بحث شامل حول النفقات العامة
النفقات العامة
خطة البحث :
مقدمة
المبحث الأول : ماهية النفقة العامة :
--- المطلب الاول : تعريف النفقة العامة
--- المطلب الثاني : شكل النفقة العامة :
--- المطلب الثالث : تقسيمات النفقة العامة :
المبحث الثاني : مصادر النفقة العامة :
--- المطلب الأول : المعيار القانوني ( المعنوي ) :
--- المطلب الثاني : المعيار الوظيفي :
--- المطلب الثالث : هدف النفقة العامة :
المبحث الثالث : قواعد الإنفاق العام :
--- المطلب الأول : قاعدة المنفعة
--- المطلب الثاني : قاعدة الإقتصاد في النفقة
المبحث الرابع : حدود الإنفاق العام :
المطلب الأول : ظاهرة تزايد النفقات العامة
--- المطلب الثاني : الأسباب الظاهرية لتزايد النفقات العامة
--- المطلب الثالث : الأسباب الحقيقة لتزايد النفقات العامة
الخاتمة .
مقدمة :
إزدادت أهمية دراسة نظرية النفقات العامة في المدة الأخيرة مع تعاظم دور الدولة وتوسع سلطتها وزيادة تدخلها في الحياة الإقتاصدية وترجع اهمية هاته النفقات العامة إلى كونها الأداة التي تستخدمها الدولة من خلال سياستها الإقتصادية في تحقيق أهدافها النهائية التي تسعى إليها فهي تعكس كافة جوانب الانشطة العامة وكيفية تمويلها ولذلك نرى أن نظرية النفقات العامة قد شهدت تطورا يساير التطور الذي لحق بدور الدولة لهذا سنتناول فيما يلي دراسة النفقات العامة من حيث ماهيتها من خلال المبحث الاول ومصادرها في المبحث الثاني لنأتي على القواعد التي يخضع لها الإنفاق العام بالمبحث الثالث لنختتم دراستنا هاته بالمبحث الرابع الذي سنتناول فيه حدود الإنفاق العام .
المبحث الأول : ماهية النفقة العامة :
تعريف النفقة العامة :
تعرف النفقات العامة بانها تلك المبالغ المالية التي تقوم بصرفها السلطة العمومية ( الحكومة والجماعات المحلية )
أو أنها تلكل المبالغ النقدية التي يقوم بإنفاقها الأشخاص العموميون بقصد تحقيق منفعة عامة
كما يمكن تعريفها بانها إستخدام مبلغ نقدي من قبل هيئة عامة بهدف إشباع حاجة عامة ووفقا لهذا التعريف يمكن إعتبار النفقة العامة
أنها ذات أركان أو أسس ثلاثة أساسية هي
- ملبغ نقدي
-
- يقوم بإنفاقه شخص عام
-
- الغرض منه تحقيق نفع عام
المطلب الثاني
شكل النفقة العامة :
تكون النفقة العامة في شكل مبلغ مالي أو نقدي حيث تقوم الدولة بدورها في الانفاق العام باستخدام مبلغ نقدي ثمنا لما تحتاجه من منتجات سلع و خدمات من اجل تسير المرافق العامة وثمنا لرؤوس الاموال الإنتاجية التي تحتاجها للقيام بالمشاريع الاستثمارية التي تتولاها ولمنح المساعدات والإعانات الإقتصادية منها والإجتماعية والثقافية وغيرها .
ومما لا شك فيه أن إستخدام الدولة للنقود هو امر طبيعي ويتماشى مع الوضع القائم في ظل إقتصاد نقدي تقوم عليه جميع المبادلات والمعاملات ومن ثم تصبح النقود هي وسيلة الدول للإنفاق شأنها في ذلك شأن بقية الأفراد .
وبالرغم من ان الإنفاق العام قد ظل لفترة طويلة من الزمن يتم في صورة عينية – كقيام الدولة بمصادرة جزء من ممتكلتا الأفراد أو الاستلاء جبرا على ما تجتاجه من اموال ومنتجات دون تعويض أصحابها تعويضا عادلا أو إرغام الأفراد على العمل من غير اجر إلا ان هذا الوضع قد زال بعد إنتهاء مرحلة إقتصاد المقايضة أو كما يسمى بالتبادل العيني .
