القمّة العلياء .
الطّيـر مستمـع صـدى أنغـامـه
جذلان متّخـذ الكهـوف معابـدا
أو طـائـر في الجـوّ ينظـر مشهـدا
في الأرض ممتلـئـا رؤى و مشاهـدا
والقمّـة العليـاء شيـخ هـائــل
مـن بـاحـة الأفلاك بـادر عائـدا
حـتّى إذا بلـغ البسيطـة بــادرت
لتبـوس رجليـه الهضـابُ خـرائدا
فأثـار إعجـاب الجمـال جمــالُه
والحـائطات بـه فأصبـح جـامـدا
أقبـلتُ أبحـث في الجبـال فخلتنـي
ألـقى بهـنّ صوامـعـا و مسـاجدا
والوحـشُ بعضٌ نـام أصبـح داعيـا
والبعـض بـات ، ونمتُ فيها ، هاجدا
وصروح قـوم قـد تمـادوا في الغنى
فيها قـد اتّخـذوا الزّهـور وسـائدا
وجـوارح الطّير احتملـن فرائـسـا
وجعلن مـن صلـب الصّخور موائدا
واللّـيل داخل والنّهـار شعـابـهـا
فتجمّعـا فيهـا فصـارا واحـــدا
والظّلّ ممتـدّ البســاط ، كأنّـمـا
طردتـه شمـسٌ فاستـقـرّ معانـدا
أكرِمْ بمـاء قـد شربـت زلالـــه
فوجـدتُ غـلّ الصّـدر يُنـزع باردا
ولقـد صحبت مسيله فمضـى إلـى
طـرف البـلاد و خـرّ يبكي ساجدا
سامح شقيّا ، يا تراب ، بخطـــوه
خطـو الوليـد أصـاب منك الوالدا
واجمـع لـه مـن طيب عطرك علّـه
يلقى بـه مـا كان قبلــك فاقـدا
ضَعُف الزّمـان فطلّقتـه سـاعتــي
و المال فـي جيبـي تأوّه كـاسـدا
و نشقتُ مـن زهـر الجبال أريجــه
فوجدت في نفسي السّــرور قصائدا
مدحـا أتيه بـه ، فأُصبـح زائــدا
فتزيله حكَـم ، فأمســي زاهــدا
ولقـد تسلّقت المكـان إلى الـذّرى
فرأيت كـلّ الشّـرّ زال مبـاعـدا
في قمّـة الدّنيـا وقفتُ ، فلو مضـى
نحـوي الفنـاء لضـاع تحتـي صاعدا
شاهدت خلق الرّيـح كيف تفتّقـت
عنهـا شفاه الكـون تطـرد كـائدا
و رأيت أفكـار المسـاء كئيـبــة
ضرب النّهـار بهـا المـدائن عـامدا
والحبّ يرنـو للمجـرّة صــارخـا
والكره شـدّ عليـه يخنـق سـاعـدا
إنّـي صعدت الطّفل يجهـل نفســه
فكبرت حـالا ، فانقلبـت الرّاشـدا.
شعر : سعيد رحيمي .