المبحث الأول : التخطيط .يعتبر التخطيط الوظيفة الإدارية الأولى و له الأولوية على الوظائف الإدارية الأخرى من تنظيم و توجيه و رقابة لان هذه الوظائف يجب أن تعكس هذا التخطيط ، فالمدير ينظم و يوجه و يراقب لكي يضمن تحقيق الأهداف طبقا للخطط الموضوعة .
المطلب الأول : ماهية التخطيط .
أولا : مفهوم التخطيط .لقد أعطيت عدة تعريفات للتخطيط و سيتم التعرض للبعض منها كمحاولة للوصول إلى تعريف عام .
التعريف الأول : "هو الوظيفة الأولى للإدارة و التي تسبق ما عداها من الوظائف و تقوم على عملية الاختيار بين البدائل لإجراءات العمل للمؤسسة ككل و لكل قسم أو جزء من أجزائها و لكل فرد من العاملين بها "(1) .
معنى هذا أن وظيفة التخطيط تسبق باقي الوظائف الإدارية الأخرى حيث أنها تقوم على الاختيار الواعي و هذا الاختيار يكون بين مجموعة من البدائل .
التعريف الثاني : يعرفه فايول بأنه " التنبؤ بالمستقبل و الاستعداد له فهو بعد النظر الذي يتجلى في القدرة على التنبؤ بالمستقبل و التحضير له بإعداد الخطة المناسبة " (2).
من هذا التعريف تضح أن التخطيط يقوم على عملية التفكير و التقدير للمستقبل و النظر في البعد الزمني و التنبؤ بالمتغيرات و وضع الخطط لما يخفيه المستقبل و التأقلم مع الظروف المتغيرة.
التعريف الثالث : " هو الأسلوب العلمي الذي يتضمن حصر الموارد البشرية و المادية و استخدامها أكفا استخدام بطريقة علمية و عملية و إنسانية لسد احتياجات المؤسسة " (3).
تتضح من هذا التعريف أن التخطيط هو أسلوب علمي يتم على أساس الموارد اللازمة لعملية الإنتاج و تنظيم الموارد المالية و استخدامها بأحسن الطرق و ذل بوضع خطة شاملة .
التعريف الرابع :" يعرفه جورج تيري الآتي :" التخطيط هو الاختيار المرتبط بالحقائق و وضع و استخدام الفروض المتعلقة بالمستقبل عند تصور الانظمة المقترحة التي تعتقد بضرورتها لتحقيق النتائج المنشودة " (1).
من هذا التعريف يتضح أن التخطيط يرتبط بالحقائق و ذلك عن طريق الاختيار و الانتقاء و كذلك وضع السياسات و الإجراءات و الخطط اللازمة لتحقيق النتائج و الأهداف التي تسعى المؤسسة لتحقيقها .
التعريف الخامس : يعرفه بيرجيرون على انه :" تلك العملية التي تسمح بتحديد الأهداف المرجوة و الوسائل الأكثر ملائمة لتحقيق هذه الأهداف " (2) .
هذا التعريف يبين أن التخطيط يمكن من تحديد الأهداف و الوسائل المناسبة لتحقيقها .
من هذه التعاريف لسابقة يمن تعريف التخطيط على انه الوظيفة الإدارية الأولى و التي تعتمد عليها الوظائف الأخرى فهو التقرير سلفا لما يجب عمله لتحقيق هدف معين .
ثانيا : أهمية التخطيطللتخطيط أهمية بالغة تتمثل فيما يلي :
التخطيط ضروري بسبب التغير و عدم التأكد : يجب على كل المؤسسات أن تخطط و ذلك من اجل الوصول إلى غاياتها و أهدافها , و كلما توغل الإنسان في تقدير أحداث المستقبل زادت إمكانية الشك و عدم التأكد ، و كلما زادت حالة عدم التأكد الذي ينوي عليه المستقبل زادت البدائل الممكنة و قلت درجة عدم التأكد ، فالمسير لا يمكنه أن يضع أهدافه و يتوقف عند ذلك الحد ، و إنما عليه أن يعلم بالظروف المستقبلية والنتائج المتوقعة .
التخطيط يركز الانتباه على أهداف المؤسسة : التخطيط يركز على انجاز الأحداث التي تسعى إليها المؤسسة و وضع خطة مناسبة لهذه الأهداف , فواضعو الخطط يكونون مجبرين على التفكير دائما في الأهداف المنشودة ، فيجب عليهم مراقبة هذه الخطط دوريا و تعديلها و تطويرها في الوقت المناسب تماشيا مع الظروف المستقبلية و بما يضمن أهداف لمؤسسة .