وإستنادا على ذلك لا نعتبر الوسائل الغير نقدية التي تقوم الدولة بدفعها للحصول على ما تحتاجه من منتجات او منح المساعدات من باب النفقات العامة كما لا تعتبر نفقات عامة المزايا العينية مثل السكن المجاني أو النقدية كالإعفاء من الضرائب أو الشرفية كمنح الاوسمة والالقاب التي تقدمها الدول لبعض القائمين بخدمات عامة أو لغيرهم من الأفراد ولا يقلل من ذلك أنه وفي بعض الاحيان الاستثنائية التي قد يتعذر على الدولة تماما الحصول على إحتياجاتها عن طريق الإنفاق النقدي مثل اوقات الحرب والأزمات الحادة قد تعد بعض الوسائل الغير نقدية من قبيل النفقات العامة إلا ان ذلك استثناء لا يجب تعميمه .
ويعتبر الإنفاق النقدي من أفضل طرق الإنفاق العام التي تقوم به الدولة وهذا راجع لعدة أسباب يمكن أو نوجزها فيما يلي :
1- إن إستعمال الدولة للنقود في عملية الإنفاق يسهل ما يتطلبه النظام المالي الحديث من ترسيخ مبدأ الرقابة بصورها المتعددة على النفقات العامة ضمانا لحسن إستخدامها وفقا للأحكام والقواعد التي تحقق إشباع حاجات الأفراد العامة أظف إلى ذلك أن الرقابة على الإنفاق العيني يشكل صعوبة كبيرة نظرا لصعوبة تقييم هذا النوع من الإنفاق
2- أن نظام الإنفاق العيني بما قد يتبعه من منح بعض المزايا العينية يؤدي إلى الإخلال بمبدا المساواة والعدالة بين الأفراد في الإستفادة من نفقات الدولة وفي توزيع الاعباء والتكاليف العامة بين الأفراد
3- أن إنتشار مبادئ الديمقراطية أدى إلى عدم إكراه الأفراد على تأدية أعمالهم عن طريق العمل بدون أجر لتعارض ذلك مع حرية الإنسان وكرامته
4- أن الإنفاق العيني يثير العديد من الإشكالات الإدارية والتنظيمية ويؤدي إلى سوء في التدقيق وقد يؤدي إلى الإنحياز نحو بعض الأفراد وإعطائهم مزايا عينية دون غير هم .
ونتيجة للأسباب والعوامل السالف ذكرها فإن النفقات العامة دائما تأخذ صورة نقدية
ولا يخفى على احد ان الإنفاق العام في صورته النقدية قد ادرى إلى إزدياد حجم النفقات العامة وبتالي إزدياد حجم الضرائب ( كمصدر أساسي للإيرادات العامة ) وغيرها من الأعباء العامة مع توزيع يتم بعدالة نسبية لهذه الأعباء كل حسب مقدرته التكليفية .
المطلب الثالث :
تقسيمات النفقة العامة :
في السابق وفي ظل الدولة الحارسة لم يكن تقسيم النفقات العامة موضوعا يثير شغف الباحثين الاقتصادين حيث كانت النفقات العامة محدودة وموجهة لتقديم خدمات معينة تقوم بها الدولة فكانت النفقات من طبيعة واحدة إلا انه ومع تطور دور الدولة وتحولها من خانة الدولة الحارسة إلى خانة الدولة المتدخلة إزدادت أهمية تقسييم النفقات العامة نظرا لتنوع وتزايد النفقات العامة واختلاف آثارها
ومن ثم ظهرت الحاجة لتقسيم وتبويب هذه النفقات إلى أقسام متميزة مع ضرورة أن يكون معيار التقسيم قائما على مبادئ واضحة ومنطقية .
