مصباح يكشف مستقبل طفل
لا تحزن إن الله خلقه لأمر غير هذا !
إنها عبارة قالها إمام لشخص يدعى مسعود لم يدخل مدرسة ولا كتابا ( مفرد كتاتيب وهي التي يتعلم فيها الأطفال القرآن) لكنه وعاها بعقله و تجاوب معها بجوارحه وطبقها إيمانا بالله تعالى وثقة في إمامه وكان هذا بعد ما :
أدخل ابنه وحيد إلى الكتاب ليحفظ القرآن وكان ذالك بعد طرده من المدرسة التي قضى فيها عشر سنوات دون أن ينتقل إلى المتوسط وبعد أن أتم سنة بهذا الكتاب التحق به ابن جاره حفيظ ليقضي العطلة الصيفية في حفظ القرآن الكريم وبعد شهر أتم حفيظ الجزء الأول من القرآن فغار وحيد من ابن جاره وخشي أن يعلم والده بالأمر فراح مستبقا الأحداث يشتكي إلى والد قائلا : إن الطالب ( اسم لمعلم القرآن في كثير من مناطق الجزائر)
يحقد علي و لا يهتم بي ولا يريدني أن أحفظ شيئا فأنا منذ سنة لم أحفظ ربع حزب أما ابن جارنا حفيظ فإنه يهتم به كثيرا لأن والده يعطي للطالب الدراهم ويدعوه للعشاء دائما ويحمله في السيارة, و , وووو, وراح يلفق التهم تلو التهم
وفي صباح اليوم التالي ذهب الأب إلى معلم القرآن غاضبا غضبا شديدا يستفسره عما سمعه من ابنه, وفي هدوء و أدب قال الإمام : اجلس ياسي مسعود فجلس متثاقلا وهو ينظر يمنة ويسرى لعله يرى ولده وعندها قال الإمام : أتريد أن تعرف لماذا أتم ابن جارك جزءا في شهر ولم يحفظ ابنك ربعا في سنة ؟ فرد الأب مسرعا بلى ياسيدي فقال الإمام اجلس وانظر ولا تتكلم ثم نادى قائلا : وحيد , وحيد, وحيد وفي الثالثة أجابه الطفل نعم سيدي فلما أصبح بين يديه أخرج من جيبه نقودا وسلمها له قائلا :اذهب واشتري لنا مصباحا كهربائيا فذهب الولد مسرعا إلى الدكان وقال للبائع أعطني مصباحا فردعليه البائع أتريده من نوع اللولب (filetage ) أم من نوع مسمار(vis) فقال انتظر ورجع مسرعا إلى الإمام مستفسرا فقال له من نوع اللولب فرجع إلى ألدكاني و أخبره بالنوع الذي يريد فطلب منه البائع مرة أخرى أن يحدد له استطاعة المصباح فرجع المسكين لاهثا يسأل الإمام عن استطاعة المصباح فقال له 70 واط وبعد جهد جهيد عاد بالمصباح وبعده نادىالإمام ابن الجار قائلا :
حفيظ تعال , فأجاب الطفل مباشرة نعم سيدي فاخرج له نقودا وقال له اذهب واشتري لنا مصباحا كهربائيا فرد الطفل في المكان أتريده لولبي أم مسماري ياسيدي فقال أريده لولبي فقال الطفل وكم استطاعته ياسيدي عندها شك أنه قد سمعه يكلم صاحبه من قبل فسأل الأطفال قائلا هل سمعتم ما قلته لصاحبيكم من قبل؟ فأجابوه بصوت واحد لم نسمع شيئا مما قلت ياسيدي وعندها تنهد الإمام وقال ألاحظت الفرق بينهما؟ قال الأب منكسرا بلى ياسيدي لكن ماذا أعمل له حتى يكون مثل أقرانه ؟فرد عليه مبتسما إنه ليس مثلهم وهو لا يريد أن يكون مثلهم ولن يكون مثلهم حتى لو أردت أنت ذالك لأنه بكل بساطة شخص مستقل في ذاته واختياراته فلا تحزن إن الله قد خلقه لأمر غير هذا ! فقال الرجل مستغربا وما هذا الأمر يا سيدي ؟ فدله على لحام خبير يجاورهم وقال له خذ ابنك له فإنه صاحب خبرة وأمانة . أخذ الرجل بنصيحة الإمام فما هي إلا سنوات حتى تحول الطفل إلى خبير في التلحيم يقصده الناس من قريب وبعيد يأتيه رزقه صباحا ومساءا وعندها أيقن الأب أنه.. . كلا ميسر لما خلق له..