الرئيسيةأحدث الصورمركز الرفعالتسجيلدخول

Share
 

 محاضرات في القانون الدولي

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
baconecdz
baconecdz


مدير المنتدى : خالد khaled
مدير المنتدى : خالد khaled


الجنس الجنس : ذكر
هوايتي : الرياضة
مسآهمآتے مسآهمآتے : 11463
التقييم التقييم : 368

محاضرات في القانون الدولي Empty
مُساهمةموضوع: محاضرات في القانون الدولي   محاضرات في القانون الدولي Emptyالإثنين 11 مارس 2013 - 19:43

محاضرات في القانون الدولي

د/سلوان رشيد السنجاري
م الاولى

 مقدمة : تعريف القانون الدولي

ان القانون الدولي هو مجموعة القواعد التي تنظم العلاقات بين الدول (1) التي تدعي لنفسها السيادة ولاتعترف بأي سلطة أعلى منها . ان هذا الادعاء يضفي على القواعد الحقوقية التي تهيمن على هذه العلاقات ، صفة مبتكرة تميزها عن القواعد المتعلقة بالقانون الداخلي . فالاشخاص التابعون لهذا القانون يخضعون الى سلطة تضع القانون وتفرض احترامه ، في حين أن الدول وهي اشخاص القانون الدولي ، تصدر معا" بعد الاتفاق فيما بينها ، الانظمة التي تعبر عن مصلحتها المشتركة ، وتبقى كل واحدة منها حرة في تقدير مدى الالتزام الذي يترتب عليها وشروط تنفيذه . فالقانون الداخلي قانون طاعة وامتثال ، يهيمن على الاشخاص الذي يمكن ارغامهم على احترام القانون ،بطريق القوة اذا اقتضى الامر ، وبواسطة الاجهزة الادارية المختصة . اما القانون الدولي ، فأنه ، على النقيض من ذلك يعد قانون تنسيق يكتفي بتجنيد التعاون بين الدول . ولما كانت هذه الدول لاتخضع الى أي سلطة تعلو عليها ، فأن اتصالها فيما بينها يتم وفقا" لادارتها ، وتبقى كل واحدة منه صاحبة السيادة في تقدير مدى حقوقها .ومؤدى ذلك ان جميع الدول لاتتصور معنى القاعدة الحقوقية بشكل واحد ، وبما انها تتجه نحو تجزئة مصالحها الرئيسية الى قيم مقدسة ، فأن السلم يصبح امرا" غير مضمون .ولذلك فان جميع انصار السلم قد هاجموا عن طريق القانون فكرة السيادة وهي العقبة الرئيسية لتفوق القانون الدولي على الاشخاص التابعيين له ، وهم الدول .ان هذا الاستدلال يستند الى منطق لايقبل الجدل ، ولكن السيادة مع الاسففكرة تاريخية ، ومن العسير تغيير التاريخ بمجموعة من الحجج المنطقية . ويجب ان تندمج هذه الحجج بالاحداث بقوة تجعل من الامر الذي كان طبيعيا" في الامس ، يبدو في اليوم التالي امرا" تافها" . وقد بدأ هذا التطور اثر الحربين العالميتين اللتين أثبتتا مدى الدمار الذي تؤدي اليه السيادات المنطلقة من عقالها . وعقب النزاع الاول ظهرت بعض المنظمات الدولية ، وفي مقدمتها عصبة الامم ومازال عددها يزداد منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية.ورغم انه لم يتسن من الناحية العملية ، ادراك مدى اهمية هذا الحادث فورا" فقد كان مرماه عظيما" من حيث المبادىء.فاذا انتقلنا من المرحلة الدولية الصرفة المبنية على تنسيق ارادي للسياسات الحكومية ، الى مجتمع منظم فاننا نتوصل الى نظام مستمد من مفهوم مختلف ، يستطيع ايجاد خصائص القانون الداخلي واعطاء صورة لمجموعة مؤلفة من اجهزة تملك حق التشريع والمحاكمة والتنفيذ .ويجب ان نستبدل ممارسة المهام الاجتماعية بشكل مبعثر بنوع من تركيز السلطات تختلف حدته تبعا" لدرجة التضامن الذي تشعر به الدول المتحالفة.
وبذلك لايتم التوحيد الذي عبثا" حاول الغزاة فرضة فحسب وانما تتم ايضا" الوحدة المبنية على موافقة الدول المشتركة لانشاء سلطة تعلو على سلطتها.
والمنظمات الدولية لاتعكس هذا المخطط النظري الا من بعيد لانها تستمد وجودها من الدول نفسها . وهذه الدول حريصة على الاحتفاظ باكبر قسط ممكن من السيادة ولاتتنازل الا عن اجزاء يسيرة منها الى المنظمة التي احدثت بدافع من الظروف .
ومهما بدت مساهمة المنظمات الدولية متواضعة من حيث تحقيق وحدة العالم فانها بلغت في الاحداث اهمية بالغة.
ومنذ اولى المدنيات التي ظهرت في حوض البحر الابيض المتوسط ، فاننا نشاهد ذلك النداء المتناقض بين السادة والتحالف . ان تاريخ العلاقات الدولية هو تاريخ ذلك التناوب بين المجتمعات المتجهة نحو التنظيم ، وبين الدول التي تتجابه في حروب مستمرة ، دون ان تعرف أي نظام سوى الذي تفرضه الدولة الغازية.

2-تاريخ العلاقات الدولية
لقد ظلت اليونان ، حقبة طويلة من الزمن ، تمزقها الصراعات التي كانت تبدو بمثابة حروب اهلية تتخللها مع ذلك محاولات تهدف الى الاتحاد خاصة بين المجالس التمثيلية . وفيما بعد فرض عليها فيليب الاتحاد بالقوة، وتبعه في ذلك اسكندر ، وذلك قبل ان تندمج شبه الجزيرة اليونانية في دولة اوسع بكثير وهي الامبراطورية الرومانية . وتعد هذه الامبراطورية اكمل نجاح لمحاولة استيعاب شعوب مختلفة في كيان عالمي .
وفي عام 212 ، صدر قانون ( كارا كالا) الذي اعتبر جميع سكان الامبراطورية الرومانية ، مواطنيين رومانيين . وقد ساعد انسجام الامبراطورية على انتشار الدين المسيحي الذي الف في القرون الوسطى نظاما" مختلفا" جدا" . فالدولة المسيحية كانت تتبع فلسفة مبتكرة ، اذ لم تكن المساواة بين الناس نتيجة استيعاب حقوقي طويل المدى وغير كامل ، كما كان في مفهوم الامبراطورية الرومانية بل كانت الحادث الاول بمعنى انهم متساوون جميعا" لانهم مخلوقون على صورة المسيح . فقد كان القديس بولس يقول (( لايونانيين ولابرابرة ، ولايهود ، ولاوثنيون )) .ومنذ ان اتخذ المجتمع المسيحي الانسان مرجعا" له، فقد شرع يتجه نحو الانتشار العالمي . ولم يكن بوسع مدينة الامير ان تبقى مغلقة على نفسها ، لانها كانت جزءا"من المدينة المسيحية ، التي كانت بداية المدينة الاهلية ، وهذا يفسر كيف عرفت القرون الوسطى في مجال الانظمة ، وحدة الحكومة الالهية وفي مجال العقيدة ، عالمية القانون الكنسي .
آ- ) كانت المدينة المسيحية تبدو كأنها هرم السلطات المتسلسلة : فالاسياد ، والبارونات ، والدروقات ، والملوك كانوا تابعين مبدئيا" للامبراطور الذي يخضع بدوره لسلطة البابا . وكان المجتمع مكونا" من امارات ليست متقابلة ، وانما متراصة بعضها فوق البعض الاخر . ولم يكن هذا النظام يحول ، في الواقع ، دون حدوث المنازعات . فكان الامبراطور ، في القمة ، يطالب بالسلطة الزمنية التي كان يدعى استلامها مباشرة من الله تعالى ، في حين ان البابا كان يدعي انه تسلم السلطتين الزمنية والروحية ،وعهد بالاولى الى الامبراطور الذي يظل مرتبطا" به بنشأنها .ونشب صراع طويل تميز بخضوع الملك هنري الرابع في كانوسا .وقد نشبت حروب كثيرة بين الامراء ، لكن السلطة البابوية كانت كافية لفرض الحد الادنى من النظام في العلاقات الدولية لاسيما عن طريق وضع حد اللجوء الى القوة ، اذ كانت الحرب محرمة في بعض الاماكن وفي بعض الازمنة . وفيما يتعلق بالاستعمار فان البابا كان يزود الامراء بالسلطة اللازمة للسيادة على الاراضي المغزوة في سبيل نشر الايمان . فالمنشور البابوي ( الكسندرين ) عام 1493 رسم الحد الفاصل بين الاراضي التي سيستعمرها الاسبانيون والبرتغاليون .
فقد كان بوسع الحبر الاعظم ان يفرض على الامراء عقوبات على جانب الاهمية ، اذ كان يتمكن بواسطة الحرمان ، ان يحرر رعايا الامير من واجب الطاعة . وهكذا نلاحظ توافر سلطة عليا ذات طابع كنسي ، تستطيع ، رغم ضعفها ، من فرص مذهب ذي اتجاه عالمي .
ب) لقد اشار علماء اللاهوت الى صفة الكنيسة العالمية ، يدفعهم الى ذلك بحكم الطبيعة دراسة قضايا العلاقات بين الامراء من ناحية ارتكاب الخطيئة . فقد كانوا ينشرون ان السلطة السياسية تخضع لمبدأ سام الا وهو الحق الطبيعي المستمد من الله تعالى .لذلك لم يكن الامراء اصحاب السيادة المطلقة ، وكان الجهد مبذولا" لتصوير سلطتهم كمهمة عهد بها اليهم الاله في سبيل تأمين الخير العام .
وخلال القرن الاسباني الذهبي اضفى علماء اللاهوت قوة فائقة على هذا المذهب الذي يتوخى تنظيم السلطة بقواعد سامية .
وقد بحث ( فرانسيس دو فيتوريا ) ( 1480-1546) بشكل خاص عن مبررات للاستعمار الذي ابرزت اهمية الاكتشافات الكبرى .وقد نبذ الاسباب المستمدة من همجية الشعوب المحتلة ، او من حق الاحتلال الاول ، واسنده الى حق الاتصال بين الامم ، مؤكدا" بذلك مفهومه العالمي للمجتمع الدولي اذ ان القانون الدولي نفسه مبني على الادراك العام . وكان يساور ( فرانسيسكو سواريز ) ( 1548-1617) نفس الرغبة في الوحدة ، اذ كان يرى ان الجنس البشري يفوق مختلف الامم . فالتوفيق بين استقلال كل منها ، وتشابك مصالحها الالزامي ينشأ عن وجود نوعين من القواعد : قواعد الحق الاداري وقواعد الحق الطبيعي . فالحق الاداري يستند الى اتفاقات يجب ان تأخذ بعين الاعتبار القواعد العليا التي فرضها الله تعالى على مجموع البشر.فكان يترتب على كل امير ان يعمل لصالح بلاده وان يفرض على غيره من الامراء احترام الحق الطبيعي . وبذلك تتضاعف مهتمه وتحمله ، في العلاقات الدولية ، على متابعة الخير المشترك العالمي .
ولكن صدف ، عندما كتب ( سواريز ) ماتقدم ، ان فقد العالم المسيحي وحدته المتداعية ، وتعرض العاهلان لزوال سلطتهما ،اذ رفضت ( حركة الاصلاح الديني) سلطة البابا ، كما ان تأليف دول دول قوية ، بفضل دعم الذهب الامريكي ، قد قضى على سلطان الامبراطور . وبذلك انهار كيان القرون الوسطى ، وانتشرت الدول المستقلة ، بعد ان تحررت من أي سلطة عليا.
الدول ذات السيادة:- كان المجتمع الدولي يتألف ، منذ القرن السادس عشر ، من بعض الدول كفرنسا ، وانكلترا ، واسبانيا والبرتغال . وظلت المانيا وايطاليا منقسمين الى جمهوريات او امارات ، وانما اخذت بعض المناطق فيها تحاول السيطرة على غيرها .وكانت جميع هذه الدول تعد نفسها ذات سيادة . وفي هذه الحقبة وضع المشرعون المبدأ القائل (( ان الملك الامبراطور في مملكته )). وكان يرافق هذه الادعاءات القانونية والسياسية اعتقاد اقتصادي ، مؤداه ان خروج النقد من البلاد يسبب فقرها، ومنه نشأت فكرة الاكتفاء الذاتي . وكانت مجموعة ردود الفعل هذه تسجل تراجعا" للمفهوم الدولي ، كما ان التطور المذهبي يفسر هذا الانتقال من نظام منسجم الى حالة من الفوضى الدولية .
آ) يعد ( هوغو دو كروت ) الملقب ( بغروشيوس ) ( 1583-1646 ) مؤسس القانون الدولي الحديث . فقد كان يتبع خطة العالم الذي يدرس الحقيقة الواقعية ، كما ان نظرته للقانون الدولي من زاوية علمانية قد اقصته عن اسلافه من علماء اللاهوت . غير انه ظل متمسكا" بالاعتبارات الاخلاقية ، ولاسيما فكرة مساواة البشر في الارض ، كما ان مباشرته البحث الدولي بالدفاع عن مبدأ حرية البحار ، لايخلو من مغزى ، اذ ان هذه القاعدة المبنية على حرية المواصلات والتجارة ، تتعارض مع ادعاءات الدول بشمول سيادتها المياه البحرية ، وجعل منها طريقا" مفتوحا" امام العلاقات القائمة بين الشعوب والتي لاتتمكن من ان تكفي نفسها بنفسها . ففي كتابة ( قانون الحرب والسلم ) يميز ( غروشيوس ) بين الحق الطبيعي والحق الارادي : فالاول يضع قواعد سامية يترتب على الدول احترامها ، بحيث ان رعاياها يستطيعون ان يستمدوا من النظام غير العادل ،حق مقاومة الاضطهاد .والحق الارادي يؤلف القانون الوضعي
المنبثق عن الاعراف والمعاهدات . ويرى ( غروشيوس ) ان الدولة مستقلة فعلا"، ولكنها لاتستطيع ان تبقى منعزلة ، اذ تحول دون ذلك طبيعة الانسان الاجتماعية التي تحاول تأكيد وحدة عالم يسوده وينسق شؤونه الحق الطبيعي . غير ان كتاب ( فاتل )
( Fattel ) (1714-1767) في القانون الدولي خال من هذا الحرص ، ويؤيد السيادة للكاملة للدولة كما انه يشير دون ابداء أي اسف الى الفوضى التي تسود الحياة الدولية.
ب) ومرد هذه الفوضى السائدة بين الدول الى ادعاء كل منه التمتع بالسيادة المطلقة . فالدولة مصدر القانون الدولي ، بقدر ماهي خاضعة له ، ولكنها قلما تعترف بالقواعد التي لاتنفق مع مصالحها ، وهذا يثبت ان خضوعها للقاعدة الحقوقية ليس امرا" حتميا" ، فضلا" عن ان الحكومات تفسر القاعدة المذكورة بشكل مختلفة ، ولاتلجأ بالتالي الى التسوية السلمية والتحكيم الا لحل النزاعات الضيئلة الشأن . ولذلك فان الحرب هي الحل الطبيعي للمنازعات ، وبدلا" عن وصمها بالاجرام ، فقد نظمت احكامها واساليبها وظلت مرعية الجانب حتى اواخر القرن التاسع عشر . ولدى تحول دولة الامراء الى دولة كيانها الامة ، نتيجة لتوسع الانظمة السياسية الموروثة عن الثورة الفرنسية ، استبدلت النزاعات بين الاسر المالكة ، بحروب دولية نظامية يتجابه فيها جميع افراد الشعوب المستنفرون لاداء الخدمة العسكرية نتيجة لمبدأ مساواة المواطنيين والمساواة الديمقراطية .