التخطيط يوفر النفقات : إن عملية التخطيط ترتكز أساسا على الاستخدام الأمثل للوسائل المادية و المالية و البشرية باكفا الطرق لتحقيق أهداف المؤسسة و ذلك يؤدي إلى تخفيض التكاليف .
التخطيط أساس للرقابة : أي لا يمكن الفصل بين التخطيط و الرقابة معنى هذا أن المدير لا يمكنه مراقبة أي عمل ما لم يكن هناك برنامج تخطي لهذا العمل فعملية المراقبة تصبح بلا فائدة دون مخططات (1).
التخطيط يقلص من المخاطر : بما أن دور التخطيط يكمن في تسهيل عملية انتقال المؤسسة من الحاضر إلى المستقبل لذا فان التخطيط القائم على أسس علمية يقلص مخاطر هذا الانتقال كتوجيه المجهودات نحو تحقيق الأهداف و الاستغلال العقلاني للموارد خاصة إذا كان هذا المستقبل غير محدد المعالم .
تحقيق العمل المتكامل لجميع أجزاء المؤسسة : فالتخطيط يسمح للإدارة بالاطلاع على الأجزاء المختلفة في المؤسسة و تحقيق التكامل بين هذه الأجزاء و العمل على التنسيق بينها ، فالتخطي يقلل من الحوادث المفاجئة عن ريق التنبؤ بالمستقبل و يمكن من تجنب الأزمات التي تعترض عمل الإدارة .
يساعد التخطيط على التخلص من أسباب المشاكل و التأكيد على الأهداف البعيدة .
يساعد التخطيط في عملية الاتصال : حيث يعمل على إيجاد القنوات الاتصالية المتعدد في كل الاتجاهات كما يساعد في التنظيم ، أي أن كل مركز في الإدارة مسؤول عن تنفيذ الخطة ، يكون مسؤولا عن أي انحراف حتى يمكن محاسبة المسؤولين عنها (2).
ثالثا : خصائص التخطيطإن تفاوت نسبة نجاح التخطيط من خطة إلى أخرى يرجع إلى مجموعة كبيرة من الظروف و العوامل التي يمكن ترجمتها بمجموعة من الخصائص التي لابد من توفرها من اجل نجاح العملية التخطيطية و من أهمها :
أولوية التخطيط : يقضي هذا بموجب إعطاء التخطيط المرتبة الأولى في النظام الإداري للمؤسسة ، لان التخطيط هو الذي يحدد أهداف المؤسسة و بيعة العلاقات داخل المؤسسة و نوعية الموارد البشرية المطلوبة و توجيه نظام الإدارة و النظام الرقابي .
الواقعية : لكي تحقق الخطة غايتها لابد أن تكون هناك نظرة شاملة للواقع الاقتصادي للمؤسسة ، هذا من خلال الدراسة العلمية الدقيقة للتعرف على مواردها المالية و إمكاناتها البشرية ، الشيء الذي يسمح بوضع خطة سليمة تحقق غايتها في حدود هذه الإمكانيات .
الشمولية : التخطيط مهمة كل مسؤول حسب وظيفته داخل المؤسسة ، فالتخطيط يكون اشمل أكثر على مستوى الإدارة حيث أن خطط الإدارات الوسطى و الدنيا تنتج و تنبثق من خطط المستوى الأعلى(1) .
التنسيق : التنسيق ضروري في عملية التخطيط حيث لابد أن يكون التناسق بين الأهداف و الوسائل المتبعة لتحقيقها ، و هذا لكي لا تتعارض الأهداف و الوسائل فيما بينها بغرض الوصول للهدف الرئيس .
المرونة : لابد للخطة عند وضعها أن تكون مرنة و هذا حتى تسهل عملية تعديلها عند اكتشاف أن وضع الخطة غير سليم و أن هناك ظروف واقعية تعيق عملية تحقيق الأهداف .
الإلزام : إن هذا المبدأ مهم جدا في التخطيط لان انعدام هذا الأخير يخول للأطراف المعنية بتنفيذ الخطة التهاون في تنفيذها و هذا ما يؤدي إلى تعطيل سير وتيرة النمو و التطور في المؤسسة ، لذلك لابد من المسائلة و المحاسبة حتى يتم تنفيذ الخطة بكاملها للوصول إلى الهدف الأساسي (2) .
