إن لدى الأبناء وقتاً كبيراً من الفراغ سواء في أيام الدراسة أو العطل، والبعض منهم يضيعونه في غير ما ينفعهم، بسبب انشغال أولياء أمورهم عنهم ، السلبية في الأمر تكمن في عدم توجيه البعض للأبناء نحو قضاء أوقاتهم في أشياء تنفعهم، وتعود بالفائدة على مجتمعهم
تابعت كثيرا مدى الاستفادة من العطلة الشتوية، ورصدت البرامج والأنشطة التي خططت لها ونفذتها بعض الأسر وبخاصة خلال هذه العطلة، حرصاً منها على الاستفادة من أيامها ، لتوسعة وتنمية مدارك أبنائها، وتهيئتهم بشكل جيد للفصل الثاني الدراسي .
لكن الكثير من الأسر تركت الحبل على الغارب، حيث يهدر الأبناء أوقات العطلة أمام التلفاز أو جهاز الكمبيوتر او اللعب في الشارع دون رقيب و لا حسيب و لا ضوابط ، فيما وضعت أسر أخرى ضوابط ساعدت أبناءها على الاستفادة من أوقاتهم بشكل جيد، وسعت إلى تعويدهم على إدارة أوقات فراغهم في كل ما هو مفيد وإيجابي، إدراكاً منها أن العطلة لا تعني الفوضى وتضييع الأوقات من دون فائدة .
تهيئة الأبناء
إن العطلة تمنح الأبناء الوقت الذي إن أجادوا استغلاله أفادوا أنفسهم وأسرهم ومجتمعهم، إلا أن ذلك لا يمكن أن يتم من دون تدخل الأسرة واشرافها وجديتها في تربية أبنائها على الاستفادة من الوقت في كل ما هو مفيد لهم، والحرص على إفادة الأبناء وتهيئتهم للتحصيل الدراسي
و لا تأتي تربيتنا لأولادنا على حسن استغلال الوقت في العطلة فقط، بل ينبغي أن نواصل ذلك في أي وقت فراغ آخر، فعلى سبيل المثال يوم الجمعة يمكن الاستفادة منه، وكذلك أيام الأعياد، لأن تمضيتهم لإجازاتهم من دون نشاط تولد عندهم الخمول والكسل، وهي ضارة بهم، خاصة أنهم مقبلون على فترة دراسية أخرى . .
إن نسبة كبيرة من الأسر لا تهتم بتربية أبنائها على حسن استغلال العطلة في المفيد، إن تعويدهم استغلال أوقات الفراغ على مدار السنة وإدارة أوقاتهم ينعكسان على سلوكهم بشكل دائم، كما أن أسراً أخرى لا تحرك ساكناً إتجاه نوم الأبناء نهاراً، وسهرهم ليلاً في غير المفيد، بحجة أنهم في عطلة ويجب تركهم يستمتعون بها
لاينبغي ألا نضيع قرابة 15 يوم من عمر أبنائنا من دون الاستفادة منه، بل إن البعض منا تركهم عرضة للعادات غير المستحبة، دون أدنى احتساب لقيمة الوقت وأهمية استغلاله فهي لا تحث أبناءها على الإدارة الجيدة لأوقات فراغهم، ولا تبدي الاهتمام الكافي بمتابعة تحصيلهم الدراسي، وتحمّل نهاية العام المدرسة مسؤولية تدني مستوياتهم، مشيراً إلى أن الأبناء الذين يدركون أهمية قيمة الوقت ويستغلونه بشكل جيد يكونون في غناء عن الدروس الخصوصية، ويدخلون قاعات الامتحانات دون توتر وقلق، وتكون نتائجهم مشرفة لمدارسهم وأسرهم ومجتمعهم .
