هــل يمكن إخضاع الظاهرة الإنسانية للتجريب ؟
المقدمة وطرح المشكلة:
إن العلوم الإنسانية هي مجموع الاختصاصات التي تهتم بالواقع الإنساني لتتعرف على ما هو
ثابت فيه بعد تحليله والكشف عن نظمه وقوانينه فهي من هذه الناحية لا تختلف
عن العلوم الطبيعية مادامت تملك واقعا معينا لكن المشكل المطروح هل يمكن
تطبيق المنهج التجريبي على الظواهر الإنسانية ؟وبعبارة أخرى هل يمكن إخضاع
الظاهرة الإنسانية للتجريب ؟
محاولة حل المشكلة
عرض الأطروحة :
الظاهرة الإنسانية لا يمكن التجريب عليها ومنه فالعلوم الإنسانية ليست علما .
البرهنة: لأن هناك عوائق ابستيمولوجية تحد من بلوغها درجة العلمية منها :
اــ التعبير الكيفي : فمن المعلوم أن درجة التطور التي
يحرزها علم ما تقاس بمدى قبوله للصياغة الكمية لما لهذه الصياغة من دقة
وضبط كما هو الحال بالنسبة إلى الضوء أو الصوت حيث يرد كل منهما إلى قيمة
رياضية هي طول الموجة
ب ــ الذاتية: لأن التفسير العلمي يقتضي الحياد في حين
أن الظاهرة الإنسانية هي جزء من الإنسان مما يجعل الأحكام و القيم تسيطر
أثناء التفسير وهو ما يتنافى والموضوعية العلمية .
ج ــ التعقيد :فالظواهر الإنسانية لا يمكن عزلها ولا معرفة شروطها ولا التنبؤ بحدوثها .
نقد البرهنة : إن المعارضين لعلمية العلوم الإنسانية يبالغون كثيرا في تصور الصعوبات وهي صعوبات منهجية بالفعل ولكن هذا يعني أنه يجب أن تتخلى عن المنهجية العلمية في دراسة الحوادث الإنسانية.
عرض نقيض الأطروحة:
إن التطور الذي شهدته العلوم الإنسانية جعل أمر
الدراسة العلمية أمرا ممكنا والتجريب ممكن لكنه تجريب مختلف تماما عما هو
في عـلوم الطبيعة لتباين الموضوعين .
البرهنة : فالموضوعية يمكن تحقيقها شريطة أن يوطن الباحث على ذلك وأن يلتزم الحيطة و الحذر أثناء التفسير ،أما بالنسبة للتجريب فإن العلوم الإنسانية تعتمد على مناهج لا تختلف من حيث قيمتها عن التجريب في علوم المادة كالمقارنة في التاريخ وعلم الاجتماع والمنهج الموضوعي في علم النفس .
نقد
البرهنة : مهما حاولت العلوم الإنسانية تحقيق نتائج إلا أنها تبقى تفتقر
إلى اليقين لأن القياس أمر صعب التحقيق فيها بالإضافة إلى تدخل ذاتية
الباحث في التفسير .
التركيب :
إن الظاهرة الإنسانية يمكن إخضاعها للتجريب لكن بمفهوم
يختلف عن علوم الطبيعة وإذا كان المنهجان يختلفان في الخطوات إلا أنهما
يتفقان في النتائج.
الخاتمة:
إذن فالتجريب ممكن في العلوم الإنسانية لكن بمفهوم ينسجم وطبيعتها
مقالة أخرى
المقالة الجدلية : إمكانية اخضاع العلوم الإنسانية للتجريب
نص السؤال : هل يمكن إخضاع الظاهرة الإنسانية للتجريب
طرح المشكلة:
تعتبر الظواهر الطبيعية من أكثر الظواهر استعمالا التجريب وبقدر ما تتعقد الظاهرة أكثر بقدر ما يصعب التجريب عليها ومن الأكثر الظواهر تعقيدا الظاهرة الإنسانية فمادام الإنسان يتأثر ويؤثر في الآخرين وهو بذلك يتغير من حال إلى حال آخر ولا يبقى حول وتيرة واحدة وحولها ظهر خلال حاد بين المفكرين والفلاسفة موقف يرى أن العلوم الإنسانية بإمكانها أن تخضع إلى التجريب والبعض الآخر يرى باستحالة التجريب على العلوم الإنسانية والإشكالية المطروحة هل يمكن إخضاع الظاهرة الإنسانية إلى التجريب ؟
محاولة حل المشكلة:
أ – الأطروحة : عرض منطوق المذهب الأول وذكر بعض ممثليه
