة للتاريخ المدون به
أولا : حجية المحرر العرفي بصدوره ممن وقعه :
ن(من احتج عليه بسند عادي وكان لا يريد أن يعترف به وجب عليه أن ينكر صراحة ما هو منسوب إليه من خط أو توقيع أو ختم أو بصمة إصبع وإلا فهو حجة عليه بما فيه))
طبقا لهذا النص فإذا أنكر المدين توقيعه زالت عن المحرر حجتيه بصفة مؤقتة وتعين على من يحتج به أن ثبت صدوره ممن ينسب إليه التوقيع وذلك بأن يطلب من المحكمة أن تأمر بتحقيق الخطوط ، فإذا ثبت من التحقيق صدور المحرر ممن وقعه عادت إليه حجيته
وإذا أراد الشخص أن ينكر توقيع المحرر المنسوب إليه ، يجب أن يكون إنكاره صريحا ويجب أيضا أن يكون هذا الإنكار قبل أن يناقش موضوع المحرر و ذلك أن مناقشة موضوع المحرر يتعين لتكون جادة منتجة أن تكون وليدة الإطلاع على هذا المحرر ، وهو ما يمكن من التحقق من نسبة الخط والإمضاء أو الختم أو البصمة بأن يشهد عليه المحرر إذ من اليسير على هذا الأخير بمجرد هذا الإطلاع التحقق من هذه النسبة فإذا لم ينكرها فور إطلاعه على المحرر ، وخاض في مناقشة موضوعه ، فإن ذلك منه إنما يفيد تسليمه بصحة تلك النسبة ، فإن عاد بعد ذلك إلى إنكارها وسارت الدعوى شوطا بعيداً على أساس صحة المحرر ، فإنما يكون ذلك استشعاراً منه لضعف مركزه في الدعوى ، واستغلال لنصوص القانون في نقل عبء الإثبات إلى المتمسك بالورقة ، ورغبة في الكيد والمطل ، وهو ما لا يجوز تمكينه منه
غير أنه إذا كان الشخص الذي يتمسك عليه بالمحرر وارثا أو خلفا فلا يطلب منه الإنكار وإنما يكفي كما تنص المادة الحادية عشر الفقرة الثانية من قانون الإثبات الأردني أن يقرر أنه لا يعلم أن الخط أو التوقيع أو الختم أو البصمة هي لمن تلقى عنه الحق فإذا فعل الوارث أو الخلف ذلك زالت حجية المحرر العادي ووجب على من يتمسك به أن يطالب بإجراءات تحقيق الخطوط ليثبت صدور المحرر ممن ينسب إليه
وقد ينكر الشخص حصول التوقيع منه شخصيا برغم اعترافه بأن بصمة الختم الموقع بها هي بصمة ختمه وهذا أمر متصور فقد يفقد الشخص ختمه وقد سلمه إلى أخر فيخون هذا الأخير الأمانة وفي هذه الحالة لا يستطيع هذا الخصم التنصل مما تثبته عليه الورقة إلا إذا بين كيف وصل إمضاؤه هذا الصحيح أو ختمه هذا الصحيح إلى الورقة التي عليها التوقيع به وأقام الدليل على صحة ما يدعيه من ذلك لأنه متى أعترف الخصم الذي تشهد عليه الورقة بأن الإمضاء أو الختم الموقع به على الورقة هو إمضاؤه أو ختمه ، أو متى ثبت ذلك بعد الإنكار بالدليل الذي يقدمه المتمسك بالورقة ، فلا يطلب من هذا المتمسك أي دليل آخر لاعتماد صحة الورقة وإمكان اعتبارها حجة بما فيها على خصمه صاحب الإمضاء أو الختم ،
ثانياً : حجية البيانات المدونة في المحرر العادي :
إذا اعترف الخصم بصدور المحرر العادي منه أو سكت ولم ينكر صدوره عنه ، يكون للمحرر العادي حجية كاملة في الإثبات ، مثله في ذلك مثل المحرر الرسمي غير أن للخصم أن ينقض البيانات الواردة في المحرر العرفي بطرق الإثبات العادية
وإذا لم يقتصر الخصم على إنكار صدور المحرر منه وادعى أن البيان الوارد به أصابه تزوير مادي عن طريق الإضافة أو الحذف ، فإنه يتعين عليه أن يسلك طريق الطعن بالتزوير
ثالثا : حجية المحرر العادي بالنسبة للتاريخ المدون به :
تثبت حجية المحرر العرفي في مواجهة ظرفية ، بالنسبة لما دون فيه من بيانات ، بما في ذلك البيان المتعلق بتاريخ المحرر ، أما في مواجهة الغير فلا يعتبر المحرر العادي حجية عليه في تاريخه إلا إذا كان ثابتا