ترفيه وتعليم
إن كسب فترات الإجازات والعطل والاستفادة منها مرهونان بجدية الأولياء وينبغي أن تراعي البرامج التي توضع توفير عوامل جذب الأبناء إليها، وأكثر الجداول نجاحا تلك التي تأخذ في الاعتبار الجوانب الترفيهية إلى جانب تنمية حب التعليم لديهم، مشيراً إلى أن الكثير من الأسر تستغل أيام العطل في تنمية مدارك أبنائها، حيث توجهتهم إلى أنشطة مفيدة فيما لم يستغل البعض تلك الفترة الاستغلال الجيد، فذهبت هدراً من دون فائدة، اللهو اللعب والسهر أمام التلفاز، لافتاً إلى أن مسؤولية الوالدين تكاملية فلا يجوز أن يعتمد الأب على الأم ويرفع يده بحجة إنشغالاته لأن بعض الأمهات يواجهن صعوبات في التعامل مع الأبناء
ونشير إلى أهمية اهتمام الأولياء بوقت الفراغ الذي توفره العطل وأن تكون لهم جهود مكملة لجهود المدرسة، سواء في متابعة مستوى التحصيل الدراسي لأبنائهم، أو في تواصل عملية تعلمهم، والأهم من ذلك كله كيف تحافظ الأسرة على أبنائها من أصدقاء السوء، وتحكم حلقات عملية تربيتهم التربية الصالحة، وأن تعلم أن الإفادة من أوقات الفراغ في العطل تعمل على تنشيط الفكر والنفس والاستعداد لاستقبال عام دراسي جديد بنشاط وحيوية
كما أن الكثير من الأسر لا تعطي أهمية للبعد النفسي السيكولوجي للأبناء من حيث استغلال هذا الجانب، عن طريق أخذهم في رحلات مفيدة وترويحية للأماكن الأثرية وإشراكهم في المسابقات الثقافية، التي تنظمها بعض المؤسسات والجمعيات الثقافية لكسر الملل، والاستفادة من وقت الفراغ الطويل .
دور الأم
إن بعض الأسر وبخاصة الأمهات جعلن من المسلسلات و حلقات الطبخ و الخروج طوال النهار همهن الوحيد وترك الأبناء في الشارع يضيعون فرصة ثمينة كان بإمكانهم الاستفادة الإيجابية منها لو حرص أولياء أمورهم على ذلك.
ونرى أن الأم هي أقرب أفراد الأسرة للأبناء في ظل انشغال آبائهم خارج البيت، ويمكن ان يكون لها دور فعال في مساعدتهم على التفوق فهي تستطيع التعرف إلى مميزاتهم وقدراتهم وتشجيعهم، على استغلال تلك الطاقات، إن أجادت توجيههم، إلا أن بعض الأمهات يفضلن ترك الأبناء في الشارع بدلاً من الجلوس مع أبنائهن والتعرف إلى ميولهم وتنمية حب التعليم في نفوسهم .
و الكثير من الأمهات لا يبذلن أدنى جهد للتعرف إلى كل ما يتصل بدراسة الأبناء، وبث الثقة في قدراتهم، متجاهلات أهمية دور الأم في تعزيز الثقة بنفوس الأبناء وتوجيههم المستمر، أملي بأن تعي الأمهات ضرورة أن يكون لهن فعل إيجابي بتعليمهم على أقل تقدير أهمية حب الآخرين، وتقديم المساعدة لمن يحتاج إليها، ومقابلة الاساءة بالإحسان وعدم الاعتداء على زملائهم بالكلام أو اليد، والإنصات لشرح المعلم في المدرسة وللآخرين لأنه مفتاح التعلم .
أيها الأب لا يعني إنشغالك خارج البيت يعفيك و التنصل من المسؤولية اجلس إلى أبنائك تحدث معهم خذهم إلى نزهة لا إلى المقهى ولا إلى الجلوس مع أصدقائك في الشارع .
على الآباء تقديم ما ينفع الأبناء
يقول خبير في التنمية البشرية والتدريب: إن الآباء والأمهات قادرون على جعل العطل للإنجازات والتميز لأبنائهم وتطويراً لشخصياتهم وعقولهم، فالوقت متوفر والجو مساعد بشكل كبير، والمجالات عديدة ومتنوعة، منها ما يتعلق بالهوايات وصقل المواهب، حيث يمكنهم فعل ذلك من خلال المسابقات التحفيزية اليومية أو الأسبوعية، التي تبث روح المنافسة الجميلة بين الأبناء، وتطور لديهم روح التعاون والعمل الجماعي، مشيراً إلى أن هناك المسابقات الثقافية التي تعتمد على الأسئلة والأجوبة، ومنها قراءة قصص قصيرة وتلخيصها، ومنها عمل بحث بسيط بالاستعانة بالكتب والمجلات والإنترنت، وهناك الرسم والخط والأشغال اليدوية وغيرها
ونصح الآباء والأمهات بالاستفادة من مثل هذه العطل لتقديم ما ينفع الأبناء، ويحسن من تفكيرهم ومشاعرهم وتصرفاتهم، فطفل اليوم هو أبٌ وأم في المستقبل، فإن لم نفعل ذلك ونحن مدركون فإننا نكون قد دفعناهم لسلبيات الشبكة العنكبوتية، والقنوات الفضائية و فرائس للشارع والسهر فيما لا ينفع .