وترجع اهمية تحديد هذه التقسيمات إلى كونها تخدم اغراض متعددة من أبرزها
تسهيل صياغة وإعداد البرامج حيث ان حسابات الدولة مرتبطة ببرامج معينة تتولى الأجهزة والهيئات العامة تسييرها فيجب ترتيب تلك الحسابات بطريقة يسهل معها صياغة وإعداد هاته البرامج .
تحقيق الكفاءة والفعالية في تنفيذ الميزانية وهذا أمر بديهي حيث ان كفائة تنفيذ الخطة المالية للدولة يتطلب ضرورة تقسيم الميزانية حتى يمكن قياس كفاءة تنفيذ كل البرامج .
خدمة اهداف المحاسبة المراجعة المراقبة والإعتماد .
تسهيل دراسة الآثار المختلفة للأنشطة العامة المختلفة ومعرفة تطورها حيث ان تقسيم النفقات العامة يسهل التعرف على تكلفة كل نشاط وتطورات تلك التكلفة وأهميتها النسبية بالمقارنة بالأنشطة الاخرى .
تمكين البرلمان والرأي العام من إجراء رقابة فعالة على الدور المالي للدولة يجعل الحكومة تقوم بإنفاق المبالغ المالية في السبل التي قررتها وليس في اوجه اخرى .
ومن بين هذه تقسيمات النفقات العامة نذكر ما يلي :
نفقات التسيير ونفقات الاستثمار
نفقات حقيقية وتحويلية
نفقات عادية ونفقات غير عادية
نفقات وطنية وأخرى محلية
الباب الثاني : مصادر النفقة العامة :
لا يمكننا أن نعتبر المبالغ النقدية التي تنفق لأداء خدمة معينة من باب النفقة العامة إلا إذا صدرت من شخص عام ويقصد بالشخص العام الدولة وأقسامها السياسية وجماعاتها المحلية بما في ذلك الهيئات والمؤسسات العامة ذات الشخصية المعنوية أو قد تكون أشخاص عامة محلية كالمجاس والمحافضات والمدن في الدول الموحدة .
وعلى هذا الأساس فإن النفقات التي ينفقها أشخاص خاصة طبيعية او معنوية لا تعتبر نفقات عامة حتى ولو كانت تستهدف تحقيق منفعة عامة . على سبيل المثال قام مجمع ما بشراء شركة ما ثم تبرع بها للدولة فإن هذا الإنفاق لا يعد إنفاقا عاما وهذا راجع إلى ان الأموال التي قام بإنفاقها تعد أمولا خاصة وليست عامة وبالرغم من عمومية الهدف من ثم يعد من باب الإنفاق الخاص .
ولكن هل يعني ذلك أن كافة المبالغ المالية التي تنفقها الدولة تعتبر نفقات عامة ؟
من المتفق عليه أن كافة المبالغ المالية أو النقدية التي تنفقها الدولة بمناسبة ممارستها وقيامها بنشطاتها ومهامها العامة وبموجب السطلة والسيادة الآمرة تعد نفقات عامة . أما النفقات التي تنفقها الدولة أثناء قيامها بنشاط إقتصادي مماثل
للنشاط الذي يباشره الأفراد مثل المشاريع الإنتاجية فقد ثار خلاف نظري حول طبيعتها .
وقد إستند الفكر المالي في سبيل تحديد طبيعة هذا الإنفاق إلى معيارين أساسين احدهما قانوني والآخر ظيفي .
المطلب الأول :
المعيار القانوني ( المعنوي ) :
وهو المعيار الكلاسيكي ويتكز على الطبيعة القانونية للشخص المنفق بمعنى ىخر أن النفقطة الأساسية هي الشخص القائم بالإنفاق أيا كانت طبيعة هذا الإنفاق .
فإذا كان من أشخاص القانون العام فإن النفقة تعد نفقة عامة أيا كان الغرض منها أما إذا كان المنفق من أشخاص القانون الخاص فإن النفقة تعتبر نفقة خاصة بغرض ما تهدف إليه من أغراض وعليه فيعتبر الإنفاق إنفاقا عاما إذا قام به شخص خاضع لقواعد القانون العام كالدولة وفروعها السياسية وجماعاتها المحلية بما يتوفر لديه من سيادة وسلطة آمرة .
