العاقـل مــن ينــأى حيــن يــرى !!
( المقال للكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد )
( المقال للكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد )
مسار الحياة بداية ونهاية بنمط مضطرب .. يفقد الثبات بمنوال متقلب .. والنهايات تعني ذلك الحد الغير محبب .. فنهاية النهر بعد السفر مصب .. ونهاية الواحة بعد الراحة جدب .. ونهاية السلم بعد الأمن حرب .. ونهاية الجنة بعد الوئام نار وخطب .. ونهاية العمر بعد الرحلة قبر ومطب .. ودوام الحال مستحيل صعب .. وغافل من يمتطي هوى النفس والحياة نحو النهايات تخطو .. يرى البذرة بكفيها تزيح غطاء الأرض وتنمو .. ثم تلاحق الحياة غضةَ نضرة وكأنها للخلود ترنو .. تشب وتناطح الحياة بعنفوان حين تطول وتزهو .. ثم تسري عليها سنة المراحل حين تكبر وتسافر شمسها نحو الغروب وتمحو .. فنراها خامدة تفقد الحيلة والرياح بها تلهو !!.. والعاقل من يتفهم نهاية المآل والمصير ثم يلوذ بالحكمة ويرجو .. ينأى بنفسه عن الهوى حين يرى المسار للقبر يخطو .. فكم تقسو الدنيا عندما تخدع وتغلو .. تضحك للناس كما هي تضحك على الناس .. والضحكة هي خيبة أهل الدنيا .. ولم يسمع أحد يوماَ بضحكة أهل القبور !! .. فقد استدركوا حقيقة الدنيا وعلموا أنها لا تستحق لحظة ذكرى من الضحك أو البكاء .. تركوها خلف الظهور في صمت دون الأسف عليها .. فسحة بعد الخروج من قاعة الامتحان .. وفي الكفوف صفائح الأعمال .. وتلك إشارات الرسوب أو النجاح .. وقد دخلوا مراحل اليقين .. فالدنيا لم تكن منصفة حين كانت تغري وتغازل عن اليمين وعن الشمال .. فكم أوردت الناس في التهلكة وكم خدعت الناس بالملذات وطول الآمال .. فيا أيها الغافل عن لحظة الامتحان الآن توقف وتعمق .. ويا أيها الغارق في الملذات أعلم أن كل ملذات الدنيا لا تستحق لحظة عذاب في نار جهنم .. فهي تلك الدنيا تبدو نضرة خضرة توحي بالخلود ولكنها خلسة تسحب الأقدام نحو الزوال .. تغري بالمباهج الزائفة رغم تحذيرات السماء :
قوله تعالى :
يا أيها الناس إن وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور .