لغة القانون
مفهوم لغة القانون
يقصد بلغة القانون [ لغة علم القانون ] المؤلف مثل سائر العلوم الأخرى من المصطلحات و التعاريف التي تحدد أهدافه و حدوده و كيانه كعلم مستقل ، و يقصد بالقانون الذي نتناول لغته ما جري العرف علي تسميته
[ بالقانون الوضعي ] : و هو مجموعه من القواعد التي تنظيم العَلاقة بين أفراد المجتمع الواحد أو عَلاقة الفرد بالدولة ، و من ثم يبرز هنا ذكر تقسيمات القانون الرئيسية :
القانون العام Common Law :
هو القانون الذي ينظم و يضبط علاقة الفرد بالدولة ، حيث تكون الدولة و مؤسساتها طرف أصيل في قواعد هذا القانون ، و هو بدوره ينقسم إلي أربعة فروع رئيسية :
1- القانون الدستوري constitutional Law :
يتناول أحكام إنشاء الحكومات و توزيع السلطات و الاختصاصات الإدارية و السياسية ، و يضع المبادئ الأساسية التي تقوم عليها علاقة الحكومة بأفراد الشعب و القواعد التي تسير عليها إدارات الشؤون العامة ، و ذلك كله وفقاً لأحكام الدستور .
2- القانون الجنائي : criminal Law
و يتألف القانون الجنائي من مجموعة من القواعد التى تحدد علي سبيل الحصر الجرائم و أشكالها و ظروفها و أركانها و وضع معايير العقوبة التى تتناسب مع كل جريمة .
و ينقسم بدورة إلي قسمين :
أ- قانون العقوبات : و يتفرع إلي قسمين :
1- القسم العام : و يختص بشرح و وبيان العقوبات للجرائم المتعلقة بالمصلحة العمومية مثل جريمة الرِشوة و الاختلاس و جرائم أمن الدولة كالتخابر مع دولة أجنبية في زمن الحرب . . .
ب- القسم الخاص : و يختص بشرح و بيان العقوبات للجرائم التي تدور في نطاق المجتمع كالقتل و السرقة و الاغتصاب و المخدرات . . . .
ب- قانون الإجراءات الجنائية : و يضع هذا القانون مجموعة القواعد و الأوامر التي تنظيم إجراءات الضبط و التفتيش و التحري و الإدعاء و تنفيذ الأحكام الجنائية . . .
3- القانون المالي : Financial Law
يتناول القانون المالي تحديد موارد الدولة و علاقة المؤسسات المالية بأفراد الشعب
4- القانون الإداري : Administrative Law :
يحكم أجهزة الإدارة الرسمية و ينظم إجراءات مهامها المختلفة كجمع الإيرادات و تنظيم القوات العسكرية و الصحة و التعليم و الجنسية و النقد و الأمن العام و الشؤون الاجتماعية و غير ذلك من مهام لدولة الإدارية .
القانون الخاص : Private Law
هو القانون الذي يحكم علاقات الأفراد أو يعرف حقوقهم و ينظمها و ينفذها و ينقسم إلي عدد كبير من القوانين نذكر منها علي سبيل المثال : القانون المدني ، القانون التجاري ، القانون البحري و الجوي ، قانون المرافعات ، و قانون الأحوال الشخصية ، و قانون العمل ، و قانون الهجرة و الجنسية ، . .
أهمية دراسة الصياغة التشريعية باللغتين العربية و الإنجليزية :
في ضوء الاتجاه الدولي لتوحيد القوانين في مختلف أنحاء العالم و وضع الاتفاقيات الدولية الملزمة ، و الاتجاه إلي العولمة أصبحت كل دولة لا تستطيع سن قوانينها بمعزل عن القوانين و الاتفاقيات الدولية ، و علي سبيل المثال فإن قانون التحكيم المصري رقم 27 لسنة 1994 تم سنه اتساقاً مع قانون الأمم المتحدة النموذجي للتحكيم التجاري الدولي . و لما كانت الاتفاقيات الدولية تصاغ أساساً باللغة الإنجليزية فإن النص الإنجليزي للمعاهدة أو الاتفاقية يكون هو النص الملزم للدول الأعضاء الموقعة عليها .
و يثور تساؤل هنا . . ماذا يحدث إذا كانت تلك الترجمة يشوبها بعض القصور أو الغموض ؟
النتيجة ، أن هذا الغموض و القصور سوف ينتقل إلي القانون المحلي الذي سيطبقة القاضي في أحكامه مما يؤثر تأتير بليغ في منطوق الحكم و يؤدي إلي حدوث منازعات و خسارة الدعوي من جانب الطرف الذي يفسر النص لغير صالحة .