وبذلك لا نعتبر النفقات عامة تلك النفقات التي يقوم بها شخص من أشخاص القانون
الخاص المعنوية او الطبيعية حتى إذا كان الغرض منها تحقيق منفعة عامة على سبيل المثال قام شخص ما ببناء مدرسة وتبرع بها للدولة كما ذكرنا سالفا فبالرغم من كون الهدف هو تحقيق المنفعة العامة إلا ان الإنفاق قد صدر من شخص خاص والأموال خرجت من ذمة شخص خاص وليس عام وبتالي لا يعد الإنفاق هنا إنفاق عام .
ويستند انصار هذا المعيار إلى اختلاف طبيعة النشاط الذي يقوم به أشخاص القانون العام عن ذلك الذي يباشره أشخاص القانون الخاص .
إذ ان نشاط القانون العام يهدف أساسا إلى تحقيق المنفعة العامة والمصلحة العامة ويعتمد في ذلك على سلطته وسيادته المخولة له من طرف القانون والمتمثلة في سلطة إصدار القوانين والقرارات الإدارية .
بينما يهدف أشخاص القانون الخاص إلى تحقيق مصلحة خاصة والربح أساس في المرتبة الاولى ويعتمد في سبيل تحقيق ذلك على التعاقد والتبادل .
ويعود الاختلاف بين نشاط الأشخاص العامة ونشاط الأشخاص الخاصة إلى طبيعة الدولة الحارسة التي كان يقتصر نشاطها على القيام بالخدمات الأساسية مثل الامن والدفاع والعدالة وتسير بعض المرافق العامة وبطبيعة الحال فإن هذه الخدمات تحقق نفعا عاما تهدف له الدولة بموجب ما تتمتع به من صلاحيات وسيادة على إقليمها
وفي ظل هذا الدور للدولة ظل المعيار القانوني لتحديد طبيعة النفقة بين عامة وخاصة ثابتا لمدة طويلة إذ انه يجسد ويعكس الوضع السائد في تلك الفترة ومع تطور دور الدولة وتوسعه وازدياد تدخلها في جوانب الحياة الإقتصادية تغيرت صفتها من دولة حارسة إلى دولة متدخلة ثم إلى دولة منتجة حيث امتد دورها ليشمل
كثيرا من الاعمال التي تدخل في دائرة اختصاص نشاط الأشخاص الخاصة مثل انشطة الإنتاج والتوزيع والإستثمار ...... إلخ
ومن ثم فإنه إذ كان المعيار القانوني قد توافق مع فكرة إعتبار نشاط الدولة كدولة حارسة فقط فإن هذا المعيار لم يعد يتلاءم وحده في تحديد طبيعة النفقة العامة من الخاصة ولذلك استنتج بعض الإقتصاديين إلى إقتراح معيار آخر يتناسب مع
توسع نشاط الدولة باعتبارها دولة منتجة تقوم بنفس انشطة الأفراد ويعتمد على الوجهة الوظيفية والاقتصادية للشخص الذي تصدر عنه النفقة العامة .
المطلب الثاني
المعيار الوظيفي :
ويرتكز هذا المعيار أساس على الطابع الظيفي والإقتصادي لللشخص القانوني المنفق وليس على الشكل القانوني لصاحب النفقة .
من هنا لا يمكننا إعتبار جميع النفقات الصادرة عن الأشخاص العامة نفقات عامة ما عدا تلك الانشطة والمهام التي تقوم بها الدولة . أما النفقات التي تقوم بها الدولة أو الأشخاص العامة وثماثل النفقات التي يقوم بها الأشخاص الخاصة فانها تعتبر نفقات خاصة . وعلى العكس من ذلك فتعتبر النفقات التي تقوم بها الأشخاص الخاصة المفوضين من قبل الدولة في استخدام سطلتها نفقات عامة بشرط ان تكون هذه النفقات العامة نتيجة لإستخدام هذا السلطة
فإذا قاموا بهذه النفقات باعتبراهم سلطة عامة أي مزودة بالأدوات التي يمنحها التشريع الاداري لأشخاص القانون العام . فتعتبر النفقات هنا نفقات عامة أما إذا قاموا بتسير هذه الاموال وانفقوها على طريقة الأفراد العاديين فان النفقة تعد نفقة خاصة .