واذا نظرنا الى الفترة الطويلة الممتدة بين القرن التاسع عشر حتى عام 1914 ، نلاحظ ان العلاقات الدولية تستمد وجودها من قانون ناشىء عن الاواصر القائمة بين الاطراف المعنية ، الى ان نمت فكرة عقد المعاهدات الايلة الى اقصاء المنازعات المسلحةاو وضع حد لها ، عن طريق دعم التمثيل الدبلوماسي . ولكن هذه الوسائل لم تكن كافية لاستتباب السلم ، اذ ان الحاجة الى النظام الذي يعد من مقتضيات كل مجتمع ، استدعى اللجوء الى اساليب مختلفة منها مايحمل الطابع السياسي ، ومنها ماهو مستمد من المحالفات التي تتصرف كالحكومات وتمارس طيلة استمرارها نوعا" من الضغط على باقي الدول بغية المحافظة على الوضع الراهن الدولي .
1) وقد ظهر من ثم مبد آن مستمدان من التجارب لا من المذاهب يتوخيان تأمين نوع من الاستقرار في اوربا ، وهما مبدأ التوازن الذي يهدف الى تجنب النتائج الخطيرة لتعديل ميزان القوى الذي قد ينشأ عن توسع دولة على حسلب الدول الاخرى ، اذ تسعى هذه الفئة الى الحصول على مايعوض هذا الخلل في التوازن . ويؤيد ذلك ان معاهدات ( وستفاليا ) كانت عام 1648 تحابي فرنسا على حساب النمسا ، في حين ان معاهدة ( اوترخت ) المعقودة عام 1713 قد نهجت سياسة معاكسة ولاتستطيع أي دولة بموجب المبدأ الثاني ، أي مبدأ عدم التدخل ، ان تتدخل في الشؤون الداخلية للدول الاخرى .
وهذه القاعدة مستمدة من مبدأ سيادة الدولة ، ولكنها تتعرض لتفسيرات شتى تعطيها الحكومات المعنية . وعندما اعلنت بلجيكا ، عام 1830 ، استقلالها وانفصالها عن هولندا فقد اعترضت فرنسا على تدخل بروسيا .وفي العام نفسه قضت الحكومة الروسية على الثورة البولونية ، ورفضت الحكومة الفرنسية تلبية نداء الثوار والتدخل في قضية اعتبرتها داخلية صرفة . وفي الحقيقة اذا وجدت احدى الدول العظمى ان وضعا" ما يتنافى مع مصلحتها ، فانها تتدخل باسم مبدأ توازن القوى . اما اذا بدا لها ان هذا الوضع يحقق مصالحها ، فانها تعترض على مبادرات الحكومات الاخرى عملا" بمبدأ عدم التدخل .
وبذلك فان كلا" من هذين المبدأين يتيح للدول العظمى امكانات سياسية متعددة مع محاولة التظاهر بالتمسك بالاخلاق الدولية في كل ما تقدم عليه من تصرفات . وللنجاح في هذه المحاولات فقد لجأت الدول الى التحالف وحاولت ان تفرض على اوروبا نوعا" من النظام ، بفضل اهميتها وقوتها.
2) لقد بذلت في القرن التاسع عشر جهود كثيرة لتنظيم اوروبا تنظيما" امبرياليا" . وعقب الانقلابات التي انبثقت عن الثورة وحروب نابليون ، تألفت احلاف لاتهدف الى اثارة الحروب وانما الى تجنبها واتاحة الفرصة لانماء التجارة بين الامم . وهكذا نشأ الحلف المقدس ثم الاتحاد الاوروبي .
وق ضم الاول رؤساء دول روسيا وبروسيا والنمسا ثم فرنسا وانكلترا .ورغم انشغاله بقضايا اقليمية ، كضمان مخطط الحدود المرسوم في مؤتمر فيينا عام 1815 فقد كان له هدف عقائدي مؤداه الحفاظ في العالم على النظام الملكي وشرعيته ضد أي فكرة هجومية منبثقة من عقلية عام 1789 . ولذلك فقد كثرت تدخلاتها في مختلف البلاد الاوربية . غير ان الولايات المتحدة حالت دون رغبته في المساهمة في ردع مستعمرات امريكا الجنوبية التي كانت تناضل في سبيل استقلالها بعد ان اقامت تلك الدولة نفسها بطلة عزلة القارة الامريكية ازاء المشروعات الاوربية ، عملا" بمبدأ ( مونرو) الذي تبنته حكومة واشنطن . غير ان الحلف المقدس اخذ بالتدهور لانه كان ينادي بعقيدة متداعية واصبح يمثل الاقلية . وقد تحقق اخفاقة بعد انسحاب بريطانيا العظمى التي لم يكن نظامها التمثيلي ليمتزج مع الحلف ولاسيما بعد الثورة التي نشبت في فرنسا عام 1830 . وقد شجع حلول الطبقة البرجوازية اثر النهضة الصناعية انتشار الافكار المتحررة التي لم تكتف بأن يتولى المواطنون انتخاب الحكام وتسميتهم ، بل كانت تتوخى تحرير الشعوب الاوربية الواقعة تحت سيطرة دولة اجنبية . وهكذا انتشرت حركة القوميات التي اخذت تطالب بانشاء دولة حيثما يتواجد سكان تتوافر لديهم خصائص الامة . وقد تساءل ( رونان ) في دراسته الشهيرة ( ماهي الامة ) انها تستند الى رغبة في العيش معا" تؤازرها ، وحدة في الدين والعرق ،والتاريخ والمصالح الاقتصادية. انها مجموعة اسس روحية ومادية بدأ الشعور بها في اوروبا خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر ، واثارت في ايطاليا واتحاد النمسا والمجر ، قضايا عويصة اقضت مضجع الدول الكبرى ، وحملتها على تأليف الاتحاد الاوروبي . وقد كان هدف هذا الاتحاد مزدوجا: المحافظة على متابعة الاتصالات بين الدول الاعضاء ودعم السلم الذي تقتضيه المبادلات التجارية التي اخذت تنمو بسرعة في تلك الجمهورية التجارية الواسعة التي كانت تكون اوروبا الرأسمالية.
وتبعا" لذلك ، فقد انشأ الاتحاد الاوروباولى الاتحادات الادارية ، وهي منظمات دولية متخصصة في تسوية القضايا التي يتطلب حلها تجاوز المجال القومي ، وحدد نظام نه ( الدانوب ) الدولي كما حدد نظام المناطق الواقعة فيما وراء البحار ( مؤتمر برلين المعقودان عامي 1896و1889) .
وقد تم التوسع الاستعماري في الوقت الذي اخذت تنتشر في اوروبا الحركة القائلة بحق الشعوب في تقرير مصيرها مما اثار من جديد موضوع التوازن الراهن . ومن جهة اخرى فقد كان الهدف الثاني للاتحاد المحافظة على النظام وفرضه عند الاقتضاء على الدول الصغيرة والمتوسطة رغم ان بعض اعضائه كانوا يشجعون هنا وهناك حركة القوميات لدى الشعوب الموالية لهم.
غير ان هذه الحكومة الدولية في الواقع والتي تستمد سلطتها من تحالف القوى لم تكن لتخلو من التصدع .وقد بدا تشابك متزايد بين البلاد الاوروبية رغم التناقضات التي كانت قائمة بينهم على مدى الازمان والعصور . فهذا التضامن القائم موضوعيا" على شبكة من المواصلات لم يكن مقرونا" بتضامن شخصي اذ ظلت المعتقدات متعلقة بفكرة القومية كما ان الحكومات كان يساورها الاغراء بالعودة الى نظام الحماية وكان لابد من نشوب الحرب كي يلاحظوا بعد فترة طويلة ان الوحدة الفعلية للعالم الغربي كانت تحول دون المنازعات بين دولتين او عدد ضئيل من الدول وانما كانت تؤدي الى امتداد الحرب الى العالم باجمعه .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
baconecdz
baconecdz


مدير المنتدى : خالد khaled
مدير المنتدى : خالد khaled


الجنس الجنس : ذكر
هوايتي : الرياضة
مسآهمآتے مسآهمآتے : 11463
التقييم التقييم : 368

محاضرات في القانون الدولي Empty
مُساهمةموضوع: رد: محاضرات في القانون الدولي   محاضرات في القانون الدولي Emptyالإثنين 11 مارس 2013 - 19:43

بسم الله الرحمن الرحيم


م الثانية



 أساس القانون الدولي العام وعلاقته بالقانون الداخلي.
أولاً: أساس القانون الدولي العام.
يقصد بأساس القانون الدولي العام: الأساس الذي تستمد منه قواعد هذا القانون قوته الإلزامية، وقد أختلف الفقهاء في تحديد الأساس الذي تستمد منه هذه الصفة قوتها، وانقسموا في ذلك إلى فريقين:
- فريق يرى في القانون بصورة عامة تعبيراً عن أرادة الدولة، سوى كانت منفردة أو مجتمعة هي التي تضفي على القانون الدولي قوته الملزمة. وقد دعى هذا المذهب بالمذهب الإرادي.
- أما الفريق الثاني فيرى أن أساس القوة الإلزامية للقانون الدولي تكمن في عوامل موضوعية مادية مستقلة عن الإرادة الإنسانية، وهذا هو المذهب الموضوعي.

 المذهب الإرادي. Le Volontarisme
يجعل أنصار هذا المذهب من إرادة الدول الصريحة أو الضمنية أساس الالتزام بقواعد القانون الدولي العام. فالقانون الداخلي هو وليد الإرادة المنفردة للدولة، والقانون الدولي العام هو وليد الإرادة الجماعية للدول.
ولقد تفرعت عن هذا المذهب نظريتان: الأولى: نظرية الإرادة النفردة، أو التحديد الذاتي. والثانية باسم نظرية الإرادة المشتركة.

نظرية التحديد الذاتي: Theorie de L auto - Limitation
قال بهذه النظرية الفقيه الألماني (جورج يلينك)، ومؤداها إن الدولة ذات السيادة لا يمكن أن تخضع لإرادة أعلى من إرادتها، لأنها تفقد بذلك اعتبارها وكيانها، غير إنه بإمكانها تقييد أرادتها فيما تنشئه من علاقات مع الدول الأخرى، لأن الدولة التي تعيش في المجتمع الدولي تتقيد بالقانون الدولي بإرادتها دون أن تخضع بهذا لأية سلطة أخرى سوى إرادتها، فالتزام الدول بقواعد القانون الدولي مرجعه أذن تقيد هذه الدول بفعل أرادتها بهذه القواعد.
ويؤخذ على هذه النظرية أنها تهدي إلى عدم استقرار الأوضاع القانونية في المجتمع الدولي، وذلك لأن بإمكان أية دولة أن لا تلتزم بقواعد القانون الدولي بمجرد إعلانها عزمها على عدم التقيد بها، إذ أنها ما دام التزامها بقواعد هذا القانون ناشئا عن أرادتها وحدها، فلها أن لا تلتزم بها في أي وقت تقتضي أرادتها أن لا تلتزم بها، وفي هذا هدم للقانون من أساسه، كما يأخذ عليها كذلك إنها تجعل القانون يستمد صفته الإلزامية من إرادة الأشخاص الذين يخضعون له بينما مهمته الأساسية هي تقييد هذه الإرادة ذاتها.
نظرية الإرادة المشتركة للدول. Volonte commune des Etats
وضع هذه النظرية الفقيه الألماني تربيل (Triepel)، وهي تقوم على اعتبار أن إرادة الدول هي الأساس الذي تستمد منه قواعد القانون الدولي صفة الإلزام، ذلك لعدم وجود سلطة عليا في المجتمع الدولي تقوم بوضع هذه القواعد وإلزام الدول باتباعها.
غير أنه وفقا لهذه النظرية لا يمكن الاستناد إلى الإرادة المنفردة لكل دولة لإضفاء صفة الإلزام على قواعد القانون. إذ إن الإرادة المنفردة لكل دولة لا يمكن أن تلزم إرادة الدول الأخرى. ولكي يتحقق ارتباط الدول بقواعد القانون وخضوعها لها لابد من اجتماع أرادتها المتفرقة على قبول الارتباط والتقيد بها. ولهذا سميت هذه النظرية بنظرية الإرادة الجماعية أو الإرادة المشتركة. وهذه الإرادة المشتركة هي التي تعلو في السلطة على الإرادات المنفردة التي تساهم في تكوينها.
وعليه فأن اتحاد إرادة الدول هذا. هو الأساس الذي تستمد منه قواعد القانون الدولي العام قوتها الإلزامية.
إلا أن هذه النظرية لم تنج هي الأخرى من سهام النقد، فإذا كان مبدأ الالتزام بالقانون مبنياً على الإرادة المشتركة. فما الذي يمنع الدول التي ساهمت في تكوين هذه الإرادة على عدم احترامها وعدم التقيد بها متى أرادت؟ يرد (تربيل) على ذلك بأن شعور الدول بارتباطها بهذه الإرادة الجماعية هو الذي يفرض عليها الالتزام بها.
ولكن تبقى معرفة إلى أي أساس يستند شعور الارتباط هذا؟ الأمر الذي لا تزال هذه النظرية عاجزة عن بيانه. أضف إلى ذلك إن فكرة الإرادة الجماعية أو المشتركة لا يمكن أن تفسر التزام الدول التي انضمت حديثاً إلى الجماعة الدولية بقواعد القانون الدولي الناشئة عن هذه الإرادة التي لم تسهم في وجودها.

 المذهب الموضوعي. L Object Ivisme
يبحث أنصار هذا المذهب عن أساس القانون خارج دائرة الإرادة الإنسانية، إذ إن أساس القانون – وفقاً لهذا المذهب – تعينه عوامل خارجة عن الإرادة.

المدرسة النمساوية (النظرية المجردة للقانون). Theorie pure du droit
قال بهذه النظرية الفقيهان النمساويان (كلسن و فردروس)، وهي تقوم على اعتبار كل تنظيم قانوني يستند إلى هرم من القواعد أساس صحة كل قاعدة منها يرجع إلى وجود القاعدة القانونية التي تعلوها في هذا الهرم القانوني وتستمد منها قوتها الملزمة. فحكم القاضي الوطني مثلاً يستند إلى قاعدة من قواعد القانون المدني، وهذه القاعدة تستند إلى دستور الدولة. وهذا الدستور يستند بدوره إلى القانون الدولي. وهكذا تتدرج قواعد القانون حتى تصل إلى قاعدة أساسية افتراضية تسود جميع القواعد الأخرى وتكسبها قوتها الإلزامية. وهذه القاعدة الأساسية في رأي أصحاب هذه النظرية هي قاعدة قدسية الاتفاق والوفاء بالعهد.
ويؤخذ على هذه النظرية إنها تقوم على مجرد افتراض غير قابل للإثبات. وفضلاً عن ذلك فأن أصحاب هذه النظرية لم يبينوا المصدر الذي تستمد منه القاعدة الأساسية وجودها وقوتها الإلزامية.

المدرسة الفرنسية (نظرية التضامن الاجتماعي ويمكن إجمال هذه النظرية بما يأتي:
أنكر ديكي على الدولة صفة السيادة وصفة الإرادة الخلاقة لقواعد القانون وفكرة الشخصية المعنوية. كما ان الدولة بالنسبة له ليست سوى مجموعة من الأفراد الطبيعيين. أما القانون فأنه ليس من أرادة الدولة لأن وجوده سابق على وجود الدولة وأعلى منها. أنه ليس إلا القانون الموضوعي المعبر عن ضرورات التضامن الاجتماعي وأساس القوة الملزمة للقانون عند ديكي هو ضرورات التضامن الاجتماعي أي شعور الأفراد الذين تتألف منهم مختلف الجماعات بالتضامن الذي يربط بين أفراد كل جماعة وكذلك أفراد الجماعات المختلفة.
أما الأستاذ (جورج سل)، فيذهب إلى القول بأن القانون ليس إلا حدث اجتماعي قائم على ضرورات الحياة في المجتمع. أي تلك القيود التي تفرض نفسها على الأفراد بحكم قيام علاقات بينهم لعيشهم في مجتمع واحد هي التي تولد التضامن بين أفراده، إن هذه القيود التي تكون الحدث الاجتماعي تخلق شعوراً عاماً يجعل منها الأساس الذي يقوم عليها تنظيم المجتمع. وهذه القيود تتحول إلى قواعد قانونية متى ذاع الشعور بوجودها. وهي تكتسب وصف الإلزام من ضرورة خضوع أفراد مجتمع معين لها للمحافظة على وجود هذا المجتمع ونموه. فأساس القانون أذن هو الحدث الاجتماعي ليس إلا.
ولكن يؤخذ على هذه النظرية إن الأساس الذي تقدمه للقانون غامض وناقص إذ لا يمكن أن يكون أساس القانون في الحدث الاجتماعي وضرورة المحافظة على حياة الجماعة وبقائها، لان الجماعة الإنسانية سبقت القانون في الوجود. لذا قد تصلح نظرية (جورج سل)، لتبرير وجود القانون، لكنها لا تصلح لتفسير أساسه الملزم.