المطلب الثاني : أنواع التخطيط .للتخطيط عدة أنواع مقسمة حسب عدة معايير نذكر منها التخطيط :
حسب المدى الزمني(1) :
التخطيط طويل المدى : هو التخطيط الذي يغطي فترة زمنية أكثر من خمس سنوات و يشترك فيه كل المدراء حيث يركز كل ميادين النشا في المؤسسة .
التخطيط متوسط المدى : هو التخطيط الذي يغطي فترة زمنية اقل من خمس سنوات و يقوم به أفراد الإدارة الوسطى ، حيث انه عبارة عن وسيلة لتخطي العقبات التي تعترض التخطيط و الأجل .
التخطيط قصير المدى : هو التخطيط الذي يغطي فترة زمنية اقل من سنة حيث ، انه يحتوي على خطط تفصيلية من التخطيط طويل المدى و ها لغرض حل المشاكل حين حدوثها .
التخطيط حسب نطاق التأثير :
التخطيط الاستراتيجي :يعرف التخطيط الاستراتيجي بأنه تحديد الأهداف الرئيسية طويلة الأجل للمنظمة و رسم الخطط و تخصيص الموارد المتاحة للمنظمة بالشكل الذي يمكن من تحقيق هذه الأهداف في إطار الفرص المتاحة و القيود المفروضة من بيئة المنظمة ، فهو التخطيط الذي يحدث تغيير نوعي في المنظمة و ممارسة الإدارة العليا و تأثيره بعيد و من أمثلته : التخطيط لإضافة خط إنتاجي جديد أو التخطيط لفتح سوق جديد (2).
التخطيط التكتيكي : يهدف إلى مساندة التخطيط الاستراتيجي للمؤسسة و يهتم بتقييم صلاحية البدائل المختلفة من الأهداف و الاستراتيجيات و اقتراح الجديد منها ، إذ يتميز بالمرونة في اختيار و مراجعة البدائل و تمارسه الإدارة الوسطى و تأثيره متوسط المدى , و من أمثلته : تقدير حجم الطلب على سلعة معينة في السوق .
التخطيط التشغيلي : و تختص به الإدارة الدنيا و يتم فيع تحديد تفاصيل التخطيط التكتيكي بوضع خط للأنشطة المتكررة في المؤسسة و القابلة للقياس و هذا في شكل تنبؤات ، و توضع الخطط التشغيلية في شكل موازنات و معايير تقديرية تسمح بتحديد النتائج بطريقة واضحة و قد تكون هذه الموازنات شهرية أو أسبوعية أو يومية ، و بالتالي يعمل على تقييم مدى تنفيذ خطة النوعين السابقين في شكل أرقام و قيم و من أمثلته : تحديد احتياجات إدارة الإنتاج من المواد و قطع الغيار .
التخطيط حسب الوظيفة :بما أن المؤسسة تشتمل على عدة نشاطات متعلقة بطبيعة عملها و أهدافها فهناك وظائف لابد من التخطيط لها و هي : الإنتاج ، البيع ، المالية ، التموين .
1- تخطيط النتاج : يعرف بأنه :" القيام بالتنبؤ لوضع خطة تتضمن جميع خطوات تتابع العمليات الإنتاجية بالطريقة التي يمكن من خلالها تحقيق الأهداف المخطط " .
إذن تخطيط الإنتاج هو عملية تنبؤ بجميع مرتحل الإنتاج و احتياجاتها للوصول إلى الأهداف المسطرة .
2- التخطيط المالي : و يهتم بكيفية الحصول على الأموال من عدة جهات بأقل جهد و تكلفة .
3- تخطيط البيع : تقوم المؤسسة بالتخطي للمبيعات و هدفها الأول هو التوصل إلى أفضل طريقة لتصريف السلع التي أنتجتها ،4- حيث نقوم بدراسة أهم نقاط البيع و أهم المتعاملين الذين يضمنون ترويج المنتوج بأقل تكلفة .
5- تخطيط التموين : هو عملية وضع التقديرات للمواد و اللوازم التي تحتاجها المؤسسة و ذلك في ضوء إمكانياتها (1) .
ا
لمطلب الثالث: مراحل التخطيط .إن التخطيط كعملية أساسية في كل مؤسسة ينطوي على مجموعة مترابطة من المراحل تتمثل فيما يلي :
التعرف على الفرص المتاحة و اكتشافها (1):
إن الخطوة الأولى في عملية التخطيط هي محاولة التعرف على الفرص (المشاكل )المتوقعة الحدوث في المستقبل ، ثم دراسة هذه الفرص دراسة كاملة لمعرفة جوانب القوة و الضعف فيها و تتم دراسة الفرص من خلال معالجة الجوانب التالية :
- العوامل المحيطة بالمنظمة مثل العوامل الاقتصادية و السياسية و الاجتماعية .