وبناء على ما تقدم واستنادا للمعيار الوظيفي نستنتج أن النفقات العامة قد لا تصدر من طرف أشخاص القانون العام فقط بل قد تصدر كذلك من أشخاص القانون الخاص .
وفي حقيقة الامر إن الاخذ بهذا المعيار يعني تجاهل التطور الذي لحق بمالية الدولة . وقد ينزع للمالية العامة جزءا معتبرا منها ألا وهي النفقات العامة التي تؤديها الدولة حرصا منها على تلبية الحاجيات العامة التي تتزايد على نحو مستمر بالتوازي مع تطور دور الدولة .
ومن خلال كل ما ذكرناه فإنه يجب التوسع في تعريف النفقة العامة بحيث تشمل كافة النفقات التي تقوم بها الدولة أو مؤسساتها العامة الوطنية منها والمحلية بغض النظر عن صفة السيادة أو السلطة الآمرة أو طبيعة الوظيفة التي يصدر عنها الإنفاق العام لما في ذلك من مواكبة لتطور دور الدولة وتوسعه
المطلب الثالث :
هدف النفقة العامة :
يجب أن يكون الهدف من النفقة العامة هو إشباع الحاجات العامة ومن ثم تحقيق المنفعة العامة أو المصلحة العامة . وبتالي لا يمكننا إعتبار مبلغ نقدي كنفقة عامة تم صرفه لإشباع حاجة خاصة أو تحقيق منفعة خاصة تعود على الأفراد .
والسبب في ذلك يرجع لضرورة سيادة مبدا المساواة والعدل داخل المجتمع . إذ أن جميع الافراد يتساوون في تحمل الاعباء العامة كالضرائب ومن ثم فيجب أن يكونوا على قدم المساواة كذلك في الإستفادة من النفقات العامة للدولة .إذ ان تحمل الأعباء العامة والنفقات العامة هما وجهان لعملة واحدة .
ومنه لا يعقل ان نجعل النفقة لغرض منفعة او مصلحة خاصة بفئة معينة حتى لا يتم الدوس على مبدا العدالة والمساواة في تحمل الأعباء العامة .
وإذا كان هذا ما يمكن أن نراه بسيطا وبديهيا فإن الصعوبة تكمن في تقدير وتحديد الحاجة العامة بصورة موضوعية .
في الحقيقة إن عملية تحديد الحاجة العامة تركتز أساسا على معيار سياسي أكثر منه إقتصادي أو إجتماعي إذ ان السلطات السياسية في الدولة هي التي تتولى عادة تقرير ما إذا كانت حاجة ما تعتبر حاجة عامة او لا وهي تستند في ذلك إلى قواعد ومحددات معينة .
وهي في طريقها لتحديد نوعية الحاجة تخضع لرقابة تشريعية وتنفيذية وأحيانا قضائية لضمان عدم إساءة إستعمال هذا الحق . وتتمثل الرقابة التشريعية في حق البرلمان في إعطاء الحكومة رخصة الحصول على الاعتماد المالي الذي تطلبه . وتنص أحيانا بعض الدساتير على عدم السماح بإقرار نفعة عامة لمنفعة فردية أو إعتماد أنواع معينة من النفقات كصرف الإعانات لجمعات او احزاب سياسية أو دينية أو اقتصار حق اقتراح النفقات العامة على الحكومة دون اعضاء البرلمان . وتسمح أغلبية الدساتير لنواب البرلمان بالتقديم بالأسئلة والاستجوابات الموجهة للوزراء وتحريك المسؤولية السياسية ضدهم لإذا كان إنفاق الاموال العامة قد تم بهدف تحقيق أغراض شخصية .