 الخلاصـة.
تلك هي أهم النظريات والمذاهب التي حاولت إيجاد أساس القانون الدولي العام. وقد رأينا أنها جميعاً لم تنتج من سهام النقد، الأمر الذي جعل بعض الفقهاء يذهبون إلى أن البحث عن الأساس الذي يقوم عليه القانون أمر خارج عن نطاق القانون.
غير أن ما لا يمكن إنكاره هو أننا ما نزال في مرحلة من العلاقات الدولية تلعب فيها سيادة الدول دوراً هاماً، ولعل من أولى مستتبعات ذلك أن الدول إنما تلتزم برضاها. صحيح أن القانون الدولي كأي قانون آخر هو وليد الحاجة الاجتماعية، ولكن هذه الحاجة التي هي دافع لإيجاد مبادئ سلوك معينة إنما تحتاج لرضا الدول حتى تتحول المبادئ إلى قواعد قانونية ملزمة.
وعليه فأن أساس القانون الدولي في المرحلة الحاضرة، هو رضا الدول الصريح أو الضمني بالخضوع لأحكامه. ولنا من القضاء الدولي دليل على ذلك، فقد جاء في الحكم الذي أصدرته محكمة العدل الدولية الدائمة في 17/ أيلول/ 1927. في قضية اللوتس، إن القانون الدولي ينضم العلاقات بين الدول المستقلة، وأن قواعد القانون التي تربط الدول أساسها إرادة هذه الدول، تلك الإرادة الحرة المثبتة في الاتفاقات الدولية أو في العرف المجمع عليه الذي يقرر مبادئ قانونية، الغرض منها حكم علاقات الجماعات المستقلة المتعايشة، بقصد التوصل إلى تحقيق غايات مشتركة.

ثانياً: العلاقة بين القانون الدولي والقانون الداخلي
يسود الفقه الدولي في شأن تحديد العلاقة بين القانون الدولي والقانون الداخلي، نظريتان مختلفتان، تقوم إحداهما على فكرة ازدواج القانونين التي تنكر أية صلة بين القانونين الدولي والداخلي، واستندت الأخرى إلى فكرة وحدة القانون التي تعترف بوجود صلة وثيقة بين القانونين وتوجب تغليب قواعد إحداهما على قواعد الآخر عند التعارض.

نظرية ازدواج القانونين (Le Dualisme)
دافع عن هذه النظرية أنصار المدرسة الوضعية الإرادية ولا سيما الفقيهان الألمانيان (تربيل و شتروب) والفقيهة الإيطالي (انزلوتي).
ويذهب أنصار هذه النظرية إلى اعتبار القانون الدولي والقانون الداخلي نظامين قانونيين متساوين مستقلين ومنفصلين كل منهما عن الآخر، ولا تداخل بينهما. وذلك للأسباب الآتية:
1- اختلاف مصادر القانون الداخلي عن مصادر القانون الدولي: فالقانون الداخلي يصدر عن الإرادة المنفردة للدولة، بينما يصدر القانون الدولي عن الإرادة المشتركة لعدة دول.
ولما كان لكل من القانونين مصادره الخاصة به بحيث إن هذه المصادر تختلف في طبيعتها، فقد أنعدمت أية صلة بين القانونين واصبح كل واحد منهما مستقلاً عن الآخر
2- اختلاف أشخاص القانون الداخلي عن أشخاص القانون الدولي: فبينما تخاطب قواعد القانون الداخلي الأفراد في علاقاتهم المتبادلة، أو في علاقاتهم مع الدولة، تخاطب قواعد القانون الدولي الدول فقط، واختلاف طبيعة أشخاص كل من القانونين يعدم الصلة بينهما ويجعل كل واحد منهما مستقلاً عن الآخر.
3- اختلاف موضوع القانونين: فالقانون الداخلي ينظم علاقات الأفراد داخل الدولة بعضهم ببعض، بينما يقوم القانون الدولي العام بتنظيم العلاقات بين الدول المستقلة في وقت السلم وفي وقت الحرب.
4- لاختلاف طبيعة البناء القانوني لكل منهما: إذ يشمل البناء القانوني الداخلي على عدة هيئات تقوم بفرض احترام القانون كالمحاكم والسلطات التنفيذية، أما القانون الدولي العام فلا نشاهد له مثل هذه الهيئات فأن وجد بعضها فأنه لا يعدو أن يكون بدائياً.

نتائج النظرية:
ويترتب على الأخذ بنظرية ازدواج القانونين النتائج الآتية:
1- يستقل كل من القانونين بقواعده من حيث الموضوع ومن حيث الشكل. ومن حيث الموضوع، فالدولة تنشئ القانون الدولي باتفاقها مع غيرها من الدول، وتنشئ القانون الداخلي بإرادتها المنفردة، وعلى كل دولة أن تراعي عند ممارستها لعملية إنشاء القانون الداخلي احترام ما التزمت به دولياً، فأن لم تفعل ذلك، كأن تقوم بإصدار قانون يخالف التزاماتها الدولية فلا يترتب على ذلك بطلان القانون، بل ينفذ القانون داخل الدولة، وتتحمل الدولة تبعية المسؤولية الدولية لمخالفتها ما التزمت به دولياً.
أما من حيث الشكل: فالقواعد القانونية الدولية لا يمكن أن تكتسب وصف الألزام في دائرة القانون الداخلي إلا إذا تحولت إلى قواعد قانونية داخلية، وفقاً لإجراءات المتبعة في إصدار القوانين الداخلية، كذلك لا يمكن أن تكتسب القوانين الداخلية قوة الإلزام الدولي إلا إذا تحولت إلى قواعد دولية، وفقاً للإجراءات المتبعة في إصدار القواعد القانونية الدولية.
2- عدم اختصاص المحاكم الوطنية بتطبيق القانون الدولي، تقوم المحاكم الوطنية بتطبيق وتفسير القانون الداخلي فقط، وهي لا تملك تطبيق القانون الدولي أو تفسيره إلا إذا تحولت إلى قوانين داخلية.
3- أنه لا يمكن قيام تنازع أو تعارض بين القانونين لاختلاف نطاق تطبيق كل منهما، وذلك لأن التنازع بين القوانين لا يمكن حصوله إلا بين قانونين يشتركان في نطاق تطبيق واحد. فاذا أختلف نطاق تطبيق كل منهما عن نطاق تطبيق الآخر، امتنع وجود التنازع، وحيث أن نطاق تطبيق القانون الدولي مختلف عن نطاق تطبيق القانون الداخلي فلا يتصور – طبقاً لنظرية ازدواج القانونين – وجود تنازع بين الاثنين غير أن هذا لا يعني فقدان كل علاقة بين القانونين بل أن العلاقة قد تنشأ بينهما بالإحالة (renvoi) أو بالاستقبال (reception).
فقد يحيل أحد القانونين على الآخر لحل مسألة معينة وفقاً لقواعد القانون المحال عليه، على اعتبار أن تلك المسألة تدخل في دائرة سلطان هذا القانون وحده ويجب أن تعالج وفقاً لأحكامه وهو داخل نطاقه الخاص. ومن أمثل ذلك إحالة القانون الدولي العام على القانون الداخلي. كأن ينظم القانون الدولي العام الملاحة الأجنبية في مياه الدول الإقليمية دون أن يحدد ما يعد أجنبياً من المراكب وما يعد وطنياً منها، فهو بذلك يحيل على قانون الدولة تعيين ما يعد من المراكب تابعاً لها وما يعد أجنبياً عنها. أو قد يحدد القانون الدولي حقوق الأجانب دون تعينهم فهو يحيل على القانون الداخلي تعيين من يعد وطنياً ومن يعد أجنبياً.
وقد يحيل القانون الداخلي على القانون الدولي كأن يعفي القانون الداخلي الممثلين الدبلوماسيين من الضرائب أو من الخضوع للقوانين الداخلية ويحيل على القانون الدولي بيان من يصدق عليه وصف الممثل الدبلوماسي.
وقد تستقبل قواعد القانون الداخل قواعد القانون الدولي وتدمجها فيها بنص صريح،فتكون عندئذ جزءاً منها، كنص المادة الرابعة من دستور (فايمر) الألماني الصادر عام 1919، الذي يقرر أن قواعد القانون الدولي المعترف بها بصفة عامة تعتبر جزءاً متمماً لقوانين الدولة الألمانية تلك المادة (6) من دستور الولايات المتحدة الأمريكية الذي يقضي بأن الدستور وجميع المعاهدات التي أبرمتها أو تبرمها الولايات المتحدة تعد القانون الأعلى للدولة.

تقدير نظرية ازدواج القانونين.
انتقدت نظرية ازدواج القانونين وخاصة من قبل أنصار وحدة القانون، وأهم الانتقادات التي واجهتها هي الآتية:
1- ان الحجة المستمدة من الاختلاف في المصادر بين القانون الدولي العام والقانون الداخلي تخلط، على حد قول (جورج سيل): (بين أصل القاعدة القانونية وبين عوامل التعبير عنها). أضف إلى ذلك أن القانون سواء أكان دولياً عاماً أم قانوناً داخلياً فليس من خلق الدولة وانما هو من نتاج الحياة الاجتماعية، وكل ما يوجد من فرق بين القانون الدولي العام والقانون الداخلي، هو في طريقة التعبير عن القانون. (كالمعاهدات في القانون الدولي والتشريع في القانون الداخلي). والاختلاف في طريقة التعبير لا يؤدي إلى الفصل بينهما نهائياً.
2- أن الحجة المستمدة من الاختلاف بين القانونين من حيث الأشخاص يرد عليها أكثر من مأخذ. فمن ناحية نجد في نطاق كل قانون قواعد قانونية تخاطب أشخاصا مختلفين. وخير مثل على ذلك انقسام القانون الداخلي إلى عام وخاص، حيث تخاطب قواعد الدولة وأشخاص القانون العام الأخرى، كما تخاطب الأفراد وغيرهم من أشخاص القانون الخاص. يضاف إلى ذلك انه قد يتطابق من الناحية الفنية أشخاص القانون في النظامين الدولي والداخلي، فالدولة وهي الشخص القانوني المباشر في النظام القانون الدولي – وفقاً لمذهب ازدواج القانونين – ليس لها وجود بدون الأفراد، الحاكمين والمحكومين، الذين يتألف منهم عنصر السكان المكون للدولة، ومن ثم كان الحاكمون المخاطبين الحقيقيين بقواعد القانون في النظامين الداخلي والدولي.
3- أما الحجة المستمدة من اختلاف طبيعة تركيب كل من النظامين الداخلي والدولي، فيلاحظ انه لا يوجد بينهما اختلاف جذري يتعلق بطبيعة كل منهما، وانما اختلاف شكلي يتعلق بدرجة تنظيم كل منهما، ويعود سبب هذا الاختلاف إلى التفاوت فيما بين الجماعة الدولية والجماعة الوطنية من حيث مدى الاندماج في الوسط الاجتماعي. وان هذا الحجة فقدت في الوقت الحاضر الشيء الكثير من قيمتها خاصة بعد إنشاء محكمة العدل الدولية ومجلس الأمن فلم تعد الجماعة الدولية الآن مجردة على الإطلاق من هيئات قضائية وتنفيذية دائمة.

نظرية وحدة القانون: (Le Monisme)
على نقيض النظرية السابقة، فان هذه النظرية تجعل من قواعد القانون الدولي العام وقواعد القانون الداخلي كتلة قانونية واحدة، أي نظاما قانونيا واحداً لا ينفصل عن بعضه. وتقوم هذه النظرية على فكرة التدرج القانوني الذي يقضي بضرورة خضوع القاعدة القانونية الأدنى مرتبة في السلم القانوني إلى القاعدة التي تعلوها وتستمد قوتها منها، إلى أن ينتهي التدرج عند القاعدة الأساسية العامة التي تعد أساس القانون كله ودليل الوحدة القائمة بين فروعه.
على أن أنصار هذه النظرية قد اختلفوا في تحديد القانون الذي تكمن فيها القاعدة الأساسية العامة التي تسود جميع القواعد الأخرى وتكسبها قوتها الإلزامية. فذهب فريق من الفقهاء يتزعمه (كوفمان وفيرانديير) والفقيه السوفيتي (Kotliarevky)، إلى القول بأن القاعدة الأساسية العامة التي تعد أساساً للقانون مثبتة في القانون الداخلي وفي دستور الدولة بالذات، وذلك لأن الدولة هي التي تحدد بإرادتها التزاماتها الدولية حيث لا توجد سلطة عليها فوق الدول تحدد هذه الالتزامات، وأن دستور الدولة هو الذي يحدد السلطات المختصة في إبرام المعاهدات باسم الدولة وعلى ذلك فأن القانون الدولي العام يتفرع عن القانون الداخلي.
وقد أطلق على هذا الرأي أسم نظرية وحدة القانون مع علوية القانون الداخلي ويؤخذ على هذا الرأي أنه إذا استطاع أن يفسر الأساس الملزم للمعاهدات باعتبارها تستند في قوتها الملزمة هذه إلى دستور الدولة، فانه عاجز عن تفسير التزام الدولة بغير ذلك من القواعد القانونية الدولية وخاصة العرفية منها. هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فلو صح إن الالتزامات الدولية تستند إلى دستور الدولة لبقي نفادها خاضعاً لنفاذ الدستور بحيث يؤدي كل تعديل أو إلغاء للدستور إلى تعديل أو إلغاء لهذه الالتزامات. وهذا بخلاف ما عليه واقع العمل الدولي.
لهذه الأسباب ذهب فريق أخر من الفقهاء وعلى رأسهم (كونز) و(كلسن) و(زفردروس) و(ديكي) و(بوليتس). إلى القول بأن هذه القاعدة الأساسية العامة مثبتة في القانون الدولي العام، هذا يعني أن القانون الدولي العام يسمو على كافة نظم القانون. ذلك لأن تدرج وسمو القوانين بعضها على بعض، على ما يقرر دعاة هذا الرأي يكون بحسب أتساع نطاق تطبيقها. فنظام الأسرة يجب أن يخضع لنظام القرية وهذا يجب أن يخضع بدوره لنظام المدينة وهذا الأخير يجب أن يخضع لنظام المحافظة وهذه الهيئات على اختلافها يجب أن تخضع لقوانين الدولة باعتبارها الهيئة التي تمثل وتوحد مصالح هذه الهيئات كافة. وحيث أن القانون الدولي العام هو المنظم الوحيد للجماعة الدولية فأنها أسمى القوانين مرتبة وسلطانا.
وبناء على ذلك فأن أنصار هذا الرأي يرون أن للقانون الدولي العام نفوذاً مباشراً في قوانين الدولة الداخلية دون حاجة للنص فيها على ذلك، وذهب بعضهم إلى أبعد من ذلك حيث قال بإمكان نسخ القانون الدولي العام لما يتعارض معه من الأحكام في القوانين الداخلية بحكم سيادته على هذه القوانين. وقد أطلق على هذا الرأي اسم نظرية وحدة القانون مع علوية القانون الدولي.
ويؤخذ على هذا الرأي قوله بأن القانون الدولي العام بحكم سيادته على القوانين الداخلية ملزم للسلطات والأفراد الذين يخضعون لهذه القوانين دون حاجة للنص فيها على ذلك وقوله إن القانون الدولي ينسخ ما يعارضه من قوانين داخلية.
ولاشك إن التسليم بهذا الرأي على هذا الوجه ينطوي على مجافاة كبيرة للواقع في المجالين الدستوري والدولي، ذلك لأن الدول إذا كانت قد سلمت بسيادة القانون الدولي العام على قوانينها وأقاليمها، فأنها لم تقبل مع هذا تطبيقه المباشر على سلطاتها ورعاياها، بل علقت ذلك على إقراره في دساتيرها وقوانينها بمقتضى ما يعرف بنظام الدمج، فأن القانون الدولي العام يحيل على القوانين الداخلية كلما يتعلق بتنظيم السبل والوسائل اللازمة لضمان تطبيق وتنفيذ ما يقرره من قواعد وأحكام.
هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فأن هذا الرأي لا ينسجم مع المنطق التاريخي لأنه أنتهي إلى القول بأن القانون الداخلي يتفرع عن القانون الدولي.
وهذا غير صحيح وذلك لأن القانون الداخلي أسبق في الوجود من القانون الدولي، حيث أن الدولة وجدت قبل وجود القانون الدولي بل أن وجود الدول هو الذي أدى إلى نشوء الجماعة الدولية، وهو أمر أدى إلى ضرورة تنظيم العلاقات بين الدول.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
baconecdz
baconecdz


مدير المنتدى : خالد khaled
مدير المنتدى : خالد khaled


الجنس الجنس : ذكر
هوايتي : الرياضة
مسآهمآتے مسآهمآتے : 11463
التقييم التقييم : 368

محاضرات في القانون الدولي Empty
مُساهمةموضوع: رد: محاضرات في القانون الدولي   محاضرات في القانون الدولي Emptyالإثنين 11 مارس 2013 - 19:44

بسم الله الرحمن الرحيم



م الثالثة


 مصادر القانون الدولي العام:

أولاً:- المعاهدات:
المعاهدة: هي عبارة عن اتفاق يعقد بين شخصين أو أكثر من أشخاص القانون الدولي العام ترمي إلى أحداث أثار قانونية معينة. ويترتب على هذا التعريف أمران:
أولاً:- لا يمكن أن يعد من قبيل الاتفاقات الدولية، الاتفاقات التي تبرم بين طرفين أحدهما في الأقل ليس من أشخاص القانون الدولي العام. ومن أمثلة ذلك:
*أ- الاتفاقات التي تبرم بين شعوب أو قبائل لا يصدق عليها وصف الدول في القانون الدولي العام. مثال ذلك اتفاقات الحماية الاستعمارية التي أبرمتها بريطانيا مع المشايخ في شرق وجنوب الجزيرة العربية.
*ب- عقود الزواج التي تتم بين أعضاء الأسر المالكة، والتي تأخذ شكل معاهدة فهي عقود تخضع للقانون الداخلي وذلك لأن الأمراء يوقعونها بصفتهم الشخصية لا بصفتهم ممثلين لممالكهم.
*ج- الاتفاقات التي تبرم بين الدول والأفراد الأجانب. مثل عقود القرض، عقود امتياز المرافق العامة، كالاتفاق المعقود في 29/نيسان/1933. بين الحكومة الإيرانية وشركة النفط الإنكليزية – الإيرانية.
*د- الاتفاقات التي تبرم بين الأفراد الأجانب مثال ذلك، الاتفاق الذي أبرم في 31/تموز/1928. بين شركات البترول بشأن تحديد مناطق نفوذ كل منها في الشرق الأدنى، والذي يعرف باسم اتفاق الخط الأحمر.
ثانياً:- تعد من الاتفاقات الدولية خلافاً لما تقدم ورغم كونها غير معقودة بين دولتين:
*أ- الاتفاقات التي تبرم بين الفاتيكان وإحدى الدول الكاثوليكية والتي تسمى كونكوردا (Concordats) لأنها تتم بين شخصين من أشخاص القانون الدولي العام.
*ب- الاتفاقات التي تبرم بين منظمة دولية وإحدى الدول. كالاتفاق المبرم بين منظمة الأمم المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية في 26/حزيران/1947. بشأن الوضع القانوني الخاص بمقر هذه المنظمة.
*ج- الاتفاقات التي تبرم بين منظمتين دوليتين كالاتفاقات المعقودة في جنيف بين عصبة الأمم ومنظمة الأمم المتحدة. والاتفاقات التي عقدتها الأمم المتحدة مع المنظمات المتخصصة. والاتفاقات المعقودة بين المنظمات المتخصصة.