(( لا يكون للسند العادي حجة على الغير في تاريخه إلا منذ أن يكون له تاريخ ثابت)) ولقد قصد المشرع حماية الغير من خطر تقديم المحرر العادي
ويقصد بالغير في هذا المقام كل من يحتج في مواجهته بصحة ثبوت تاريخ المحرر العادي مما يترتب عليه الإضرار بحق تلقاه عن أحد طرفي المحرر أو بمقتضى نص في القانون
ويعتبر من الغير :
1) الخلف الخاص :- أي من يكتسب من سلفه حقا معينا ، كالمشتري الذي يعتبر خلفا للبائع ، فإذا باع شخص منقولا مرتين ، فإن البيع الثاني لا يحتج به على المشتري الأول إلا إذا كان له تاريخ ثابت وذلك منعا للتواطؤ الذي قد يتم بين البائع والمشتري الثاني أضراراً بحقوق المشتري الأول بتقديمها تاريخ البيع الثاني على البيع الأول
2) الدائن الحاجز : فإذا حجز الدائن على منقول مملوك لمدينه أو على ما للمدين لدى الغير ، فإنه يصبح من الغير بالنسبة للتصرفات التي تصدر من المدين في المال المحجوز ، ولا تنفذ في حقه التصرفات التي يجريها المدين إلا إذا كان لها تاريخ سابق على الحجز
3) دائنو المفلس : إذا شهر إفلاس أو إعسار المدين ، يصبح دائنوه من الغير بالنسبة لتصرفاته التي قد تنقص من حقوقه أو تزيد في التزاماته ولا تكون هذه التصرفات نافذة في حق الدائنين إلا إذا كان لها تاريخ ثابت سابق على شهر الإفلاس أو شهر الإعسار
وإذا كان القانون يحمي الغير على النحو المتقدم فلا يقرر للمحرر العادي حجية في مواجهته إلا إذا كان له تاريخ ثابت ، فإنه يشترط أن يكون الغير حسن النية ، فإذا كان المشتري يعلم وقت تمام العقد أن البائع سبق أن تصرف في المبيع لشخص آخر وبادر إلى إثبات تاريخ عقده ، فإنه لا يكون حسن النية ، ويمكن للمشتري الأول أن يحتج عليه بتاريخ البيع الأول حتى ولو لم يكن ثابتا .
(( ويكون للسند تاريخ ثابت ))
أ - من يوم أن يصادق عليه الكاتب العدل
ب- من يوم أن يثبت مضمونه في ورقة أخرى ثابتة التاريخ رسميا
ج- من يوم أن يؤشر عليه حاكم أو موظف مختص
د- من يوم وفاة أحد ممن لهم على السند
وهناك حالات مستثناة من قاعدة ثبوت التاريخ كالمخالصات على سبيل المثال فإذا كان المحرر العادي مجرد مخالصة بالدين ، جاز للقاضي ألا يشترط ثبوت تاريخ المخالصة وفي ذلك تيسير على الناس وأخذ بالمألوف ، فالمدين الذي يوفي دينا عليه ويحصل على مخالصة بالوفاء لا يفكر عادة في أن يجعل تاريخ هذه المخالصة ثابتا
ثانيا :المحررات العادية غير المعدة للإثبات
بيان هذه المحررات :
المحررات غير المعدة للإثبات لا تحمل عادة توقيع ذو الشأن ، غير أن القانون يعطيها قوة في الإثبات وفقا لشروط خاصة نظمها قانون البينات الأردني وقد أورد القانون أربعة أنواع من هذه المحررات هي (1) الرسائل والبرقيات ، (2) الدفاتر التجارية الإجبارية ، (3) الدفاتر والأوراق المنزلية (4) التأشير على سند الدين بما يفيد براءة ذمة المدين
(1)الرسائل والبرقيات
(( تكون للرسائل قوة الإسناد العادية من حيث الإثبات ما لم يثبت موقعها أنه لم يرسلها ولم يكلف أحدا بإرسالها )) وبمقتضى هذا النص يعطي المشرع للرسائل الموقع عليها بما لها من أهمية في التعامل التجاري نفس قوة السند العادي في الإثبات ، فتكون حجة على مرسلها بصحة المدون فيها إلى أن يثبت العكس بالطرق المقررة قانونا للإثبات أما الرسائل غير الموقعة فيمكن اعتبارها مبدأ ثبوت بالكتابة بشرط أن تكون محررة بخط المرسل