وتتمثل الرقابة من جانب الهيئة التنفيذية في حق إلغاء الاعتمادات المالية التي تقررها الهيئات التشريعية المحلية في بعض البلدان إذا رأت أنها تتظمن خروجا على قاعدة تحقيق النفقات العامة لمنفعة عامة .
كما يحق للسطلة التشريعية أن تراقب عمليات إنفاق الإعتمادات المالية التي أقرتها للحكومة وهذا من خلال طلبها لهذه الاخيرة تقديم وثيقة تسمى بقانون ضبط الميزانية الذي يتم بمقتضاه ملاحضة تنفيذ قانون المالية السنوي ويمكن عندها مقارنة مدى تطابق ماتم إنجازه مع التقديرات المصنفة في قانون المالية السنوي وسناخذ هذه النقطة بالتفصيل في بحث الميزانية العامة .
المبحث الثالث : قواعد الإنفاق العام :
يتم تحديد النفقات العام للدولة وفق أسس ومبادئ مححدة يجب عدم تجاوزها وهذا في سبيل تحقيق الهدف المرجو منها وهو إشباع الحاجات العامة
وما يجب أن نشير إليه أن هذه القواعد الضابطة تتأثر بشكل كبير بالنهج السياسي والإقتصادي والإجتماعي للدولة بمعنى آخر أنه كلما تراجع دور الدولة فيما يخص التدخل في الانشطة الإقتصادية المختلفة وتقمصت دور الدولة الحارسة فإن النفقات العامة تتحدد بالحجم اللازم والضروري للقيام بدروها المتعلق بتسيير المرافق العمومية وبعض الانشطة التي يعجز الأفراد عن القيام بها وهو ما اطلق عليه حياد المالية العامة أو حياد النفقة العامة حيث لم تعد الدولة تستخدم في تحقيق أي من الأغراض الاقتصادية والاجتماعية كما تتبعنا في الفصل التمهيدي .
ولقد ساد هذا الوضع خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر وترتب على ذلك أن قل حجم النفقات العامة للدولة .
ولقد تغير الوضع بعد تدخل الدولة بشكل كبير في الحياة الاقتصادية في بداية القرن العشرين مما ادى إلى زيادة وتنوع النفقات العامة على نحو إستلزم استحداث قواعد ومبادئ لتسيير النفقات العامة في سبيل تحقيق أهداف السياسة الإقتصادية .
ولا يمكننا أن نتجاهل هيمنة فكرة الخصخصة في المدة الاخيرة على المستوى العالمي والتي مست ميادينا شتى خاصة الدوائر الإقتصادية منها والتي في حالة استفحال تطبيقها وانتشار استخدامها كاداة مساعدة في تحقيق النجاعة الاقتصادية في قطاع معين فإنه قد يدفع السلطات العمومية إلى الرجوع إلى العمل تحت غطاء الدولة الحارسة التي يقتصر دورها على القيام بتسيير المصالح العمومية والضرورية وما قد يحدثه ذلك من إنعكاسات على النفقات العامة وسنتطرق فيمايلي إلى دراسة القواعد الضابطة للنفقات العامة ( المبحث الاول ) وحدود هذه النفقات ( المبحث الثاني ) وظاهرة تزايد النفقات العامة وما قام به فانجر من دراسة وتحليل في هذا الإطار (المبحث الثالث )
المطلب الأول
قواعد النفقات العامة :
حتى تتمكن النفقات من تحقيق الآثار والاهداف المنتظرة منها في تلبية مثلة للحاجات العامة فإن ذلك يتطلب تحقيق أكبر حجم ممكن من المنفعة مستعملة في ذلك أداه الاقتصاد في النفقات مع الأخذ في الحسبان أهمية وضرورة وجود طرق ومناهج للرقابة التي تظمن توجيه النفقات نحو الابواب ذات المصلحة الشاملة لأفراد الشعب دون تبذيرها في غير تلك المصلحة .
وإذا تم احترام هذه القواعد بشل دقيق فذلك سيقودنا إلى حالة من الإنفاق الرشيد او على أمثلية النفقات العامة الحاملة لقيمة مضافة هامة للإقتصاد الوطني .