«الأم مدرسة إذا أعددتها.. أعددت شعباً طيب الأعراق» هكذا رآها الشاعر في قوله، ولأن بنات اليوم هن أمهات الغد وما نزرعه في حديقة الحاضر نحصده في بستان المستقبل لذا لابد من أن نبدأ من داخل الأسرة والبداية تكون في علاقة الفتاة بوالدتها هذه العلاقة التي تكون جميلة بقدر ما هي شائكة، ولاسيما في عصرنا هذا حيث يتحرك المجتمع بعاداته وتقاليده وقيمه بأسرع مما يتحرك عقرب الثواني، لذا فإن الصداقة بين الأم وابنتها مهمة وضرورية لحماية الفتاة من متغيرات الحياة السريعة التي تهدد شخصيتها وتؤثر فيها، فلا شيء ينقذها من ذلك الخطر سوى ارتباطها القوي بأمها التي تعد بر الأمان بالنسبة لها. وكثيراً ما تحاول الابنة البحث عن أحد يساعدها في حل مشكلاتها، فهي بحاجة إلى قلب كبير يحرص على مصلحتها ويشاركها أحلامها وطموحاتها، ولن تجد قلباً يحبها ويخاف عليها أكثر من قلب أمها، ترى كيف أصبحت علاقة الأم بابنتها في وقتنا الحالي؟
صداقة وصراحة
أعتقد أن جيلنا يختلف كثيراً عن الأجيال السابقة ونحن بحاجة إلى التوجيه والإرشاد والإقناع ولاسيما في ظروف الأزمة التي نعيشها أضعاف ما كانت عليه في الماضي وهذا ما يفسر حاجتها إلى التقارب والمصارحة مع الأهل ولكن ذلك لا يسوغ تجاوز الحدود بأي حال من الأحوال.. وتتابع: الأم هي الأساس وهي التي تحدد طبيعة العلاقة التي تربطها بابنتها شرط أن تظل بعيدة عن التشدد حتى لا تخلق بذلك حواجز من الخوف والخجل وتالياً تصبح العلاقة هشة وسطحية.
إن العلاقة بين الأم وابنتها يجب أن تكون عفوية ومريحة لا تكلف فيها فرفع التكليف أصبح ضرورياً في هذا العصر، لأن البنت أصبحت تواجه مشكلات ومخاطر وعقبات عديدة لم تكن موجودة أو معروفة من قبل، وتالياً فالبنت أحوج ما تكون إلى التوجيه والمتابعة المباشرة من والدتها، وهذا الأمر لن يتحقق إلا في ظل وجود جو من المصارحة والتقارب والتفاهم أو ما يمكن أن نطلق عليه مجازاً «رفع التكليف».. إذا كانت الأم مطالبة بتقديم بعض التنازلات في سبيل تحقيق التواصل والتقارب مع ابنتها فإن البنت أيضاً مطالبة بعدم تجاوز حدود الاحترام واللباقة في التعامل مع والدتها وهذه الحدود تختلف من أم لأخرى وفي هذه الحالة يتعين على كل من الأم والبنت البحث عن صيغة جديدة للتواصل، صيغة تحمل في ثناياها مزيجاً من الود والاحترام والثقة.