- طبيعة السوق الذي تنشط فيه المنظمة .
- درجة المنافسة السائدة .
- معرفة رغبات العملاء و المستهلكين .
- ظروف البيئة الداخلية مثل نوع الخبرات و الكفاءات لدى الأفراد و نوع الآلات و المعدات .
تحديد الأهداف : تعتبر الأهداف مزيج من الغايات الواقعية التي تصبو المؤسسة إلي تحقيقها و الأهداف تعكس مدى قدرة المؤسسة على التفاعل مع المحيط و يعتبر تحديد الأهداف الأساس في العملية التخطيطية لأنه يمكن من (2):
- وضع خطة متكاملة و متناسقة خاصة إذا كانت الأهداف دقيقة.
- تحديد رسالة المؤسسة في المجتمع .
- توحيد جهود الإدارات و الأقسام و الأفراد .
- توليد الدافع لدى كل فرد على العمل و هذا عن طريق ربط أهدافه بأهداف المؤسسة .
- المساعدة على تقييم القرارات المتخذة .
- المساعدة على التنبؤ بالسلوك و الأحداث المستقبلية .
- تحديد المطلوب فهو مقياس للرقابة (خاصة إذا كانت كمية ) حيث يقدم المعايير اللازمة للقياس .
وضع الفروض التخطيطية :
إن المرحلة الثالثة في التخطيط هي وضع الفروض التي تمثل المستقبل الذي على أساسه ستوضع الفروض التخطيطية ، أي بعبارة أخرى البيئة المستقبلية التي ستعمل فيها الخطط و لهذا فان التنبؤ ضروري لوضع الفروض التخطيطية ، حيث توجد أربع أنواع للتنبؤ تتمثل فيما يلي :
التنبؤ الاقتصادي : التنبؤ بحالة الاقتصاد من حيث احتمال حدوث رواج أو كساد أو انتعاش فيه .
التنبؤ تكنولوجي : محاولة التعرف على الطرق و المعارف الفنية و التقنية المتوقع إدخالها في عملية الإنتاج .
التنبؤ بدرجة المنافسة : محاولة التعرف على ردود أفعال المؤسسات المنافسة عند تغيير أنواع و أسعار المنتوجات .
التنبؤ بسلوك المستهلك : من حيث الرغبات , الأذواق ، الطلب ....الخ (1).
تحديد البدائل : و تقتضي هذه المرحلة تجميع كل البدائل و طرق العمل حتى يتسنى للمؤسسة التعرف على البديل المناسب لتحقيق الأهداف المرجوة .
و حسب كونتر انه من النادر وجود خطة يمكن تنفيذها من خلال بديل واحد فقط بل يوجد أكثر من بديل و في الغالب ما يكون البديل الغير ظاهر هو عادة أفضل البدائل .
تقييم البدائل : بعد تحديد أفضل البدائل و اختبار نقاط القوة و الضعف فيها تأتي الخطوة التالية و هي تقييم هذه البدائل عن طريق وزن العوامل المختلفة على ضوء الفروض و الأهداف ، فاخذ البدائل قد يبدو أكثرها ربحية لكنه يستلزم مدفوعات نقدية ضخمة ، بينما بديل آخر يكون اقل ربحية و لكنه ينطوي على خطر اقل ، في الشركات الكبيرة قد تنطوي البدائل على عدد ضخم من المتغيرات و العديد من القيود مما يجعل عملية التقييم من أصعب الأمور و اعقدها و بسبب هذه التعاقدات نجد الاتجاه المتزايد نجو استخدام الطرق و الأساليب الجديدة من بحوث العمليات و التحليل الرياضي و أيضا الحاسب الآلي للمساعدة في القيام بعملية تقييم البدائل .
اختيار البديل المناسب : بعد تقييم البدائل المتوفرة تأتي مرحلة اختيار البديل المناسب الذي سيحقق الأهداف بأقل مخاطرة و اقل تكاليف و أعلى عائد والذي حاز على رضا و قبول الأفراد القائمين على عملية التنفيذ , و من ثم تحديد الأنشطة و الأعمال التي يجب القيام بها لوضع البديل المختار موضع التنفيذ (1) .
اتمنى ان تستفيدو..