 إبرام المعاهدات:
تمر المعاهدات قبل أن يتم ابرامها نهائياً بأربع مراحل شكلية، المفاوضة، والتحرير والتوقيع، والتصديق، والتسجيل.

1- المفاوضة: Negociation
وهي وسيلة لتبادل وجهات النظر بين ممثلين دولتين أو أكثر بقصد توحيد آرائهما ومحاولة الوصول إلى حل أو تنظيم لمسألة أو موضوع معين، ووضع الحلول أو التنظيم الذي يتفقون عليه في صورة مواد، تكون مشروع الاتفاق المزمع إبرامه.
وقد تجري المفاوضات في مقابلات شخصية أو في اجتماعات رسمية أو في مؤتمر دولي يجمع ممثلي الدولتين أو الدول المتفاوضة. وقد يقوم بأجراء المفاوضات رؤساء الدول مباشرة، ومن أمثلة ذلك، ميثاق الأطلنطي المعقود في 14/آب/1941، إذا كان أحد المتفاوضين والموقعين عليه (روزفلت) رئيس الولايات المتحدة الأمريكية. كذلك معاهدة التعاون والصداقة بين ألمانيا وفرنسا المعقودة في 22/كانون الثاني/1963، إذا كان أحد المتفاوضين في عقده والتوقيع عليه الجنرال (ديغول) رئيس الجمهورية الفرنسية. ولكن في الغالب يقوم في التفاوض وزراء خارجية الدول أنفسهم وقد يقوم به ممثلو الدول المتفاوضة.

2- تحرير المعاهدات وتوقيعها:
إذا أدت المفاوضة إلى اتفاق وجهات النظر، تبدأ مرحلة تسجيل ما أتفق عليه في مستند مكتوب، وذلك بعد أن يتم الاتفاق على تحديد اللغة الواجب استعمالها في تحرير المعاهدة، فأذا كانت الدول المتفاوضة تتكلم لغة واحدة ففي هذه الحالة لا تبرز أية صعوبة إذ تستعمل هذه اللغة المشتركة في تحرير المعاهدة (كما هو الحال بالنسبة للمعاهدات التي تعقد بين الدول العربية).
أما إذا كانت الدول المتفاوضة تتكلم لغات مختلفة فيتبع حينئذ أحد الأساليب الآتية:
*أ- تحرر المعاهدة بلغة واحدة تختارها الدول المتفاوضة وقديماً كانت اللغة اللاتينية هي اللغة الدبلوماسية ولغة الاتفاقات الدولية أيضاً، ثم حلت محلها اللغة الفرنسية وبعد الحرب العالمية الأولى أخذت الإنكليزية تنافس الفرنسية.
*ب- تحرر المعاهدة بلغتين أو أكثر، على أن تعطي الأفضلية لأحداهما بحيث تعتبر المرجع الأول الذي يعول عليه عند الاختلاف.
*ج- تحرر المعاهدة بلغات جميع الدول المشتركة فيها، وتتمتع جميعها بالقوة نفسها وهذا الأسلوب قد يؤدي عملاً إلى مشاكل كثيرة في تفسير المعاهدات الدولية. فمن الصعب في كثير من الأحيان التعبير عن المعني أو المقصود على وجه الدقة بلغات مختلفة.

 التوقيع: La signature
بعد الانتهاء من تحرير المعاهدة يوقع عليها ممثلو الدول المتفاوضة لكي يسجلوا ما تم الاتفاق عليه فيما بينهم ويثبتوه، وقد يتم التوقيع بأسماء المفاوضين كاملة أو بالأحرف الأولى للأسماء، ويلجأ المفاوضون إلى التوقيع بالأحرف الأولى في حالة ما إذا كانوا غير مزودين بالتفويض اللازم للتوقيع أو في حالة ترددهم في الموافقة نهائياً على المعاهدة ورغبتهم في الرجوع إلى حكومات دولهم للتشاور معها قبل التوقيع النهائي.
ويلاحظ أن التوقيع بالأحرف الأولى لا يعد ملزماً للدولة بالتوقيع النهائي على مشروع المعاهدة، ومن ثم يحق للدول المعنية الامتناع عن التوقيع النهائي إلا إذا كان هناك اتفاق مسبق على غير ذلك.
ولقد قننت اتفاقية فينا هذا الأسلوب في التوقيع وما قد ينجم عنه من آثار، فقررت في الفقرة الثانية من المادة الثانية عشرة انه:
*أ- يعتبر التوقيع بالأحرف الأولى على نص معاهدة من قبيل التوقيع على المعاهدة، إذا ثبت أن الدول المتفاوضة قد اتفقت على ذلك.
*ب- يعتبر التوقيع بشرط الرجوع إلى الدولة على معاهدة من جانب ممثل الدولة من قبيل التوقيع الكامل عليها إذا أجازته الدولة بعد ذلك.
وبد إتمام التوقيع تصبح المعاهدة معدة للتصديق، وعلى الدول الأطراف الالتزام بعدم مخالفة ما سبق الاتفاق عليها وبضرورة إتمام إجراءات التصديق. غير أن ذلك لا يعني أن الدولة ملتزمة قانوناً بالمعاهدة فهذا لا يتحقق إلا بالتصديق.



3- التصديق: La Ratification
أن التوقيع على المعاهدة – باستثناء الاتفاقات ذات الشكل المبسط – لا يكفي لكي تكتسب أحكامها وصف الإلزام، بل لابد من أجراء آخر يتلو التوقيع هو التصديق. والتصديق أجراء يقصد به الحصول على إقرار السلطات المختصة في داخل الدول للمعاهدة التي تم التوقيع عليها وهذه السلطات هي أما رئيس الدولة منفرداً، وأما رئيس الدولة مشتركا مع السلطة التشريعية، أو السلطة التشريعية لوحدها، وذلك تبعاً للنظم الدستورية السائدة في مختلف الدول.
ويكون التصديق إجراء لازماً، إذا ما نصت المعاهدة على ذلك، أو إذا ثبت بطريقة أخرى إن الدول المتفاوضة كانت قد اتفقت على اشتراط التصديق، أو إذا كان ممثل الدولة قد وقع على المعاهدة مع التحفظ بشرط التصديق، أو إذا بدت نية الدول المعنية في أن يكون التوقيع بشرط التصديق اللاحق من وثيقة تفويض ممثلها أو عبرت عن ذلك أثناء المفاوضة.

 السلطة المختصة بالتصديق
أن الدستور الداخلي لكل دولة هو الذي يحدد السلطة المختصة بالتصديق على المعاهدات. فقد يحصر الدستور حق التصديق بالسلطة التنفيذية وحدها، او بالسلطة التشريعية وحدها، أو قد يجمع بين السلطتين التنفيذية والتشريعية في آن واحد.
أولاً:- التصديق من اختصاص السلطة التنفيذية:
أن هذا الأسلوب، هو الذي كان متبعاً في ظل الأنظمة الملكية المطلقة والدكتاتورية، فقد عرفته فنسا عندما كانت خاضعة للنظام الإمبراطوري (دستور عام 1852). واليابان منذ صدور الدستور عام 1889 حتى دستور عام 1946.
ثانياً:- التصديق من اختصاص السلطة التشريعية:
إن هذا الأسلوب، هو استثنائي أيضا، ويطبق في الدول التي تتبع نظام الحكم الجماعي، وهو النظام الذي كان متبعاً في تركيا منذ دستور عام 1924، واستمر حتى عام 1960. حيث كانت الجمعية الوطنية الكبرى تتمتع وحدها بحق التصديق على المعاهدات.

ثالثاً:- التصديق من اختصاص السلطتين التنفيذية والتشريعية:
إن توزيع حق التصديق بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، يعتبر القاعدة التي تتبعها غالبية الدول، غير أن تنظيم هذا التوزيع بين السلطتين يختلف من دولة إلى الأخرى.
فأن معظم الدساتير الحديثة تنص على وجوب الحصول على موافقة البرلمان للتصديق على كل المعاهدات تارة أو على المعاهدات الهامة تارة أخرى، وتضع الدساتير عادةً لائحة بالمعاهدات الهامة التي تخضع لموافقة البرلمان، وهذا الأسلوب الأخير هو الأكثر شيوعاً.
ففي فرنسا فأن رئيس الجمهورية يصدق وحده على المعاهدات الدولية باستثناء المعاهدات الآتي التي تتطلب موافقة البرلمان المسبقة، وهي: معاهدات الصلح، المعاهدات التجارية، والمعاهدات المتعلقة بالمنظمات الدولية، المعاهدات التي تلزم مالية الدولة، والمعاهدات التي تعدل أحكاماً ذات طبيعة تشريعية، والمعاهدات المتعلقة بحالة الأشخاص (كالمعاهدات المتعلقة بالجنسية والإقامة، والقنصلية، واسترداد المجرمين، وتنفيذ الأحكام، وحماية الرعايا والمساعدة القضائية). والمعاهدات المتضمنة إدخال تعديل على أقليم البلاد (من تنازل أو ضم أو تبادل)، ومعاهدات تخطيط الحدود. وقد أستثنى الدستور الفرنسي من موافقة البرلمان بعض المعاهدات الهامة على الصعيد السياسي. كمعاهدات التحالف والحماية والتحكيم وعدم الاعتداء والمساعدة المتبادلة.
أما في إنكلترا والكومنولث: فأن رئيس الدولة يصدق وحده وبدون ترخيص على المعاهدات، ولكن سلطته هذه يرد عليها قيدان.
*أ- ما جرى عليه العمل في إنكلترا من عرض جميع المعاهدات الخاضعة للتصديق على البرلمان قبل ثلاثة أسابيع من تاريخ التصديق، والملكة لا تصدق إلا إذا خلال هذه المدة لم يطلب أحد أعضاء البرلمان مناقشة المعاهدة.
*ب- المعاهدات التي تمس حقوق الأفراد يجب دمجها، بمقتضى أجراء تشريعي في القانون الداخلي للبلد. حتى يمكن تطبيقها من قبل المحاكم قبل التصديق. أو بعبارة أخرى أن المعاهدة التي تهم حقوق الأفراد، لا يمكن تطبيقها ما قبل المحاكم إلا إذا تدخل قبل التصديق، القانون الضروري.
ولقد أخذت هولندا بهذا الأسلوب في التعديل الدستوري الجديد، وهو إيداع في البرلمان وتصديق في غياب الاعتراض.

 التصديق الناقص: Ratification imparfaite
قد يشترط دستور الدولة للتصديق على المعاهدة ضرورة عرضها على السلطة التشريعية لأخذ موافقتها، فأن صدرت هذه الموافقة أمكن لرئيس الدولة التصديق عليها، ولكن قد يعمد رئيس الدولة إلى التصديق على المعاهدة، دون الرجوع مسبقاً إلى السلطة التشريعية، مخالفاً بذلك دستور دولتهم. فما هي القيمة القانونية لمثل هذا التصديق الذي أصطلح الفقه على تسميه بالتصديق الناقص؟



يسود الفقه بهذا الصدد أربع نظريات:
*أ- النظرية الأولى:
وقد دافع عنها (لاباند، و وبيتنر، وكاره دوماليرغ)، من دعاة ازدواج القانون، فهي تقر بصحة المعاهدة المصدقة بشكل غير أصولي، وذلك حرصاً على صيانة العلاقات الدولية، والحيلولة دون تدخل بعض الدول في الشؤون الداخلية للدول الأخرى. بحجة مراقبة صحة إبرام المعاهدات ومطابقتها للإجراءات المنصوص عليها في الدستور. وقد أيد هذا الاتجاه الأستاذ (جورج سل)، منطلقاً من نظرية وحدة القانون مع علوية القانون الدولي، لأن أي حل آخر سيؤدي إلى إخضاع القانون الدولي إلى القانون الداخلي.

*ب- النظرية الثانية:
وقد دافع عنها (شتروب، وبوركان، لابرايل، وشارل روسو). وهي تذهب إلى بطلان المعاهدة المصدقة بشكل غير صحيح. وهي تستند إلى فكرة الاختصاص التي تقضي بعدم تولد أي أثر قانوني إلا من العمل الذي يقوم به المختص بأجرائه، أي السلطة المسموح لها بذلك بشكل قانوني، وعليه فأن رئيس الدولة متى تجاوز اختصاصه تصبح تصرفاته باطلة، ومن ثم لا تنتج الآثار التي كان من شأنها إنتاجها لو تمت صحيحة باتباع أحكام الدستور.

*ج- النظرية الثالثة:
وهي خاصة بالمدرسة الوضعية الإيطالية، (انزيلوتي، وكافاليري)، وهي تقضي بنفاذ المعاهدة المصدقة بشكل غير صحيح وذلك بالاستناد إلى فكرة مسؤولية الدولة من الناحية الدولية. فالدولة التي خالف رئيسها أحكام التصديق المقررة في دستور دولته تصبح مسؤولة عن أعمال رئيسها مسؤولية دولية، فالتصديق الناقص عمل غير مشروع، وبالتالي فأن الدولة لا تستطيع الإدعاء ببطلان المعاهدة، بدعوى أن التصديق الذي أجراه رئيسها غير مشروع إذ عندئذ لا تلومن إلا نفسها. وخير تعويض يمكن أن يترتب على مسؤولية الدولة عن أعمال رئيسها هو إبقاء المعاهدة نافذة منتجة لأثارها.

*د- النظرية الرابعة:
قال بها (فردروس)، وهي تستند إلى فكرة الفاعلية التي تسود القانون الدولي، وهي تقر بصحة المعاهدة المصدقة بشكل غير صحيح. لأن القانون الدولي لا يستند على حرفية النصوص الدستورية ولكن على ممارستها الفعلية.
أما ما جرى عليها العمل بين الدول فأنه يقر بصحة المعاهدة المصدقة بشكل غير صحيح. ولقد أكد القضاء الدولي ذلك في العديد من الأحكام التي أصدرها من ذلك الحكم الذي أصدرته محكمة العدل الدولي الدائمة في 7/حزيران/1932، في قضية المناطق الحرة، والحكم الذي أصدرته نفس المحكمة في 5/نيسان/1932، في قضية (كرينلاند الشرقة).
أما اتفاقية فينا فأنها لا تجيز الاستناد إلى كون التصديق ناقصاً لطلب أبطال المعاهدة إلا إذا كان العيب الدستوري الذي شاب التصديق عيباً واضحاً. فقد قررت في المادة (46) على أنه:
1- لا يجوز لدولة أن تتمسك بأن التعبير عن ارتضائها الالتزام بمعاهدة قد تم بالمخالفة لحكم في قانونها الداخلي يتعلق بالاختصاص في إبرام المعاهدات كسبب لأبطال رضاها، إلا إذا كان إخلالا واضحاً بقاعدة ذات أهمية جوهرية من قواعد قانونها الداخلي.
2- يعتبر الإخلال واضحاً، إذا تبين بصورة موضوعية لأي دولة تتصرف في هذا الشأن وفق السلوك العادي وبحسن نيته.