يمكن إخضاع الظاهرة الإنسانية للتجريب وتمثله كل من مالك بن النبي وابن خلدون حيث ذهبوا بالقول إن التجربة أمر ممكن على الظاهرة الإنسانية فهي جزء من الظاهرة الطبيعية ثم سهولة التجربة عليها ودراسة هذه الظاهرة دراسة العلمية ودليلهم على ذلك إن هناك الكثير من الدراسات النفسية والاجتماعية والتاريخية فالدراسة تدل على ومن ثم يستعمل التجربة وهي دراسات علمية خالية من الذاتية وهذا ما نجده عند ابن خلدون والمالك بن النبي وكذلك إن الملاحظة أمرممكن في الظاهرة الإنسانية لأنها ليست نفس الملاحظة المستعملة في الظواهر الطبيعية الأخرى فالملاحظة المستعملة هنا هي ملاحظة غير مباشرة بمعنى أن الباحث يعود إلى الآثار المادية والمعنوية التي لها صلة بالظاهرة المدروسة كذلك إن التجريب في العلوم الإنسانية يختلف عنه في العلوم الطبيعية ففي هاته العلوم يكون التجريب اصطناعي لكن في العلوم الإنسانية فيكون حسب ما تحتويه الظاهرة فالمثل الحوادث التاريخية يكون التجريب عليها عن طريق دراسة المصادر التاريخية الخاصة بهذه الظاهرة وتحليلها وتركيبها إضافة إلى هذا المبدأ السببي المتوفر في الظاهرة الإنسانية لأنها لا تحدث بدون سبب بمعناه أنها ظواهر غير قابلة للمصادفة مثلا سبب حدوث الثورة الجزائرية الاستعمار الذي يقيد الحريات أما مبدأ الحتمية فهو نسبي في هذه العلوم لأنها اليوم كيفية وليست كمية وتعدم وجود مقياس دقيق ومن الصعب أن يقف العالم موقف حياديا في العلوم الإنسانية ولكن هذا لا يعني انه لاستطيع أن يتحرر من أهوائه ورغباته والواقع
النقد شكلا ومضمونا :
شكلا : إما أن تكون الظاهرة الإنسانية تجريبية أو لا تجريبية
مضمونا : مهما حاولت العلوم الإنسانية تحقيق نتائج إلى أنها تبقى تفتقر إلى اليقين والدقة لان القياس أمر صعب التحقيق عليها إضافة إلى تدخل ذات الباحث في التفسير .
ب – نقيض الأطروحة : عرض منطوق المذهب الثاني وذكر بعض ممثليه :
استحالة التجريب على الظواهر الإنسانية يرى أنصار هذا التجريب غير ممكن على الظواهر الإنسانية لان الظواهر لا يمكن دراستها دراسة علمية فهي ترفض كل تطبيق تجريبي نظرا لطبيعة موضوعها وتمييزها بالتعقيد مستدلين على ذلك بأدلة والحجج أن العلوم الإنسانية تختص بالظواهر التي تتعلق بدراسة الإنسان فقط وبالتالي يكون الإنسان دارس ومدروس في نفس الوقت وهذا أمر صعب فهي علوم لا تتوفر على الموضوعية نظرا إلى طغيان التفسيرات الذاتية الخاصة بميول ورغبات الإنسان وهذا يؤدي إلى عدم الإقرار في حقيقة الموضوع ومن ثم تكون الملاحظة والتجربة أمرا غير ممكن في العلوم الإنسانية لان ظواهرها مرتبطة بزمان والمكان عدم تكرار التجربة يجعلها مستحيلة في هذه العلوم فهي ظواهر متغيرة ومعقدة وغير قابلة للتجزيء إضافة إلى هذه العوائق هناك عوائق أخرى تتمثل في تدخل معتقدات وتقاليد المجتمع في شخصية الباحث مما يجعه مقيد بها فعلوم المادة تختلف عن علوم الإنسانية نظرا لعدم تكرار الظاهرة الإنسانية وفي نفس الوقت وفقا للشروط والظروف المحددة هذا ما جعل صعوبة الدقة في التنبؤ لأنه إذا ما تمكن من ذلك استطاع أن يؤثر على هذه الظواهر لإبطال حدوثها أو على الأقل التأكد من حدوثها إن تعقد الظاهرة الإنسانية وتشابكها أدى إلى استحالة إخضاعها للمبدأ الحتمية وبالتالي صعوبة التنبؤ بما سيحدث في المستقبل .
النقد شكلا ومضمونا :
شكلا : إما أن تكون الظاهرة الإنسانية تجريبية أو لا تجريبية لكنها ليست تجريبية إذن فهي تجريبية
مضمونا : لكن التجريب ممكن على الظواهر الإنسانية وذلك لان العلوم الطبيعية تختلف عن العلوم الإنسانية من خلال الموضوع والمنهج.
ج – التركيب :
إن الظاهرة الإنسانية يمكن إخضاعها إلى التجريب لكن المفهوم يختلف عن العلوم الطبيعية وإذا كان المنهجان يختلفان في الخطوات فإنهما يتفقان في النتائج
الموقف الشخصي : يمكن تجريب على الظواهر الإنسانية لكن بمفهوم منسجم وطبيعتها .
حل المشكلة :
ما نستنتجه مما سبق /إن التجريب ممكن على العلوم الإنسانية لكن هناك بعض العوائق وذلك راجع إلى المنهج أو الموضوع بحد ذاته بحد ذاته