أنا شاعر هادئ وأريد جمهورا هادئا
هذه دراسة نقدية قامت بها الأستاذة أم بشرى حول هذا الشاعر الذي استلهم أذواق الكثيرين
وانفعلتْ له الجماهير ، وحمل القضية الفلسطينية والانسانية للعالم أجمع فكان
رمزا من رموز التحرر في العالم بشعره الخاص ونبرته الإلقائية الخاصة إنه
" محمود درويش "
إنٌ الشاعر يولد ُ وهو مشحون باليقظة والتبصر يلحظ أي شئ ، ليقول كل شئ و * محمود درويش * واحد من هؤلاء ، تربى لديه الحس الشعري وهو ينظر إلى ما حوله نظرة عمق بطيئة المنال ، حين تجاوز القدر الآمال والأحلام إلى تفان ِ ِ في التضحيات أجيال بعد أجيال ولهذا حين تجمعت شاعريته في إحدى الأمسيات الشعريةمن عام 1973 قال هذه العبارة : أنا شاعر هادئ وأريد جمهورا هادئا أمام الجمهور الحاضر وكأنه يرمز إلى شيئ ، ربما هي : علاقة الشاعر بالجمهور ، ربما هي الإنفعالية الصاخبة التي يلاحظها في كل حين على الحاضرين خصوصا عند إلحاحهم على ترديد * سجل أنا عربي *
فلو تأملنا جيدا هذه العبارة لوجدنا ذلك التلاحم بين الشاعر والجمهور تلاحما حميميا يفيض حماسا إثر الكلمة ، ونبضة الكلمة ، وصراخ الكلمة ، وطريقة ايصال الكلمة . فكأن * محمود درويش* رحمه الله يعي أن لكلمته حركة وتحريك للمزاج وهو لا يريد ذلك بقدر ما يريد التعايش مع الواقع الإجتماعي والسياسي الذي أحس به هو وعاشه ميدانيا تعايشا أكثر عمقا وجرحا وأكثرصلة وهو الواقع الفلسطيني ، والكلمة الشعرية عنده تعبر عن هذه القضية وتسرد المأساة حتى تصل إلى الجمهور بكل أبعادها ، إنها تقول شعرا يعني أنها تقول قضية وليس ندبا ونواحا وتنفيس كرب ، والجمهور عليه أن يصغي ليعي ذلك فإذا وعى بعد أن استمع فهو هادئ يعرف الصمت ويتحرك على مستوى نفسه إثر تحرك الكلمة فيه تحرُكا داخليا فتتحاور الذات الداخلية مع الكلمة فتنفث فيها الروح النضالية والايمان بالقضية وهذا ما أراده الشاعر *محمود درويش * من عبارته ، أما العلاقة الوهمية التي تتحرك فيها الأذن واللسان وتستر الذات فإنها ستعيق بالتأكيد رؤية الواقع والوعي به .
من هذا المنطلق نجد أن هناك علاقة وعلاقة قوية جدا بين الأديب وبين الجمهور أو الناس ، فالأديب ينتظر الجمهور ليقول ويتعامل معه ، والجمهور ينتظر أدب الأديب ويتعامل معه أيضا ، وبالتالي فعملية * انتاج الأدب * هي فعالية مستمرة ، انتاج جماعي يمثله الفرد .