و من ثم يقع علي المترجم عبء ثقيل في تحويل المادة القانونية باللغة الإنجليزية إلي ما يقابلها باللغة العربية مما يتطلب منه الاختصاص و الخبرة و الممارسة العملية و القراءة المستمرة و الدقة و التوضيح .
و بعد أن وضحنا تقسيمات القانون نلقي الضوء الآن علي أنواع لغة القانون :
1- اللغة القانونية الأكاديمية : Academic Legal Writing
و هي لغة المجلات البحثية الأكاديمية القانونية و الكتب المنهجية الخاصة بتدريس القانون .
2- لغة القضاء : juridical Writing
و هي لغة الأحكام التى تصدرها المحاكم و الكتب التى تتناول القضايا القانونية و التقارير القانونية .
3- لغة التشريع : Legislative Writing
و هي لغة الوثائق القانونية النمطية مثل القوانين التي تصدر عن المجالس التشريعية و اللوائح و الدستور و العقود و الاتفاقيات و المعاهدات حيث يكون الهدف بهذه اللغة تحديد مجموعة من الالتزامات أو المحظورات .
و نتكلم الأن بشئ من التوضيح و التفصيل عن تلك اللغات . . .
أولاً – المصطلحات
من المعروف أن لكل علم مصطلحاته و تعاريفه و هناك لغة مشتركة بين أبناء التخصص الواحد يفهمونها فيما بينهم دون غيرهم ، فمثلاً المحاسب يستخدم لغة الأصول و الخصوم و المقاصة و الحساب الختامي . . . و رجال القانون يستخدمون لغة إعادة تصحيح شكل الدعوى ، و العود ، و التدابير الاحتياطية . . . . و من ثم فإن من أهم المهام التى يجب أن يتسلح بها صائغ الوثيقة القانونية الإلمام التام و الكامل و المعرفة الجيدة والعميقة بالمصطلح القانوني .
الفرق بين الكتابة القانونية و الصياغة القانونية :
الكتابة القانونية Legal writing تقدم حلولاً عملية لمشكلات معينة و تقترح البدائل و تركز علي إتباع نماذج سابقة أما الصياغة القانونية Legal drafting فتحدد العَلاقات بين الأفراد و نوضح الإجراءات المتفق عليها فيما بينهم و يغلب عليها طابع الإبداع الأصلي .
فالصياغة القانونية ينطوي مفهومها علي شقين هما :
أ- الشكل : Form ب- الأسلوب اللغوي : Linguistic style
و فيما يتعلق بالشكل أو القالب ، تختلف قوالب الوثائق القانونية عن بعضها البعض من حيث تنظيم أجزائها و تقسيم محتوياتها . فعريضة الدعوى تأخذ قالب يختلف عن القانون التشريعي بينما يأخذ العقد في تنظيمه و تقسيم أجزائه و محتوياته قالباً يختلف عن عريضة الدعوى و القانون التشريعي .
و من ثم ، تختلف صياغة كل وثيقة قانونية من حيث الشكل عن غيرها من الوثائق ، أما الأسلوب اللغوي الذي تصاغ به كل الوثائق القانونية فهو لا يتغير حيث يستخدم كل صائغي الوثائق القانونية تلك الخصائص و التراكيب اللغوية .
و يرتبط مصطلح ( الصياغة القانونية ) بشكل عام بالنماذج القانونية ذات القوالب الثابتة و ينقسم بدوره إلي طائفتين هما : صيغ التقاضي أو ما يطلق عليه الأوراق القضائية مثل صحيفة الدعوى و مذكرة الدفاع ، أما الطائفة الثانية فهي الصيغ التي ترتب و تحدد الواجبات و الحقوق أو ما يطلق عليها في فقه القانون ( المُكّنة القانونية ) مثل العقود و اللوائح الداخلية للشركات .
و يبرز الفرق بين الطائفتين ، كون الأولي تحدد العلاقات و توضح الإجراءات التى تحكم معاملة ما مثل العقد ، فالأخير يترب و يحدد و يوضح حقوق و التزامات طرفية ، أما الثانية فتسرد بالتوضيح الوقائع facts و تتناول النقاط القانونية التى قد يترتب عليها إما مطالبة قانونية claim in Law مع أية تدابير إنصافية ، أو دفاع في مواجهة هذه المطالبة .
ثانياً – الصياغة التشريعية :
يقصد بالصياغة التشريعية Legislative drafting من المفهوم الضيق للكلمة " صياغة التشريعات drafting of legislations " و هي :1- الدستور ، و هو التشريع الأساسي الذي يحدد النظام السياسي للدولة و توزيع الاختصاصات علي السلطات الثلاث التشريعية و القضائية و التنفيذية ، 2- التشريع العادي ، و الذي يختص بسن القوانين ، 3- التشريع الفرعي subordinate legislations و هي اللوائح التنفيذية executive regulations و هي التى تصدر بواسطة السلطة التنفيذية لتنفيذ قانون صادر عن السلطة التشريعية ، و اللوائح التنظيمية regulatory regulations و يقصد بها اللوائح التى تحكم المرافق العامة و المصالح الحكومية من حيث إنشائها و تنظيمها و تنسيق سير العمل فيها ، و أخيراً لوائح الضبط policing regulations و يقصد بها القيود التشريعية التى تضعها السلطة التنفيذية علي الحريات الفردية داخل المجتمع من اجل المحافظة علي الأمن و النظام العام .