وتعتبر الرسالة ملك المرسل إليه ، فيستطيع أن يحتج بها على مرسلها كذلك فإن (( لكل من تتضمن الرسالة دليلا لصالحه أن يحتج بها على المرسل إليه متى كان قد حصل عليها بطريقة مشروعة غير أنه إذا تضمنت الرسالة سراً للمرسل يحظر القانون إفشاءه ، فلا يجوز تقديمها للقضاء
ويقرر المشرع للبرقيات قيمة المحرر العادي أيضا (( وتكون للبرقيات هذه القوة أيضا إذا كان أصلها المودع في دائرة البريد موقعا عليه من مرسلها )) فالبرقيات إذن كالرسائل لها قيمة المحرر العادي في الإثبات بشرط أن يكون أصلها المحفوظ بمكتب البريد موقعا عليه من مرسلها ،وقد افترض المشرع مطابقة مضمون البرقية لأصلها المودع في مكتب البريد غير أن لذوي الشأن أن يثبتوا عكس ذلك
(2)الدفاتر التجارية
يلزم القانون التجاري التجار بمسك دفاتر معينة يقيدون فيها ما يتعلق بأعمالهم التجارية بما يبين مركزهم المالي ولهذه الدفاتر حجية في الإثبات
(( دفاتر التجار لا تكون حجة على غير التجار إلا أن البيانات الواردة فيها عما أورده التجار تصلح أساساً يجيز للمحكمة أن توجه اليمين المتممة لأي من الطرفين))
((دفاتر التجار الإجبارية تكون حجة على صاحبها سواء أكانت منظمة تنظيما قانونيا أم لم تكن ولكن لا يجوز لمن يريد أن يستخلص منها دليلا لنفسه أن يجزئ ما ورد فيها ويستبعد ما كان مناقضا لدعواه)) ويتضح من هذه النصوص أن دفاتر التاجر تكون دائما حجة عليه ذلك أنها بما فيها من بيانات قام التاجر بتدوينها بنفسه – تعتبر بمثابة إقرار صادر منه
ولذلك فإن المشرع طبق عليها حكم الإقرار بالنسبة لعدم جواز تجزئته ولا يجوز لمن يريد أن يستخلص منها دليلا لنفسه أن يجزئ ما ورد فيها فإما أن يؤخذ بأكمله أو يطرح بأكمله مثلا إذا قيد التاجر في دفتره أنه تسلم البضاعة وقام بسداد ثمنها فلا يجوز للخصم أن يجزئ هذا البيان فيتمسك بواقعة تسليم البضاعة ويستبعد واقعة سداد الثمن
وقد تكون دفاتر التاجر حجةله وذلك في حالتين خرج فيهما المشرع على القاعدة التي تقضي بأنه لا يجوز للشخص أن يصطنع دليلا لنفسه
الحالة الأولى : في الدعاوى التجاري إذا كان الخصم تاجراً (( تصلح لأن تكون حجة لصاحبها في المعاملات المختصة بتجارته إذا كانت منظمة وكان الخلاف بينه وبين تاجر )) يجوز قبول الدفاتر التجارية لأجل الإثبات في دعاوى التجار المتعلقة بمواد تجارية إذا كانت تلك الدفاتر مستوفية للشروط المقررة قانونا
الحالة الثانية : في الدعاوى المدنية ، قد تكون دفاتر التاجر حجة له على غير التاجر ، وذلك فيما يتعلق بما يورده التاجر لعملائه غير التجار غير أن هذه الحجية قاصرة على ما يجوز إثباته بالشهادة أي أنه يشترط إلا تجاوز قيمة ما ورده التاجر لعملية عشرة دنانير :
(إذا كان الالتزام التعاقدي في غير المواد التجارية تزيد قيمته على عشرة دنانير أو كان غير محدد القيمة فلا تجوز الشهادة في إثبات وجود الالتزام أو البراءة منه ما لم يوجد اتفاق أو نص يقضي بغير ذلك أما في الالتزامات التجارية إطلاقا وفي الالتزامات المدنية التي لا تزيد قيمتها على عشرة دنانير فيجوز الإثبات بالشهادة )
(3)الدفاتر والأوراق المنزلية :
