بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان وسلم تسليما كثيرا وبعد :-
فهذا ملخص مفيد في أحكام الأضحية راعيت فيه السهولة والاختصار حتى ينتفع به جميع المسلمين إن شاء الله تعالى ، فيكون تعليما للمبتدى ، وتذكيرا للمنتهي ، والله أسأل أن ينفع بها ، كل المسلمين ويضع القبول لها .
وقد رتبتها ترتيبا دقيقا يشعر فيه القارىء أنه يفعل الأضحية خطوة خطوة ، وهي كالآتي :-
1- اعلم وفقني الله وإياك أن الأضحية عبادة لا يجوزصرفها لغير الله سبحانه وتعالى كما قال في كتابه الكريم ) قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَاي وَمَمَاتِي لله رَبِّ العَالَمِين لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ المُسْلِمِين ) .
******
2- وقد شرع الله لنا الأضحية في قوله تعالى ) وَالبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُم مِّنْ شَعَائِرِ اللهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْر ) ، وقوله ) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَر )
وقد اجتمع فيها أنواع السنة الثلاثة ) القولية والفعلية والتقريرية ) ، وقد انعقد إجماع المسلمين على مشروعيتها وأنها من أعظم شعائر الإسلام .
******
3- ولكن اختلفوا في حكمها هل هي واجبة أم سنة على قولين :
فذهب جمهور العلماء من المالكية والشافعية والحنابلة والظاهرية إلى أن الأضحية سنة مؤكدة ويكره تركها مع القدرة عليها لأن النبي – صلى الله عليه وسلم – لم يتركها في سفر ولا حضر .
وذهب الأحناف وبعض المالكية وشيخ الإسلام ابن تيمية إلى أن الأضحية واجبة على القادر عليها ويأثم بتركها .
******
4- واعلم أن الأضحية لا تكون إلا من الجنس الذي عينه الشارع وهو بهيمة الأنعام ، لقوله تعالى ) لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الأَنْعَام ) .
وبهيمة الأنعام هي ) الإبل – البقر – الجاموس – الضأن – المعز ) وما عدا هذه الأصناف فلا يجوز الأضحية به .
******
5- ويشترط في الأضحية بلوغ السن المقدر لها شرعا لقوله – صلى الله عليه وسلم – كما في صحيح مسلم " لا تذبحوا إلا مسنة إلا أن يعسر عليكم فتذبحوا جذعة من الضأن " .
والمسنة من الإبل : ما لها خمس سنوات .
ومن البقر والجاموس : ما لها سنتان .
ومن المعز : ما لها سنة .
والجذعة من الضأن : ما لها ستة أشهر .
******
6 – ويشترط في الأضحية أيضا : سلامتها من العيوب التي لا تجزيء شرعا ، وقد حصرها النبي – صلى الله عليه وسلم – في الحديث الذي رواه الترمذي وغيره بإسناد صحيح " أربع لا تجزىء في الأضاحي : العوراء البين عورها ، والمريضة البين مرضها ، والعرجاء البين ظلعها ، والعجفاء التي لا تنقي " .
والعجفاء التي لا تنقى : هي التي ذهب مخها من شدة الهزال .
ويلحق بهذه الأنواع ما كان في معناها كالعمياء لأنها أشد عيبا من العوراء ، ومكسورة الأرجل لأنها أشد عيبا من العرجاء وهكذا .
******
7- لا بأس في الأضحية بمقطوعة الأذن أو بعضه أو مشقوقة الأذن طولا أو التي في أذنها خرق مستدير ، وكذلك مكسورة القرن أو بعضه لعدم ورود دليل صحيح على عدم جوازها في الأضحية ، ولكن تكره فقط .
******
8- تجزىء الشاة عن الرجل وأهل بيته ، وتجزىء البقرة أو الجاموسة أو الجمل عن سبعة رجال وأهاليهم .
لما رواه الترمذي في سننه من حديث أبي أيوب الأنصاري – رضي الله عنه – قال : " كان الرجل في عهد النبي – صلى الله عليه وسلم – يضحي الشاة عنه وعن أهل بيته ، فيأكلون ويطعمون ، ثم تباهى الناس فصار كما ترى " .
ولما رواه مسلم في صحيحه عن جابر - رضي الله عنه – قال :" نحرنا مع رسول الله – صلى الله عليه وسلم – عام الحديبية البدنة عن سبعة والبقرة عن سبعة " .