و جدير بالذكر أن نقول أن الصياغة التشريعية ليست مجرد شكلاً من أشكال الصياغة القانونية و إنما إن جاز التعبير ، أصعب و أعقد من الصياغة القانونية و ذلك نظراً لتعقد المشكلات التي تتناولها و النزاعات التي تصاحب عملية تبني التشريعات و عدم المعرفة الكافية بالجمهور الذي تسري عليه تلك التشريعات و صفة الدوام التى تميزها .
و من هذا المنطلق ، يجب التفريق بين الصياغة التشريعية و الأشكال الأخرى للكتابة القانونية ، فالولي تقوم بمهمة القانون الوقائي preventive law و تنتج أسلوباً وصفياً يتسم بإعطاء الأوامر و وضع القواعد ، بينما الأخيرة تقوم بوظيفة الإقناع persuasion و تخاطب العاطفة .
أيضاً يبرز فارق أخير بين الصياغة التشريعية و الكتابة القانونية يكمن في الناحية الأسلوبية ، فالأولي تعني بالكلمات، فكل كلمة تكون في غاية الأهمية ، أما الثانية تركز علي عدة نقاط أو موضوعات قليلة مع تناول كل نقطة باستفاضة في نص مسهب .
مهام الصائغين القانونيين :
يقع علي عاتق صائغ الوثيقة القانونية ثلاثة مهام رئيسية هما :
1- الدقة و الوضوح accuracy and clarity :
أهم ما يجب أن يتصف به صائغ الوثيقة القانونية هي الدقة و الوضوح ، لأن صياغة مادة تشريعية أو عقد بطريقة تحتمل تفسيرات كثيرة و متباينة يقود صاحب المصلحة إلي هوال التقاضي و المحاكم .
فالكلمة في الوثيقة القانونية تكتسب معني محدداً مرتبطاً بالسياق الذي ترد فيه و من ثم فالغالب تفسير المصطلحات التي قد تبدو غريبة في صدر القانون او العقد او الاتفاقية حيث في هذه الحالة يجب أن يلصق في بداية الوثيقة القانونية مادة تعرف بـ ( definitions ) و الهدف من وضع هذه المادة هي التعريف و التفسير لما جاء من الكلمات و المصطلحات و التي قد يُلتبس الأمر في فهمهما .
و تتسم اللغة القانونية بأنها لغة مباشرة تبعد كل البعد عن المحسنات البديعة و الأساليب البلاغية ، حيث يؤدي استخدام مثل هذه الأساليب إلي إضاعف النص بل و هدم كيانه . . فمثل هذه الأساليب من المحرمات في اللغة القانونية .
2- الإحاطة بكل جوانب المعني all-inclusiveness :
المهمة الثانية لا تقل أهمية و خطورة عن الأولي ، و لكي نوضح هذه المهمة نفترض المثال التالي :
لنفرض أنه طُلب من صائغ الوثيقة القانونية كتابة عقد إيجار ، فلا شك أن الأجرة هي أحد سمات هذا العقد ، و السؤال هنا : هل يحيط صائغ الوثيقة القانونية بماهية الأجرة ؟ أم سيكتب في عقده مثلاً عبارة " يلتزم المستأجر بدفع .......... أجرة شهرية !!! " فإن لم يكن صائغ الوثيقة القانونية علي علم و دراية و إحاطة كاملة بتعريف الأجرة القانونية و مشتملاتها من العوائد و الرسوم و الصيانة و خلافة فسوف تفشل الوثيقة القانونية في تحيق الهدف منها و تقودنا غلي التقاضي لتفسير ما جاء بها مما تتعطل معه المصالح و السبب في ذلك أن صائغ الوثيقة القانونية يجهل التعريف القانوني لأجرة .
3- إتباع التقاليد القانونية المتوارثة Tradition :
تعتبر اللغة القانونية من أكثر اللغات تأثراً بالتقاليد المتوارثة و الأعراف السائدة في كتابتها ، حتي يبدو في كثير من الأحيان أن هذه التقاليد تكون بمثابة رداء ضيق مقيد للحركة لا يستطيع الصائغ القانوني خلعه أو استبداله . و من أمثلة ذلك . استخدام أنماط شكلية مميزة في كتابة اللغة القانونية و استخدام بعض الكلمات المهجورة.
منقول