يقصد بالدفاتر والأوراق المنزلية ، ما يدونه الشخص فيما يتعلق بشؤونه الخاصة ، في مذكرات أو أوراق متفرقة وهذه لا يلزم القانون الشخص بإمساكها و يتطلب فيها مراعاة أوضاع معينة ولهذا فإنه لا يعطيها نفس القيمة التي يعطيها للدفاتر التجارية على أن القانون لا يجرد مثل هذه الأوراق الخاصة من كل قيمة في الإثبات (( لا تكون الدفاتر والأوراق المنزلية حجة لمن صدرت عنه ولكنها تكون حجة عليه: (أ) إذا ذكر فيها صراحة أنه استوفى دينا (ب) إذا ذكر فيها صراحة أنه قصد بما دونه في هذه الأوراق أن تقوم مقام السند لمن أثبتت حقا لمصلحته ))
فالأصل إذن أن الدفاتر والأوراق المنزلية لا تعتبر حجة على صاحبها إلا أن المشرع أورد استثناء ين أعطى فيها هذه الأوراق بعض الحجية في الإثبات
الاستثناء الأول : إذا ذكر صاحب هذه الأوراق أنه استوفى دينا إذ يعتبر هذا بمثابة إقرار منه وقد يحدث ذلك عملا حيث يكتفي الدائن بتدوين الدين في أوراقه الخاصة ولا يطالب المدين بإيصال يثبت ذلك ، ويشترط القانون الأردني أن يكون مثل هذا الإقرار صريحا
الاستثناء الثاني : إذا ذكر صاحب هذه الأوراق أنه قصد بها أن تقوم مقام السند لمن أثبتت حقا لمصلحته وهذه الحالة أقل وقوعا في العمل من الأولى لأن الشخص إذا قصد أن تقوم كتابته مقام السند لصاحب الحق المقر به ، فإنه غالبا ما يوقع هذه الكتابة دلالة على هذا القصد وتعتبر الكتابة الموقعة حينئذ دليلا كتابيا وفقا للقواعد العامة لا استناد إلى هذا النص الاستثنائي وهنا أيضا يتطلب القانون الأردني أن يكون التعبير صريحا وحجية الدفاتر والأوراق المنزلية في هاتين الحالتين ليست مطلقة فهي قابلة لإثبات العكس بكافة طرق الإثبات بما في ذلك البينة القرائن ولا تطبق هنا قاعدة عدم جواز إثبات ما يناقض أو يجاوز الكتابة إلا بالكتابة لأن هذه الأوراق ليست أوراقا عادية موقعة
والأصل أيضا أن الدفاتر والأوراق المنزلية لا تعتبر حجة لصاحبها لأن القاعدة أن الشخص لا يجوز أن يصطنع دليلا لنفسه ومع ذلك فليس هناك ما يمنع المحكمة من أن يستخلص قرينة لصالح من صدرت منه هذه الأوراق ومن ذلك ما جرى عليه العمل من أن الطبيب الذي يدون في دفاتره بانتظام زياراته لمرضاه يستطيع أن يستند إلى هذه الدفاتر في مطالبتهم بأتعابه ولو بما يجاوز نصاب البينة لأن علاقته بمرضاه تعتبر مانعا أدبيا من الحصول على دليل كتابي
(4)التأشير على سند الدين بما يفيد براءة ذمة المدين
أن العادة المتبعة في وفاء الديون وخاصة إذا كان الوفاء جزئيا أن يقوم الدائن بالتأشير بهذا الوفاء على سند الدين الموجود في حيازته أو على نسخة أصلية أخرى للسند أو على مخالفته بدفعة سابقة من الدين
(( التأشير على سند بما يستفاد منه براءة ذمة المدين حجة على الدائن إلى أن يثبت العكس ولو لم يكن التأشير مؤرخا أو موقعا منه ما دام السند لم يخرج قط من حوزته))
(( وكذلك يكون الحكم إذا كتب الدائن بخطه دون توقيع ما يستفاد منه براءة ذمة المدين
في نسخة أصلية أخرى للسند أو في الوصل وكانت النسخة أو الوصل في يد المدين ))
ويتضح من هذين النصين إنه إذا كان السند المؤشر عليه ببراءة ذمة المدين في حيازة الدائن فإن هذا التأشير يعتبر حجة على الدائن , إلا أن هذه الحجية قابلة لإثبات العكس , فيستطيع الدائن أن يقيم الدليل على أن التأشير قد تم مقدما توقعا لوفاء لم يحصل , أو أن هذا التأشير قد تم عن غلط
وقد يتم التأشير على نسخة أو مخالصة في حيازة المدين ، وفي هذه الحالة لا يكون التأشير حجة على الدائن إلا إذا كان بخطه وكانت النسخة أو المخالصة في يد المدين ، وهذه الحجية أيضا قابلة لإثبات العكس.