4- التسجيل: L Enregistremen
نصت المادة الثامنة عشرة من عهد عصبة الأمم على أن (كل معاهدة أو اتفاق دولي يعقد بين أعضاء عصبة الأمم يجب تسجيله في سكرتارية العصبة وإعلانه في أقرب فرصة ممكنة ولا تكون أمثال هذه المعاهدات والاتفاقات الدولية ملزمة إلا بعد هذا التسجيل). وكان الباعث على تضمين عهد عصبة الأمم هذا النص، القضاء على الاتفاقات السرية، خصوصاً الاتفاقات العسكرية السرية التي تنطوي على تهديد للسلام العالمي.
وقد اختلف الفقهاء في تفسير النص السابق. فذهب البعض (كاجزرج سل) إلى أن المعاهدة غير المسجلة معاهدة باطلة لأن التسجيل شرط من شروط صحة المعاهدات، وذهب البعض الآخر (كانزيلوتي)، إلى أن المعاهدة غير المسجلة معاهدة صحيحة وملزمة، وانما لا يمكن الاحتجاج بها أمام العصبة أو أحد فروعها، بما في ذلك محكمة العدل الدولية الدائمة. وقد أخذ بالتفسير الأخير ميثاق الأمم المتحدة في مادتها (102) إذ نص على أن:
*أ- كل معاهدة وكل اتفاق دولي يعقده أي عضو من أعضاء الأمم المتحدة يعد العمل بهذا الميثاق يجب أن يسجل في أمانة الهيئة وان تقوم بنشره بأسرع ما يمكن.
*ب- لا يجوز لأي طرف في معاهدة أو اتفاق دولي لم يسجل وفقاً للفقرة الأولى من هذه المادة أن يتمسك بتلك المعاهدة أو ذلك الاتفاق أمام أي فرع من فروع الأمم المتحدة.


ثانياً:- العرف الدولي: La Coutume internationale
يعد العرف من أهم مصادر القانون الدولي العام، وأغزرها مادة، إذ أن أغلب قواعد هذا القانون ذات الصفة العالمية قد نشأت واستقرت في المحيط الدولي عن طريق العرف وتحت تأثيره، حتى ان القواعد الواردة في المعاهدات الشارعة كثيراً ما تكون تعبيراً أو صياغة لما أستقر عليه العرف قبل إبرامها.
ويشترط لقيام العرف الدولي توافر ركنين: ركن مادي وآخر معنوي.

1- الركن المادي: Lelement-materiel
ويقوم هذا الركن على تكرار الأعمال المتماثلة في تصرف الدول في أمور معينة فأذا ما ثبت أن الدول تسير على وتيرة واحدة في نوع من التصرفات الدولية فالقاعدة التي يمكن استخلاصها من ذلك هي قاعدة عرفية دولية.
ويشترط في التصرف المادي أن يصادف القبول من الدولة أو الدول التي صدر في مواجهتها، وأن يستمر قبول الدول له إذا تكررت ممارسته في الحالات الجديدة المماثلة للحالة الأولى.ويشترط فيها أيضاً أن يكون عاماً، بمعنى أن تمارسه الدول على وجه العموم في جميع الحالات المماثلة التي تحدث في المستقبل. وليس معنى هذه العمومية أن جميع الدول تمارس هذا التصرف في الحالات المماثلة، بل يكفي أن تكون ممارسة التصرف صادرة من أغلبية الدول، لأن العمومية ليس معناها الإجماع، فقد يكون العرف عرفاً دولياً خاصاً أو إقليميا أي تنصرف أحكامه لتنظيم علاقات دول معينة، تتقارب حضاراتها أو تشترك في وحدة الجنس والتي تضمها مؤسسات إقليمية، ومثالها الدول الأمريكية حيث يوجد عرف خاص بها وكذلك الدول العربية والدول السلافية… الخ، أو أن يكون العرف الدولي عاماً وفي هذه الحالة تتواتر أغلبية الدول على التصرف وفقاً لأحكامه.

2- الركن المعنوي: Lelement-Psychologique
وإلى جانب الركن المادي يشترط توافر ركن معنوي لوجود العرف، ويتمثل هذا الركن باعتقاد الدول بان التصرفات المادية التي تقوم بها أو تطبقها هي ملزمة لها قانوناً.
ولقد أشارت المادة (38) من النظام الأساس لمحكمة العدل الدولية إلى الركن المعنوي حينما اشترطت أن يكون العرف مقبولاً بمثابة قانون دل عليه تواتر الاستعمال، كما أيدت محكمة العدل الدولية ذلك في الحكم الذي أصدرته في 20/تشرين الثاني/1950، والخاص بحق الملجأ.
وللركن المعنوي أهمية كبرى في تكوين العرف تفوق أهمية تكرار التصرفات المادية. كما أن وجود هذا الركن هو الذي يميز العرف من العادة ومن المجاملات الدولية. فالعادة والمجاملات الدولية، لا تنطوي على الاعتقاد بصفتها الإلزامية. وأن كان تكرار العادة يساعد على إثبات القاعدة العرفية. غير أن العادة مهما تكررت فأنها لا تكسب قوة القاعدة القانونية العرفية إلا بعد أن تقابل برد فعل مناسب من جانب الدول أو المحاكم الدولية بحيث تتوافر القناعة العامة باعتبار تلك العادة بمثابة قاعدة قانونية إلزامية.
فمثلاً لو اعتادت الحكومات على إعفاء الممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لديها من الضرائب والتكاليف المالية الأخرى، فان هذه العادة الاختيارية لا تصبح قاعدة عرفية إلزامية إلا إذا اقترن مسلك الحكومات في هذه الشأن بالاعتقاد بالصفة الإلزامية لتلك العادة.

التصرفات التي ينشأ عنها العرف الدولي:
اتجه الفقه في تحديد العوامل التي تشترك في تكوين العرف الدولي اتجاهين مختلفين:

 الاتجاه الأول:
ذو نزعة وضعية وقد نادى به الفقيه الألماني (شتروب)، وهو يعتبر القواعد القانونية العرفية ناشئة عن تصرفات أجهزة الدولة ذات الاختصاص الدولي، ويجعل العرف الدولي محصوراً بالسوابق الحكومية الداخلية دون السوابق القضائية. غير إن التعامل الدولي لم يقر هذا الاتجاه وذلك لأن كثيراً من القواعد الدولية العرفية جاءت عن طريق السوابق القضائية.

 الاتجاه الثاني:
فقد نادى به أنصار المذهب الموضوعي وعلى رأسهم (جورج سل) الذي يرى أن تصرفات المنشئة للقواعد العرفية يمكن أن تصدر من أي فرد يدافع عن مصالحة الدولية. غير أن التعامل الدولي لم يقر هذا الاتجاه أيضاً. والحقيقة فأن التصرفات الوحيدة التي يتولد عنها العرف الدولي هي التصرفات التي تصدر عن الهيئات القانونية المختصة في الشؤون الدولية. سواء كانت داخلية أو دولية.
فضلا عن هذين المصدرين الأصلين هنالك مصدر ثالث هو مبادئ القانون العامة التي أقرتها الأمم المتمدنة و هنالك مصادر تبعية و مساعدة كأحكام المحاكم و أراء و مذاهب كبار فقهاء القانون الدولي العام و مبادئ العدل و الإنصاف
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
baconecdz
baconecdz


مدير المنتدى : خالد khaled
مدير المنتدى : خالد khaled


الجنس الجنس : ذكر
هوايتي : الرياضة
مسآهمآتے مسآهمآتے : 11463
التقييم التقييم : 368

محاضرات في القانون الدولي Empty
مُساهمةموضوع: رد: محاضرات في القانون الدولي   محاضرات في القانون الدولي Emptyالإثنين 11 مارس 2013 - 19:44

المحاضرة الرابعة
أشخاص القانون الدولي العام :

يخاطب القانون الدولي العام عدداً من أشخاصه كالدول والمنظمات الدولية وغيرهما ولبيان وصف هؤلاء الأشخاص لابد من التطرق إلى مفهوم الشخصية القانونيـــــــة الدولية .


ماهية الشخصية القانونية الدولية

من المسلم به أن وظيفة القاعدة القانونية تقرير حقوق أو فرض التزامات فــي الحالات التي تحدث فيها وقائع معينة ، ومن تقرر له القاعدة القانونية حقاً أو تفرض عليه التزاماً فهو المخاطب بهذه القاعدة ويسمى أو يطلق عليه الشخص القانونــــي . ومن الطبيعي أن يكون لكل نظام قانوني أشخاص تخاطبهم قواعده فترتب لهـــــــــم الحقوق وتفرض عليهم الالتزامات ، وهؤلاء الأشخاص هم أعضاء الهيئة التـــــــي ينظمها ويحكمها هذا النظام القانوني . فالشخصية القانونية ، هي التعبير عن العلاقة التي تقوم بين وحدة معينة ونظام قانوني محدد . ويترتب على ذلك أن الأشخــــاص القانونية لا توجد في نظام قانوني معين بطبيعتها وانما بفعل هذا النظام وفي الدائـرة التي يقوم برسمها . وقد تكون الوحدة المعينة شخصاً في نظام قانوني ما ، ولكن هذا لا يستتبع بالضرورة – أن تكون شخصاً قانونياً في نظام قانوني آخر . ذلك لأن كــل نظام قانوني يستقل بتعيين أشخاصه - . كما انه من الممكن أن تكون الوحدة المعيـنة شخصاً قانونياً في اكثر من نظام قانوني نتيجة لاكتسابها هذا الوصف في هذه النظـم عن طريق الاعتراف بالأهلية القانونية لها ، وعندئذ تكون هذه الوحدة المعينة محـلاً للتكليف بالقدر والأوصاف وفي الحدود التي يقوم بتعيينها كل نظام من هذه الأنظمـة القانونية . بيد أن هناك فريق من الفقهاء يرى انه لا يكفي لأثبات الشخصية القانونية لوحدة معينة أن تكون لها حقوق ، أو تقع على عاتقها التزامات بمقتضى نظام معين بل يضيفون إلى ذلك شرطاً آخر هو أن يعترف القانون الوضعي مبـاشـرة بـتـلــــك الحقوق والالتزامات للوحدة القانونية .

واسترشاداً بما تقدم يمكن القول إن الشخصية القانونية تكمُن في القدرة على اكتساب الحقوق وتحمل الالتزامات والقيام بالتصرفات القانونية من رفع دعاوى لها أو عليها في حالة إخلالها بحقوق الغير . وكما هو معروف فقد كان القانون الدولي العام حتى بداية القرن العشرين يعتبر أن الدول وحدها هي التي تتمتع بالشخصية القانونـيــــــة الدولية ، لأن هذا القانون لم يكن لينظّم إلا علاقات الدول فيما بينها ، ولأن الـــــدول هي التي كانت تملك سلطة التصرف على الصعيد الدولي . ومع ذلك فقد بدأ الـفـقـــه الدولي وتحت ضغط الوقائع التي ترجع إلى ظهور متزايد لوحدات فــي الـمـجـتـمــع الدولي تقوم بدور فعّال في ميدان العلاقات الدولية من ناحية ، والى تدخل القانــــون الدولي لحماية الفرد ضد دولته من ناحية أخرى ، الأمر الذي اضطر الـفـقـــــــه إلى العمل على توسيع دائرة سريان القانون الدولي من حيث الموضوع ، وبالـتــالـــــــي الاعتراف بالشخصية القانونية لوحدات أخرى غير الدول متمثلة في المنظمات الدولية والأفراد .

الدولة وعناصرها :
الدولة باعتبارها ظاهرة تمثل مرحلة تاريخية من مراحل حياة الإنسان ، حياة اجتماعية لا تزال تحظى باهتمام علم التاريخ والاجتماع والسياسة والقانون . والدولة بوصفها شخص القانون الدولي الرئيس في الماضي والحاضر ، انصب اهتمام القانون الدولي العام عليها ولا يزال . وعلى هذا الأساس سننطلق في دراستنا للدولة من زاوية محددة لا تتعدى نطاق أحكام القانون الدولي وقواعده ، متجنبين تناول هذا الموضوع من وجهة نظر الدراسات الدستورية المنصبّة اساساً على البحث في تكوين السلطة السياسية ووظائفها في المجتمع وتبيان العلاقة بينها وبين الأفراد . وعليه فان الذي يهمنا من دراسة الدولة في ضوء أحكام القانون الدولي وقواعده هو تحديد معناها وبيان عناصرها وأشكالها وموضوع الاعتراف بها . ويمكن تعريف الدولة بأنها ( مجموعة من الأفراد يقيمون–على سبيل الاستقرار – في إقليم محدد ، ويخضعون لسلطة حاكمة ، لها السيادة على الإقليم وعلى أفراد المجتمع ) .
يستخلص من هذا التعريف انه يشترط توافر ثلاثة عناصر أساسية للقول بوجود الدولة هي : الشعب والإقليم والسلطة أي الحكومة ، فإذا فُقد عنصر من هذه العناصر فانه لا يمكن القول بوجود الدولة من وجهة نظر القانون الدولي .

الشعب :
الشعب هو مجموع من الأفراد من الجنسين – حتى يتحقق له استمرار البقاء – الذين يعيشون في إقليم الدولة ويرتبط بها برابطة سياسية وقانونية . فوجود الشعب عنصر ملازم لقيام الدولة مع ما يستتبع ذلك من اختصاصات في إطار السيادة الإقليمية . فليس من المتصور الحديث عن دولة بدون توافر عنصر الشعب ، وليس من المنطق في شيء قيام دولة في إقليم مهجور .

الإقليم :
ينصرف اصطلاح إقليم الدولة إلى ذلك الجزء من الكرة الأرضية الذي تمارس الدولة عليه سيادتها ويقطن فيه سكانها ويسوده سلطانها . وهو يتكون من الأرض واليابسة وما يعلوها من الفضاء وما يحيطها من الماء . والعنصر الأصلي فيه هو القطاع اليابس ، إذ لا يوجد ولم يوجد من قبل إقليم بالمعنى المفهوم في القانون الدولي يتكون من عنصر الفضاء وحده أو من عنصر الماء . والإقليم أساسي في قيام الدولة ، ذلك إن مجموع الأفراد المكونين لعنصر الشعب لا يمكن أن يكون له كيان مستقل ما لم يقيموا في إقليم معين . فضلاً عن انه شرط جوهري لاكتساب الدولة الشخصية القانونية ، ذلك لان هذه الشخصية تقتضي وجود القدرة على التصرف في نطاق إقليم معين يقيم فيه الشعب بصورة دائمة ، وفي ضوء ذلك لا يتمتع بوصف الدولة القبائل الرحل التي لا تستقر في إقليم على الدوام .

اولاً – صفات الإقليم :
في مفهوم الدولة الحديث يجب توافر الصفات التالية في الإقليم :
1. رقعة من اليابسة ، ولا يشترط القانون الدولي في هذه الرقعة مساحة معينة ، فلا يوجد في القانون الدولي حد أدنى مطلوب توافره في هذا الشأن . فقد تكون هذه الرقعة كبيرة جداً كما هو الحال في إقليم الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة الأمريكية والصين ، وقد تكون رقعة الإقليم صغيرة جداً بحيث لا تتجاوز بضعة كيلو مترات كما هو الحال في إمارة موناكو وسان مارينو واندروه و البحرين . إلا انه من الناحية الواقعية فان اتساع رقعة اليابسة تمنح الدولة قوة وفعالية من مختلف النواحي لكن ضيق هذه الرقعة لا يؤثر في وجودها وتمتعها بالشخصية القانونية الدولية .
2. ليس شرطاً أن تكون رقعة الإقليم متصلة الأجزاء ، فقد يكون إقليم الدولة منفصلاً من بعض أجزائه عن بعض كما هو الحال في إندونيسيا والفلبين ، إذ يتكون الإقليم من مجموعة جزر متناثرة . كما انه قد يقع إقليم الدولة في قارات مختلفة كما هو الحال بالنسبة لتركيا .
3. الثبات ، بمعنى إن شعب الدولة يقيم فوق أرضها من اجل الحياة الدائمة المستقرة وينبني على ذلك أن القبائل الرحل الذين يستقرون على أراضي الدولة بصورة مؤقتة ثم ينزحون عنها ، لا يصدق عليهم وصف الدولة ، وذلك لعدم استقرارهم في إقليم معين على الدوام .
4. التحديد ، بمعنى أن يكون الإقليم محصوراً ضمن حدود واضحة المعالم ، ويتحدد ذلك بمدى سريان سيادة الدولة أو اختصاصها ، وعليه فلا عبرة للنظرية التي تبنتها روسيا السوفييتية في دستورها الأول في العام 1923م و أغفلها دستورها الصادر في العام 1936م والمعروفة بنظرية الإقليم المتموّج . ولا عبرة كذلك بالمذهب النازي الذي كان يتبنى نظرية المجال الحيوي التي كانت تنطلق من السماح للدولة بالتوسع في حدودها على حساب الدول المجاورة لإيجاد مجال حيوي يتناسب مع قوة شعب تلك الدول وحيويته ، للحصول على حاجاته الضرورية .