******
9- من كان مضحيا فعليه أن يترك شعره وأظفاره فلا يحلق أو يقص منه شيئا ) يترك حلق الرأس وقص الشارب ونتف الإبط وحلق العانة ) بداية من أول رؤية هلال ذي الحجة إلى أن يضحي ، ولذلك ينبغي عليه فعل ذلك قبل رؤية الهلال ، لقول النبي – صلى الله عليه وسلم – فيما رواه مسلم في صحيحه " إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي فليمسك عن شعره وأظفاره " .
وهذا الحكم خاص بالمضحي ) رَبِّ البيت فقط ) وأما بقية أهله فلا .
******
10- يبدأ أول وقت للأضحية من بعد صلاة عيد الأضحى ، ولو استمع خطبة الإمام وذبح بعد ذبحه كان أفضلا ، لقول النبي – صلى الله عليه وسلم – كما في صحيح البخاري ومسلم " من ذبح قبل الصلاة فإنما ذبح لنفسه ، ومن ذبح بعد الصلاة فقد تم نسكه وأصاب سنة المسلمين " .
وينتهي آخر وقت الأضحية بغروب شمس آخر يوم من أيام التشريق وهو يوم الثالث عشر من ذي الحجة ، لما رواه أحمد في مسنده بإسناد حسن أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال " كل أيام التشريق ذبح " .
******
11- يجوز للمضحي أن يتولى ذبح أضحيته بنفسه ويجوز له أن يوكل غيره من المسلمين ، لحديث أنس – رضي الله عنه – في البخاري ومسلم " أن النبي – صلى الله عليه وسلم – ضحى بكبشين أقرنين ذبحهما بيده وسمى وكبر ووضع رجله على صفاحهما " .
ويشترط في الذابح أن يكون غير تارك للصلاة .
******
12- على الذابح أن يحد الآلة التي يذبح بها ويريح الذبيحة جيدا ، لما رواه مسلم في صحيحه أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال : " وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة ، وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته " .
******
13- يجب على الذابح أن يسمي الله تعالى ويكبر قبل أن ينهر الدم لقوله تعالى ) وَلاَ تَأْكُُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْه ) ، ويُسن أن يقول " اللهم هذا عني وعن أهل بيتي " ، لما رواه أبوداود والترمذي بإسناد صحيح أن النبي – صلي الله عليه وسلم - " ذبح كبشا وقال باسم الله والله أكبر اللهم هذا عني وعن من لم يضح من أمتي " .
******
14- احذر ما يفعله كثير من الجهلة بعد ذبح الأضحية تراه يضرب بيديه مفتوحة الأصابع في الدم كالمتيمم ثم يقوم بطبعها على باب بيته أو حائطه ظنا منه أن هذا يمنع الحسد ويجلب الخيرات ، وكذلك تعليق قرون الأضحية فوق باب البيت .
وهو اعتقاد باطل مخالف للعقيدة الصحيحة ، وهي أمور منكرات ومستقبحات فكن على حذر من الوقوع فيها .
******
15- احذر أن تعطي " الجازر " أجره من الأضحية سواء كان لحما أو عظما ، أو جلد الأضحية .
فهذا لا يجوز شرعا لما رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما عن علي – رضي الله عنه – قال : " أمرني رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أن أقوم على بدنه وأن أتصدق بلحومها وجلودها وأجلتها ، وأن لا أعطي الجازر منها شيئا ، وقال : نحن نعطيه من عندنا " .
ولما رواه الحاكم في المستدرك بإسناد حسن أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال : " من باع جلد أضحيته فلا أضحية له " .
******
16- على صحاب الأضحية أن يمتثل أمر النبي – صلي الله عليه وسلم – كما في صحيح البخاري ومسلم " فكلوا وادخروا وتصدقوا " ، فيأكل ويدَّخر ويتصدق ولو بقليل امتثالا للأمر .
******
17- اعلم أن ما اشتهر عند كثير من الناس من أن الأضحية تُقسَّم إلى ثلاثة أقسام في الوزن بالضبط ) ثلث للمضحي – ثلث يهدي به – ثلث يتصدق به على الفقراء والمساكين ) تقسيم ليس عليه دليل في القرآن ولا في سنة النبي عليه الصلاة والسلام.
ولكن كما سبق – أعلاه – يأكل ويدَّخر ويتصدق ولو بقليل امتثالا لأمر النبي صلي الله عليه وسلم .
******
وختاماً:-
فهذه هي أحكام الأضحية في الشريعة الإسلامية فالتزمها واعمل بها تحظى – إن شاء الله – بقبول الله لها .
تقبل الله ضحاياكم ، وعيدكم عيد مبارك إن شاء الله ، وتقبل الله منا ومنكم ، وكل عام وأنتم بخير .
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً
كتبه: أبوعبد الله وائل بن علي بن أحمد الأثري. نقله: أيمن أبو راشد من مصدر سني.