ثانياً- عناصر الإقليم :
يتكون الإقليم من عناصر ثلاث هي :
1. الإقليم البري ، وهو ذلك الجزء اليابس من الأرض الذي تضمه حدود الدولة وما ينطوي تحته أو يقوم عليه من معالم الطبيعة الجغرافية مثل الجبال والصحارى والبحيرات والقنوات والأنهار التي تقع بأكملها في إقليم الدولة تعد أجزاء من هذا الإقليم . والشرط اللازم لاعتبارها كذلك وقوعها بأكملها داخل حدود الدولة .
2. الإقليم البحري ، هو ذلك الجزء من إقليم الدولة الذي تغمره المياه ، وينقسم إلى قسمين ؛ مياه داخلية ، أي المساحات البحرية التي تضم الموانئ والمضايق وكل المياه الموجودة قبل الخط الأساسي للمياه الإقليمية وتباشر عليه الدولة جميع الحقوق المتفرعة عن سيادتها ، أما المياه الإقليمية فهي ؛ التي تباشر عليها الدولة سيادةً كاملة باستثناء قيد المرور البري للسفن الأجنبية .
3. الإقليم الجوي ، ويشمل طبقات الجوالتي تعلو إقليمي الدولة البري والبحري .

ثالثاً- تحديد نطاق الإقليم :
يتم تعيين إقليم الدولة عن طريق خطوط تسمى بالحدود . ويقصد بحدود الدولة الخطوط التي تحدد المدى الذي تستطيع الدولة ممارسة سيادتها فيه ، إذ تبدأ عندها سيادة الدولة صاحبة الإقليم وتنتهي سيادة غيرها ، وتنتهي وراءها سيادتها وتبدأ سيادة غيرها من الدول .



i- الحكومة

إن الشعب والإقليم بدون حكومة لا يشكلان وحدهما دولة ، ولا دولة بدون حكومة . والدولة مجتمع سياسي ، وأي مجتمع سياسي يحتاج إلى سلطة منظمة تمارس صلاحيات الحكم فيه . وتتجسد الحكومة بالسلطات العامة المنظمة القادرة على القيام بوظائف الدولة في الداخل والخارج . وحيث أن الدولة شخص اعتباري لابد من وجود من يمثله ويعبر عن إرادته . وهكذا تعد الأجهزة التشريعية والتنفيذية والقضائية عناصر لازمة لأمكان ممارسة الدولة لصلاحياتها . وتؤخذ الحكومة في النطاق الدولي بالمعنى الواسع فهي لا تنحصر في السلطة التنفيذية وحسب وانما في مجموع السلطات العمومية ايضاً التي تؤلف تنظيماً حكومياً يتولى الأشراف على الشعب والإقليم وادارة المرافق العامة اللازمة لحفظ كيانها وتحقيق استقرارها ونموها بما تملكه من سلطات تشريعية وتنفيذية وقضائية . ويجب أن تتوافر عدة شروط في الحكومة ، هي الفعلية ، السيادة والاستقلال .
1. الفعلية :
يقصد بشرط الفعلية ، وجود سلطة قادرة على إقامة نظام قانوني نافذ في نطاق إقليم الدولة بكامله ، وقادرة على الوفاء بالالتزامات التي يفرضها القانون الدولي عليها . وفي حالة حدوث تغييرات في تنظيم السلطات العامة أو في الأشخاص القائمين بها ، فالذي يهم القانون الدولي في مثل هذه الأوضاع قيام السلطات العامة الجديدة في الدولة فعلاً بالواجبات التي يفرضها القانون الدولي على الدولة . وتوضيح ذلك ، هو أن الدولة – كما هو معروف – باقية في جوهر كيانها مهما حدث في داخلها من تغييرات في تنظيم السلطة أو في أشخاص القابضين عليها. وهذا ما يلق عليه مبدأ استمرارية الدولة أو وحدة هويتها ، رغم التغيير الذي قد يطرأ على السلطة وأشخاص الحاكمين . كذلك فان الفعلية تفترض الشمولية والمانعية ، بمعنى أن يكون سلطان حكام الدولة شاملاً كامل الإقليم ومن عليه بشكل مانع ، أي لا يشاركها فيه مشارك . كما أن القانون الدولي لا يعني بالأساس الدستوري أو الشرعي للسلطة ولا بالشكل السياسي للحكم ، ولا في الفلسفة السياسية للسلطة ولا بعلاقة المواطنين بها . ذلك لان المبدأ هو حرية اختيار شكل الحكم وللدول أن تختارما تشاء من أشكال الحكم شريطة أن لا يمس حقوق الدول الأخرى أو يتعارض مع الثوابت في الحضارة الدولية . وكل ما يعني القانون الدولي– في هذا المجال – هو استمرار وجود السلطة عن طريق قيامها فعلاً باختصاصات الدولة الكفيلة ببقائها واستمرارها .

2. السيادة و الاستقلال :
السيادة والاستقلال مصطلح يستعمل للدلالة على حق الدولة بأن تتخذ أي قرار تراه دون أن تخضع لسلطة خارجية ، مع تقيّدها بالالتزامات المنبثقة عن قواعد القانون الدولي . وقد ظهرت فكرة السيادة في البداية كمبدأ أساسي يجعل من الملك صاحب كل السلطات في مملكته . وعرفها المفكّر الفرنسي ( جان بودان ) بأنـــها (السلطة العليا على المواطنين التي لا تخضع للقوانين ) . واعتبرت السيادة فيما مضى سلطة مطلقة لا يقيّد الدولة في ممارستها غير أرادتها . وبقيت هذه الفكرة سائدة إلى عهد قريب ، وقد ترتب على هذا المفهوم نتائج خطيرة أدت إلى اشتعال الحروب بشكل مستمر ، كما أن الدول لم تعرف فيما بينها علاقات التعاون وكانت الريادة دائماً للدولة القوية ، ومثل هذا الوضع لم يساعد على إيجاد قواعد قانونية دولية لتنظيم علاقات الدول وضبطها . ونتيجة لتطور العلاقات الدولية تطور مفهوم السيادة واصبح ذا معنى قانوني ، ووجدت قواعد قانونية تحكم هذه العلاقات بين الدول ، وفي ضوء هذه التغييرات الجديدة اصبح يُنظر للسيادة من خلال هذه القواعد ، وغدت الدول تتقيد في تصرفاتها بما للدول الأخرى من حقوق يتعين عدم الإخلال بها في ضوء قواعد القانون الدولي . ومثل هذا التقيّد في تصرفات الدولة ليس فيه انتقاص من هذه السيادة ، وذلك لأن هذا التقيد عام يشمل الدول كافة وفي صالحها جميعاً ، والسيادة لا تتنافى مع الخضوع للقانون ، إنما الذي يتنافى معها هو الخضوع لارادة دولة أخرى . ولا يزال مبدأ السيادة من المبادئ المسلم بها في القانون الدولي المعاصر ، بل ومن المبادئ الرئيسية التي يقوم عليها النظام الدولي الراهن ، وهذا ما تضمنه مضمون المادة الثانية / الفقرة الأولى من ميثاق الأمم المتحدة التي جاء بها ( تقوم الهيئة على مبدأ المساواة في السيادة بين جميع أعضائها) . ويرتبط مبدأ السيادة بمبدأ الاستقلال ، وقد أكدت على ذلك القرارات الصادرة عن القضاء الدولي التي شدّدت على مبدأ السيادة وتماثله بالاستقلال ، ففي قضية جزيرة (( بالماس)) صرح المحكم (( ماكس هوبر )) ( إن السيادة في العلاقات القائمة بين الدول تفيد استقلالهم ) .

ii- صفات السيادة
لابد من توافر صفات معينة في السيادة هي :
1. وحدة السيادة ، بمعنى أن السيادة هي بحكم الضرورة ولاية الدولة في حدود إقليمها ولاية انفرادية يتوجب على الدول الأخرى احترامها . وقد أكدت محكمة العدل الدولية على ذلك في الحكم الذي أصدرته في قضية مضيق كورفو في العام 1949م بقولها ( إن احترام السيادة الإقليمية بين الدول المستقلة يعد أساسا جوهرياً من أسس العلاقات الدولية ) .
2. السيادة لا تقبل التجزئة ، يعني أنها لا تتعدد . وحتى في الدول المركبة ( أي الاتحادية ) فان السيادة تبقى واحدة بيد السلطة المركزية وكل ما هنالك هو تعدد مراكز ممارسة السيادة بين السلطة المركزية والسلطات المحلية في هذه الحالة .
3. السيادة لا تقبل التصرف ، أي عدم جواز التنازل عنها ، لأن الدولة التي تتنازل عن سيادتها تفقد وصفاً لشخصية الدولة القانونية .
4. واخيراً ، فان التقادم المكسب والتقادم المسقط لا محل لهما في نقل السيادة من دولة إلى أخرى ، فالسيادة لا تكتسب بمجرد مرور الوقت ولا تسقط لعدم ممارستها بالمدة الطويلة .

التمييز بين السيادة ومظاهرها
يتعين عدم الخلط بين السيادة كوضع قانوني وبين ممارستها في مختلف مضاهرها من الناحية الواقعية ، ذلك أن هناك دولاً تتولى إدارة شؤونها كلها أو بعضها دول أجنبية . ومثل هذا الوضع لا يؤدي إلى تجريد هذه الدولة من سيادتها ، بل على العكس تبقى محتفظة بشخصيتها الدولية المتميزة عن شخصية الدولة التي تتولى الإدارة والإشراف نيابةً عنها وهناك أمثلة كثيرة على مثل هذه الحالة ، منها البلاد المشمولة بنظام الوصاية ، حيث إنها تظل محتفظة بسيادتها القانونية على الرغم من تولي الدول ذات الولاية عليها ممارسة كل أو بعض مظاهر هذه السيادة ومن ذلك ايضاً ، انه في حالة الاحتلال الحربي تباشر سلطات الاحتلال السلطة الفعلية على الأراضي المحتلة ، إلا أن السيادة – كوضع قانوني – تظل محفوظة للدولة صاحبة الإقليم الأصلية .

مظاهر السيادة
كنتيجة طبيعية لتوافر عنصر السيادة أو الاستقلال ، يكون للدولة الحق في مباشرة الاختصاصات المتعلقة بوجودها كافة كدولة على الصعيدين الداخلي و الخارجي .
1. المظهر الداخلي : ويتمثل في حرية الدولة في تصريف شؤونها الداخلية وتنظيم مرافقها العامة وفرض سلطاتها كافة على ما يوجد في إقليمها من أشخاص واموال وحقها في التشريع والقضاء .
2. المظهر الخارجي : ويتجلّى في أن تتولى الدولة إدارة علاقاتها الخارجية مع الدول الأخرى بإرادتها الحرة النابعة من ذاتها دون أن تخضع لسلطة أجنبية فتتبادل التمثيل الدبلوماسي مع الدول الأخرى وتشترك في المؤتمرات وتبرم المعاهدات وتنضم إلى المنضمات الدولية أو الإقليمية إلى غير ذلك من ممارسة النشاطات الدولية الخارجية .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
baconecdz
baconecdz


مدير المنتدى : خالد khaled
مدير المنتدى : خالد khaled


الجنس الجنس : ذكر
هوايتي : الرياضة
مسآهمآتے مسآهمآتے : 11463
التقييم التقييم : 368

محاضرات في القانون الدولي Empty
مُساهمةموضوع: رد: محاضرات في القانون الدولي   محاضرات في القانون الدولي Emptyالإثنين 11 مارس 2013 - 19:44

المحاضرة الخامسة

المسؤولية الدولية:
يمكن تعريف المسؤولية الدولية بأنها عبارة عن نظام قانوني تلتزم بمقتضاه الدولة التي تأتي عملاً غير مشروع، طبقاً للقانون الدولي العام بتعويض الدولة التي لحقها ضرر من جراء هذا العمل.
من هذا التعريف يتضح أن العنصر الأساس الأول للمسؤولية الدولية هو عدم مشروعية العمل، والعنصر الثاني لهذه المسؤولية يرتكز على تقدير عدم المشروعية بالنسبة لقواعد القانون الدولي العام.
ويراد بالعمل غير المشروع كل مخالفة لالتزام دولي تفرضه قاعدة من قواعد القانون الدولي. فأذا ما أخلت مثلاً دولة ما بأحكام معاهد سبق لها أن تقيدت بها، فأنها تتحمل المسؤولية الدولية الناشئة عن هذا الإخلال، وتلتزم بالتالي بتعويض الدولة التي لحقها ضرر من جراء هذا العمل.
والقواعد القانونية التي تحكم المسؤولية الدولية وهي قواعد عرفية، فقد فشلت محاولات تدوينها في مؤتمر لاهاي سنة 1930، إلا أن لجنة القانون الدولي التابعة للأمم المتحدة، تقوم في الوقت الحاضر بتدوين قواعد القانون الدولي المتعلقة بالمسؤولية الدولية.

طبيعة المسؤولية الدولية وأنواعها:
الطبيعة القانونية للمسؤولية الدولية:
المسؤولية: هي علاقة بين شخصين أو أكثر من أشخاص القانون الدولي العام. بموجب الرأي السائد في الفقه الدولي، أن المسؤولية الدولية لا تكون إلا بين دولتين أو أكثر، وقد أستقر القضاء الدولي على ذلك فقد جاء في القرار الذي أصدرته محكمة العدل الدولية الدائمة في 14/6/1938، في قضية الفوسفات المغربي أنه (لما كان الموضوع يتعلق بعمل مسند لأحد الدول ويتعارض مع أحكام الاتفاقية القائمة بينها وبين دولة أخرى فأن المسؤولية الدولية تنشأ مباشرة في نطاق العلاقات القائمة بين هاتين الدولتين).
وتثار المسؤولية الدولية عندما تدعي دولة بأن ضرر قد أصابها وتطالب بالتعويض. وهذا الضرر يمكن أن يكون:
أ*- خطأ مباشراً (كالاعتداء على علم الدولة أو أهانتها).
ب*- إخلالا بالقانون الدولي (كانتهاك أحكام معاهدة).
ت*- ضرراً واقعاً على أحد رعايا الدولة، إذ من حق هذه الدولة أن تحمي رعاياها الذين تضرروا من جراء الأعمال المخالفة للقانون الدولي التي ترتكبها دولة أخرى، إذا لم يتمكنوا من الحصول على حقوقهم بالطرق العادية.
ذلك أن الأضرار التي تصيب الأفراد لا تنشأ عنها مسؤولية دولية مباشرة بين هؤلاء الأفراد والدولة التي يقيمون في إقليمها. بل تكون المسؤولية بين الدولة التي ينتمي لها الأفراد وبين الدولة المسؤولة عن الضرر، أي الدولة التي يقيم الأفراد في إقليمها ويدخلون في علاقات قانونية معها.

أنواع المسؤولية الدولية:
تنقسم المسؤولية الدولية إلى مسؤولية مباشرة ومسؤولية غير مباشرة.
أ*- المسؤولية الدولية المباشرة:
توجد هذه المسؤولية حينما يوجد إخلال مباشر من جانب الدولة بالتزاماتها الدولية.
ب*- المسؤولية الدولية غير المباشرة:
وتوجد عندما تتحمل دولة ما المسؤولية الدولية المترتبة على دولة أخرى، بسبب انتهاكها قواعد القانون الدولي العام. وهذه المسؤولية تتطلب وجود علاقة قانونية خاصة بين الدولتين المعنيتين، وتتواجد هذه العلاقة في الحالات الآتية:
1- الحماية: إذ أن الدولة الحامية تكون مسؤولة عن التصرفات غير المشروعة المنسوبة للدولة المحمية. وهذه المسؤولية نتيجة طبيعية لنظام الحماية، إذ تتولى الدولة الحتمية جميع الاختصاصات الدولية. وقد أكدت محكمة العدل الدولية مسؤولية الدولة الحامية في الحكم الذي أصدرته في 28/10/1952، في القضية الخاصة بحقوق الرعايا الأمريكيين في مراكش.
2- الانتداب: إذ تتحمل الدولة المنتدبة المسؤولية عن التصرفات غير المشروعة دولياً والصادرة عن الدولة الخاضعة للانتداب. وقد طبقت محكمة العدل الدولية الدائمة هذا المبدأ في الحكم الذي أصدرته في 30/8/1924، في قضية (مافر ماتيس).
3- الوصاية: حيث تكون الدولة القائمة بإدارة أقليم خاضع لنظام الوصاية بنفس الوضع السابق ذكره بالنسبة للدولة المنتدبة.

شروط المسؤولية الدولية:
لقيام المسؤولية الدولية لابد من أن يقع فعل ويكون هذا الفعل منسوباً لدولة، وغير مشروع وأن يكون قد ألحق ضرراً بدولة أخرى. أو بعبارة أخرى لا يتصور قيام المسؤولية الدولية ما لم تتوافر شروط ثلاثة:
1- يجب أن يكون الفعل منسوباً للدولة.
2- يجب أن يكون الفعل غير مشروع.
3- أن يترتب على الفعل غير المشروع ضرر.

أولاً:- شروط نسبة الفعل إلى الدولة:
يعد الفعل منسوب إلى الدولة، إذا كان صادراً من أحدى سلطاتها أو هيآتها العامة اخلالاً بقواعد القانون الدولي، وان كانت هذه الأفعال لا تتعارض مع أحكام قانونها الوطني. والسلطات والهيئات التي تتحمل الدولة المسؤولية الدولية نتيجة تصرفاتها المخالفة للقانون الدولي، هي قبل كل شيء السلطات الثلاثة في الدول التشريعية والتنفيذية والقضائية.

1- مسؤولية الدولة عن تصرفات السلطة التشريعية:
تعد الدولة مسؤولة عن كافة التصرفات غير المشروعة دوليا الصادرة من سلطتها التشريعية، سواء أكان التصرف أو العمل الصادر عن السلطة التشريعية إيجابياً كأصدراها قوانين تتعارض مع الالتزامات الدولية، أم سلبياً كامتناعها عن إصدار القوانين الضرورية لتنفيذ التزامات الدولة دوليا. كما لو أمتنع البرلمان عن الموافقة عن تشريع لابد من صدوره لتنفيذ معاهدة معينة، أو أمتنع عن الموافقة على اعتمادات مالية معينة لابد منها لتنفيذ التزامات الدولة في المجال الدولي.

2- مسؤولية الدولة عن أعمال السلطة التنفيذية:
تسأل الدولة عن التصرفات الصادرة عن موظفيها كافة، سواء أكانت التصرفات قد صدرت من السلطات المركزية أو المحلية، أو قد أتاها كبار الموظفين مثل أعمال المخلة بالالتزامات الدولية التي يأتيها الموظفون عند تجاوزهم لحدود اختصاصاتهم، فينفي المسؤولية عن الدولة ويسمح للأشخاص المتضررين برفع الأمر إلى محاكم الدولة ومقاضاة الموظف المذنب.
أما اليوم فأن الرأي الراجح في الفقه يذهب إلى أن الدولة تسأل عن كل الأفعال المخلة التي يأتيها الموظف بصفته هذه، سواء كان يعمل في حدود اختصاصه أو كان قد تعدى هذه الحدود، لأنه في كلتا الحالتين يعمل بأسم الدولة، ومن واجب الدولة أن تحسن أختيار موظفيها وتراقب أعمالها، فتجاوز الموظف لحدود اختصاصه يعتبر تقصيراً من الدولة في القيام بهذا الواجب. وقد اخذ بهذا الرأي معهد القانون الدولي في دورة انعقاده في لوزان سنة 1927 عندما حمل الدولة مسؤولية الأعمال التي تقع من موظفيها خارج حدود اختصاصهم (ما دام أن هؤلاء الموظفين قد قاموا بها باعتبارهم إحدى الهيئات الرسمية للدولة واستخدموا الوسائل التي تحت تصرفهم بصفتهم هذه).

3- مسؤولية الدولة عن تصرفات السلطة القضائية:
تسأل الدولة عن الأحكام التي تصدرها محاكمها إذا كانت هذه الحكام متعارضة مع قواعد القانون الدولي العام. وهنا لا يمكن للدولة الاحتجاج بمبدأ استقلال القضاء، لأن هذا المبدأ يشكل قاعدة داخلية تطبق في نطاق علاقة السلطة القضائية بغيرها من سلطات الدولة ولا شأن للدول الأجنبية لهذه العلاقة. ثم لأن الدولة في ميدان العلاقات الدولية تواجهها الدول الأخرى كوحدة مسؤولة عن تصرفات سلطاتها المختلفة.
ولما كان الأجنبي يمثل أمام المحاكم الوطنية بصفته مدعياً أو مدعى عليه أو متهماً، وفي كل هذه الحالات تسأل الدولة إذا كان في أحكام محاكمها إخلال بالتزام دولي ملقى على الدولة. كما لو أخضعت لقضائها ممثلاً دبلوماسيا، أو كما لو كان اختصاص الدولة محددا في اتفاقات دولية وخرجت المحاكم على هذه الاتفاقات، أو أهملت المحاكم في تطبيق القانون الدولي أو طبقته تطبيقاً خاطئاً
كما تسأل الدولة في حالت إنكار العدالة ويظهر إنكار العدالة في الحالات الآتية:
*أ- عندما تمتنع محاكم الدولة، رغم اختصاصها، عن النظر في دعوة تقدم بها أحد الأجانب.
*ب- عندما تتباطأ هذه المحاكم في الفصل في الدعوى دون مبرر، أو بقصد حرمان الأجنبي من الحصول على حقه.
*ج- عندما تفصل هذه المحاكم في الدعوى فتصدر ضد الأجنبي حكماً ضالماً تعسفياً سببه الخضوع لشعور عدائي ضد الأجانب أو الرغبة في الإساءة لهم.

4- مسؤولية الدولة عن التصرفات التي تصدر عن رعاياها:

يحدث كثيراً أن يقوم بعض الأفراد في أقليم دولة ما بأعمال عدوانية مخلة بالقواعد الدولية ضد دولة أجنبية، كالأعتداء على رئيسها أو ممثلها الرسمي، أو أهانة علمها، أو مساعدة حركة ثورية أو أنفصالية فيها، أو الأعتداء على رعاياها - فهل تسأل الدولة صاحبة الأقليم عن هذه التصرفات أمام الدول الأجنبية التي تعرضت أو تعرض رعاياها للأعتداء؟ الرأي السائد هو أن الدولة تتحمل هنا مسؤولية دولية مباشرة لأنها أخلت بأحد ألتزاماتها الأساسية، وهو المحافظة على الأمن والنظام العام في أقليمها.
وهذا الألتزام ذو وجهين: إذ يشمل واجب المنع أو الحيطة قبل وقوع الضرر، وواجب القمع بعد وقوعه.

أ*- واجب المنع:
إن واجب الدولة أن تحول دون وقوع التصرفات الضارة بالأجانب من جانب الأفراد وأن تحمي عند الاقتضاء الأجانب المهددين فيها، وواجب المنع هذا يفرض على الدولة أن تحتاط لكل أمر وتتخذ بصورة دائمة التدابير اللازمة لحماية بعض الأمكنة (كالسفارات ومناطق الحدود)، أو بعض الأجانب (كرئيس الدولة أو وزراءها أو ممثليها الدبلوماسيين)، وفي بعض الظروف كحدوث تظاهرات أو إضرابات.
لكنه توجد من الناحية العملية صعوبة كبيرة في إثبات أن الدولة لم تقم بواجبها في حماية الأجانب. إلا إن هناك بعض التصرفات التي يمكن أن تتخذ كمعيار في هذا الشأن، ومنها:
1- رفض الدولة اتخاذ التدابير اللازمة، على الرغم من مطالبة الممثلين الدبلوماسيين أو الأشخاص المعنيين بذلك كرفضها إرسال قوة مسلحة لحماية الأجانب في منطقة خطرة.
2- أشتراك الجنود أو الشرطة أو الموظفين في أعمال العنف الموجهة ضد الأجانب.
3- عدم أكتراث الموظفين العموميين بعمل غير مشروع يشاهدونه أو تورطهم بالمشاركة فيه. وبالعكس هناك تصرفات من شأنها أن تجرد الدولة من كل مسؤولية، منها:
*أ- حصول الضرر من عمل أشترك فيه الأجنبي، أو تم بتحريض منه.
*ب- رفض الأجنبي العمل بنصائح دولته التي دعته إلى مغادرة إقليم الدولة المقيم فيها. وكثيراً ما تعطي هذه النصيحة من جانب الحكومات الأجنبية لمواطنيها في حالة الحرب الأهلية أو في حالة التوتر الدولي.

ب*- واجب القمع:
ويكون بعد وقوع الضرر. في هذه الحالة يتعين على الدولة أن تبذل كل جهد لمعاقبة المجرمين وتأمين التعويضات المناسبة للمتضررين، وتتحمل الدولة مسؤولية دولية إذا صدرت عنها التصرفات الآتية
1- إذا رفضت أو أهملت عمداً ملاحقة المجرمين.
2- إذا رفضت معاقبتهم.
3- إذا رفضت محاكمتهم.
4- إذا تهاونت في مرغبتهم مما سهل لهم الفرار.
5- إذا أصدرت عفواً عاماً أو خاصاً بعد صدور الحكم.

5- مسؤولية الدولة في حالة قيام ثورة أو حرب أهلية:
ينبغي التفرقة في مجال مسؤولية الدولة عن الأضرار التي تلحق بالأجانب خلال الثورات والحروب الأهلية بين ثلاث أنواع من الأضرار.
*أ- الأضرار التي تصيب الأجانب بسبب القتال: لا تسأل الدولة عن الأضرار التي تلحق بالأجانب نتيجة لأعمال القتال التي تدور بين القوات الحكومية وقوات الثوار، وذلك بناءاً على فكرة القوة القاهرة وعلى هذا الأساس لا يستطيع الأجنبي الذي تقصف داره أثناء قارة حربية أن يطالب بالتعويض عليه.
وقد أكد القضاء الدولي هذا المبدأ من ذلك القرار التحكيمي الذي أصدره الأستاذ (ماكس هوبر) في 1/5/1925. في قضية طلب الحكومة البريطانية التعويض عن الأضرار التي لحقت برعاياها في المنطقة الأسبانية من مراكش، والذي جاء فيها (لا يمكن أن تعتبر الدولة مسؤولة عن نتائج تدابير التي تتخذها لفرض النظام أو مقاتلة العدو بالقوة المسلحة لأن عملها هذا يعتبر من واجباتها الأساسية. كذلك ليست الدولة مسؤولة عن الأضرار الناشئة عن العمليات العسكرية التي تقوم بها جيوشها).
*ب- الأضرار التي تصيب الأجانب بسبب أعمال الحكومة خارج نطاق القتال:
تسأل الدولة عن الأضرار التي تلحق بالأجانب بسبب الأعمال التي تتخذها الدولة خارج نطاق القتال كما لو استولت على أموال الأجانب، أو دمرت ممتلكاتهم بدون أن تكون هناك ضرورة عسكرية، أو قتلهم خارج ميدان القتال.
*ج- الأضرار التي تصيب الأجانب بسبب أعمال الثوار، وهنا يميز القضاء بين حالتين:
1- حالة هزيمة الثوار:
لا تعد الدولة مسؤولة عن أعمال الثوار إذا اقترنت ثورتهم بالفشل. ويبرر الفقهاء هذا الحل بالفكرة التالية: أن الحكومة الشرعية التي هزمت الثوار لا تعتبر مسؤولة عن الأضرار التي تسببوا في إلحاقها بالأجانب لان الثوار كانوا متمردين وخارجين على القانون، ولان المسؤولية تزول عندما تختفي السلطة الفعلية والدائمة. على ان هذا المبدأ لا يخلو من محاذير لانه يدفع الأجانب المقيمين في أقليم الدولة على التخلي عن حيادهم إزاء الفريقين المتنازعين ومساعدة الثوار على الفوز من أجل تأمين تعويضاتهم ولكن ترد على هذا المبدأ استثنائيين:
أ*- تتحمل الدولة المسؤولة الدولية في حالة إثبات تقصيرها في واجب الحيطة إذا لم تتخذ كل ما يمكن اتخاذه من تدابير للمحافظة على الأجانب.
ب*- تتحمل الدولة المسؤولة الدولية كذلك في حالة عفوها عن الثوار (كأن تعطي لزعمائهم مثلاً وظائف عامة)، لأن العفو يفترض قبول الدولة لتحمل جميع المسؤوليات التي ولدتها الثورة أو الحرب، ولأن العفو يشبه المصادقة اللاحقة على الأفعال التي أرتكبها الثوار.
2- حالة انتصار الثوار:
إذا نجحت الثورة وتسلم الثوار مقاليد الحكم، فأن الدولة تتحمل في هذه الحالة المسؤولية الدولية عن الأضرار التي لحقت بالأجانب نتيجة لأعمال الثوار. وذلك على اعتبار إن الشعب قد رضي عن الثورة واقرها فتنسب أعمالها للدولة ومنذ قيام الثورة. وقد تأكد هذا المبدأ بالقرار الذي أصدرته لجنة الادعاءات الفرنسية - المكسيكية في عام 1928، في قضية (J.Pisson).
وقد جاء فيها (لا يمكن أن تعتبر الدولة التي نشبت فيها حركة ثورية مسؤولة عن تصرفات الثوار القانونية فيها وغير القانونية ما لم يكتب لها النجاح). وتطبيقاً لهذا المبدأ فقد قررت اللجنة مسؤولية المكسيك عن جميع الأعمال التي أرتكبها الجيش منذ تاريخ سقوط الرئيس (مادور) في 13/1/1913، حتى تاريخ تأليف الحكومة الشرعية الجديدة في 1/5/1917.

ثانياً:- شرط عدم مشروعية الفعل:
يجب أن يكون الفعل المنسوب للدولة غير مشروع دولياً، ويكون الفعل غير مشروع إذا كان يتضمن مخالفة لأحكام القانون الدولي العام الاتفاقية أو العرفية أو لمبادئ القانون العامة.

ثالثاً:- شرط أن يترتب على الفعل غير المشروع ضرر:
ويلزم أخيراً لقيام المسؤولية الدولية أن ينتج عن الفعل غير المشروع ضرر يصيب دولة من الدول. ويشترط في هذا الضرر أن يكون مؤكداً ولا يكفي أن يكون محتملاً أو لا يقع. سواء أكان ذلك الضرر الذي يصيب الدولة مادياً (كالاعتداء على حدود الدولة أو على سفنها أو طائراتها) أو معنوياً. (كامتهان كرامتها أو عدم احترام أنظمتها ورؤسائها أو الاعتداء على علمها). وقد يكون الضرر المعنوي في مجال العلاقات الدولية أفدح بكثير من وجهة نظر الدولة التي حل بها الضرر من الكثير من الأضرار المادية.
أما الضرر الذي يصيب رعايا الدولة، فأما أن يكون ضرراً مادياً يلحق بالممتلكات أو جسمانياً يلحق بالأشخاص، واما أن يكون معنوياً يلحق بالكرامة والسمعة، وقد يجتمع الضرران المادي والمعنوي نتيجة لعمل واحد.

آثار المسؤولية الدولية:
إن النتيجة الرئيسية للمسؤولية الدولية هي التزام الدولة المسؤولة بتعويض الضرر الذي نشأ عن الفعل غير المشروع. وقد أكد القضاء الدولي هذا المبدأ في العديد من الأحكام نذكر منها: قرار التحكيمي الذي أصدره الأستاذ (ماكس هوبر) في 1/5/1925. في القضية الخاصة بالأضرار التي لحقت في بعض الرعايا البريطانيين في مراكش الأسبانية وقد جاء فيه (إن النتيجة التي تؤدي إليها المسؤولية هي دفع التعويض). والحكمان الصادران من محكمة العدل الدولية الدائمة في قضية (شورزو) بتاريخ 26/7/1927، و 13/9/1928، وقد جاء فيهما من المبادئ المقررة في القانون الدولي إن خرق الالتزامات يستوجب التعويض بشكل ملائم. ويتخذ التعويض في المسؤولية الدولية الصور الآتية:

أولاً:- الترضية (Satisfaction).
تكون الترضية هي التعويض المناسب عندما لا يترتب على العمل المسبب للمسؤولية أي ضرر مادي. والترضية تعني قيام الدولة المسؤولة بعدم إقرار التصرفات الصادرة عن سلطاتها أو موظفيها. ومن صورها تقديم اعتذار دبلوماسي أو إبداء الأسف، أو تحية العلم في حالة الإهانة، أو فصل الموظف المسؤول أو أحالته إلى المحكمة، ومن أمثلة الترضية ما حدث عندما قبض رجال البوليس الأمريكي على أحد رجال السلك الدبلوماسي الإيراني في الولايات المتحدة الأمريكية سنة 1934، لقيادته السيارة بسرعة شديدة .

ثانياً:- التعويض العيني:
ويكون بإعادة الأمر إلى ما كان عليه قبل وقوع الفعل غير المشروع، كإعادة الأموال التي صودرت بدون وجه حق من الأجانب. وقد أكد القضاء الدولي ذلك في الحكم الذي أصدرته محكمة العدل الدولية الدائمة في 13/9/1928، في قضية مصنع (شورزو)، والذي جاء فيه (إن الطريقة التي تتبعها المحاكم عادةً في احتساب التعويضات هي أن التعويضات تعمل على إزالة جميع آثار العمل غير المشروع واعادة الحالة إلى ما كانت عليه قبل وقوع هذا العمل ويتم تسوية ذلك بالتعويض العيني...).

ثالثاً:- التعويض المالي:
ويكون بدفع مبلغ من المال لتعويض الضرر الناتج عن الفعل غير المشروع. وهذا هو الشكل الشائع للتعويض كما جاء في قرار محكمة التحكيم الدائمة الصادر في 11/11/1912، من أنه (ليس بين مختلف مسؤوليات الدول فروق أساسية، ويمكن تسويتها جميعاً بدفع مبلغ من المال).
ويتم تحديد مبلغ التعويض بالاتفاق بين أطراف النزاع أو عن طريق التحكيم أو القضاء، وفي الغالب يتم الاتفاق على التعويض نتيجة للمفاوضات تتم بين الأطراف المعنية يعقبها اتفاق يبين مقدار ونوع التعويض. مثال ذلك الاتفاق المبرم بين الحكومة المصرية ومساهموا شركة قناة السويس في 29/4/1958.
وينبغي أن يماثل التعويض الضرر مماثلة حقيقية بحيث لا يقل عنه أو يزيد، كما ينبغي أن يشمل ما لحق الدولة المتضررة من خسائر كافة وما فاتها من كسب نتيجة الفعل غير المشروع، ففي حالة الاحتجاز غير المشروع لسفينة صيد أجنبية، على سبيل المثال، ينبغي أن يتضمن التعويض مبلغاً موازياً لما كان ينتظر أن تحققه السفينة من ربح لأصحابها خلال مدة الاحتجاز غير المشروع.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
baconecdz
baconecdz


مدير المنتدى : خالد khaled
مدير المنتدى : خالد khaled


الجنس الجنس : ذكر
هوايتي : الرياضة
مسآهمآتے مسآهمآتے : 11463
التقييم التقييم : 368

محاضرات في القانون الدولي Empty
مُساهمةموضوع: رد: محاضرات في القانون الدولي   محاضرات في القانون الدولي Emptyالإثنين 11 مارس 2013 - 19:45

المحاضرة السادسة
* أشخاص القانون الدولي الآخرون:
* المنظمات الدولية: (Organisitions Internationales)
المنظمات الدولية هي (هيئات تنشئها مجموعات من الدول بإرادتها للأشراف على شأن من شؤونها المشتركة، وتمنحها اختصاصات ذاتية تباشرها هذه الهيئات في المجتمع الدولي، وفي مواجهة الدول الأعضاء نفسها). والمنظمات الدولية تشمل: المنظمات العالمية كعصبة الأمم في الماضي والأمم المتحدة في الوقت الحاضر، والمنظمات الإقليمية كجامعة الدول العربية ومنظمة الوحدة الأفريقية...، والمنظمات المتخصصة كمنظمة العمل الدولية ومنظمة الصحة العالمية وغيرها.

الاعتراف بالشخصية القانونية للمنظمات الدولية:
إن الاعتراف للمنظمات الدولية بالشخصية الدولية، لم يتم إلا بعد مناقشات فقهية طويلة في مفهوم الشخصية الدولية. فقد أنكر الفقهاء الأولون تمتع المنظمات الدولية بالشخصية القانونية الدولية، وأكدوا إن الدولة هي شخص القانون الدولي الوحيد. أما المنظمات الدولية فهي في نظرهم مجرد علاقة قانونية وليست شخصاً قانونياً.
غير أنه منذ القرن التاسع عشر، أخذ الفقهاء يغيرون موقفهم ويعترفون بوجود جماعات وهيئات غير الدول تتمتع بالشخصية القانونية الدولية وتخضع للقانون الدولي العام.
ولا يوجد اليوم شك في تمتع المنظمات الدولية بالشخصية القانونية الدولية، لاسيما بعد أن اعترفت محكمة العدل الدولية بالشخصية القانونية للأمم المتحدة في رأيها الاستشاري الذي أصدرته في 11/4/1949، بخصوص التعويضات عن الأضرار الناجمة عن الخدمة في الأمم المتحدة (قضية مقتل (الكونت برنادوت) وسيط الأمم المتحدة في فلسطين على أيدي العصابات الإسرائيلية).
وقد جاء في هذا الرأي الاستشاري (إن خمسين دولة، تمثل الأكثرية الواسعة من أعضاء المجتمع الدولي تملك، وفق القانون الدولي، صلاحية خلق كيان يتمتع بشخصية دولية موضوعية، وليس مجرد شخصية معترف بها من جانبهم فحسب). وأكدت المحكمة (إن تمتع الأمم المتحدة بشخصية دولية لا غنى عنه لتحقيق مقاصد الميثاق ومبادئه، وان وظائف المنظمة وحقوقها لا يمكن أن تفسر إلا على أساس تمتعها بقسط كبير من الشخصية الدولية).
كما إن المواثيق المنشئة للمنظمات الدولية تنص صراحة على تمتعها بالشخصية القانونية الدولية. فقد نص ميثاق الأمم المتحدة في المادة (104) على أن (تتمتع الهيئة في بلاد كل عضو بالأهلية القانونية التي يتطلبها قيامها بأعباء وظائفها وتحقيق مقاصدها). وتتمتع المنظمة أيضا في أرض كل عضو من أعضائها بالامتيازات والحصانات الضرورية لتحقيق أهدافها وكذلك يتمتع أعضاء الأمم المتحدة وموظفو المنظمة بالامتيازات والحصانات الضرورية لكي يمارسوا باستغلال وظائفهم بالنسبة للمنظمة.
وبناء على التفويض الوارد في الفقرتين الأولى والثانية من المادة (105) من الميثاق، عقدت الأمم المتحدة في 13/2/1949، اتفاقية بشأن مزايا وحصانات الأمم المتحدة وقد وافقت عليها الدول الأعضاء. وتنص المادة الأولى من الاتفاقية على أن تتمتع الأمم المتحدة بشخصية قانونية، فلها حق التعاقد والتقاضي وشراء وبيع العقارات والمنقولات. كما فصلت المواد الأخرى الامتيازات والحصانات التي تتمتع بها الأمم المتحدة وموظفيهم في أراضي الدول الأعضاء.
ونص ميثاق جامعة الدول العربية في المادة (14) على أن (يتمتع أعضاء مجلس الجامعة وأعضاء لجانها وموظفوها الذين ينص عليهم في النظام الداخلي بالامتيازات والحصانات الدبلوماسية أثناء قيامهم بعملهم. وتكون مصونة حرمة المباني التي تشغلها هيئات الجامعة). ولقد فصلت هذه الامتيازات والحصانات اتفاقية امتيازات وحصانات جامعة الدول العربية، التي صدق عليها مجلس الجامعة في 9/5/1953. وتنص المادة الأولى من الاتفاقية على أن تتمتع جامعة الدول العربية بشخصية قانونية، فلها أهلية تملك الأموال الثابتة والمنقولة والتصرف بها، وأهلية التعاقد، وأهلية التقاضي، كما بينت المواد الأخرى الحصانات التي تتمتع بها الجامعة وموظفوها.
وأخيراً فأن ما ذكرناه عن الشخصية القانونية للأمم المتحدة وجامعة الدول العربية ينطبق كذلك على المنظمات المتخصصة.

شروط تمتع المنظمات الدولية بالشخصية الدولية:
يلزم لتمتع المنظمات الدولية أو الإقليمية بالشخصية الدولية توافر شروط ثلاثة:
1- أن يكون للمنظمة حق تكوين أرادة ذاتية مستقلة عن أرادة الدول الأعضاء، ويكون ذلك عن طريق مجالسها وجمعياتها التي تصدر قراراتها بالأغلبية أو بالإجماع.
2- أن يكون للمنظمة المنشأة اختصاصات محددة لا تظهر شخصيتها الدولية إلا في حدودها.
3- أن تعترف الدول الأخرى صراحة أو ضمناً، بالشخصية الدولية للمنظمة. ويكون ذلك بقبول هذه الدول الدخول معها في علاقات دولية.

* الاتجاهات الفقهية:
أولاً: المذهب التقليدي:
يذهب فقهاء هذا المذهب إلى أن القانون الدولي ينظم علاقات الدول فقط، ولا شأن له بالأفراد. فالدولة في نظرهم هي الشخص الوحيد للقانون الدولي. أما الأفراد فلا مكان لهم بين قواعد هذا القانون، وأن ما يتمتع به الفرد من حقوق أو ما يلتزم به من واجبات يعود إلى اختصاص القانون الداخلي. وقد عبر عن هذا المذهب الفقيه الإيطالي (انزلوتي) بقوله: (ان الدولة فقط هي أشخاص القانون الدولي، أما الأفراد فانهم أشخاص القانون الداخلي)
وعلى ذلك فان الفرد - بموجب هذا المذهب - لا يتمتع بالشخصية الدولية، ولا يستطيع الاشتراك بطريقة ما في العلاقات الدولية، وان قواعد القانون الدولي لا يمكن أن تنطبق عليه مباشرة.
ثانياً: المذهب الواقعي:
يذهب فقهاء هذا المذهب إلى أن الفرد هو الشخص الوحيد للقانون الدولي كما في أي قانون آخر. وان الدولة ليست من أشخاص القانون الدولي وانما الأفراد وحدهم أشخاص هذا القانون.
ولهذا فان قواعد القانون الدولي تخاطب الأفراد مباشرة سواء أكانوا حكاماً للدولة وهذا هو الوضع الشائع، كما أنها قد تخاطب المحكومين إذا ما تعلق الأمر بمصالحهم الخاصة.
وبما أن الدولة تتكون من الأفراد المنتمين لمجتمع وطني، فان المجتمع الدولي يتكون من الأفراد المنتمين للمجتمعات الوطنية المختلفة، وان الدولة ما هي إلا وسيلة قانونية لأدارة المصالح الجماعية لشعب معين.
لاشك ان كلا المذهبين لا يخلو من وجاهة، وان كان كل منهما يمثل تصوراً معيناً للحقائق الدولية. فأذا كان صحيحاً أن الفرد هو المخاطب الحقيقي بأحكام القانون الدولي، وهو بهذا يعتبر - من حيث الواقع - شخص القانون الدولي، فانه صحيح كذلك أن الفرد لا يتمتع - بوصفه فرداً - بالاختصاصات الدولية، إلا على سبيل الاستثناء. ولذا فهو - من الناحية القانونية - في وضع يتدنى عن وضع الدولة أو المنظمات الدولية.

* التعامل الدولي:
ان ما يجري عليه العمل المعاصر يؤكد المركز المتزايد الذي يختص به الفرد بوصفه فرداً مستقلاً عن الدولة. ويبدو ذلك في الأمور الآتية:
أولا:- وجود قواعد دولية تخاطب الفرد مباشرة، فهذه القواعد قد تمس الفرد:
أ*- في حياته: مثال ذلك الأحكام الخاصة بمنع القرصنة حيث يعتبر مرتكب هذه الجريمة مجرماً دولياً ويجوز لكل دولة أن تعاقب. والقواعد التي تضمنتها اتفاقية منع إبادة الجنس البشري التي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة بقرارها رقم (260) الصادر في 9/12/1948، فقد نصت المادة الرابعة منها على معاقبة كل من يرتكب هذه الجريمة سواء أكانوا حكاماً مسؤولون، أو موظفين رسميين أو دوليين، أم أفراداً عاديين. كما وتنص المادة السادسة منها على أن يحاكم المتهم أما محاكم الدولة التي ارتكب على إقليمها الفعل أو أمام محكمة دولية تتفق عليها الدول. ان محاكمة المتهم هنا أمام محاكم الدولة المتضررة تضع المتهم في مركز مماثل للقرصان. فأذا كانت المحاكمة أما محاكمة دولية فان هذا أيضا يجعل من الفرد شخصاً دولياً لانه يدخل في علاقة مباشرة مع جهاز ليطبق عليه القانون الدولي مباشرة.
ب*- في حريته: كتحريم الرق والاتجار بالرقيق.
ت*- في أخلاقه: كحضر الاتجار بالمخدرات واستعمالها ومنع النشرات المخالفة للأخلاق العامة...الخ.
ثانياً:- مسألة الفرد جنائياً: يرتب القانون الدولي المعاصر عدداً من القواعد التي تعاقب الفرد مباشرة لارتكابه جرائم ضد الإنسانية أو ضد السلم العالمي(محاكمات نورمبرغ وطوكيو). والمحكمة الدولية الجنائية الخاصة بيوغسلافية سابقاً. والمحكمة الدولية لراوندا.
ثالثاً:- حق الفرد بالتقاضي أمام المحاكم الدولية: يسمح القانون الدولي الفرد أحيانا وبصفته هذه بالمثول أمام المحاكم الدولية. ومن أمثلة ذلك ما نصت عليه المادة الرابعة من اتفاقية لاهاي الثانية عشرة لسنة 1907، المتعلقة بإنشاء محكمة الغنائم الدولية، من حق أفراد الدول المحايدة أو المحاربة أن تتقاضى أمام هذه المحاكمة. ومعاهدة واشنطن المعقودة في 20/12/1907، بين جمهوريات أمريكا الوسطى الخمس التي قضت بإنشاء محكمة عدل لهذه الدول خولت رعاياها حق مقاضاة دولهم أمام هذه المحكمة بعد استنفاذ طرق التقاضي الداخلية. والمادة (304) من معاهدة فرساي لسنة 1919، التي قضت بإنشاء محاكم تحكيمية مختلفة ذات اختصاص في النظر بالدعاوى التي يقيمونها على بعضهم بشأن العقود التي سبق لهم عقدها قبل عام 1914، ثم أصبح الطرفان في تلك العقود تابعين لدول معادية لبعضها. والاتفاقية الأوربية لحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية المعقودة بين الدول الأعضاء في مجلس أوربا في 4/11/1950، منحت الفرد في الدول الموقعة عليها حق اللجوء إلى اللجنة الأوربية لحقوق الإنسان ضد دولته إذا ما انتهكت حرياته الأساسية وفشلت الحلول الحبيبية التي رتبتها الاتفاقية في إيصاله لحقه. كما ان الاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان لعام 1969، سمحت للجنة حقوق الإنسان بالنظر في الادعاءات المقدمة من الأفراد، بعد استنفاذ طرق التقاضي الداخلية. وكذلك اللجنة المنبثقة عام 1976، عن اتفاقية الحقوق المدنية والسياسية لعام 1966، في إطار الأمم المتحدة.
رابعاً:- رتب ميثاق الأمم المتحدة حقوقاً للفرد، فقد نص الميثاق في مقدمته صراحة على أن تعمل الأمم المتحدة على احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية للناس جميعاً بلا تمييز بسبب الجنس أو اللغة أو الدين وبلا تفريق بين الرجال والنساء، ثم تكرر النص على ضرورة احترام حقوق الإنسان عند الكلام عن مهام المجلس الاقتصادي والاجتماعي وعن الأقاليم غير الممتعة بالحكم الذاتي وعن نظام الوصية، واخيراً في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة بقرارها رقم (217) الصادر في 10/11/1948، والاتفاقات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان (الاتفاق الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والاتفاق الخاص بالحقوق المدنية والسياسية) التي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في 17/11/1966، واتفاقية القضاء على التمييز العنصري عام 1965، واتفاقية مناهضة التعذيب،
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 

محاضرات في القانون الدولي

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

 مواضيع مماثلة

-
» محاضرات في القانون الدولي العام
» القانون الدولي العام و القانون الدولي الخاص
» محاضرات و دروس في المجتمع الدولي
» محاضرات في مقياس المجتمع الدولي
» محاضرات قانون المجتمع الدولي



صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى التعليم الشامل :: الـتـعـلـيـم الـجـامـعـي ::  فــضـاء طــلـبـة نــظـام L.M.D :: حقوق droit :: منتدى السنة الاولى حقوق droit LMD :: المؤسسات و العلاقات الدولية-